البتاوين.... ثكنة عسكرية


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7971 - 2024 / 5 / 8 - 01:28
المحور: المجتمع المدني     

منذ أسبوعين ومنطقة البتاوين محاصرة من قبل قوات وزارة الداخلية، التي دخلتها وفتشتها بالكامل، وقد أشرف وزير الداخلية بنفسه على عملية تفتيش ومحاصرة منطقة البتاوين، وهذا الوزير يقول انه يريد "تنظيف" هذه المنطقة من العصابات والمافيات، التي تتاجر بالنساء والمخدرات.

وانت تسير في شارع السعدون، منطلقا من ساحة التحرير، الى ساحة الفردوس، تجد في كل رأس فرع ومدخل وشارع من شوارع البتاوين سيارة شرطة، ومن على جانبي المنطقة، أي من جانب السعدون ومن جانب شارع النضال، غير تلك القوات الموجودة داخل البتاوين، والتي تنتشر بشكل مكثف في جميع احياءها، تحس وانت تمشي في تلك المنطقة كأنك تسير وسط ثكنة عسكرية مخيفة.

محلة البتاوين احدى اسوا مناطق العاصمة بغداد، وعندما نقول سيئة فهي ليست الكلمة المناسبة، ففي حقيقة الامر لا يمكن وصف البؤس والفقر والحرمان في هذه المنطقة، فلا توجد فيها مبان او بيوت سكنية صالحة للسكن، عندما تتجول فيها تردد مع نفسك "كيف يعيش الناس هنا"؟ فرؤية الأطفال بملابس رثة وهم يمسكون بك وانت تسير بأزقتها مألوفة "عمي انطيني ربع"، او ينسلخ أحد الشباب من مجموعته متوجها اليك "أخويه بلكي ألف دينار اشتري جكاير" او منظر النساء وهن يجلسن على "دكات" بيوتهن بوضع مزري وبائس، او ترى متشردا هنا او هناك ممدا على الأرض.

لم يجري على هذه المنطقة اية صيانة او اعمار او ترميم، وكانت حجة السلطة ان امانة بغداد تعدها منطقة "تراثية"، لهذا فأن حالها يزداد مأساوية يوما بعد آخر، فالكثير من بيوتها مهجورة وقد تحولت الى مكبات للنفايات.

وزير الداخلية يتبجح ب "تنظيفها" من المخدرات والدعارة، مع انه لو قلب أرشيف استخباراته لوجد انه في الأعوام السابقة لمجيئه كانت هناك امرأة تسمى "ايمان" وتلقب ب "ايمان داخلية"، كانت تتاجر بالنساء، خصوصا الصغيرات، ولديها علاقات "قواده" مع ضباط كبار في الداخلية، لم يجرؤ أحد على المساس بها او ملاحقتها مع مساعديها، الداخلية هي جزء من المشكلة وليست حملتها الحل.

معالجة الفقر والدعارة والمخدرات ليس بمحاصرة الناس وزجهم بالسجون، بل بإيجاد حلول اقتصادية ومعيشية وخدمية لهم، إعادة الحياة لهذه المنطقة ببنائها وإعادة الخدمات الكاملة لهم، والرفع من المستوى المعيشي لمجتمعها، والقضاء على البطالة؛ لكن ماذا نقول والسلطة بيد الإسلاميين، الذين لا يفقهون من هذه الحياة سوى القتل والاغتيال والنهب.