أمنية


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 6306 - 2019 / 7 / 31 - 15:29
المحور: الادب والفن     

أتمنى عندما يحين الوقت أن أكون أول البشر المنقرضين .. ثم يموت بعدي الأطفال و من اصطلح البشر على وصفهم بالمساكين الذين سيكون انقراضهم هذه المرة مدعاة لراحتهم أخيرا , ليس فقط نهاية لآلامهم التي تفوق بلا شك آلام الآخرين , بل خلاصا من اي أمل أو وهم بخلاص ما , و لأي احتمال لتحويل آلامهم و خلاصهم المستحيل إلى عناوين لسجون جديدة و أسماء لمجازر جديدة .. أتمنى حين يجيء الوقت أن أكون في بؤرة الانفجار الأخير , أن أكون أول الراحلين , فالموت هذه المرة لن يكون عنوانا لعدم نخافه حتى الموت و لا مجرد نهاية لخيبات الأمل وانكشاف الأوهام , بل اكتشافا , أو كشفا على طريقة المتصوفة , اتحادا حقيقيا بالعالم بفوضاه و صدفه الساذجة التي أنجبتنا ( خلقتنا ) و التي ستقتلنا إذا عجزنا عن فعل ذلك بأنفسنا , ببرودته و عبثيته الساخرة من كل شيء , منا قبل أي شيء .. أتمنى عندما يأتي الوقت أن ينقرض السنة السوريون و هم يهتفون : يا عالم تعالوا و خلصونا من بشار الأسد و من النظام النصيري , و أن ينقرض العلويون السوريون و هم يهتفون بالروح بالدم نفديك يا بشار , أن ينقرض الشيعة و هم يهتفون يا زينب يا حسين و أن ينقرض السنة و هم يهتفون يا أبو بكر يا عمر و أن ينقرض الجزائريون و هم يهتفون قد أقسمنا أن تحيا الجزائر و أن ينقرض أحمد فؤاد نجم و هو مخدر بالحشيش و أن ينقرض دون جوان و هو وسط ستين فتاة و أن يبقى القرضاوي و العرعور حتى نهاية العالم و أن لا يجدوا خاروفا ليلتهموه و لا أنثى ليضاجعوها و أن يفتوا بنكاح الرجل للرجل و بأكل لحم الخنزير ثم لا يبقى أحد ليطوف بالأقصى و الكعبة و الساحة الحمراء و كنيسة باول و تاج محل و أهرامات الفراعنة سوى القردة و الخنازير أو الطحالب , أكثر الكائنات الأرضية ذكاءا و قدرة على النجاة و الحياة و أقلها ضررا لنفسها و للآخرين , هذا هو المهشد الأخير الضاحك حتى الموت الذي يليق بنا كبشر عاشوا و عاثوا فسادا , و الذي قد يبدو للمراقب غير الحصيف و غير المدرك أن العالم يسعى إليه منذ البيغ بانغ بكل طاقته و مجراته و نجومه و ثقوبه السوداء