نضال المعارضات العربية في سبيل الديمقراطية


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 7869 - 2024 / 1 / 27 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في أواخر السبعينيات و أوائل الثمانينات ، تحالفت المعارضة السورية التي كانت تتحدث عن "التغيير الجذري و الكامل للنهج القائم في البلاد لتعود السيادة إلى الشعب في ظل نظام جديد يقوم على ركائز الديمقراطية و الحرية و المساواة" ، تحالفت مع نظام صدام خصم الأسد الإقليمي و البعثي … المثير هنا هو أن نظام صدام لم يكن مجرد نسخة بالكربون عن نظام الأسد ، بل كان نسخة أكثر همجية و دموية … كان إخوة صدام غير الأشقاء و أبناء عمومته هم رأس نظامه الأمني العسكري ، على المقلب الآخر كان رفعت الأسد و منذر الأسد و الأجيال التالية من شبيحة آل الأسد النظير السوري لعلي الكيماوي ابن عم صدام و إخوته برزان و سبعان و بالتأكيد لابنه الشقي عدي … كان معظم ضباط الجيش "العراقي" الصدامي من الأقلية السنية ، أما على الجهة الأخرى من الحدود فقد جاؤوا من الأقلية العلوية … و للتاريخ كان صدام أكثر دموية مع خصومه و شعبه و حتى مع رفاقه … بينما كان زوار و ضيوف صدام من المعارضين السوريين يفضحون مجازر الأسد في حماة و غيرها كان مستضيفهم يقصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية وسط صمت المعارضين السوريين و تمجيد و مديح بعضهم … و في 1991 واصلت صمتها عن فظائع مستضيفها بحق شعبه المنتفض و زاد عليهم ضيوف صدام من مجاهدي خلق بأن شاركوا في قمع الانتفاضة و سحقها ، سحقها بمعنى الكلمة عندما قامت عرباتهم المدرعة بدهس المنتفضين توفيرًا للطلقات … استمرت المعارضة السورية بتحالفها مع صدام حتى بدأ نفوذه الإقليمي بالتراجع و في 2003 تمنى معارضون سوريون بارزون أن تواصل الدبابات الأميركية مسيرتها إلى دمشق … ما فعلته المعارضة السورية مع صدام كررته المعارضة العراقية مع حافظ الأسد بالمسطرة … لم تكن هناك مشاعر إخوة أو تضامن بين سجناء تدمر و المزة و قصر النهاية و أبو غريب رغم عذاباتهم المتشابهة ، على العكس … كنت تسمعهم يتحدثون عن الديمقراطية في بلادهم مع جلادي و سجاني جيرانهم و في وقت لاحق مع القوة التي أسقطت ديكتاتور بغداد و هددت ديكتاتور دمشق أيضًا … انتهت المعارضة العراقية التي لم يكن صخبها عن الديمقراطية و المجتمع المدني و طائفية و قمعية نظام صدام و التباكي على ضحاياه أقل من نظيرتها السورية إلى النظام المسخ الذي نعرفه جميعًا و الذي لا يتخير عنه نظام المعارضة السورية في ادلب و غيرها من قبل … و يزداد الطين بلة عندما ترى كل هؤلاء المقاومين و من حولهم و المستعدين كي يحررونا أن يلقوا بنا و بكل من يريدون تحريرهم في محرقة و معاناة بلا نهاية