|
غلق |
|
خيارات وادوات |
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: مازن كم الماز |
عندما أصبحنا ملزمين بالدفاع عن القتلة و إجرامهم
ما يجري في غزة هو نموذج عما نسير إليه بخطا متسارعة ، لقد وصل الفصام الشعوري الذي تحدث عنه سيد قطب ، بيننا و بين العالم الى نقطة متقدمة و ربما إلى نقطة اللاعودة، لم نكن أبدآ أبعد عن العالم مما نحن عليه اليوم ، لا يفهمنا و لا نفهمه ، نعاديه و يعادينا ، لا نشعر بآلامه خاصة تلك التي نسببها له و لا يشعر بآلامنا ، لا نشعر بالأعباء التي نسببها له بينما يكاد يصرخ هو من تلك الأعباء ، أعباء الرجل الأبيض التي تخلى عنها و نطالبه نحن بها بينما نشتمه صباح مساء ، إن ما يجري في غزة هو المستقبل الذي ينتظرنا لكن على نطاق شامل ، و أجمل ما في الموضوع أننا نعتقد أن قدرتنا العالية على الصراخ و إزعاج العالم مجدية و فعالة بينما نحن نتحول أكثر فأكثر إلى كائنات شاكية باكية متسكعة أو قاتلة و هي أفضل أحوالنا اليوم بينما لا يرانا العالم إلا بيادق في صراعاته الأكبر الحقيقية و عبئًا مؤقتًا يمكنه الحد منه إذا أزعجه أكثر مما يجب ، لا يرى فينا أحد أي خطر جدي و في اللحظة التي يمارس فيها أكثرنا هوسًا ما فعلته حماس على نطاق أوسع أو على نطاق عالمي و يبدو أن هذا ما نسعى إليه بكل قوتنا ، لن يكون من الصعب على العالم التخلص منا بسهولة لا تذكر ، نحن العبء الذي ينوء بثقله العالم ، نحن و أمثالنا ، الفارق الأكبر أن الهنود لا يذهبون إلى أوروبا و امريكا بالكثافة التي نفعل و أنهم يمارسون هوسهم الهوياتي في بلادهم بعيدًا عن أنظار العالم و دون أن يسببوا له الكثير من الإزعاج ، مضى الوقت الذي كان فيه من الممكن أن نحلم و نتحدث عن نهضة ما ، عربية أو إسلامية ، ما تمكنا من إنجازه كان في أفضل الأحوال قوى إقليمية تتصارع مع جيرانها و تحاول إخضاعهم بإسم العروبة أو الله ، عبد الناصر ثم السعودية الوهابية التي ورثتها قطر ثم ايران الخمينية و تركيا أردوغان ، لم يكن ذلك إنجازًا خارقًا بكل الأحوال فكوريا الشمالية تمكنت من تحقيق ما هو أكثر من ذلك و بإمكانيات بشرية و مادية أقل بكثير … إذا تركنا النفط و الغاز جانبًا و هي أشياء لا يد لنا فيها فقد حققنا فشلًا اقتصاديًا حضاريًا لا يضاهى … و بعد كل ذلك لا نجد حاجة لأية مراجعات بل نزداد تمسكًا بكل ما هو متخلف في وعينا و ما لا يمت بأية صلة لعالمنا و تحدياته و أفكاره و مساره ، إننا نصرخ فقط مطالبين العالم هذه المرة بأن يحل مشاكلنا ، يطعمنا و يمنحنا حياة ما ، لم يعد لنا شي آخر لنقوله أو لنفعله ، ليس الآخرون بأفضل منا ، المشكلة هو أننا نحن أسوأ منهم ، يجب الاعتراف أن القضية ليست سهلة ، أن نقترب من الغرب أو أن نسبقه و نعكس علاقتنا به كما حلم السلاطين و وزراءهم و كبار موظفيهم منذ القرن الثامن عشر يبدو اليوم أمرًا عسيرًا ، و مع كل يوم يصبح من الصعب أكثر فأكثر أن نواجه واقعنا كما هو أو أن نغيره ، و لقد كنا ذوي حظ سيء من ديكتاتوريينا كما من "ديمقراطيينا" , من "اشتراكيينا" كما إسلاميينا ، ليس صحيحًا أن صناديق الاقتراع ستحل أيًا من مشاكلنا ، هي فقط ستسهل على النخب الجديدة أن تحكمنا لبعض الوقت ، و كما أثبتت تجاربنا أن كل هذه النخب عقيمة عاجزة و فاسدة و تعوض عن كل ذلك بتملق كل ما هو متخلف و قطيعي و تكريسه و حمايته و الحفاظ عليه ، شاهدنا كيف انحط نظام أردوغان و ملالي إيران في عقد أو عقدين إلى فساد و هراء فاق ما كان سائدًا قبلهما و لم تحتج المعارضة السورية أو حكام العراق الحاليين أو النهضة التونسية حتى كل هذا الوقت لتكشف عن عجزها و فسادها … إن أحلامنا الامبراطورية ليس فقط بلا أي أساس بل هي وصفة لحروب دائمة و مدمرة و ربما ليوم قيامة قريب و بعيدًا عن أن نكون جزءً من عالم واحد مترامي الأطراف لا حدود فيه و لا سادة و لا عبيد و هو الأمر الذي نرفضه بشدة ليس هناك أي أمل في أن نكون جزءً من حضارة العالم اليوم و بدلًا من الدفاع عن بعض القتلة و تبرير جرائمهم سيكون علينا أن ندافع عن كل الضحايا
|
|
| ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد | نسخ - Copy | حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | اضافة موضوع جديد | اضافة خبر | | |||
| نسخة قابلة للطباعة | الحوار المتمدن | قواعد النشر | ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن | قواعد نظام التعليقات والتصويت في الحوار المتمدن | | غلق | ||
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها |