كفرت العرب


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 7781 - 2023 / 10 / 31 - 00:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

"كل نفس ذائقة الموت و إنما توفون أجوركم يوم القيامة ، فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز ، و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" ( آل عمران 185 ) ، بل تفضلون متاع الحياة الدنيا و "متاع الدنيا قليل و الآخرة خير لمن اتقى" … لكن المسلمين و في مقدمتهم شيوخهم و سلاطينهم لم يكونوا يومًا "عدميين" ، لم يديروا ظهورهم أبدًا لمتاع الدنيا مهما كان زائلًا و عارضًا و "قليلًا" و حتى لو كان متاع الآخرة أبقى و خير لمن اتقى … صحيح أن زعماء الإسلاميين و شيوخهم لا يتوقفون عن الحديث عن فضائل الشهادة و الشهداء لكنهم ليسوا على عجلة من أمرهم كما يبدو و هم يفضلون متاع الدنيا القليل الزائل حتى يأتيهم الموت كما يأتي كل البشر و منهم الكافرون و عندها يبشرنا إخوتهم أنهم قد أصبحوا في الجنان أخيرًا يتمتعون بنعيمها و بحواريهم … كل من يستشهد الليلة في غزة سيذهب مباشرةً إلى الجنة حيث ما لا عين رأت و لا أذن سمعت ، هل هذا يستحق الحزن أو البكاء ، تصور ألا تحتاج إلى الأونروا كي تأكل و تشرب ، أن تطلب ما تشتهي من الطعام دون أن تكون مضطرًا لتدفع أو تعمل ، أن تنام مع من هي أجمل من أنجلينا جولي ، عشرات مثلها بل أجمل منها، دون أن تتذمر و دون الحاجة لأي فياغرا ، لا أعرف أي إنسان عاقل سيرفض عرضًا كهذا ، هذا إذا كان متأكدًا من أنه سيحصل عليه بالفعل … لكن المسلمين ليسوا عدميين ، معظمهم على الأقل ، سيضاجعون من هي أقل بكثير من أنجلينا جولي و سيستخدمون الفياغرا و سيأكلون من طعام الدنيا المحشو بالكوليسترول و يدخنون النيكوتين المسرطن حتى يأتيهم الموت و عندها سيختارون جنة ربهم ، أتعرفون لماذا ، لأن الرجل الذي ضاجع أمهم كان مسلمًا يؤمن بمحمد

يقول الله عز و جل في كتابه العزيز مخاطبًا اليهود الذين نقاتلهم اليوم و الذين لسخافتهم أو قلة عقلهم و إيمانهم يعتقدون أنهم وحدهم من سيدخلون الجنة ، تخيلوا ، مع أن الجنة لن يدخلها إلا كل من آمن بمحمد و إله محمد : "و من يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين" يتحدى الله تعالى هؤلاء الكفار بدينه الحق الإسلام : "قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين * و لن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم و الله عليم بالظالمين * و لتجدهم أحرص الناس على حياة و من الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة و ما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر و الله بصير بما يعملون" … و الله تعالى يأمرنا جميعًا كمسلمين بأن "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون" و لا أظنكم ستتساءلون عمن هو دين الحق هنا … لا يتخلى أي مسلم أو شيخ ، ما عدا بعض "التنويريين" عن هذا الأمر الإلهي ، حتى شيوخ السلاطين عندما يطلب منهم ذلك فإنهم يعطلون هذا الأمر موقتًا فقط حتى تأتيهم الأوامر بغير ذلك

من الواضح أن الإسلام السياسي و تفرعاته الاشتراكية و القومية هي حالة انتقائية تمامًا تختار ما يناسبها من القرآن و السنة الخ لتبني ايديولوجيا معاصرة بامتياز ، إيديولوجيا عنصرية نصف فاشية سلطوية إمبراطورية تكوم على احتقار كل ما هو غير منتمي إليها و استعدادها لاستبعاده و قتله عند الضرورة و هي تستخدم "ضعاف المسلمين و فقرائهم" كبيادق لتحقيق أهدافها بينما هم في قرارة أنفسهم يقدسون السلطة و الثروة أما الله و جنانه فهي تلزمهم فقط و فقط في مواجهة الموت ، تمامًا كأي إنسان آخر بدائي