حماس و إسرائيل و الشعب الفلسطيني


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 7805 - 2023 / 11 / 24 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يفترض من عملية تحرير فلسطين أن تؤدي لأن يصبح الفلسطينيون ، كل فلسطيني ، أصغر فلسطيني ، سادة مصيرهم ؛ أن يناقشوا بكل حرية كل تفاصيل حياتهم و يقرروها بكل حرية ، على الأقل أن يكون لكل منهم كلمة ما في مصيره و في حياته … لكن قراءة سريعة لما يقوله كل من يتحدث عن الفلسطينيين و عن الشعب الفلسطيني و ما يردده كل من يدافع عن حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال و نيل حريتهم سيجد أنهم يقصدون شيئًا مختلفًا بالكامل عن هذا … هناك إجماع بين المدافعين عن الشعب الفلسطيني و عن حريته أن أي فلسطيني يخالف المقاومة أي حماس ، كل من ينتقدها ، يتحدث عن "أخطائها" أو قتلها و اختطافها للأبرياء و عن مقامرتها بحياة ملايين الفلسطينيين و تركهم تحت رحمة آلة القتل الاسرائيلية ، ليس إلا خائنًا … الذين يموتون و تهدم منازلهم في غزة و الضفة ليس لهم أي خيار و لا حق في مناقشة ما يتعرضون له ، و لا نصف كلمة في موتهم هذا و لا في حياتهم التي تقررها حماس دون أن تقبل بأي تدخل أو نقد أو محاسبة ممن "تمثلهم" و تسعى لأن "تحررهم" ، لا يمكن لأي فلسطيني أن يحاسب حماس أو ينتقدها ، أن يحتج ، يعارض ، يناقش بصوت مرتفع أفعال و قرارات حماس التي تحدد حياته و موته أن يناقش هو كيف يريد أن يعيش و يموت ، عليه فقط أن يموت بصمت ، هذا فقط كيلا يوصم بالخيانة ، كيلا يموت "خائنًا" ، لا تحتاج حماس هنا لأية أغلبيات و لا أكثريات و لا تحتاج لاستشارة الشعب الذي تدافع عنه ، على العكس تمامًا ، كل فلسطيني معرض للمحاسبة و المساءلة أمام حماس التي تستطيع أن تفعل به ما تريد ، ليس فقط بإلقائه و أطفاله طعمًا لقنابل إسرائيل ، بل و محاسبته و معاقبته مباشرةً إذا شكت في إخلاصه لها ، أي "لشعبه" ، لذاته ، لوجوده ، لحياته ، و لموته … و قد شاهدنا كيف يكفي ليس انتقاد حماس بل التشكيك في روايتها عما جرى و عن سير العمليات العسكرية ليجر أسوأ المصائب و أشنع الاتهامات على فاعله ، إننا أمام مفهوم جديد للتمثيل و للشرعية جرى الاشتغال عليه طويلًا حتى أصبح مقبولًا و مطاعًا … يختلف هذا المفهوم الجديد - القديم عن التمثيل ، تمثيل السادة الجدد لشعوبنا عن أطروحة التمثيل الليبرالية ف"الممثلون" الجدد أو السادة الجدد لشعوبنا لا يحتاجون إلى صناديق الاقتراع أو أية مؤسسات خارجهم و لو أن هذه تستخدم عندما تكون لصالح السادة الجدد للتوكيد فقط على حقهم المطلق و الحصري في التمثيل و الشرعية ، شيء يذكر بالحق الإلهي للملوك في القرون الوسطى … كل ما تحتاج حماس أن تفعله هو أن تقتل إسرائيليين فقط كي تنسب لنفسها هذا الحق المطلق و الحصري في تمثيل الشعب الفلسطيني دون الحاجة لموافقة هذا الشعب أو رضاه و كل ما يحتاج خامنئي و أردوغان و تميم و الأسد أو معارضوه في النسخة الجديدة من الأسدية أن يفعلوه هو أن ينتقدوا إسرائيل و يصموها بالإبادة الجماعية و جرائم الحرب و يصمتوا عن أفعال حماس أو يمتدحوها ، فقط هذا يكفي لينصب هؤلاء أنفسهم ليس فقط متحدثين بلسان "شعوبنا" بل و متحكمين بمصائرنا ، أما الشعب الفلسطيني نفسه فإن طعامه و شرابه و دواءه ؛ كل ما يتصل بأمور معيشته و حياته فهي ليست مسؤولية "ممثليه" أو سادته ، إنها بالتحديد مسؤولية أعداءه بل مسؤولية ألد هؤلاء الأعداء : إنها مسؤولية قتلته …