عندما يتعرض السوريون البيض هم أيضًا للقمع و القتل و التعذيب


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 7949 - 2024 / 4 / 16 - 17:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

من يتظاهر في ادلب اليوم ضد الجولاني ليسوا سوريين عاديين ، إنهم "سوريون بيض" إذا استعرنا مصطلح ياسين الحاج صالح ، إنهم ثوار ، مقاتلون أو مسلحون سابقون و حاليون ، عرب و سنة ، هؤلاء الذين مارسوا و يمارسون منذ ثلاثة عشر عامًا الدعس و التشبيح و عند الإمكان القتل المباشر ضد خصومهم أولا ثم ضد كل من ينتقدهم أو يختلف معهم أو يجرؤ على الاعتراض أو على عدم الخضوع و الرضوخ لما يقولون و يريدون ، ثلاثة عشر عامًا و هم يقتلون و يسحلون و يهددون و يرعدون و يزبدون و هم بعيدون عن أية محاسبة أو عقاب و هذا ما منحهم شعورًا لا يخامر إلا الآلهة و الديكتاتوريين ، و هم في نفس الوقت متعجبون لماذا لا يهرع الناس أفواجًا لينعموا بديمقراطيتهم و بحريتهم مفضلين احتلالات غاشمة أخرى و قطاع طرق آخرين ، كان هؤلاء على حق عندما قالوا ان سوريا لهم و ليست لبيت الأسد لكننا لم نفهم جيدًا ما كانوا يقصدونه بهذه الكلمات ، إنهم البلاشفة الذين فعلوا كل الموبقات في الحرب الأهلية و هزموا خصومهم بالحديد و النار و أخضعوا الجماهير بالقمع المنفلت معتقدين أنهم اليوم كسادة للبلاد خارج معادلة الحساب و خارج دائرة القمع التي ألهبوا به ظهور خصومهم أولا ثم كل إنسان خارج الفرقة الحاكمة الظافرة ، إن شعور هؤلاء السوريين البيض بالدهشة من ممارسات الجولاني ضدهم لا تختلف بالقطع عن صدمة غينريخ ياغودا ذراع ستالين القمعي لسنوات عندما جاء دوره هو على المقصلة و لا أعتقد أن شعور أبو ماريا القحطاني يختلف عن شعور بيريا و هو يجد نفسه فجأة الضحية القادمة على المقصلة التي كان هو جلادها

حتى عندما حوسب مجدي نعمة على جرائم فصيله لم يحاسب على استرقاق علويات كسبايا و لا على سحل مدنيين في عدرا و لا على القصف العشوائي لمدنيين عزل هم في في غالبيتهم سنة لكنهم يعيشون في المناطق الخاضعة لسلطة الأسد بل على اختطاف و تغييب سورية بيضاء كرزان زيتونة ، و السوريون الملونون في ادلب غير مرئيين لدرجة أنه من الممكن لناشطين و مفكرين حقوقيين سوريين أن يعبروا عن تعاطفهم مع راشد الغنوشي في سجون ديكتاتور تونس غريب الأطوار دون أن ينتبهوا إلى أوضاع "إخوتهم في الوطن" الذين يعانون القمع و التهميش و السلب و النهب في عقر دارهم في عفرين

السوريون البيض مشغولون بالرجل الأبيض الأوروبي لا بنا نحن ملونيهم غير المرئيين ، إنهم لا يتعاملون مع شركائهم في الوطن إلا بمنطق الدعس و التشبيح و لو أنه لا ينقصهم الغرور في تعاملهم مع الأبيض الأوروبي لكنهم لا يجرؤون حتى اليوم على معاملته بنفس المنطق ، و لا أدري هل يجب أن نشعر بشيء من التعزية أو الحزن في أن الرجل الأبيض الأوروبي يعاملهم كملونين أو أن بضعة ملايين من الاسرائيليين يمكنهم أن يفعلوا بهم ما يفعلونه هم بكل السوريين الملونين