السوريون و الأمم المتحدة و السوسيال


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 7524 - 2023 / 2 / 16 - 17:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

اكتشف السوريون مؤخرا اشياء كثيرة ، من بين ما اكتشفوه مؤخرا كانت دوائر الهجرة و السوسيال في برلين و أمستردام و مالمو ، اكتشفوا مؤخرا أيضًا الأمم المتحدة و "واجباتها" اكتشفوا "العالم" من جديد و "ما عليه أن يفعله" لإنقاذ المتضررين من الزلازل مثلًا ، لا يشعر السوريون لا بالحاجة و لا الرغبة لفعل أي شيء و لا أنهم مطالبون بأكثر مما فعلوه و للحقيقة هم لم يفعلوا شيئًا لكن الذنب ليس ذنبهم ، إنه "ذنب" العالم الذي لا يأتي لحل مشاكلهم و إطعامهم و دفع فاتورة الكهرباء عنهم و التكفل بإيصال أولادهم إلى المدارس الخ الخ ، رغم أن الأسطورة الشائعة و المتداولة تزعم أن السوريين كانوا يعرفون كل ذلك من قبل بل و يمارسونه بحماسة ، أقصد مساعدة المحتاجين و المتضررين من الزلازل و الكوارث و الذين يحتاجون لمن يطيح بديكتاتورهم و من يطعمهم و من يمنحهم الأمان و الحب و بالطبع : المال و المأوى و الملجأ ، صحيح أن السوريين يكتشفون كل ذلك مع كل "مصيبة" أو مع كل ما يعدونه مصيبة تحل بهم لكنهم كانوا دائمًا السباقين لنجدة الآخرين و المحتاجين ، هكذا يعتقدون على الأقل ، بل هكذا يؤمنون إيمانًا راسخًا ، ساعدوا الجميع حتى من الكفار و الشيعة و العلويين و الفرس أو المجوس و غيرهم ممن لا يستحق أية مساعدة في الأصل غير المساعدة طبعًا في الانتقال إلى العالم الآخر لينتهوا في جحيم أزلي بلا نهاية ، فإسلاميونا و هم من يملك هذه الأيام حق التحدث باسمنا وسط سكوت ليبراليينا و السكوت طبعًا علامة الرضا ، يؤكدون أننا دومًا كنا السباقين لإغاثة المحتاجين و تحريرهم من سادتهم الكفار الذين يقودونهم إلى جهنم و الأخذ بيدهم غصبًا عنهم ، بالسلاح إن لزم الأمر ، إلى جنة محمد و حتى تحريرهم و تخليصهم من حريتهم و من بيوتهم و من نسائهم و أطفالهم … لا يعرف السوريون ، و لا يكترثون ، لما يجري في أي مكان في العالم ، و لا يقرأون شيئًا عن الزلازل و الكوارث التي تصيب بشرًا آخرين في مكان ما حتى لو كان على بعد أمتار منهم أو أمامهم ، و إذا حدث و ذكروا معاناة الأفارقة أو الستة ملايين يهودي في معسكرات الغاز فإنهم يذكرونها فقط لكي يستولوا على هذه الآلام و يحولوها إلى جزء لا يتجزأ من مظلوميتهم المحدودة جدًا بما يقارن مثلًا بمظلومية اليهود أو الأفارقة أو حتى جيرانهم الفلسطينيين ليحاولوا أن يخلقوا و يكبروا مظلوميتهم مع الزلازل و مع الجيش الأسدي الذي قتلوا نصفه على الأغلب بعد استسلام مقاتليه دون أن يتمكنوا أو حتى يحاولوا أو يكترثوا للقضاء على رأس الأفعى ما دام العالم ، الآخرون ، هم من عليهم أن يفعل ذلك نيابة عنهم … تزخر مقاهي أوروبا مساءً بمناضلين جدد ، سوريين هذه المرة ، ليشربوا القهوة و يدخنوا الأرجيلة إلى جانب من سبقوهم إلى هناك من إخوتهم العراقيون و الأكراد و الفلسطينيين و بينما يبقي السوسيال هؤلاء المناضلين على قيد الحياة ليتفرغوا للتنظير لبلادهم و شعوبهم التي يموتون في حبها و يتوقون لتحريرها و تخليصها ، تارةً من الأجنبي و تارةً من "الاحتلال الداخلي" تارةً من التخلف و تارةً من الاستبداد ، تارةً من الإسلاميين و تارةً معهم ، تارةً على طريقة علي شريعتي و تارةً على طريقة ادوار سعيد و أخرى على طريقة جان جاك روسو أو ماركس إذا لزم الأمر ، حسب آخر موضة و حسب التيار و الايديولوجيا التي منيت بأسوا الهزائم و صار الجميع لا يطيق سماعها و لا النطق باسمها … و قريبًا هذا سيكون هذا أيضًا مصير مظلومية السوريين ، مثل كل موضة مفيدة لكن عابرة للأسف