مجرد واقع لا غير

عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7539 - 2023 / 3 / 3 - 07:29
المحور: كتابات ساخرة
    

أنْ تبحث عن شيخ (١) يبصم في ورقة نكرة تشهد بسكنك في مقاطعته(..ههه..زوينة هاذ طاعته..)مشكلة وأي مشكلة، فقد تجده أو لا تجده أنت وزهرك، وحتى إن عثرت عليه، عليك مَلْءَ آستمارة، أو عفوا هم يملؤونها آعتمادًا على بطاقتك الوطنية.. وفي حالة ما إذا سَويتَ ذلك، عليك آنتظار سيد القايد (١) ليمضي ويضع خاتمه الرسمي الموثق للوثيقة..سِيرْ حتى البلاتي (٢) ..وتمشي لحالك، وعندما يحين حَيْنُ بَلَّاتي هذا، تسارع لمعاينة تسويف شغلك أين وصل..سير حتى للجوج (٣) وقت الغذا هذا..فتذعن كالعادة تطأطئ الرأس أو ما تبقى منه منتصبا جراء ضغط أشعة الشمس الحارقة أو زبانية ريح الشرقي اللافحة..حتى الغَذّا..يُؤكدون لك..لا يعيرون نصبك أو عياءك أدنى آهتمام لأنك ببساطة لن تجد بالإدارة أحدا خلا سيكوريتي (٤) أكرش يكلمك من طرف أنفه وهو يلقي عقب سيجارته في ردهة الباب الرئيس بتكاسل رتيب..ما بْقَى حَدْ كولشي خرج (٥) ..وتَخرج أنت أيضا متبرما نعم لكن راضيا بما قسم القدر لك لأنها العادة هنا لا ينجزون مهمة ما إلا بالريق الناشف...
في الصباح الموالي، تقصد، باكرا دون فَطور، إدارةً أخرى لإتمام مهام هي من صميم وظيفتك..عليك هنا أيضا أن تتقن فن التعامل الذي يتقنه آلمكلفون وآلمشرفون وما لف لفهما..عليك أن تتأكد من رقم لجنتك تُدونها وريقاتك المجعدات في أحشاء جيب بنطالك الخلفي تتيقن من الأرقام والمسالك والشعب وعدد الأوراق وما حوت من نقط كيت وكيت من المترشحين والمترشحات وتضع يدك على قلبك وأنت تخمن مصير آستحقاقك من درهيمات معدودات عجاف مقابل ضنك الإرهاق الذي أتعبتَ فيه عينيك الكليلتين وهما تطاردان نزق رعونة أحرف مستعصية على القراءة..وتسارع الهرولة من حُجرة لحجرة من فصل لقسم لجناح لبناية عبر عتبات مديدة وأدراج مرهِقة ومنعرجات ملولبة يتيه فيه الصعود يختلط بالهبوط اسْرعْ اركضْ حدجْ لاحظ عاينْ راقبْ أرقام الأقسام أرقام اللجن أرقام الأعمدة العمودية والأفقية أرقام دقيقة وأخرى عملاقة تتواتر تتعالى في حساب الآخرين إياك إياك النكوص انتبه أن تغلط وَثقْ حَددْ حَدجْ احرصْ حرصك الشديد باشرِ العمليات كلها بتأن بمَلَكة رصانة وتَرَيُّثٍ وما تبقى لك من أناة وعناد وصبر ومكابدة ومشاكسة..وعند الانتهاء لا تنسى كسِنور مشاغب نطَّ الدرجات اهبطْ هَرْوِلْ بين صَفا توقيع حضور ومَرْو إِدراج آسمِك في لائحة تُعْطَى لفلان وعلان يباشرون عبرها المناداة على الأسماء لتأخذ ما جاء في حقك من مصروف يكون محصلة عدد الأوراق المصححة 360 ورقة مضروبة في ثمانين ناقص ضريبة التفييا لست تدري ما نسبتها ما عددها لا يهم آرى وكان غير يخلصونا ف داكشي للي باقي..تهمس في سرك مستسلما مذعنا كالعادة والناس حولك في شد وجذب والنار تتراقص فوارة بالرؤوس تتنظر ينتظرون يأخذ المعنيون الأوراق الرسمية يفرون بها جهة مكاتب أخرى تتواجد في إدارات أخر في مدن أخرى أكثر نفوذا من إدارات مدينتك..ههه..تضحك بينك وبين نفسك لسماجة كاف الخطاب مقرونة كذيل مشوه في قفا المسماة مدينة..ههه..يهرعون يسرعون لأنهم هناك ينتظرون وتظل أنت أنت جامدا مكانك تضحك تهرج تمارس القِناع على القناع تجتر حديث البدور ورُبّ ليل كموج البحر أرخى سدوله علَيَّ بأنواع آلهموم وعودة الشيخ إلى صباه وليلة ظرف القرع من ألف ليلة وليلة وأدرك شهرزاد الصباح وشدلي نقطع لك بين ديكة حانقة تتصارع دونما هدى في مساحة كافكاوية لا كراسي فيها لا أرائك شَدْ الدص(٦)إذا قدرت تتحمل يا صاحبي اصبرْ شَدْ الصف تقضاو الفلوس للي بقى نخلصوه بالجالوق دالنحاس وما فضل في قاع خوابي الإدارة من حصيص مستحقات الضرائب وهااااهم من كل حدب يتلاسنون ينبجسون ليشهدوا وقيعة الوقائع نحن السابقون لا نحن أولى نحن الأبعد نحن المغضوب عليهم المعذبون على هذي البسيطة رابطوا أنتم بدياركم ليحمى وطيس جحيم هاديس أواخر حزيران صافي تقضاو الفلوس اعتق اعتق عا غلصنا باش ما كان ملؤوا جيبيْ سروالك بقصدير المئات وجالوق الآلاف وأوراق العشرين لففتها كما آتفق وجعلت تسرع نحو مرحاضهم وضعت فيه ما تمكنت من وضعه من بيولوجيا قميئة أهْرقتَ على وجهك مُويهات اااه لولا الوقت لاستحممت وليكن ما يكون اوووف اسرعْ الآن تقول لنفسك تَحُثُّ رجليك كي تلحق ملحقة أخرى تسلمها وثيقة فحصك الطبي الأخير وورقة الأدوية والأشعة مرفقة بمرفقات شتى وتفاصيل تثبت مصاريف قبل آنصرام آلآجال آلمحددة ثلاثين يوما آملا رغم كل شيء في آسترداد ما يمكن آسترداده من حصيص بقايا آلأموال آلمهدورة، وبلا مبالاة يحدج الجالسُ خلف حاجز الكونتوار (٧) معلوماتك بعينين غائرتين تحت نظارة طبية سميكة..مممم..يهمهم يوقع..صافي (٨) ..يلقمها إياك دون أن يبذل أدنى جهد كي ينظر في وجهك غير آلعزيز فتهش أنت برأسك في آلفراغ وبآبتسامة كامدة تلقيها كما آتفق لترسل رجليك إثر ذلك إلى مقاصد مازالت تسكنك لتنهي مهاما معلقة في درج مكتب شيخ أو ملف موظف في إدارة أمس قبل أن ينصرم الصباح أو المساء أو كان ما كان ليسلمك حقك في وثيقة تثبت عيشك هكذا كما آتفق في زمان في مكان في بسيطة الآن هنا...

☆إشارات:
١_الشيخ:تطلق اللفظة على عون السلطة في المقاطعات والبلديات والجماعات يكون مكلفا بتمكين المواطن من وثيقة إدارية كشهادة السكنى مثلا بآعتباره مسؤولا عن مجموعة من الأحياء في المدينة..ويكون كل من الشيخ والمقدم تحت إمرة تعليمات (القايد)الذي يترأس إدارة مقاطعة ما في المدينة أو القرية، ويكون مسؤولا على الإشراف على توقيع الوثائق الإدارية بعد أن يهيئها الشيخ أو المقدم

٢_سيرْ حتى البلاتي:اذهب لحالك عُدْ بعد قليل(عبارة تعبر عن تسويف المهام الإدارية وعدم تنفيذها بسلاسة ويسر)

٣_انقضت أشغال الصباح ما عليك إلا العودة بعد الزوال

٤_سيكوريتي:عمال أمن تابعون لشركات أمن خاص تشرف على نظام ولوج المؤسسات العمومية وشبهها

٥_ما بْقَى حَدْ كولشي خرج:الإدارة فارغة لقد غادر الجميع..

٦_الدص:في الأصل الجص ما يجصص به البيوت من الكلس وتقول لمن افتقر جالس على الدص كناية على الفقر والفاقة
٧_كونتوار comptoir مكتب أو منضدة أو ما يشابه ذلك
٨_صافي:تمام

#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات