أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - تصدّع السلطة المؤقتة في سوريا الساحل السوري بين أزمة الشرعية وانكشاف بنية الحكم الإقصائية















المزيد.....

تصدّع السلطة المؤقتة في سوريا الساحل السوري بين أزمة الشرعية وانكشاف بنية الحكم الإقصائية


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تصدّع السلطة المؤقتة في سوريا
الساحل السوري بين أزمة الشرعية وانكشاف بنية الحكم الإقصائية
٢٩/١٢/٢٠٢٥
تشهد سوريا في مرحلتها الراهنة تحوّلاً نوعياً في طبيعة الصراع السياسي والاجتماعي، حيث لم يعد الاحتجاج محصوراً في الإطار المعيشي أو الخدمي، بل انتقل إلى سؤال الشرعية السياسية وطبيعة الحكم ذاته. إن ما يجري اليوم في الساحل السوري لا يمكن قراءته كحراك محلي محدود، بل بوصفه مؤشراً على أزمة بنيوية عميقة تضرب أسس “الحكومة المؤقتة” في دمشق، وتكشف عجزها عن التحول من سلطة أمر واقع إلى سلطة جامعة تعبّر عن التعدد السوري (١).
لقد دخلت هذه السلطة مرحلة اختبار حاسم: إما القبول بمنطق الشراكة الوطنية والانتقال السياسي الحقيقي، أو إعادة إنتاج أنماط الحكم الاستبدادي التي ثار السوريون ضدها، ولكن هذه المرة دون الغطاء الدولي أو الإجماع الداخلي.

أولاً: حراك الساحل… كسر الصمت وعودة السياسة إلى المجال العام
يمثّل الحراك الشعبي في الساحل السوري، ولا سيما ضمن أوساط المكوّن العلوي، نقطة انعطاف تاريخية في المشهد السوري. فللمرة الأولى منذ عقود، يخرج هذا المكوّن – الذي ارتبط اسمه قسراً بالسلطة المركزية – إلى العلن، معبّراً عن رفضه الصريح لسياسات الإقصاء والتهميش، ومتجاوزاً حاجز الخوف الذي أعادت السلطة الجديدة إنتاجه بأدوات مختلفة (٢).
لم تقتصر مطالب المحتجين على تحسين الخدمات أو معالجة الانهيار الاقتصادي، بل حملت بعداً سياسياً واضحاً، تمثّل في رفض “الدولة ذات اللون الواحد”، والمطالبة بنظام حكم يضمن اللامركزية السياسية والإدارية كحد أدنى من الحماية الجماعية.
«لم نخرج دفاعاً عن امتيازات، بل خوفاً من مستقبل يُدار بعقلية لا تعترف بنا شركاء في هذا الوطن»
– أحد المشاركين في اعتصامات الساحل، كانون الأول ٢٠٢٥ (٣)
إن ترديد شعارات تستحضر روح الانتفاضة السورية الأولى، مقرونة بمطالب فيدرالية أو لامركزية، يعكس انهيار الثقة الكامل في قدرة دمشق الحالية على تمثيل التنوع السوري أو إدارة الدولة بوصفها فضاءً مشتركاً.

ثانياً: الحكومة المؤقتة وفخ استنساخ “تجربة الأسد”
تبدو الحكومة المؤقتة في دمشق وكأنها وقعت في وهم السيطرة الأمنية، معتمدةً مقاربة تقوم على القمع وضبط المجال العام، بدلاً من الحوار السياسي وبناء التوافق. هذه المقاربة تعيد إلى الأذهان أدوات النظام السابق، ولكن في سياق أكثر هشاشة وأقل شرعية (٤).
فالمفارقة الجوهرية تكمن في أن هذه السلطة:
لا تمتلك الشرعية الدستورية الكاملة،
ولا تحظى باعتراف دولي مستقر،
ولا تستند إلى تحالفات إقليمية صلبة طويلة الأمد.
«السلطة التي تولد من فوهة البندقية، ولا تُصحّح مسارها بالسياسة، محكوم عليها بإعادة إنتاج سقوطها»
– تحليل سياسي صادر عن مركز دراسات النزاعات (٥)
وإذا كان النظام السابق، بكل أدواته وتحالفاته، قد انهار أخلاقياً وسياسياً في نظر قطاعات واسعة من السوريين، فإن سلطة “مؤقتة” تعتمد الإقصاء والراديكالية، ستكون أكثر عرضة للسقوط، وبكلفة زمنية أقل.

ثالثاً: إقصاء المكوّنات وخرق صريح لمسار الشرعية الدولية
أحد أخطر مظاهر الأزمة الحالية يتمثل في فشل الحكومة المؤقتة في طمأنة المكوّنات السورية الأساسية: العلويين، الدروز، المسيحيين، والكُرد. بل إن سياساتها عزّزت مخاوف هذه المكوّنات من التحول إلى “أقليات غير محمية” في دولة تُدار بعقلية أيديولوجية ضيقة (٦).
إن الإصرار على إدارة الدولة بمنطق إقصائي، يتناقض جذرياً مع القرار الأممي 2254، ومع ملحقه التعديلي 2799، اللذين ينصّان بوضوح على:
تشكيل هيئة حكم انتقالية شاملة،
تمثيل عادل لكافة المكوّنات،
وصياغة عقد اجتماعي جديد يضمن المواطنة المتساوية (٧).
«أي عملية سياسية لا تنطلق من الاعتراف بالتعدد السوري، محكومة بالفشل مهما امتلكت من قوة ميدانية»
– تقرير أممي غير معلن حول مستقبل الانتقال في سوريا (٨)
إن الهروب من الاستحقاقات الدستورية، وفرض سياسة الأمر الواقع في الساحل والسويداء ومناطق الشمال الشرقي، لا يضع الحكومة المؤقتة في مواجهة الداخل فحسب، بل يفتح الباب أمام صدام مباشر مع المجتمع الدولي.

رابعاً: الضغوط الدولية والسيناريوهات المحتملة
في ظل قانون قيصر، وآليات المراقبة الدولية لسلوك السلطات في دمشق، يمتلك المجتمع الدولي عدة أدوات ضغط قابلة للتفعيل:
1. تشديد العقوبات الذكية
فرض عقوبات نوعية تستهدف البنية المالية والأمنية للسلطة، مع تجنّب الإضرار المباشر بالمدنيين، بهدف دفعها نحو مسار سياسي تعددي (٩).
2. تفعيل أدوات الفصل السابع
في حال استمرار القمع واستخدام القوة ضد المدنيين، ولا سيما بحق الأقليات، قد يُعاد طرح خيار مناطق الحماية أو التدخل الدولي المحدود تحت الفصل السابع (١٠).
3. الضغط على تركيا
باعتبار أنقرة اللاعب الإقليمي الأكثر تأثيراً على الإدارة الحالية، ستتزايد الضغوط الدولية عليها لضبط سلوك حلفائها في دمشق، ومنع استخدام الملف السوري كورقة نفوذ إقليمي ضيّق (١١).
«استقرار سوريا لن يتحقق عبر وكلاء، بل عبر عملية سياسية شاملة لا تستثني أحداً»
– دبلوماسي أوروبي في ملف سوريا (١٢)

خامساً: نحو دولة المواطنة… أو انهيار الشرعية
تعيش الحكومة المؤقتة في دمشق حالة إنكار سياسي عميق، قوامها الاعتقاد بأن السيطرة العسكرية كافية لفرض الاستقرار. غير أن حراك الساحل، المتقاطع مع مواقف مكونات أخرى، يؤكد حقيقة تاريخية ثابتة:
الشرعية لا تُفرض بالقوة، بل تُبنى بالشراكة والعدالة.
إن الإخفاق في استيعاب التنوع السوري، ورفض الانتقال من منطق الغلبة إلى منطق العقد الاجتماعي، يشكّل المسمار الأخير في نعش هذه الإدارة، ما لم تبادر إلى تحوّل جذري يفتح الباب أمام دولة المواطنة المتساوية، كما نصّ عليه القرار 2799.
++++++++++++++++++&&&
المراجع
(١) تقارير تحليلية صادرة عن مراكز أبحاث حول تحولات بنية السلطة في دمشق بعد عام ٢٠٢٤.
(٢) توثيقات ميدانية لحراك الساحل السوري، كانون الأول ٢٠٢٥.
(٣) شهادات مباشرة من مشاركين في اعتصامات اللاذقية وطرطوس.
(٤) دراسة مقارنة حول أدوات الحكم بين النظام السابق والحكومة المؤقتة.
(٥) مركز دراسات النزاعات – ورقة سياسات حول الشرعية الانتقالية.
(٦) تقارير حقوقية حول أوضاع المكوّنات السورية غير الممثلة سياسياً.
(٧) نص القرار الأممي 2254 والملحق التعديلي 2799.
(٨) تقرير أممي تحليلي حول مخاطر الإقصاء في مراحل الانتقال السياسي.
(٩) لوائح قانون قيصر – النسخة المحدثة وآليات التنفيذ.
(١٠) مذكرات دبلوماسية حول سيناريوهات حماية المدنيين في سوريا.
(١١) دراسات حول الدور التركي وتأثيره على القرار السياسي في دمشق.
(١٢) تصريحات دبلوماسية أوروبية ضمن اجتماعات غير معلنة حول سوريا.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا بين كماشة التطويق الإقليمي و تصدع الجبهة الداخلية: قرا ...
- سعيد باشا شمدين: زعامة كُردية دمشقية وصناعة النفوذ في مجتمع ...
- أفق التسوية السورية: قراءة في زيارة الجنرال مظلوم عبدي لدمشق ...
- رؤى سياسية وعسكرية حول العملية التفاوضية في سوريا: تحليل لمو ...
- صراع الإرادات بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية ال ...
- الهوية الكُردية بين صخرة الإنكار ومطرقة الواقع الإقليمي: رؤي ...
- قوات سوريا الديمقراطية بين منطق “الحلّ” ومشروع “التحوّل”: قر ...
- توازنات القوة والسيادة: قراءة تحليلية في توترات حلب ومستقبل ...
- قراءة في كتاب جهاز المناعة الأيديولوجي
- خطاب الجنرال مظلوم عبدي: تحليل متعدد المستويات في لحظة سورية ...
- المسألة الكُردية بين بنية الدولة التركية وتحولات الجغرافيا ا ...
- زلزال الجيوسياسة: الصدام الروسي التركي ومستقبل الخارطة السور ...
- عيد العلم الكوردي: راية الهوية وذاكرة المقدّس في تاريخ شعب
- كسر التابوهات الجيوسياسية: الجولان والاتفاقيات الإبراهيمية ك ...
- من الدولة القومية إلى المواطنة الشاملة: قراءة تحليلية في مشر ...
- هجوم البادية السورية: جيوبوليتيكا التصعيد وتداعياتها على الت ...
- «الدفاع الوطني المشروط»: كيف تعيد قسد صياغة دورها في سوريا؟ ...
- العزلة والشرعية: تحوّل المواقف الدولية في شمال سوريا
- قانون قيصر والمستقبل السياسي السوري: قراءة نقدية في الاشتراط ...
- موازين القوة الجديدة في شرق المتوسط: التشريع الأمريكي والقرا ...


المزيد.....




- ترامب يهدد بمقاضاة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ...
- بعد أكثر من عقد.. استئناف البحث عن الطائرة الماليزية المفقود ...
- السدود المائية، كيف تعمل وما هي فوائدها؟
- إطلاق الألعاب النارية ليلة رأس السنة.. ما المسموح والممنوع؟ ...
- كأس أمم أفريقيا في المغرب: رقص المنتخبات الأفريقية يحظى بإعج ...
- تركيا: -قناة إسطنبول-.. مشروع -جنوني- عملاق مثير للجدل والق ...
- إيران: طلاب الجامعات يلتحقون بالاحتجاجات ...والسلطات تعلن اس ...
- مباراة مرتقبة بين تونس وتنزانيا لافتكاك تأشيرة التأهل
- حرية الإعلام في 2025: عام التراجع القياسي
- نصّ بيان دولة الإمارات بشأن الأحداث الجارية في اليمن


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - تصدّع السلطة المؤقتة في سوريا الساحل السوري بين أزمة الشرعية وانكشاف بنية الحكم الإقصائية