أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مروان فلو - المسألة الكُردية بين بنية الدولة التركية وتحولات الجغرافيا السياسية السورية














المزيد.....

المسألة الكُردية بين بنية الدولة التركية وتحولات الجغرافيا السياسية السورية


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 23:21
المحور: القضية الكردية
    


المسألة الكُردية بين بنية الدولة التركية وتحولات الجغرافيا السياسية السوريةمروان فلو - ١٩/١٢/٢٠٢٥
مقدمة
تجادل هذه الورقة بأن المسألة الكُردية لا يمكن فهمها بوصفها أزمة أمنية أو نتاج ظروف إقليمية طارئة، بل باعتبارها نتيجة مباشرة لبنية أيديولوجية تأسست عليها الدولة التركية الحديثة، وتعيد اليوم إنتاج نفسها في سياق التحولات الجيوسياسية السورية. وتذهب الورقة إلى أن انسداد الأفق الديمقراطي في تركيا يقابله تشكّل وقائع سياسية جديدة في شمال وشرق سوريا، فرضت نماذج إدارة متعددة الهويات، وأعادت تعريف موقع الكُرد كفاعل إقليمي لا يمكن تجاوزه.

المسألة الكُردية كبنية أيديولوجية لا كإشكال أمني
ينطلق هذا التحليل من أطروحة حميد بوزارسلان التي ترى أن الدولة التركية تصطدم، في تعاملها مع الكُرد، بجذرها التأسيسي ذاته (١). فالمسألة لا تتعلق بتمردات أو مطالب انفصالية، بل بإشكالية الاعتراف داخل نموذج دولة صُمم على نفي التعدد.
١. الدولة بوصفها مشروع تفوق
قامت الجمهورية التركية على تصور قومي صلب، يرى في التنوع تهديداً وفي المساواة تفكيكاً للسلطة. وضمن هذا الإطار، جرى التعامل مع الكُرد إما عبر الإنكار، أو الإدماج القسري، أو القمع المباشر. إن أي مطلب لغوي أو إداري كُردي يُعاد تأطيره فوراً كخطر على “وحدة الدولة”، لا كحق سياسي مشروع.
٢. حدود الإصلاح داخل النظام
تُظهر التجربة التركية أن الإصلاحات الجزئية — حتى في ذروة الانفتاح النسبي خلال العقد الأول من حكم العدالة والتنمية — لم تمس جوهر النظام. فالديمقراطية، حين تقترب من سؤال الهوية، تتحول إلى تهديد وجودي للنخب الحاكمة، سواء كانت قومية تقليدية أو إسلامية قومية (٢).
٣. الأمن كأداة لإدارة التاريخ
منذ انهيار “عملية السلام” (2013–2014)، جرى تثبيت المقاربة الأمنية باعتبارها الإطار الوحيد المسموح به لمعالجة المسألة الكُردية. وهو ما أدى إلى تجميد النقاش التاريخي، وإعادة عسكرة السياسة، وتصدير الأزمة إلى الجوار الإقليمي.

سوريا كفضاء لإنتاج وقائع سياسية جديدة
على النقيض من الانغلاق التركي، شكّلت الحرب السورية مختبراً قسرياً لإعادة توزيع السلطة والشرعية. ففي ظل انهيار الدولة المركزية، لم يعد السؤال هو “من يملك الشرعية الأيديولوجية”؟، بل “من يملك القدرة على الضبط والإدارة”؟.
١. من التفاهمات إلى “اتفاق الضرورة”
التفاهمات الجارية شرق الفرات، برعاية أمريكية، لا تعبّر عن تحالفات استراتيجية بقدر ما تعكس توافقاً اضطرارياً بين فاعلين متناقضين أيديولوجياً، لكنهم يشتركون في الحاجة إلى الاستقرار (٣).
إنها صيغة إدارة نزاع، لا حله.
٢. الاستراتيجية الأمريكية: منع الانهيار لا بناء الدولة
تتعامل واشنطن مع المشهد السوري بمنطق الاحتواء:
دعم قوى محلية قادرة على فرض النظام،
منع الصدام المباشر بين هذه القوى،
إبقاء خطوط النفوذ واضحة وقابلة للإدارة.
ضمن هذا السياق، تُنظر إلى قسد بوصفها أداة استقرار، لا مشروعاً سيادياً، وهو ما يمنحها هامش بقاء دون اعتراف كامل.
٣. ملامح الترتيب القائم
يمكن توصيف الترتيب الحالي بثلاث ركائز أساسية:
الحفاظ على قسد كقوة عسكرية–أمنية محلية،
إدماج سياسي شكلي يشرعن الوجود دون تفكيكه،
تثبيت حدود تماس تمنع الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

المأزق التركي وتآكل القدرة على الفرض
تكشف التطورات السورية حدود الرهان التركي القائم على القوة وحدها. فأنقرة، التي سعت إلى تصفية أو تحييد الكُرد السوريين، تجد نفسها اليوم أمام واقع مفروض دولياً.
١. تحوّل الفاعلين لا اختفاؤهم
الرهان على تفكيك قسد أو إخضاعها لدمشق لم يتحقق. بل على العكس، أُعيد إنتاجها كجزء من توازن إقليمي هش، ما أفقد تركيا القدرة على التحكم المنفرد بالمشهد (٤).
٢. كلفة الخطاب القومي
كلما تشددت أنقرة في خطابها المعادي للكُرد، ازدادت عزلتها، وتقلصت قدرتها على التأثير في مسارات الحل. فالمعادلة الإقليمية الجديدة لا تسمح بإلغاء فاعل يملك الأرض والتنظيم والدعم الدولي.

السياسة الممكنة بين الداخل التركي والساحة السورية
في هذا السياق، تكتسب دعوات شخصيات كُردية تركية، مثل سيري ساكيك، أهمية خاصة (٥). فهي لا تطرح حلولاً مثالية، بل تدعو إلى الاعتراف بالواقع.
١. الاعتراف كمدخل للسلام
التعامل مع قادة الميدان بوصفهم شركاء محتملين، لا أعداء دائمين، يمثل تحوّلاً في التفكير السياسي، ويعكس فهماً بأن الإقصاء لم يعد خياراً عملياً.
٢. الكُرد كفاعل إقليمي
لم يعد الكُرد مجرد “مسألة داخلية” لأي دولة، بل تحولوا إلى عنصر توازن إقليمي، يربط بين ملفات تركيا وسوريا والعراق، ويجعل تجاهلهم وصفة لعدم الاستقرار المستدام.

خاتمة
تخلص الورقة إلى أن انسداد الأفق الديمقراطي في تركيا يقابله تشكّل وقائع سياسية جديدة في سوريا، تفرض نماذج إدارة تقوم على التعدد لا الهيمنة. وبينما ترفض أنقرة إعادة تعريف ذاتها، تفرض الجغرافيا السياسية حلولاً مؤقتة لكنها أكثر واقعية.
إن السلام في المنطقة لن يتحقق عبر إنكار الكُرد أو احتوائهم أمنياً، بل عبر الاعتراف بهم كجزء بنيوي من أي نظام إقليمي مستقر. فإدارة التعدد لم تعد خياراً أخلاقياً، بل ضرورة جيوسياسية.
+++++++++++++++++++++++&&&
المراجع
(١) Hamit Bozarslan, La question kurde, CNRS Éditions.
(٢) Jenny White, Muslim Nationalism and the New Turks, Princeton University Press.
(٣) Fabrice Balanche, The Kurdish Issue in Syria, Washington Institute.
(٤) Charles Lister, The Syrian War, Oxford University Press.
(٥) تصريحات سيري ساكيك، مقابلات سياسية منشورة، 2024–2025.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زلزال الجيوسياسة: الصدام الروسي التركي ومستقبل الخارطة السور ...
- عيد العلم الكوردي: راية الهوية وذاكرة المقدّس في تاريخ شعب
- كسر التابوهات الجيوسياسية: الجولان والاتفاقيات الإبراهيمية ك ...
- من الدولة القومية إلى المواطنة الشاملة: قراءة تحليلية في مشر ...
- هجوم البادية السورية: جيوبوليتيكا التصعيد وتداعياتها على الت ...
- «الدفاع الوطني المشروط»: كيف تعيد قسد صياغة دورها في سوريا؟ ...
- العزلة والشرعية: تحوّل المواقف الدولية في شمال سوريا
- قانون قيصر والمستقبل السياسي السوري: قراءة نقدية في الاشتراط ...
- موازين القوة الجديدة في شرق المتوسط: التشريع الأمريكي والقرا ...
- أوراق اللعب السورية: حاكم بذاكرة الأمس في مواجهة الجغرافيا ا ...
- بهچلي السلام ليس طائرًا بجناح واحد الجناح الثاني للطائر سيصن ...
- مظلوم عبدي ورسم معالم المرحلة المقبلة: قراءة سياسية–استراتيج ...
- أوجلان… من الكفاح المسلح إلى “عقد اجتماعي جديد”: قراءة تحليل ...
- إلهام أحمد تدعو إلى سلام شامل في سوريا: نقد للنظام المركزي و ...
- تركيا بين إرث الدولة الصلبة واستحقاق التعددية: نحو عقدٍ اجتم ...
- نحو تركيا اتحادية: بين الدولة المزدوجة وتحوّلات القرن الثاني ...
- تعثر اتفاق قسد ودمشق: تشابك المصالح واستعصاء الحلول في الأسا ...
- الفرهْوار: في الجذور الميدية–الكردية للرمز الزردشتي الأعلى
- لماذا يمثّل الكُرد الامتداد السكاني الأكثر قدماً في شمال الر ...
- العام الذي لم يكتمل


المزيد.....




- غوتيريش يدين بشدة احتجاز الحوثيين مجددا موظفين في الأمم المت ...
- من مركز اعتقال إلى ملعب.. افتتاح الدوري السوري في ملعب البان ...
- الأمم المتحدة تدين فرض عقوبات أمريكية على قاضيين آخرين في ال ...
- من مركز اعتقال إلى ملعب.. افتتاح الدوري السوري ملعب البانورا ...
- الأمم المتحدة تندد بالعقوبات الأميركية على قاضيين في الجنائي ...
- اليمن: غوتيريس يدين احتجاز الحوثيين عشرة آخرين من موظفي الأم ...
- إصابات واعتقالات في الضفة الغربية ومستوطن يدهس شابا بنابلس
- عشرات المغاربة يتظاهرون بالرباط دعما لفلسطين ورفضا لحصار غزة ...
- يوم تحت الاحتلال.. إصابات واقتحامات واعتقالات في مدن الضفة
- -غوانتانامو الاحتلال-.. قصص مروعة عن تعذيب أطباء غزة


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مروان فلو - المسألة الكُردية بين بنية الدولة التركية وتحولات الجغرافيا السياسية السورية