أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - كسر التابوهات الجيوسياسية: الجولان والاتفاقيات الإبراهيمية كمعادلة جديدة للشرق الأوسط















المزيد.....

كسر التابوهات الجيوسياسية: الجولان والاتفاقيات الإبراهيمية كمعادلة جديدة للشرق الأوسط


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 17:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مروان فلو - ١٧/١٢/٢٠٢٥
مقدمة: من الدبلوماسية المعيارية إلى منطق الصفقات
شهدت السياسة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب قطيعة واضحة مع المسارات الدبلوماسية التقليدية التي حكمت مقاربة واشنطن للصراع العربي–الإسرائيلي لعقود. فقد تراجعت مبادئ مثل «الأرض مقابل السلام» ومرجعيات القانون الدولي، لصالح نموذج براغماتي صِرف يقوم على منطق الصفقات السريعة والمكاسب المباشرة (١). في هذا السياق، لم تكن القرارات الأمريكية مجرد مواقف منفصلة، بل حلقات متكاملة ضمن رؤية جديدة لإعادة تشكيل توازنات الشرق الأوسط.
يبرز قرار الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة (٢٠١٩)، ثم إطلاق الاتفاقيات الإبراهيمية (٢٠٢٠)، كركيزتين أساسيتين في هذا التحول. فالعلاقة بين الخطوتين تتجاوز التتابع الزمني، لتكشف عن إعادة تعريف عميقة لمفاهيم السلام، الشرعية، والتحالفات الإقليمية.
الاعتراف بالجولان (٢٠١٩) – إنهاء المسار التفاوضي السوري
في آذار/مارس ٢٠١٩، وقّع الرئيس ترامب إعلاناً يعترف فيه بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، في سابقة تخالف الإجماع الدولي وقرارات مجلس الأمن، ولا سيما القرار ٤٩٧ لعام ١٩٨١ (٢). ويمكن قراءة هذا القرار من زوايا استراتيجية متعددة:
إسقاط مبدأ التفاوض على الأرض المحتلة: مثّل الاعتراف إعلاناً عملياً بأن الجولان لم يعد مطروحاً كورقة تفاوضية في أي مسار سوري–إسرائيلي مستقبلي، ما أنهى فعلياً أحد آخر مسارات «الأرض مقابل السلام» (٣). وقد منح ذلك إسرائيل هامشاً واسعاً لترسيخ سيطرتها طويلة الأمد على منطقة ذات أهمية عسكرية ومائية حاسمة.


تكريس منطق القوة على حساب القانون الدولي: جاء القرار استكمالاً لخطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مؤكداً استعداد واشنطن لتجاوز القانون الدولي عندما يتعارض مع رؤيتها الاستراتيجية. بهذا المعنى، تحوّل القانون الدولي من مرجعية مُلزِمة إلى أداة انتقائية.


رسالة سياسية إلى الإقليم: وجّه الاعتراف بالجولان إشارة واضحة إلى القوى الإقليمية، ولا سيما الدول العربية التي كانت تتحرك نحو تطبيع غير معلن مع إسرائيل، مفادها أن الولايات المتحدة قادرة على منح مكاسب سياسية كبرى مقابل إعادة التموضع الأمني والتحالفي (٤).


الاتفاقيات الإبراهيمية (٢٠٢٠) – تحالفات ما بعد القضية الفلسطينية
بعد نحو عام ونصف، أُعلنت الاتفاقيات الإبراهيمية، التي أسست لعلاقات دبلوماسية رسمية بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين، ثم السودان والمغرب. ورغم اختلاف دوافع كل دولة، فإن الإطار العام لهذه الاتفاقيات كان نتاج رؤية أمريكية متكاملة لإعادة هندسة الإقليم (٥).
إزاحة القضية الفلسطينية عن مركز الصراع: جسّدت الاتفاقيات مقاربة «من الخارج إلى الداخل»، حيث جرى تجاوز القضية الفلسطينية بوصفها شرطاً مسبقاً للتطبيع، وتحويلها إلى ملف مؤجل أو ثانوي (٦). وقد حلّ التهديد الإيراني المشترك محل فلسطين كأساس لبناء التحالفات.


بناء جبهة أمنية–اقتصادية إقليمية: لم تقتصر الاتفاقيات على التطبيع الدبلوماسي، بل فتحت المجال أمام تعاون أمني وتكنولوجي واقتصادي واسع، تُوّج بدمج إسرائيل في نطاق القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، ما عزز التنسيق العسكري والدفاعي في مواجهة إيران وحلفائها (٧).


مقايضة التطبيع بمكاسب سيادية: كما حصلت إسرائيل على اعترافات سياسية دون تنازلات إقليمية، حصلت بعض دول التطبيع على مكاسب مباشرة، مثل الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في تجسيد صريح لمنطق «السلام مقابل المكاسب».


الترابط الاستراتيجي – من أوسلو إلى عصر الصفقات
يشكل الاعتراف بالجولان والاتفاقيات الإبراهيمية معاً إعلاناً عملياً عن نهاية مرحلة أوسلو وبداية مرحلة جديدة تقوم على البراغماتية الصلبة:
شرعنة الأمر الواقع: مهّد الاعتراف بالجولان لتقبّل فكرة أن السيطرة على الأراضي بالقوة يمكن أن تتحول، مع الوقت والدعم السياسي، إلى سيادة معترف بها. هذا المنطق انعكس في الاتفاقيات الإبراهيمية، حيث لم تعد الأراضي المحتلة عائقاً أمام التطبيع.


إعادة تعريف السلام: لم يعد السلام نتاج تسوية تاريخية شاملة، بل نتيجة ترتيبات وظيفية تحقق مصالح أمنية واقتصادية آنية للأطراف المعنية (٤).


خريطة تحالفات جديدة: في الخريطة الإقليمية المستجدة، يتشكل محور يضم إسرائيل ودول الاتفاقيات الإبراهيمية، مدعوماً أمريكياً، في مواجهة محور تقوده إيران. هذا الاستقطاب يعيد صياغة مفهوم الأمن الإقليمي على أسس تحالفية لا تصالحية (١).


مدلولات أوسع و تداعيات مستقبلية
تتجاوز آثار هذه التحولات حدود الجولان والتطبيع، لتطال بنية النظام الإقليمي برمته:
تقويض مبدأ عدم جواز الاستيلاء بالقوة: يشكّل الاعتراف بالجولان سابقة خطيرة قد تُستخدم لتبرير تغييرات حدودية أخرى استناداً إلى موازين القوة لا إلى الشرعية الدولية.


تجميد الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي: أدى تهميش القضية الفلسطينية إلى إضعاف موقعها التفاوضي، وتحويل حلها إلى ملف مؤجل، ما ينذر بانفجارات دورية بدل تسوية مستدامة (٦).


استقرار هش مقابل استقطاب حاد: صحيح أن الاتفاقيات عززت التعاون الأمني بين أطرافها، لكنها في المقابل عمّقت الاستقطاب الإقليمي، وربطت الاستقرار بمنطق الردع والتحالفات، لا بمعالجة جذور الصراع.


خاتمة
يكشف الترابط بين الاعتراف الأمريكي بالجولان والاتفاقيات الإبراهيمية عن تحول بنيوي في مقاربة الشرق الأوسط: من البحث عن السلام عبر التسويات الإقليمية، إلى إدارة الصراع عبر التحالفات والصفقات. ورغم ما وفره هذا النموذج من مكاسب آنية لبعض الأطراف، فإنه يترك أسئلة جوهرية مفتوحة حول شرعية الحدود، ومستقبل الأراضي المحتلة، وإمكانية تحقيق سلام عادل ودائم، خصوصاً في ظل غياب حل حقيقي للقضية الفلسطينية.
المراجع
(١) الكتبي، ابتسام. (٢٠٢٢). دلالات الزخم الاستراتيجي الذي تكتسبه الاتفاقيات الإبراهيمية. مركز الإمارات للسياسات.
(٢) ماجد، زياد. (٢٠١٩). اعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان: نحو تصعيد جديد في المنطقة. مركز الجزيرة للدراسات.
(٣) العلي، سامي. (٢٠٢٥). ترامب يجدد اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.. رسائل سياسية تتجاوز التوقيت. الترا صوت.
(٤) كوشنير، جاريد. (٢٠٢٠). صفقة القرن: رؤية للسلام. مذكرات شخصية (مرجع يعكس الرؤية الأمريكية).
(٥) كارنيغي للسلام الدولي. (٢٠٢٥). الاتفاقيات الإبراهيمية بعد غزة: تغيير السياق.
(٦) مؤسسة الدراسات الفلسطينية. (٢٠٢٥). اتفاقيات أبراهام والنموذج الجديد للتطبيع: قراءة تحليلية.
(٧) مجلس الأطلسي. (٢٠٢٥). أهداف الاتفاقيات الإبراهيمية الثلاثة والتكامل الأمني الإقليمي.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الدولة القومية إلى المواطنة الشاملة: قراءة تحليلية في مشر ...
- هجوم البادية السورية: جيوبوليتيكا التصعيد وتداعياتها على الت ...
- «الدفاع الوطني المشروط»: كيف تعيد قسد صياغة دورها في سوريا؟ ...
- العزلة والشرعية: تحوّل المواقف الدولية في شمال سوريا
- قانون قيصر والمستقبل السياسي السوري: قراءة نقدية في الاشتراط ...
- موازين القوة الجديدة في شرق المتوسط: التشريع الأمريكي والقرا ...
- أوراق اللعب السورية: حاكم بذاكرة الأمس في مواجهة الجغرافيا ا ...
- بهچلي السلام ليس طائرًا بجناح واحد الجناح الثاني للطائر سيصن ...
- مظلوم عبدي ورسم معالم المرحلة المقبلة: قراءة سياسية–استراتيج ...
- أوجلان… من الكفاح المسلح إلى “عقد اجتماعي جديد”: قراءة تحليل ...
- إلهام أحمد تدعو إلى سلام شامل في سوريا: نقد للنظام المركزي و ...
- تركيا بين إرث الدولة الصلبة واستحقاق التعددية: نحو عقدٍ اجتم ...
- نحو تركيا اتحادية: بين الدولة المزدوجة وتحوّلات القرن الثاني ...
- تعثر اتفاق قسد ودمشق: تشابك المصالح واستعصاء الحلول في الأسا ...
- الفرهْوار: في الجذور الميدية–الكردية للرمز الزردشتي الأعلى
- لماذا يمثّل الكُرد الامتداد السكاني الأكثر قدماً في شمال الر ...
- العام الذي لم يكتمل
- الجزيرة في وثائق 1919: موقعها بين حدود سوريا التاريخية وسياس ...
- إعادة هندسة الإقليم عبر المقاربة الديمقراطية الكُردية: تحليل ...
- أوجلان… هندسة الوعي الجمعي وصياغة الجيل الكُردستاني الجديد


المزيد.....




- الولايات المتحدة تطارد ناقلة نفط كانت تقترب من فنزويلا
- مبكرا جدا ووحيدة.. فرنسا تستعد لمواجهة روسيا في ظل انسحاب أم ...
- أكسيوس: نتنياهو سيبحث توجيه ضربة لإيران خلال لقائه ترامب
- اليابان تستعد لإعادة تشغيل محطة فوكوشيما بعد 15 عاما من الكا ...
- -إرهاب نفسي-.. مادورو منتقدًا أمريكا بعد مصادرتها ناقلات نفط ...
- تفاؤل أميركي أوكراني بشأن محادثات ميامي وروسيا ترفض تعديل خط ...
- نيويورك تايمز: ترامب يرتقي بـ-الرئاسة الإمبراطورية- لمستوى ج ...
- بزعم -إلقائه حجرًا-.. مقتل مراهق برصاص الجيش الإسرائيلي في ا ...
- وزارة العدل الأميركية: سننشر كل المواد المتعلقة بترامب في مل ...
- افتتاح مبهر لكأس أفريقيا والمغرب يبدأ بانتصار على جزر القمر ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - كسر التابوهات الجيوسياسية: الجولان والاتفاقيات الإبراهيمية كمعادلة جديدة للشرق الأوسط