أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مروان فلو - العزلة والشرعية: تحوّل المواقف الدولية في شمال سوريا















المزيد.....

العزلة والشرعية: تحوّل المواقف الدولية في شمال سوريا


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 20:27
المحور: القضية الكردية
    


مقدمة
لم تعد “التسريبات” مجرد صدَفٍ إعلامية أو اختراقات لمجالس مغلقة، بل غدت إحدى أدوات الدبلوماسية القسرية الأكثر تأثيراً في إدارة الصراعات. وغالباً ما تحمل هذه التسريبات رسائل محسوبة تُوجَّه إلى أطراف محددة في التوقيت الذي يُراد له أن يُربك حساباتهم. وعلى هذه الأرضية، تأتي التسريبات الأخيرة المتعلقة بالملف السوري، التي عكست إرادة دولية لإعادة ضبط التموضع الإقليمي حول الإدارة الذاتية شمال وشرق سوريا، و للجم الطموحات التركية التي باتت تشكل عبئاً على التوازنات الدولية.
تتغذى الحساسية التركية من هاجس تاريخي-ديمغرافي مرتبط بالخشية من تبلور كيان كُردي على حدودها. وتلك خشية ترتبط – بحسب تقديرات سياسية غير رسمية – بنسب كُردية مرتفعة داخل تركيا نفسها، في دولة متعددة القوميات تُحاول التمسك بمركزية قومية صارمة. من هنا تكتسب التسريبات بعداً يتجاوز الخبر الإعلامي نحو “رسالة ردع” موجّهة لأنقرة.

أولاً: انتقال غربي من الدعم التكتيكي إلى الشراكة المستقرة
ما تكشفه مصادر الاجتماعات المغلقة يشير إلى تحوّل لافت في المقاربة الغربية تجاه الإدارة الذاتية. فالاعتراف بها لم يعد محصوراً في دورها العسكري بمواجهة “داعش”، بل بات يُنظر إليها كركنٍ لا يمكن تجاوزه في معادلة الاستقرار الإقليمي.
ويرتكز هذا التحوّل على ركيزتين واضحتين:
ترسيخ اللامركزية ونفي الانفصال:
باتت الدبلوماسية الأوروبية والأمريكية مقتنعة بأن مطالب الكُرد في سوريا لا تتجه نحو الدولة المستقلة، بل نحو نموذج حكم ذاتي داخل الدولة السورية. هذا الفهم يفرغ السردية التركية – التي تربط الإدارة بالإرهاب والانفصال – من مضمونها، ويمنح الإدارة الذاتية قدراً أعلى من الشرعية السياسية.


رفض الضغوط التركية:
فشل الوفد التركي في إقناع الأوروبيين بخفض مستوى الدعم لقوات سوريا الديمقراطية أو تفكيك بنيتها. الموقف الفرنسي كان أكثر وضوحاً: حماية الهيكل السياسي والعسكري للإدارة الذاتية بات خياراً أمنياً، وليس مجرد موقف سياسي عابر. وقد رأت أنقرة في ذلك “نهجاً إقصائياً”، في مؤشر على ازدياد الهوة بينها وبين العواصم الغربية.



ثانياً: تقاطع أمريكي–روسي يحاصر أنقرة
على الرغم من التنافس الجيوسياسي بين واشنطن وموسكو، إلا أن الملف السوري يشهد لحظة نادرة تتقاطع فيها مصالحهما في نقطة واحدة: الحد من التمدد التركي.
الولايات المتحدة وخطوطها الحمراء:
عبّرت واشنطن بوضوح عن رفضها أي هجوم تركي أو من جانب دمشق على مناطق الإدارة الذاتية، معتبرة أية هزّة في بنية “قسد” خطراً مباشراً على الحرب ضد داعش.


روسيا والبراغماتية الحذرة:
على الرغم من تنسيقها المستمر مع أنقرة، إلا أن موسكو تدرك أن أي عملية عسكرية تركية واسعة قد تُربك معادلات النفوذ التي أرستها في سوريا. لذلك تواصل إرسال رسائل تهدئة تُقيّد هامش الحركة التركية.


هذه التقاطعات وضعت أنقرة في حالة عزلة دبلوماسية غير مسبوقة، بعدما كانت لاعباً يصعب تجاوزه في السنوات الأولى من النزاع.

ثالثاً: مأزق المركزية في دمشق
في المقابل، تكشف التسريبات عن فجوة واسعة بين طموحات السلطة في دمشق والوقائع على الأرض. ورغم التقارب التكتيكي مع أنقرة، إلا أن دمشق ما تزال متمسكة بمقاربات مركزية لا تنسجم مع المسار الدولي نحو اللامركزية.
ومن بين هذه الطروحات:
دمج مقاتلي قسد كأفراد في الجيش النظامي.
استعادة كامل الملفات السيادية دون عملية سياسية جدية.
لكن الواقع المؤسسي للإدارة الذاتية – بٕرافقها السياسية والعسكرية والإدارية – بات أكبر من أن يُختزل في “مصالحات فردية” أو يُعاد إنتاجه ضمن مركزية الدولة القديمة.

رابعاً: المتغير الإسرائيلي في الجنوب السوري
تضيف التسريبات بعداً جديداً عبر الحديث عن سعي إسرائيلي إلى تثبيت نقاط ارتكاز دائمة في الجنوب السوري للحد من النفوذ الإيراني، وربما للحد أيضاً من التأثير التركي غير المباشر. هذا التطور يزيد من تعقيد المشهد السوري ويؤكد أن تحركات أنقرة في الشمال ليست بمعزل عما يجري في الأطراف الأخرى من البلاد.

خاتمة: اللامركزية كأمر واقع لا يمكن التراجع عنه
تجمع المؤشرات كلها على أن مسار الحكم في سوريا يتجه نحو صيغة لا مركزية، مهما طال الجدل حول شكلها وحدودها. ويمكن تلخيص الدروس الاستراتيجية للتسريبات في نقطتين رئيسيتين:
استحالة إقصاء الإدارة الذاتية:
فقد أثبتت قوتها السياسية والعسكرية والاجتماعية أنها طرف لا يمكن تجاوزه، ولا يمكن إزالته بقرار عسكري، سواء من دمشق أو أنقرة.


تراجع جدوى القوة الصلبة:
الإجماع الدولي على منع التصعيد العسكري – أمريكياً وروسياً وأوروبياً – أطفأ جذوة الطموحات التركية للتوسع شمالاً.


هكذا تبدو سوريا مقبلة على شكل جديد من الدولة، دولة تُسقِط مركزيتها القديمة، وتعترف بإدارة ذاتية أصبحت بالفعل جزءاً من معادلة الاستقرار الإقليمي، مهما حاولت أنقرة أو دمشق الالتفاف على هذه الحقيقة.
+++++++++++++++++&&&
المراجع والهوامش
(1) Jervis, R. (1976). Perception and Misperception in International Politics. Princeton University Press.
(2) إشارة إلى الإحصاءات التقديرية الديمغرافية التي وردت في سياق النص الأصلي حول المخاوف التركية الداخلية.
(3) تقارير دبلوماسية مسربة حول اجتماعات التحالف الدولي والملف السوري (2024).
(4) المصدر السابق، انظر أيضاً: مواقف الخارجية الفرنسية والبريطانية حول مستقبل شمال شرق سوريا.
(5) محاضر اجتماعات مغلقة حول الأزمة السورية، كما وردت في المصادر الخاصة للتقرير.
(6) بيانات وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية حول العمليات في شمال سوريا (2023–2024).
(7) مركز الدراسات الاستراتيجية الروسية، تقديرات موقف حول العلاقات التركية-الروسية في سوريا.
(8) تقارير مجموعة الأزمات الدولية حول تعثر الحوار بين الإدارة الذاتية ودمشق.
(9) تسريبات مصادر دبلوماسية روسية حول التحركات الإسرائيلية في الجنوب السوري (2024).
(10) خلاصات تحليلية لمراكز أبحاث غربية حول مستقبل الحكم في سوريا (معهد واشنطن، تشاتام هاوس).



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون قيصر والمستقبل السياسي السوري: قراءة نقدية في الاشتراط ...
- موازين القوة الجديدة في شرق المتوسط: التشريع الأمريكي والقرا ...
- أوراق اللعب السورية: حاكم بذاكرة الأمس في مواجهة الجغرافيا ا ...
- بهچلي السلام ليس طائرًا بجناح واحد الجناح الثاني للطائر سيصن ...
- مظلوم عبدي ورسم معالم المرحلة المقبلة: قراءة سياسية–استراتيج ...
- أوجلان… من الكفاح المسلح إلى “عقد اجتماعي جديد”: قراءة تحليل ...
- إلهام أحمد تدعو إلى سلام شامل في سوريا: نقد للنظام المركزي و ...
- تركيا بين إرث الدولة الصلبة واستحقاق التعددية: نحو عقدٍ اجتم ...
- نحو تركيا اتحادية: بين الدولة المزدوجة وتحوّلات القرن الثاني ...
- تعثر اتفاق قسد ودمشق: تشابك المصالح واستعصاء الحلول في الأسا ...
- الفرهْوار: في الجذور الميدية–الكردية للرمز الزردشتي الأعلى
- لماذا يمثّل الكُرد الامتداد السكاني الأكثر قدماً في شمال الر ...
- العام الذي لم يكتمل
- الجزيرة في وثائق 1919: موقعها بين حدود سوريا التاريخية وسياس ...
- إعادة هندسة الإقليم عبر المقاربة الديمقراطية الكُردية: تحليل ...
- أوجلان… هندسة الوعي الجمعي وصياغة الجيل الكُردستاني الجديد
- زيارة اللجنة البرلمانية التركية إلى جزيرة إمرالي: الدلالات ا ...
- تعليم اللغة الكُردية في باكور (شمال كردستان/تركيا): بين القي ...
- الطائفية السياسية في الساحل السوري – قراءة في صراع السلطة وا ...
- مظلوم عبدي والدستور السوري الجديد: رؤية شاملة لحقوق المكونات


المزيد.....




- منها السعودية ومصر.. بيان من 8 دول حول -الأونروا- وأهميتها ل ...
- غزة تغرق في مأساة جديدة.. المنخفض الجوي يفتك بخيام النازحين ...
- الأمم المتحدة: التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية ...
- الأمم المتحدة: تزايد عمليات التهجير الإسرائيلية للفلسطينيين ...
- المنخفض الجوي يضاعف محنة النازحين بمخيمات غزة
- جوتيريش والصفدي يبحثان دعم الأونروا في ظل الكارثة الإنسانية ...
- تهديدات بريطانية وأمريكية للمحكمة الجنائية الدولية بسبب مذكر ...
- الأردن والأمم المتحدة يبحثان دعم الأونروا في ظل الكارثة الإن ...
- تعيين الرئيس العراقي السابق برهم صالح على رأس المفوضية السام ...
- تنديد عربي وإسلامي بهجوم إسرائيل على -الأونروا-


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مروان فلو - العزلة والشرعية: تحوّل المواقف الدولية في شمال سوريا