أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - الطائفية السياسية في الساحل السوري – قراءة في صراع السلطة والهوية بعد سقوط النظام















المزيد.....

الطائفية السياسية في الساحل السوري – قراءة في صراع السلطة والهوية بعد سقوط النظام


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 16:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ا1. مقدّمة
يشهد الساحل السوري اليوم — حيث يتركز الوجود الاجتماعي للعلويين — واحدة من أكثر المراحل توترًا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. الانفجار الشعبي والاحتجاجات والاعتصامات ليست حدثًا معزولًا، بل نتيجة تراكمات سياسية وطائفية، تتقاطع فيها مخاوف وجودية لدى المجتمع العلوي مع ممارسات حكومة دمشق المؤقتة، التي اتُّهمت بفشل واضح في حماية المدنيين واتخاذ إجراءات ذات طابع انتقامي ضد منطقة تُصنّفها السلطة الجديدة على أنها “معقل للنظام السابق”.
السوأل الكبير هل ما يجري تمردًا سياسيًا تقليديًا؟ أم أزمة طائفية تُغذّيها ممارسات الحكومة الانتقالية والفصائل التي تتبع لها؟

2. الخلفية: من دولة أمنية إلى سلطة انتقالية بطابع تمييزي
بعد عقود من حكم الأسد، تداخلت الهوية الطائفية بالسلطة السياسية والأمنية. ومع سقوط النظام، لم تنجح حكومة دمشق المؤقتة في تبنّي نموذج وطني جامع، بل ظهرت بوادر خطاب وممارسة تميل إلى “شيطنة الساحل”، وتصويره ككتلة واحدة تابعة للنظام السابق، وهو ما شكّل شرارة حساسية طائفية جديدة.
الفصائل المسلحة التي تعمل تحت مظلة ما تسمّيه الحكومة بـ“الجيش العربي السوري” ليست مؤسسة وطنية موحدة، بل خليط من جماعات محلية وغير محلية ذات انتماء طائفي واضح، بعضها مارس انتهاكات خطيرة في الساحل تحت غطاء “العمليات الأمنية” (١).

3. أسباب الاحتجاجات والانتفاضات في الساحل
أ. الطابع الطائفي للممارسات الأمنية
التقارير الحقوقية تؤكد أن العمليات الأمنية التي نفذتها القوات التابعة لحكومة دمشق المؤقتة حملت طابعًا تمييزيًا واضحًا يستهدف المدنيين بناءً على الهوية الطائفية، وليس بناءً على أي تهديد عسكري مباشر.
تقول منظمة العفو الدولية إن منفذي بعض المجازر في الساحل سألوا الضحايا مباشرة: “هل أنت علوي؟” قبل قتلهم (٢).
هيومن رايتس ووتش وصفت ما حدث بأنه “استهداف جماعي للمدنيين العلويين بذريعة ملاحقة مهاجمين مجهولين” (٣) وهو شيئ مشابه تماماً لما حدث لطائفة الموحدون الدروز أيضاً.
ب. خوف المجتمع العلوي من سلطة جديدة لا تعترف به
العلويون لم يعودوا يشعرون أنهم جزء من هوية الدولة الجديدة، بل أصبحوا يُنظر إليهم ضمن خطاب السلطة كـ“كتلة خصم”.
هذا الشعور بالإقصاء، مترافقًا مع حملات إعلامية تحمّل الساحل مسؤولية النظام السابق، خلق حالة من الخوف الوجودي، وبعد ما حدث من أعمال إجرامية في مدينة حمص على يد بدو مدعومين من سلطة دمشق، التي يقطنها علويين ايضاً دفعت السكان إلى الاعتصام والمطالبة بالحماية قبل المطالبة بالخدمات السياسية أو الاقتصادية.
ج. انهيار مؤسسات الحماية الرسمية
رغم إعلان الحكومة المؤقتة عن “لجان تحقيق” و“ضبط أمني”، فإنها لم تتمكن — أو لم ترغب — في منع الفصائل التابعة لها من ارتكاب الانتهاكات.
منظمات حقوقية انتقدت غياب الشفافية، ووصفت بعض اللجان بأنها “غطاء سياسي لطمس الحقائق” (٤).
د. غياب مشروع دولة جامع
بدلًا من صياغة مشروع وطني يدمج جميع مكونات الشعب، لجأت السلطة الانتقالية إلى خطاب مناطقي وطائفي، ما جعل الساحل يشعر أنه يُعاقَب لأنه لم يُصفّق للتغيير السياسي، أو لأنه ارتبط تاريخيًا بالنظام السابق.

4. تداعيات الانتهاكات والطائفية في الساحل
ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين وفق منظمات دولية تحدّثت عن مئات القتلى خلال أشهر قليلة (٥).
موجات نزوح واسعة من قرى علويّة نحو مناطق أكثر أمنًا، أو نحو مناطق ريفية داخلية، خوفًا من تكرار المجازر (٦).
تفكك اجتماعي عميق بين الساحل والمركز السياسي في دمشق، وتراجع الثقة بين المكونات السورية.
احتمالات تشكل “منطقة حماية ذاتية” في الساحل، إذا فقد السكان ثقتهم بالكامل بالدولة المركزية.
تعميق الصراع الطائفي وجرّ البلاد إلى نموذج صدام أهلي مستمر، يشبه ما حدث في مراحل سابقة من تاريخ المنطقة.

5. الفاعلون واستراتيجياتهم
أ. حكومة دمشق المؤقتة
تميل في خطابها وممارساتها الأمنية إلى استخدام “الهوية الطائفية” معيارًا للضبط الأمني، وتتعامل مع الساحل كوحدة سياسية معارضة لإعادة هيكلة الدولة، بدل التعامل مع السكان كمواطنين (٢)(٣).
ب. الفصائل المسلحة التابعة للحكومة
العديد من هذه الفصائل تُنَفّذ عمليات منفردة تحت أسماء مثل “قوات مكافحة الإرهاب” أو “قوات الأمن الوطني”، لكنها فعليًا تنتمي إلى هويات طائفية ومناطقية ضيقة، وتتحرك خارج الضوابط القانونية (٤).
ج. المجتمع العلوي
يتحرّك اليوم بدافع الخوف الوجودي أكثر من أي دافع سياسي، ويحاول عبر الاعتصامات والاحتجاجات إيصال رسالة: “نريد حماية، لا نريد صدامًا”.
د. المنظمات الدولية
تضغط باتجاه تحقيقات مستقلة حول “مجازر الساحل” ووقف الانتهاكات، وتعتبر أن ما يجري يمكن أن يصل إلى مستوى “جرائم حرب” (٢)(٣)(٥).

6. السيناريوهات المستقبلية
السيناريو الأول: تصاعد الصدام الطائفي
إذا استمرت الحكومة المؤقتة في مقاربة الساحل عبر “الأمن الطائفي”، فستتجه الأمور نحو عنف أشد، وربما تشكيل مقاومة محلية منظّمة.
السيناريو الثاني: مصالحة مشروطة بضمانات
قد تضطر السلطة الانتقالية، تحت ضغط دولي، إلى تقديم ضمانات أمنية للسكان العلويين ووقف عمليات الفصائل.
السيناريو الثالث: تدخل دولي أعمق
في حال توسّعت الانتهاكات، ستتدخل لجان أكثر صرامة، وربما آليات عقوبات أو رقابة دولية.
السيناريو الرابع: انحسار التوتر
إذا أُجبرت الفصائل التابعة للحكومة على الالتزام بالقانون، وإذا شُكّلت لجان تحقيق محايدة، قد يبدأ الساحل باستعادة الثقة تدريجيًا.

7. خاتمة
ما يجري في الساحل السوري اليوم ليس نتيجة ماضٍ سياسي فقط، بل انعكاس مباشر لسياسات طائفية تمارسها حكومة انتقالية لم تستطع تجاوز منطق “الكسب والانتقام”.
إن بناء دولة سورية جديدة يتطلب:
احترامًا صارمًا لحقوق الإنسان،
محاسبة واضحة،
وقفًا كاملًا لانتهاكات الفصائل،
واعترافًا حقيقيًا بأن الساحل جزء لا يتجزأ من سوريا، وليس خصمًا لها.
بدون ذلك، ستبقى البلاد في دائرة الصدام، وسيبقى الساحل نقطة اشتعال دائمة تهدد مستقبل الدولة.
++++++++++++++++++++++&&&
المراجع
(١) تقارير هيومن رايتس ووتش حول العمليات الأمنية في الساحل – HRW 2025
(٢) منظمة العفو الدولية – تقرير المجازر الطائفية في بانياس والساحل – Amnesty International 2025
(٣) Human Rights Watch – “Syria: End Coastal Killing Spree” – تقرير 2025
(٤) SyriacPress – تقرير حول غياب الشفافية في لجان التحقيق – 2025
(٥) DW – تحقيق صحفي حول أعداد الضحايا في الساحل – 2025
(٦) ليموند – تقرير عن نزوح عائلات علويّة من القرى الساحلية – 2025



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مظلوم عبدي والدستور السوري الجديد: رؤية شاملة لحقوق المكونات
- الدستور السوري الجديد ورؤية الإدارة الذاتية: قراءة في مطالب ...
- تداعيات تصريحات القائد العام لقسد مظلوم عبدي حول مستقبل المف ...
- من الدولة الكمالية إلى الدولة التعددية: تحليل بنيوي لموقع أو ...
- تحوّل الدولة التركية نحو مقاربة تفاوضية: قراءة في إصرار دولت ...
- تحوّل المزاج الدولي تجاه قوات سوريا الديمقراطية ودلالاته على ...
- منتدى دهوك وتحولات المشهد الكُردي السوري: قراءة تحليلية في ...
- ماذا حصل في منتدى دهوك «السلام والأمن في الشرق الأوسط» (MEPS ...
- سلام هشّ وتوافق مشروط: قسد ودمشق بين شفا الدمج والتوتر
- مظلوم عبدي و الهام أحمد في باشور كُردستان: رؤى جديدة لمستقبل ...
- بين قومية بهجلي وسلطة أوجلان: هل يتجه خطاب MHP إلى تسوية كرد ...
- القرار 2799 تحت المجهر: دعوة أممية لإعادة التوازن السياسي و ...
- اغتيال العقيد سامي الحنّاوي ودور هرشو البرازي ضمن التفاعلات ...
- الشرق، الجنوب، والأقليات: خريطة دمشق في مرمى الرقابة الأميرك ...
- كُردستان بين الخرائط والوثائق: الجذور التاريخية والجغرافية و ...
- اتجاه نحو الاندماج أم مجرد ورقة تبادل؟ تقييم اتفاق ‎Syrian D ...
- حريق سينما عامودا (سينما شهرزاد) – مأساة 13 تشرين الثاني 196 ...
- تحليل: ما وراء تحذير ترامب لهاكان فيدان في اجتماع الشارقة
- الديانة الإيزيدية وامتداداتها التاريخية والجغرافية: دراسة في ...
- من زنزانة إمرالي إلى أفق السلام: لماذا حرية أوجلان تعني حرية ...


المزيد.....




- عائلة تنجو بأعجوبة من غرق قاربها لمدة 20 ساعة.. ماذا فعلت؟
- مصر.. عمر خيرت يطمئن جمهوره ويعلن عن حفله الأول بعد تعافيه
- فيديو مرعب لثعبان ضخم يسبح عبر مياه الفيضانات في تايلاند
- الفيضانات تهدد حياة سكان غزة.. إسرائيل تعلن إطلاق عملية عسكر ...
- من -مكافحة الإرهاب- إلى تغيير الجغرافيا: العملية الإسرائيلية ...
- ميرتس: أوروبا -ليست بيدقا- ولا اتفاق -بدون موافقة- أوكرانيا ...
- الاستبدادُ والإرادةُ والأخلاقُ
- ويتكوف سيزور موسكو للقاء بوتين بشأن خطة السلام الأمريكية لأو ...
- بالخريطة التفاعلية.. أبرز التطورات للعملية العسكرية الإسرائي ...
- ساعة جيب ذهبية لأحد ضحايا سفينة -تيتانيك- تُباع بسعر قياسي ف ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - الطائفية السياسية في الساحل السوري – قراءة في صراع السلطة والهوية بعد سقوط النظام