تحوّل المزاج الدولي تجاه قوات سوريا الديمقراطية ودلالاته على مستقبل الحل في سوريا

مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 18:50
المحور: القضية الكردية
    

تشير التطورات السياسية الأخيرة، سواء في منتدى دهوك للحوار أو في اللقاءات الدبلوماسية المتكررة لقادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلى تغيّر واضح في الموقف الدولي—وخاصة الأمريكي—تجاه مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا. هذا التحوّل لا يأتي بمعزل عن السياق الميداني والسياسي، بل يعكس قناعة متزايدة بأن قسد أصبحت قوة لا يمكن تجاوزها في أي عملية سياسية شاملة (١).
قسد كقوة منضبطة وشريك موثوق
من بين أبرز النقاط التي كشفتها تصريحات ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن، السيدة سينم محمد، تأكيدها أن واشنطن ترى في قسد قوة منضبطة وذات تدريب عالٍ، ولعبت دوراً محورياً في دحر الإرهاب وحماية استقرار المنطقة (٢). هذه الشهادة ليست جديدة، بل تتكرر في مواقف أعضاء في الكونغرس، وهي تعزّز شرعية قسد كشريك أساسي في ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب، ما يمنحها وزناً تفاوضياً أكبر في ملف مستقبل سوريا.
تبنّي واشنطن لفكرة اللامركزية… تحوّل في الرؤية وليس تكتيكاً مؤقتاً
أحد أهم التحولات التي حملتها التصريحات هو أن الولايات المتحدة لا ترفض قيام نظام لا مركزي، بل تعتبره خياراً ممكناً وعملياً لمستقبل سوريا (٣). هذا الموقف يتقاطع مع رؤية قسد وجميع مكونات شمال وشرق سوريا التي تعتبر اللامركزية الضمان الوحيد لحقوق الكورد والعرب والسريان والعلويين والدروز، خاصة بعد سنوات من الصراع والانقسام.
إن تقبّل واشنطن لهذه الفكرة لا يُفهم فقط كدعم سياسي، بل كاعتراف بضرورة إصلاح بنية الدولة السورية على أسس جديدة تمنع تكرار سياسات الإقصاء والتهميش.
مفاوضات دمشق–قسد: مرحلة جديدة تقوم على الندية وليس الإملاء
تؤكد المعلومات التي طرحتها سينم محمد أن الحوار بين قسد ودمشق وصل إلى قناعة مشتركة مفادها أن قسد لا يمكن تقسيمها أو تفكيكها، وأن البحث يجري حول كيفية دمجها ضمن مؤسسات الدولة مع الحفاظ على بنيتها وتنظيمها (٤).
هذه النقطة مفصلية؛ فهي المرة الأولى التي يتم فيها طرح مسألة الدمج من موقع القوة، وليس من موقع الدفاع. كما تشير إلى اعتراف ضمني من دمشق بأن قسد أصبحت واقعاً سياسياً وعسكرياً لا يمكن تجاهله.
دور الكونغرس الأمريكي: متابعة دقيقة وليس مجرد دعم رمزي
تقول سينم محمد إن أعضاء الكونغرس يتابعون عن كثب مجريات الحوار بين قسد ودمشق، ويسألون باستمرار عن تقدّم المفاوضات (٥). هذا يعني أن الملف لم يعد أمنيّاً فقط، بل تحوّل إلى قضية سياسية تُناقش داخل المؤسسات التشريعية الأمريكية، مما يمنحها بعداً استراتيجياً طويل المدى.
رفع العقوبات وقانون قيصر: ورقة ضغط لحماية المكونات
ربط واشنطن بين رفع العقوبات وملف حقوق الإنسان وحماية الأقليات يعكس رغبة أمريكية في ضمان حلول سياسية لا تُعيد إنتاج النظام المركزي القمعي السابق (٦). هذه المقاربة تمثل فرصة مهمة لقسد، لأنها تضع معياراً واضحاً لدمشق: أي تغيير سياسي يجب أن يضمن حقوق مختلف المكونات، وليس مجرد ترتيبات شكلية.
وحدات حماية المرأة YPJ: خط أحمر في أي تسوية
إشارة السيدة سينم محمد إلى أن وحدات حماية المرأة لن تُحل، وأنها ستبقى وحدة خاصة ضمن منظومة الدفاع في شمال وشرق سوريا، تحمل دلالة سياسية ورمزية عميقة (٧). فالـYPJ أصبحت رمزاً دولياً لمقاومة الإرهاب وتمكين المرأة، ولذلك فإن الحفاظ عليها يؤكد تمسّك الإدارة الذاتية بمبادئها الأساسية وليس فقط بهيكلها العسكري.
منتدى دهوك… تحوّل المزاج الإقليمي تجاه المشروع الكوردي–السوري
أظهر منتدى دهوك الأخير زخماً سياسياً واضحاً للقيادة الكوردية في سوريا، التي بدت أكثر ثقة وقوة في طرح رؤيتها للحل. هذا يعكس تغيّر المناخ الدولي والإقليمي، حيث باتت فكرة اللامركزية والحكم المحلي المنظم تُناقش بوصفها خياراً واقعياً وليس طموحاً نظرياً (٨).
خلاصة: نحو مرحلة سياسية جديدة
من الواضح أن المشهد السوري يدخل مرحلة جديدة، عنوانها:
الاعتراف الدولي المتزايد بقسد شريكاً أساسياً في مستقبل البلاد، والدفع نحو حلّ سياسي قائم على اللامركزية وتوزيع السلطة.
هذا التحول يعطي زخماً كبيراً لقضية الإدارة الذاتية، ويضع أسساً سياسية أفضل لضمان استقرار شمال وشرق سوريا، وحماية حقوق جميع المكونات، وتجاوز عقود من التهميش الذي عانت منه المنطقة.

المراجع
١. تصريحات ومناقشات منتدى دهوك حول مستقبل الحل في سوريا ودور قسد.
٢. تصريحات سينم محمد حول تقييم واشنطن لقسد كشريك موثوق.
٣. الموقف الأمريكي من اللامركزية كما ورد في لقاءات ممثلي الإدارة الذاتية.
٤. تفاصيل المحادثات بين قسد ودمشق حول مسألة الدمج وبقاء القوات منظمة.
٥. متابعة الكونغرس الأمريكي لملف المفاوضات ودعم قسد.
٦. ربط قانون قيصر ورفع العقوبات بتحسين حقوق الإنسان وحماية الأقليات.
٧. تأكيد بقاء وحدات حماية المرأة YPJ ضمن منظومة الأمن والدفاع.
٨. مخرجات منتدى دهوك ودلالاتها على التطور في الموقف الإقليمي والدولي.

#مروان_فلو (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل