الدستور السوري الجديد ورؤية الإدارة الذاتية: قراءة في مطالب مظلوم عبدي وآفاق التغيير

مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8537 - 2025 / 11 / 25 - 15:57
المحور: القضية الكردية
    

مع استمرار تعثّر العملية السياسية السورية، تبرز رؤية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية (SDF) كأحد المشاريع السياسية الأكثر وضوحاً على الساحة السورية. وفي هذا الإطار، تتحول تصريحات الجنرال مظلوم عبدي إلى مرجع رئيسي لفهم الشكل الذي تطمح به هذه الإدارة للدستور السوري القادم، وخاصة دعوته لتشكيل دولة لا تُقصي مكوناتها، بل تبني عقداً اجتماعياً جديداً أكثر شمولاً (١).

الهوية الدستورية للكُرد والمكوّنات: من الهامش إلى الاعتراف
يؤكد مظلوم عبدي أن أي دستور جديد لسوريا يجب أن يُنهي بشكل قاطع مرحلة الإقصاء، سواء للكُرد أو العرب أو السريان أو باقي المكونات التي تعيش في شمال وشرق سوريا (١).
ويقترح عبدي أن يتم تضمين الهوية القومية الكُردية بشكل صريح ضمن الوثيقة الدستورية، بما يشمل:
الاعتراف باللغة الكُردية كلغة رسمية محلية إلى جانب العربية،
حماية الحقوق الثقافية،
وإتاحة التعليم والإعلام باللغة الكُردية.
هذا الطرح لا ينفصل عن تجربة العقد الاجتماعي التي تبنّتها الإدارة الذاتية، إذ يرى عبدي أن هذا النموذج يمكن تطويره ليصبح جزءاً من الدستور السوري الأوسع، لا أن يبقى نموذجاً محلياً منفصلاً (٢).

اللامركزية السياسية… محور الرؤية
النقطة المركزية في رؤية الإدارة الذاتية هي الانتقال من الدولة المركزية الشديدة إلى لامركزية ديمقراطية تؤمن توزيعاً للسلطات بين الحكومة المركزية والإدارات المحلية (٣).
اللامركزية وفق تصور عبدي تعني:
تمكين المجالس المحلية من إدارة ملفات التعليم، الصحة، الأمن الداخلي، والاقتصاد.
منح الإدارات الذاتية القدرة على صياغة قوانين محلية بما لا يتعارض مع الدستور.
عدم احتكار دمشق للسلطة أو الموارد.
هذه الرؤية ليست مجرد مطلب سياسي كُردي، بل تُطرح بوصفها حلاً وطنياً يمنع عودة الاستبداد ويخفف الاحتقان الطائفي والقومي في البلاد.

دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن منظومة الدولة
يشدد عبدي على ضرورة أن يتم الاعتراف الرسمي بـ قوات سوريا الديمقراطية كقوة وطنية شرعية تشكل جزءاً من هيكلية الدفاع السورية (٢).
ووفق الرؤية المطروحة:
تحتفظ قسد (SDF) بمهام الأمن والدفاع في مناطق شمال وشرق سوريا،
بينما تُنسّق مع الجيش السوري في ملفات الأمن القومي والحدود،
وذلك ضمن عقيدة عسكرية جديدة تعترف بتعددية المجتمع السوري، لا بعقيدة مركزية أحادية.
هذا الطرح يمثل واحداً من أعقد الملفات، لأنه يعيد تعريف بنية الجيش السوري نفسه.

التفاوض مع دمشق: بين الممكن والضروري
رغم التباين الكبير بين رؤية الإدارة الذاتية وموقف الحكومة السورية، يكرر عبدي أن الحوار مع دمشق هو الخيار الوحيد لتجنب مواجهة عسكرية جديدة.
لكن المشكلة ليست في التفاوض بحد ذاته، بل في:
غياب إرادة سياسية حقيقية لدى دمشق للاعتراف باللامركزية،
خشية الإدارة الذاتية من فقدان المكاسب التي تحققت منذ 2012،
تعقّد الموقف الإقليمي والدولي، خاصة مع تركيا والولايات المتحدة وروسيا.
لذلك، يرى مراقبون أن أي دستور جديد سيكون محصلة تسوية دولية – داخلية معقدة، لا مجرد تفاهم ثنائي.

هل يتشكل نموذج سوري جديد؟
تطرح الإدارة الذاتية رؤية دستورية تتجاوز المطالب الكُردية الضيقة لتشمل:
بناء دولة تشاركية،
تحييد السلطة المركزية،
الاعتراف بالتعدد القومي والديني،
وتحويل “سوريا المركزية” إلى “سوريا المجتمعات”.
وهذه الرؤية، بغض النظر عن حجم التوافق عليها، أصبحت رقماً صعباً في أي مباحثات سياسية مستقبلية.
++++++++++++++++++++&&&
المراجع
(١) تصريحات مظلوم عبدي حول دستور سوري جديد يضمن حقوق جميع المكونات – Hawar News.
(٢) مواقف عبدي بشأن دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن الدولة السورية – Kurdistan24.
(٣) طرح الإدارة الذاتية للامركزية الديمقراطية كأساس للدستور السوري – وثائق وبرامج الإدارة الذاتية.

#مروان_فلو (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل