تداعيات تصريحات القائد العام لقسد مظلوم عبدي حول مستقبل المفاوضات مع دمشق والعلاقات الإقليمية

مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 14:59
المحور: القضية الكردية
    

1. مقدمة
أدلى القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الجنرال مظلوم عبدي، بتصريحات مهمة أعادت ترتيب أولويات التفاوض بين قسد ودمشق، وربطت أي اتفاق شامل بضرورة تضمين حقوق الكُرد بوضوح في الدستور السوري القادم. كما تناول عبدي مستقبل العلاقات بين قسد وإقليم كُردستان العراق (باشور)، وتبرئته قسد من مسؤولية تعطّل اتفاق 10 آذار، إضافة إلى دعوته لر إشراك ممثلين عن الدروز والعلويين في العملية التفاوضية.
تسعى هذه المذكّرة إلى تحليل هذه التصريحات ضمن سياقاتها السياسية والأمنية والإقليمية، وتقييم آثارها المحتملة على مسار التسوية السورية.

2. السياق العام
2.1 اتفاق 10 آذار
مثّل اتفاق 10 آذار محطة بارزة في مسار الحوار بين قسد ودمشق، وقد تضمّن خطوطاً أولية لتنظيم العلاقة بين الجانبين في الملفات الأمنية والإدارية، مع وعود بمسار سياسي لاحق. إلا أن تنفيذ الاتفاق واجه عراقيل متكررة؛ ما خلق حالة من الاتهامات المتبادلة، وهي النقطة التي ردّ عليها الجنرال مظلوم عبدي بقوة مؤكداً التزام قسد.
2.2 الظرف السياسي السوري والإقليمي
تأتي التصريحات في وقت يشهد فيه المشهد السوري:
جموداً في العملية السياسية الأممية.
استمرار الضغوط الاقتصادية على الإدارة الذاتية وعموم سوريا.
تزايد القلق الإقليمي بشأن مآلات الوضع في شمال شرق سوريا.
محاولات دولية متجددة لتحريك ملفات الحل السياسي، خصوصاً عبر القنوات الأوروبية.
هذا السياق يمنح تصريحات عبدي أهمية إضافية بوصفها محاولة لإعادة وضع الملف الكُردي ضمن أولويات النقاش الوطني.

3. تحليل تصريحات مظلوم عبدي
3.1 شرط النص الدستوري: رفع الرهان السياسي
يمثل اشتراط النصّ الدستوري اعترافاً بأن:
أي ترتيبات أمنية أو إدارية دون أساس دستوري ستظل هشّة وعرضة للتقويض.
قسد لم تعد ترى نفسها طرفاً محلياً مؤقتاً، بل شريكاً في صياغة مستقبل سوريا السياسي.
هذا الشرط يرفع سقف التفاوض مع دمشق، ويدفع الملف إلى مستوى أعلى من المعالجة السياسية.
يضع هذا الشرط دمشق أمام معادلة جديدة: إما القبول بتسوية سياسية عميقة أو استمرار حالة "اللاحل".

3.2 العلاقات مع باشور كُردستان: إعادة تموضع استراتيجي
يشير حديث عبدي عن “بداية جديدة” إلى:
محاولة ردم الفجوة التي حدثت سابقاً بين قسد وحكومة إقليم كُردستان العراق.
إدراك أهمية العمق الاقتصادي والسياسي للإقليم بالنسبة لشمال شرق سوريا.
رغبة في التنسيق ضمن الإطار الكُردي – الكُردي، خصوصاً في ظل المتغيرات الإقليمية.
هذا التقارب قد يساعد على تقوية موقع قسد في المفاوضات ويؤسس لتفاهمات اقتصادية وسياسية أكثر استقراراً.

3.3 اتفاق 10 آذار وتحديد المسؤوليات
تصريحات عبدي بأن الدول الضامنة “تعلم تماماً” أن قسد ملتزمة بالاتفاق تحمل رسائل واضحة إلى:
الرأي العام الكُردي والسوري.
القوى الدولية.
الأطراف التي تعرقل التنفيذ.
هذه الرسائل تهدف إلى تثبيت مصداقية قسد وإبعادها عن مسؤولية التعطيل، وفي الوقت نفسه تحميل الطرف الآخر ضغطاً سياسياً.

3.4 توسيع الطاولة التفاوضية
دعوته لإشراك ممثلين عن الدروز والعلويين تحمل عدة دلالات:
محاولة تحويل التفاوض من مسار ثنائي إلى إطار وطني.
تقديم صورة لقسد كجهة حريصة على تمثيل المكونات لا الاحتكار.
محاولة خلق توازن و"حاضنة وطنية" لأي اتفاق مستقبلي، مما يصعّب على دمشق رفضه.
هذا التوسيع قد يساعد أيضاً في تقليل حساسية الطائفة العلوية تجاه أي تغييرات دستورية.

4. الأبعاد الإقليمية والدولية
4.1 الموقف التركي
لن تُرحّب أنقرة بأي تقارب كُردي–كُردي أو أي اعتراف دستوري بحقوق الكُرد داخل سوريا.
سيبقى هذا الملف حساساً، وقد يدفع تركيا إلى:
ضغط ميداني،
أو استثمار الملف في تفاوضاتها مع روسيا أو الولايات المتحدة.
4.2 الدور الأمريكي والأوروبي
يوضح عبدي أن القوى الغربية تتابع الاتفاق، ما يعني:
رغبة غربية في الحفاظ على استقرار شمال شرق سوريا.
إمكانية أن يكون للولايات المتحدة دور فعّال في ضمان تنفيذ التفاهمات.
4.3 دور روسيا
من جانب آخر، موسكو تُفضّل ترتيبات لا تؤدي لامركزية واسعة، لكنها تدفع نحو تفاهمات قابلة للتنفيذ بين الطرفين.

5. سيناريوهات مستقبلية
السيناريو الأول: تسوية تدريجية مع ضمانات دستورية
قبول دمشق بتعديلات أو نصوص دستورية تشمل اعترافاً بالحقوق.
دمج تدريجي لمؤسسات قسد ضمن الدولة مع ضمان اللامركزية.
دعم دولي لآليات التنفيذ.
النسبة المتوقعة: متوسطة
السيناريو الثاني: تفاهم أمني مع تأجيل سياسي
تنفيذ بنود عسكرية.
ترك الملف الدستوري مؤجلاً.
استمرار قسد كهيكل إداري شبه مستقل.
النسبة المتوقعة: مرتفعة
السيناريو الثالث: انهيار المسار وعودة التوتر
رفض دمشق للحقوق الدستورية.
ضغط إقليمي ضد قسد.
توتر ميداني أو انسداد سياسي.
النسبة المتوقعة: متوسطة

6. توصيات استراتيجية
تعزيز المسار الدستوري عبر طرح صيغة لامركزية مرنة قابلة للتوافق.
فتح قنوات اتصال مع المكوّنات السورية الأخرى لزيادة شرعية أي طرح سياسي.
تقوية التعاون مع باشور كمسار داعم لا يخلق حساسية إقليمية.
العمل مع الضامنين الدوليين لضمان وجود آليات تنفيذية واضحة لأي اتفاق.
الحفاظ على خطاب الاعتدال والاستعداد للحوار لكسب دعم داخلي وخارجي.

7. خاتمة
تصريحات مظلوم عبدي لا تعكس موقفاً سياسياً ظرفياً بل توجهاً إستراتيجياً جديداً يربط مستقبل مناطق شمال شرق سوريا بالمسار الدستوري الوطني. هذا التحول يفتح الباب أمام مرحلة جديدة تتطلب توازناً دقيقاً بين الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية لضمان الوصول إلى تسوية مستدامة.

#مروان_فلو (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل