أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مروان فلو - سعيد باشا شمدين: زعامة كُردية دمشقية وصناعة النفوذ في مجتمع الشام العثماني















المزيد.....

سعيد باشا شمدين: زعامة كُردية دمشقية وصناعة النفوذ في مجتمع الشام العثماني


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8570 - 2025 / 12 / 28 - 14:51
المحور: القضية الكردية
    


سعيد باشا شمدين: زعامة كُردية دمشقية وصناعة النفوذ في مجتمع الشام العثمانيالصورة مأخوذة من المجلد- دمشق 1899محتويات المجلد رقم 2 البارون ماكس فون اوبنهايم/ معهد الآثار الألماني/ جامعة كولن المانيا
إعداد مروان فلو- 28/12/2025
يمثّل سعيد باشا شمدين الكُردي الدقوري (1837–1900م) واحداً من أبرز رموز النخبة الكردية الدمشقية في العصر العثماني المتأخر، ونموذجاً فريداً لاندماج الزعامة العشائرية بالكفاءة الإدارية والسياسية داخل بنية المجتمع الشامي. فقد جمع بين عمق الانتماء القبلي، وحنكة رجل الدولة، ومكانة اجتماعية جعلته ركناً أساسياً في تاريخ دمشق الحديث (1).

أولاً: الأصل الكُردي وتشكّل الوجاهة الدمشقية
ينحدر سعيد باشا من قبيلة الدقورية الكُردية، إحدى كبريات القبائل التي استوطنت دمشق منذ القرن الثامن عشر، ولا سيما في حي الأكراد (ركن الدين.) وكان والده، شمدين آغا، من كبار تجّار الأغنام القادمين من شمال الجزيرة السورية، وقد لعب دوراً محورياً في توريد المواشي للجيش العثماني، مما وفّر للعائلة ثروة مبكرة ومكانة اقتصادية معتبرة (2).
نشأ سعيد باشا في بيئة دمشقية أرستقراطية، وأُرسل إلى إسطنبول حيث تلقّى تعليماً رفيعاً مكّنه من إتقان اللغات وأساليب الإدارة العثمانية، قبل أن يعود إلى دمشق مزوّداً بخبرة سياسية جعلته مؤهلاً لتولي مناصب عليا في الدولة (3).

ثانياً: الصعود الإداري والدور السياسي
تدرّج سعيد باشا في السلم الإداري العثماني، وتولّى مناصب بالغة الأهمية، أبرزها:
حاكم ولاية بغداد، وهي من أهم ولايات الدولة العثمانية، ما يعكس ثقة الباب العالي بكفاءته الإدارية والسياسية (4).


أمير الحج الشامي، وهو المنصب الذي ارتبط باسمه لأكثر من عشرين عاماً، وكان مسؤولاً فيه عن تأمين طريق الحج من دمشق إلى الحجاز وحماية القوافل، في مهمة تتطلب نفوذاً عسكرياً وعلاقات قبلية واسعة (5).


نيل لقب الباشوية، وهو من أرفع الألقاب العثمانية، تقديراً لخدماته للدولة ونفوذه في بلاد الشام (6).



ثالثاً: التحالفات الأسرية وبناء النفوذ الاجتماعي
شكّلت المصاهرة بين آل شمدين وآل اليوسف تحالفاً كُردياً–كُردياً بالغ التأثير في دمشق. فقد ارتبطت عائلة سعيد باشا بعائلة محمد باشا اليوسف، أحد أعيان حي الميدان وزعماء عشيرة الزركي الكُردية. وأثمر هذا التحالف بروز شخصية عبد الرحمن باشا اليوسف، سبط سعيد باشا، الذي ورث عنه الثروة والنفوذ ومنصب إمارة الحج الشامي لاحقاً (7).
وقد أسهم هذا التحالف في تكوين واحدة من أقوى الشبكات السياسية والاجتماعية في دمشق أواخر العهد العثماني، واستمر تأثيرها حتى بدايات القرن العشرين (8).

رابعاً: الإرث المعماري والوقف الخيري
1. دار سعيد باشا في سوق ساروجا
كانت دار سعيد باشا في حي سوق ساروجا، الذي كان يعتبر حي الكُرد الثاني في دمشق والمعروف بـ«إسطنبول الصغرى»، مركزاً للقرار السياسي والوجاهة الاجتماعية. امتازت بطرازها الدمشقي الفاخر، من حيث الزخارف الرخامية (الأبلق) والأسقف الخشبية المزخرفة بالدهان العجمي، إضافة إلى الإسطبلات والمخازن المرتبطة بإدارة شؤون الحج (9).
2. جامع سعيد باشا في حي الأكراد ( ركن الدين )
بُني الجامع عام 1315هـ/1897م، ويُعد من أبرز معالم حي الأكراد. تميز بمئذنته الرشيقة وبنائه الحجري المتين، وضم مدرسة شرعية وأوقافاً خيرية، ولا يزال يؤدي دوراً دينياً واجتماعياً محورياً حتى اليوم (10).

خامساً: دوره الاجتماعي وتمثيل الكُرد في دمشق
رغم اندماجه في النخبة العثمانية، حافظ سعيد باشا على دوره كمرجعية عشائرية كُردية. فقد كان ديوانه مقصداً لزعماء القبائل الكُردية القادمين من الجزيرة وشمال الشام، وتدخّل مراراً لفض النزاعات العشائرية مستفيداً من هيبته لدى الدولة (11).
كما عمل على استقطاب الكفاءات الكُردية وتعيينها في المناصب العسكرية والإدارية، مساهماً في نشوء طبقة كُردية متعلمة وفاعلة في دمشق (12).

سادساً: موقفه في فتنة دمشق عام 1860م
يُسجَّل لسعيد باشا شمدين موقفه الإنساني البارز خلال أحداث عام 1860م، حيث شارك الأمير عبد القادر الجزائري في حماية المسيحيين. فقد فتح حي الأكراد وبيوته لاستقبال العائلات الهاربة، وشكّل مع رجاله طوقاً أمنياً حال دون وصول المعتدين إلى الأحياء المسيحية، مساهماً في الحفاظ على السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي الدمشقي (13).

سابعاً: النفوذ الاقتصادي وتجارة الأغنام
شكّلت تجارة الأغنام العمود الفقري لثروة آل شمدين، إذ سيطر الكُرد على طرق التوريد من الجزيرة وكُردستان إلى دمشق ومصر. وقد أدّت هذه التجارة إلى ازدهار صناعات مرتبطة بها، كالدباغة والمنسوجات الصوفية، قبل أن تتحول الأرباح إلى استثمارات عقارية واسعة في الجولان والغوطة وبرزة (14).

ثامناً: الوفاة والإرث التاريخي
توفي سعيد باشا شمدين عام 1318هـ/1900م، ودُفن إلى جوار ضريح الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي في الصالحية، في دلالة على مكانته الروحية والاجتماعية (15). وانتقل إرثه السياسي والاقتصادي إلى سبطه عبد الرحمن باشا اليوسف، الذي تابع لعب دور محوري في تاريخ سورية الحديث (16).
+++++++++++++++++&&&
قائمة المراجع
(1) خير الدين الزركلي، الأعلام، دار العلم للملايين.
(2) البارون ماكس فون أوبنهايم، دمشق 1899، معهد الآثار الألماني.
(3) د. محمد عبد اللطيف صالح الفرفور، أعلام دمشق في القرن الرابع عشر الهجري، دمشق، 1987.
(4) محمد أديب آل تقي الدين الحصني، منتخبات التواريخ لدمشق.
(5) منير الشريف، تاريخ العائلات الشامية، دمشق.
(6) محمد بن جمعة، الباشوات والولاة في دمشق، تحقيق صلاح الدين المنجد.
(7) سجلات المحكمة الشرعية بدمشق، وثائق آل شمدين وآل اليوسف.
(8) فيليب خوري، أعيان المدن والقومية العربية، مؤسسة الأبحاث العربية.
(9) قتيبة الشهابي، دمشق: العمارة والتاريخ، وزارة الثقافة السورية.
(10) أكرم حسن العلبي، خطط دمشق، دار الطباع.
(11) د. مهند مبيضين، أعيان الشام والتحولات الاجتماعية.
(12) علي جودت الأيوبي، ذكريات علي جودت.
(13) ليندا شيلشر، الأسر والعائلات المتنفذة في دمشق.
(14) وصفي زكريا، عشائر الشام.
(15) قتيبة الشهابي، دمشق: تاريخ وصور.
(16) عمرو الملاح، تراجم سورية: عبد الرحمن باشا اليوسف.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفق التسوية السورية: قراءة في زيارة الجنرال مظلوم عبدي لدمشق ...
- رؤى سياسية وعسكرية حول العملية التفاوضية في سوريا: تحليل لمو ...
- صراع الإرادات بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية ال ...
- الهوية الكُردية بين صخرة الإنكار ومطرقة الواقع الإقليمي: رؤي ...
- قوات سوريا الديمقراطية بين منطق “الحلّ” ومشروع “التحوّل”: قر ...
- توازنات القوة والسيادة: قراءة تحليلية في توترات حلب ومستقبل ...
- قراءة في كتاب جهاز المناعة الأيديولوجي
- خطاب الجنرال مظلوم عبدي: تحليل متعدد المستويات في لحظة سورية ...
- المسألة الكُردية بين بنية الدولة التركية وتحولات الجغرافيا ا ...
- زلزال الجيوسياسة: الصدام الروسي التركي ومستقبل الخارطة السور ...
- عيد العلم الكوردي: راية الهوية وذاكرة المقدّس في تاريخ شعب
- كسر التابوهات الجيوسياسية: الجولان والاتفاقيات الإبراهيمية ك ...
- من الدولة القومية إلى المواطنة الشاملة: قراءة تحليلية في مشر ...
- هجوم البادية السورية: جيوبوليتيكا التصعيد وتداعياتها على الت ...
- «الدفاع الوطني المشروط»: كيف تعيد قسد صياغة دورها في سوريا؟ ...
- العزلة والشرعية: تحوّل المواقف الدولية في شمال سوريا
- قانون قيصر والمستقبل السياسي السوري: قراءة نقدية في الاشتراط ...
- موازين القوة الجديدة في شرق المتوسط: التشريع الأمريكي والقرا ...
- أوراق اللعب السورية: حاكم بذاكرة الأمس في مواجهة الجغرافيا ا ...
- بهچلي السلام ليس طائرًا بجناح واحد الجناح الثاني للطائر سيصن ...


المزيد.....




- الجيش السوداني يقصف أهدافا بجنوب كردفان ومأساة النازحين تتفا ...
- بؤر خوف وبرد.. خيام النازحين الفلسطينيين بغزة تغرق في وحل ال ...
- الأونروا: أهل غزة يكافحون للبقاء على قيد الحياة داخل خيام با ...
- وفاة فلسطينية وغرق وتطاير خيام النازحين جراء المنخفض بغزة
- اعتقال عنصر تابع لسهيل الحسن باللاذقية وضبط أسلحة ورشاشات
- غرق مئات خيام النازحين في غزة مع اشتداد تأثير المنخفض الجوي ...
- تدفق آلاف اللاجئين إلى مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض في ال ...
- أمطار غزة تغرق خيام النازحين.. ونتنياهو إلى الولايات المتحدة ...
- بحراني: حقوق الإنسان تتطلب يقظة مستمرة لتجاوز الواقع
- مصادر فلسطينية: غرق خيام النازحين قبالة شاطئ خان يونس جنوبي ...


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مروان فلو - سعيد باشا شمدين: زعامة كُردية دمشقية وصناعة النفوذ في مجتمع الشام العثماني