|
|
المسافة بين الهروب والمواجهة
علي لهروشي
كاتب
(Ali Lahrouchi)
الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 08:47
المحور:
الادب والفن
في مقهى ضيق من مقاهي مدينة مكناس، المعروف بمقهى "الأمنية"، تفوح منه رائحة القهوة والدخان الكثيف، كان يجلس أيوب على كرسيه المعتاد، مستندًا إلى الطاولة الخشبية القديمة، وعيناه تتأملان حركات الزبائن حوله. كان هناك شخص يثير الانتباه بين الجميع، يُعرفه الكل باسم عبد السلام. ارتدى عبد السلام جلبابًا نظيفًا بعناية كما يفعل كل يوم جمعة، ورائحة عطره تموج في المكان، لكن ما ميّزه حقًا ليس مظهره، بل هدوءه الغامض وحرصه على تصفح الصحف: لم يلتفت إلى الزبائن، ولم يقرأ إلا الجرائد المطبلة والمتناولة في خطها التحريري كل ما يقوم به القصر الملكي. كان يفتح صفحاتها ويقلبها ببطء، وكأن كل سطر يُظهره مثقفًا ومتعلمًا، رغم أن أحدًا لا يعرف حقيقة مستوى تعليمه. لم يكن يمشي على قدميه أبدًا، بل كان يتنقل بسيارته الزرقاء الفرنسية الصنع من نوع "بوجو خمسة"، يجوب بها مختلف أحياء المدينة وهو ينظر يمينًا ويسارًا كمن يبحث عن شيء ضاع منه. وكثيرًا ما أثيرت حوله الشائعات، وصار الكل يشك فيه: هل هو مخبر؟ عضو في مخابرات الديكتاتور؟ أم مجرد رجل غامض لا يعرف أحد مهنته؟ لكن عبد السلام كان يظهر جانبًا مختلفًا تمامًا عند لقائه بأمازيغ منطقة الشمال. حين يلتقي بهم، يتحدث بلغة أمازيغية فصيحة، وبنفس الرنة اللغوية التي يتقنها الأمازيغ عن جدارة، رغم أنه يصرح دائمًا بأنه ليس أمازيغيًا، بل شريف من الشرفاء ولد بالريف ولا تزال أسرته تسكن هناك. كان "عبد السلام" مجرد اسم مستعار، واجهة دقيقة لفت الانتباه وحماية لهويته الحقيقية. أما اسمه الحقيقي فهو المختار، وقد صرح يومًا لأيوب أن جميع أخوته يعيشون في هولندا، ما عدا واحد منهم يُدعى جمال، لا يزال في المغرب لأنه حاصل على شهادة الإجازة في شعبة الحقوق، وأنهم لا يريدون إرساله إلى هولندا. وأضاف المختار بصراحة أن بعض أخوته يتاجرون في المخدرات، وأنه لا يخفي ذلك عنه. تحدث المختار أيضًا عن رحلته الشخصية في أوروبا، حين كان مهاجرًا في بلجيكا. كان يتردد على إحدى الحانات، حيث كان هناك شخص أوروبي قوي البدن ومفتول العضلات يعتدي أحيانًا على بعض المهاجرين المتوافدين كزبائن على تلك الحانة كلما فقد ثباته نتيجة الشرب وتناول الكحول. لكن المختار لم يتحمل ما كان يراه من اعتداءات واحتقار وظلم، وما يتعرض له الأبرياء من هؤلاء المهاجرين الذين يحاولون نسيان معاناتهم وهم معانقون للجعة. لم يجد نفسه قادرًا على مواجهة هذا الشخص العنصري كما وصفه، فتقرر أن يغادر الحانة بسرعة باتجاه مسكنه في بلجيكا. ومع كل غضب ورفض للظلم، عاد مباشرة إلى الحانة، وأخرج مسدسه وأفرغه في جسد المعتدي أمام الملأ. تم اعتقال المختار، وتبين بعد التحقيقات أن الشخص الذي كان يعتدي على زبائن الحانة من المهاجرين كان عضوًا في جهاز الموساد الإسرائيلي، وهو ما أضاف مزيدًا من التعقيد والخطر لقضية المختار. حُكم عليه بعقوبة سجنية، وبعد انتهاء مدة العقوبة، تم ترحيله نهائيًا إلى المغرب، بلده الأصلي، ومن هنا سبب تواجده الدائم في هذه البلاد الشبيهة بالمستنقع أو بالسجن الكبير، حيث يلتقي باستمرار بإخوته المقيمين في المهجر، الذين غالبًا ما كانوا يوجهون إليه مطالبهم ويقوم بأعمالهم هنا نيابة عنهم في غيابهم عند عودتهم للمهجر، وربما يفرضون عليه شروطًا وعلاقات معقدة نتيجة تلك السنوات المليئة بالرحلات والاختبارات. هذا الكشف عن حياة المختار، الذي كان يظهر أمام أيوب باسم عبد السلام، جعل الصداقة بينهما أكثر ثقلًا من مجرد علاقة عابرة؛ فقد كشف له جانبًا من التاريخ الشخصي المعقد، والاختبارات الأخلاقية والجرائم التي صاغت شخصية رجل لا يُعرف له وجهان: رجل في الظاهر هادئ، كريم، لطيف، وفي باطنه رجل عارف بمخاطر الحياة، صامد أمام الظلم، وقادر على اتخاذ قرارات صعبة لحماية الضعفاء أو الدفاع عن العدالة حسب منظوره وبأسلوبه الخاص. كان أيوب، شيوعيًا ملحدًا، يؤمن بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية، ويؤمن بأن العلمانية هي الطريق الوحيد لحماية الشعب من الفساد. عكف في مقهى المدينة على وضع خطط ومقالات صغيرة يكتبها بخط يده و ينشرها بمختلف الجرائد التي يتعامل معها، منتقدًا سياسات الحاكم بطرق غير مباشرة، لأنه نطاوله على الحاكم مباشرة قد ينهي حياته للتو داعيًا لتقسيم الثروات، لإلغاء الاحتكار، ولتمكين الفقراء من حقوقهم المسلوبة. كل كلمة يكتبها كانت صرخة في وجه الظلم، وكل فكرة جديدة كانت بمثابة شعلة توقد الثوار الصغار حوله. لكن المختار كان يراقبه عن قرب، يلمس كل شعور، كل لحظة ضعف، وكل فكرة تتردد في ذهنه. اقترب منه بهدوء، وجلس على الطاولة نفسها وقال: — أيوب، أعلم أنك تؤمن بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، و الديمقراطية ، والحرية وأعلم أن قلبك يمتلئ بالثورة على الظلم… لكن هناك أشياء لا يمكن لا للاشتراكية و لا للشيوعية وحدها أن تغيرها. أحيانًا يحتاج الإنسان إلى توجيه روحي ليجد السلام الداخلي، ليحافظ على صحته وعقله، ويستطيع من هناك أن يصنع فرقًا أكبر. رفع أيوب رأسه، عيناه مليئتان بالريبة، لكنه شعر بصدق المختار. — وما علاقتك بكل هذا؟ — قال أيوب بصوت صارم. ابتسم المختار: فقط أريدك أن ترى الخيارات من زاوية مختلفة، أيوب. يمكن للإيمان أن يكون أداة للاستقرار، لا القيود. إذا أردت، يمكنني مساعدتك على إيجاد طريق يربط بين قيمك الاجتماعية والحياة الروحية، بطريقة تحميك وتسمح لك بالاستمرار في نضالك. تابع المختار وهناك شيء آخر، أيوب… إذا أحببت، يمكنني أن أساعدك على الزواج بإحدى البنات من عائلتي. ليست مسألة زواج تقليدي فقط، بل فرصة لتجد دعمًا واستقرارًا في حياتك، مع شخص يشاركك الاحترام والقيم. لن أفرض عليك شيئًا، لكن الفرصة موجودة لتختار. جلس أيوب صامتًا، مستغرقًا في التفكير، وهو يشعر بأن الرحلة إلى الشمال لم تعد مجرد هروب من أزمة أو بحث عن مأوى، بل بداية فصل جديد، حيث الاحترام المتبادل والكبرياء الشخصي هما الأساس، حتى لو كان عليه أن يوازن بين قناعاته الشيوعية الملحدة والفرصة الجديدة التي تُقدَّم له. لكنه شعر أيضًا بالدهشة من فكرة الزواج والاستقرار، ورأى أن البشر وحدهم قادرون على خلق العدالة، وأن الأديان لا يمكن أن تكون أدوات لتحقيقها إلا إذا خدمت الإنسانية بشكل عام، وليس بشكل خاص. هكذا أمعن أيوب نظره بين شغفه بالاشتراكية والعدالة وبين محاولة جره للانضمام إلى إطار روحي ينظمه المختار، محاولًا أن يجد مكانه بين الفكر والواقع، بين الثورة الاجتماعية والحياة الشخصية، بين الإنسان الذي يقاوم الظلم والإنسان الذي يحتاج أحيانًا إلى يد تمتد لتدله على الطريق. تراكمت الأشجان، اشتد ضغط الغضب، فرفرفت مخيلة أيوب كالحمام، تنبش في قعر الأسباب. تناسلت الأسئلة، وتضاربت الأقوال، تراكمت الشكوك وأحيطت بالاحتمالات. فكان لا بد عليه من مخرج يخرجه من ورطة البؤس والكبت والحرمان والبطالة. وجه أعنف الانتقادات لذاته، وعكف بغرفته كواحد من المتصوفة، وأصيب بجنون العصامية لما تأكد أنه لم يسبق للحيوان ولا للإنس أن تخلى عن صغاره. لم يفعلها أي مخلوق، فكيف تفعلها الأزمة؟ أزمة لن تتخلى عن أهلها وذويها، فهي بمثابة والد أو والدة أنجبت صغارها وتحتضنهم حتى الموت والنهاية. تشبثت الأزمة بهذا العرف والتصقت بأقدام أيوب، الذي لم يجد أمامه غير التفكير في مقترح المختار، الذي اقترح عليه أن يتزوج بواحدة من نساء أقاربه التي تقطن في الشمال أكيد لأن آباءهن يحبذون التخلص من فتياتهم تجنبًا لجلب العار والفضيحة إن بقين بلا زواج. كما أن أيوب لن يحظى بالقبول لدى هؤلاء إلا بانضمامه لجماعة إسلامية متدينة، يربطه معها نفس التفكير والتكفير والتوجه العقائدي. أرادوا منه أن يرخى لحيته كالجدي، يمشي بين الأزقة والدروب، تسيح مخيلته فلا ترتطم إلا بحيلة يصطاد بها فريسته، مستعملًا طُعم البسملة والحمد كلما وجد نفسه أمام رغبته في تحقيق غرض من أغراضه. كان عليه أن يمتنع عن التدخين وشرب الخمر والركون إلى كراسي المقاهي، ويعارض المذياع وجهاز التلفاز والإعلام، وكل الأصوات التي تعالج أو تفضح عيوب البلاد. يحارب العقل والعلم وينبذ الثقافة بكل ما يمتلكه من ألفاظ مشينة يتركب منها ذهنه كقاموس للجهل. ينعت محيطه بالكفر والردة. يحصر رغباته ويحولها إلى مكبوتات تنفجر في عشقه للنساء في الدنيا، وما أدراك ما النساء، وحلمه بلقائه لألف الحوريات، وما أدراك ما الحوريات بالجنة! ينشغل بهن كهارون الرشيد وهو يتخذ قراراته بعد ليلة ساخنة مع امرأة هائلة. فإن فشل في قراره، ارتد على المرأة التي عاشرها لحظة اتخاذه لذلك القرار الفاشل. ولن تقتصر مهمتها على تفجير الجسد، بل على تفجير الخيال. هكذا يستيقظ التاريخ من غرف النوم، وأكيد أنه لن يخدم الشعوب أكثر مما يخدم الشواذ. عليه أن يُظهر حبه للجميع حتى لو كان يخفي كراهيته لهم، إخلاصه للأمانة، وتخليه عن رغباته الدنيوية، فيصبح لا يتكلم إلا بالحديث والسنة، مستشهدًا بما التقطته مسامعه من خلال دردشات الجماعة الإسلامية التي اتخذت سيف التكفير فوضعته على رقبة كل من تراه واعيًا بمخاطرها وأهدافها التخريبية ونهجها الإقصائي وتهافتها على التحكم في دواليب الأمة لنهش جسمها. لأن الجماعة تعتمد على منطق التجارة للقضاء على الإجارة، تجني من ورائها الأرباح، يسافر أفرادها إلى الأسواق لعرض مبيعاتهم لتسهيل اللقاءات بينهم، فكانوا يجنون المال والإنس، ولِمَ لا، والفقر ينغص أغلبية ساكنة هذه البلاد. صمت أيوب لوهلة، وبدأ يفكر: فكرة الانضمام لجماعة دينية كانت بعيدة عنه تمامًا، لكنه شعر أن المختار لا يريد إلغاء قناعاته بالكامل، بل يمنحه فرصة للتوازن بين نضاله الفكري وحياة أكثر استقرارًا. امتطى مركبة الحلم، رحل رحلة قسرية، فابتسمت الجبال في وجهه فاتحة أفواهها، شامخات، عارضات بطونها المفعمة بشيء مجهول، منتصبات الصدر كثدي فتاة في سن مراهقتها، ضاغطات على الأرض طولًا وعرضًا بأثقالها، وهي تستقبله من بين أفواج الزوار الجدد. كان مربوع القامة، غير ملطخ الوجه بلحية سوداء كالأخرين، ولم يرتدِ جلبابًا ناصع البياض، لكنه مفعم بالذاكرة والفؤاد بالأحلام، يفكر في مقترح زواجه المرتقب من واحدة تنقذه من أزمته. كان يلتفت يمينًا ويسارًا كاللص السارق، إذ اصطدمت رؤيته بمساحة الأرض البيضاء الشاسعة، بالقمر الليلي الساطع ذي اللون الفضي، المقابل لكرة الشمس كالجمر وهي على وشك الغياب عن الأنظار والغروب. يصفر لونها كالذهب ثم يحمر إلى أن تغيب قوة البصر، وتلك مشيئة الطبيعة وحركات مكونات هذا الكون الذي سنمضي فيه وقتًا غير محدد. كانت النقطة الجغرافية على مفترق الطرق، فوق صدر تربة "عين زورا"، حيث تتحرك أقدام أيوب وجسده وعيناه، وهي تكتشف هدوء وعزلة المكان، وعذوبة طقسه الذي جعله يخرج منديله الصغير من جيبه بعدما فرض الزكام نفسه عليه. فتحه كما تُفتح الصفحات من تاريخ البلاد، بلله بأثر الندم على الأيام التي ضاعت من عمره، وعن عمر البلاد حيث تم اغتيال تاريخها. يُحدق في المكان كأنه يبحث عن شيء ضاع منه، فرأى آثار رجال لقوا حتفهم في الظلمات، ونساء نُهبت منهن أجسادهن وأكبادهن ولحمهن، وصرن كالتاريخ فريسة للمحتل الأقوى بغرف النوم، حيث النزوات والشذوذ. شباب شاخ قبل الأوان ولم يشارك في دوران عجلة البلاد، وعيون الشيوخ البريئة الممتدة من بعيد فلا يهمها غير الاستقلال والحرية. حينها ينوح باكياً كالصبي على لغة انقسمت حول نفسها، واندست الحقائق بالرفوف، وأصبحت كمنديل مُلطخ ببصمات الألم والدموع. فاختار السكان تصميمًا يبعد المنزل عن الآخر، حيث يفضلون العزلة والوقار مخافة أن يُعيد التاريخ نفسه ويعم الانتقام. صعدوا بمنازلهم إلى قمم الجبال والتلال ذات الشكل المستدير، فلم يكن بود أيوب أن يلتقي أحدًا، فالكل فر من حاشية الطريق. كان الليل قد أرخى أجنحته، والصمت مُخيف للغاية، سكُونه ما بين الخفاء والتجلي: في الخفاء لأن الكل قد استقر بمنزله للاستئناس بما تبقى من أفراد العائلة، فالآخرون بالخارج، وذلك مصدر رزقهم إذ لا مكان للعيش هنا، وفي التجلي لما تقذف الطريق بهيكل سيارة من نوع ما فتمر بسرعة مُفرطة، كأن الكل في حالة تأهب قصوى، وفرض قاسي لحظر التجول. كان المختار يحدثه عن قرب، ويكلمه بين الفينة والأخرى عن شجاعة سكان المنطقة وأبطالها، وعن بسالة مقاوميها، وعن الخط الفاصل بين مغرب فرنسا ومغرب إسبانيا. لم يستوعب أيوب حديث رفيقه المختار كاملاً لأنه كان مُنغمسًا، مُتوغلاً في كيفية تفكيك المعضلة، ولم يتجاهل قول "المغرب غير النافع" عندما رسم حدوده الجغرافية انطلاقًا من نقطة "سيدي حراوم" بفاس حتى أطلاله على البحر الأبيض المتوسط. يتوقف خياله على بنايات شامخة، نظيفة، منصوبة على أرضية مدينتي سبتة وإمليلية، اللتين تم بيعهما من قبل السلطان العلوي لإسبانيا مقابل منحه دراجة هوائية. وهكذا يعبث المحتل العلوي بأرض ليست أرضه، أطلق أيوب على خريطته اسم "المغرب غير النافع الشمالي". فأرخبيل ذاكرته يتسارع في استحضار منطقة أنجبته مياهها الملوثة، وتربتها القاحلة، وقحطها المستديم، وجفافها الصحراوي، وبراءة مواطنيها وكرمهم في الجنوب الشرقي. قرر أن يتخيل خريطة ثانية للمغرب غير النافع الجنوبي، الممتد على طول مدينة "الحاجب" البريئة حتى آخر نقطة حدودية مع الجارتين الصحراء الغربية والجزائر. تساءل: ماذا بقي من المغرب النافع؟ ألا يحق للمغاربة أن يرثوا ولو ذرة من تربة بلادهم وخيراتها؟ هطل على أذنيه وابل من الصراخ والسباب صاعدًا عبر الشارع الرئيسي لمنطقة "الدريوش"، فغمره العجب مخافة اندلاع شجار ومواجهة بالخناجر والسكاكين فيذهب ضحيته لأنه لا يعرف ممرات ومنافذ المنطقة حتى يستطيع أن يفلت بجلده. كان صراخ رجل في الثلاثينات من عمره، متوسط القامة، مصبوغ الوجه باللون الأسود، ممزق الجلباب الأسود، حافي القدمين، طويل الشعر كالسجين، ملطخ اليدين بالأوساخ. يدفع عجلة مطاطية موجِّهًا لها شتمه وسبه وقدفه وركله، وكل ما تختزنه ذاكرته لأن العجلة لا تدور كما يريد. أحس بالتعب والعياء، فطلب منها أن تعتمد على نفسها وتدور لوحدها دون تعذيبه، وإلا لماذا صُنعت دائرية الشكل والهيكل؟ كما لو كان يحاول إخراج غضبه على شيء غير قادر على مقاومته. كانت العجلة تدور وتدور، مثلما كان هو يدور في دوامة حياته، محاصرًا بالألم والخذلان. كان يصرخ في وجه الرياح، يطارد سرابًا لا يفيد، بينما يركض خلفه صدى صوته فقط. كان المسكين أحمقًا، لا يهتم بالأكل والشراب، ولا باللباس أكثر مما يُبالي بهموم تلك العجلة المستعصية عن الدوران دون قيامه بدفعها. كان منظره ووضعه يمزق قلب كل من يشعر بالإنسانية، وهو يمعن النظر فيه متسائلًا: أين يقضي هذا النوع من الإنسان لياليه الطويلة الحالكة الباردة؟ ألا يحق له أن ينام تحت السقف والأغطية والفراش؟ من سيهتم به؟ حاول أيوب أن يظل هادئًا، إلا أن الواقع كان يضيق عليه شيئًا فشيئًا. احترقت عاطفته فتوجه بسؤاله لنادل المقهى.
— ترى، من أين جاء ذلك الرجل المسكين؟ — إنه أحمق من الغرب، انتقمت منه زوجته. — ماذا فعلت له؟ — جربت فيه السحر. أعوذ من شر ما خلق. لقد علم أيوب أن الناس الذين يعيشون في هذا الجزء من البلاد يحملون في قلوبهم بقايا آلام الماضي، كما هو شأن كل أمازيغ المغرب، رغم أنهم قد يخفونها في الأوقات التي تبتعد فيها الشمس عن الأفق. الفقر و القمع و الظلم والعزلة و التهميش كانوا السجن الذي حاصر الجميع، وكان أيوب يشعر أن عينيه قد غسلتا منهما كل مشاعر التفاؤل، حتى تلك التي تشكلت في قلبه منذ بضع سنوات. مضى الوقت واحتدت المواقف، بينما كانت السيارة الزرقاء للمختار تتوقف بالقرب من الطريق الضيق. لم يكن هناك ما يشير إلى أي تهديد، لكن نظرات المختار كانت تحمل شيئًا غامضًا، شيئًا يوحي بأن هناك قرارًا قادمًا، أو ربما مكيدة في الطريق. كان يعلم أيوب أنه مهما حاول الهروب من واقعه، فسيظل واقعًا يعاود اللقاء به في كل خطوة. أطلق المختار ببطء، وبنبرة هادئة لكنها مشبعة بالتحدي، كلماته التي كانت تنزل على مسامع أيوب كالحديد الساخن: "إن الحياة هنا مليئة بالأسرار والخيارات، أيوب. لكنك إن أردت أن تخرج منها، عليك أن تكون مستعدًا لدفع ثمن كبير. لا أحد يمكنه أن يهرب من نفسه." كان أيوب يصغي جيدًا، على الرغم من أنه لم يكن متأكدًا تمامًا من مغزى كلمات رفيقه المختار. لكنه كان يعلم أن شيئًا ما يتشكل في الأفق، شيء أكبر من مجرد اختلاف في الرأي أو مسار حياة. كان المختار يتحدث عن حياة مختلفة، عن خيارات قد تغير كل شيء، لكنه في الوقت نفسه كان يضغط عليه ليختار بين شيء غير معلوم وواقع مرير. نظر أيوب إلى السماء، التي كانت تتناثر بها الغيوم كما لو أنها تحاول إخفاء شيء عميق. نظر في عيون المختار ثم أغمض عينيه، مسترخٍ للحظة، محاولًا ترتيب أفكاره المبعثرة. كان يشاهد الطريق يتشقق أمامه، كأنه يحاول شق طريقه بين تيارات الزمن والمصير. الاختيارات كانت صعبة، لكن لم يكن هناك خيار يراه أهون من آخر. كان يعلم أن الوقوع في فخ العادات لن يكون حلاً أبدًا. لا يمكنه أن يكون جزءًا من دوامة مستمرة تجرّه نحو الهاوية، ولا يمكن أن يكون مجرد تابع لما يريده الآخرون. ربما كان يجب عليه أن يغير زاوية الرؤية، أن يُعيد التفكير في المدى الذي يمكن أن يبلغه في هذا الواقع المليء بالقيود. ربما كان عليه أن يواجه نفسه بألم أكبر ليصل إلى خلاصه، وربما عليه أن ينظر إلى الجبل المحيط به، الذي كان يشبه قلبه، مليئًا بالثقوب والفراغات. المختار، الذي بدا وكأنه يعرف أكثر مما يظهره، رفع حاجبًا واحدًا وقال: "أنت شخص قوي، أيوب. ولكن عليك أن تدرك أنه لا يوجد شخص قوي بما فيه الكفاية ليخفي ضعف قلبه لفترة طويلة." ضربت هذه الكلمات أيوب كالعاصفة. كانت كلمات بسيطة، لكنها عميقة المعنى. ومع كل كلمة قالها المختار، كان أيوب يشعر وكأن حصارًا جديدًا يضيق عليه أكثر، ويزيد شكوكه في قراراته وقدرته على التفوق على هذه الحياة المتشابكة. لكنه كان يشعر أيضًا بأن هناك طريقًا آخر يمكنه أن يسلكه، ربما بعيدًا عن الخوف، ربما بعيدًا عن الحيرة. قرر أيوب في تلك اللحظة مواجهة المجهول. أن يسير على طريق جديد، مهما كان الثمن. ربما كان هذا الطريق يتطلب منه التضحية بالكثير، لكنه كان يعلم أن عليه أن يخوض معركة أكبر: معركة مع ذاته. في اللحظة التي أغلق فيها باب السيارة، شعر وكأن شيئًا ثقيلًا قد زال عن قلبه. لم تكن نهاية الرحلة، بل كانت بداية لشيء مختلف. كان يعلم أنه مهما كان الثمن، فلابد أن يواجه الواقع الجديد الذي ينتظره. وهكذا، بينما كانت العجلة تدور في الخلفية، وحمل أيوب نفسه نحو المستقبل المجهول، شعر وكأن الحياة قد منحته فرصة جديدة، فرصة للانتقال من الظلال إلى الضوء، من الجمود إلى الحركة، ومن الخوف إلى الشجاعة. كان الطريق أمامه شاقًا، محفوفًا بالتحديات والمخاطر، لكنه كان يشعر بنشوة غريبة، نغمة ثورية تهتف في أعماقه. كانت عقيدته الشيوعية تراقص ذهنه، وتُشعل قلبه بالحماسة. لكنه الآن كان يقف على عتبة جديدة من حياته، حيث يتعين عليه أن يختار: هل سيظل متمسكًا بمبادئه دون النظر إلى المستقبل؟ أم سيتعلم كيف يعبر من خلال المعتقدات القديمة ليصنع نفسه من جديد، في حلة بالية متبالية ، ويُغرق نفسه في ماضي رجعي لامخرج منه؟ في كل خطوة كان يخطوها، كان يتنفس هواءً مختلفًا. كان الطريق مليئًا بالمفاجآت، ولكنه كان مُتعبًا ومُرهقًا. التحديات التي واجهها في الماضي بدأت تبدو له تفاصيل صغيرة مقارنة بالمعركة التي يخوضها في تلك اللحظة. كان يقاوم كل مغريات الاستسلام، ويسعى لتحديد مصيره بيده، دون أن ينقاد لقوى أو أفكار تجعل منه مجرد خادم لآخرين. كان يعلم أن الثورة لا يمكن أن تكون مجرد شعارات تُرفع في الهواء، بل يجب أن تتجسد في الحياة اليومية. كان عليه مواجهة الحقيقة، واتخاذ قرارات صعبة، بعيدًا عن كونه مجرد متفرج على التغيرات من حوله. ومع مرور الوقت، بدأت العلاقة مع المختار تأخذ منحى آخر. رغم أنه كان يشك في نواياه في البداية، إلا أنه بدأ يدرك شيئًا ما لم يكن يستطيع تحديده بدقة. كان المختار يمتلك شيئًا غريبًا: يجمع بين القوة والضعف، بين العقلانية والجنون. كانت أفكاره تحمل تحديًا للعقل، شيئًا مريحًا للروح، لكنه في الوقت نفسه يثير شكوكًا عميقة. عندما قرر أيوب التوجه إلى منطقة الشمال، لم يكن يدرك أن هذه الرحلة ستغير كل شيء. كان يعتقد أنه سيذهب هناك ليجد حلًا، لكن ما اكتشفه هو أن الحل لا يكمن في الهروب أو في محاولة إيجاد ملاذ من كل شيء، بل في مواجهة الواقع بشجاعة، والاستعداد لحمل أعباء المستقبل على كتفيه. في الطريق، كانت الأرض تتسع تحت قدميه، وكان يشعر بأن ثقل العالم يخف شيئًا فشيئًا. كانت الجبال التي تحيط به تحكي قصصًا عن أولئك الذين عاشوا في هذه الأرض، الذين تحدوا الظروف القاسية وواجهوا مصيرهم بعزم، محاربين بفرسانهم ورجالهم ونسائهم، ضد التحالف الثلاثي الذي تكالب عليهم، والمكوَّن من الحمايتين الفرنسية والإسبانية والاحتلال العلوي، حيث تم رشهم بالغازات السامة كالذباب. كانت أرواحهم تتناثر في الرياح، تهمس له بما كان عليهم فعله في مثل هذه اللحظات الحاسمة. أما في أعماقه، فكان أيوب يشعر بتقاطع عدة طرق: طريق إلى الثورة، وطريق إلى الإيمان، وطريق إلى ذاته. كل شيء كان يشير إلى أنه في مرحلة حاسمة من حياته، حيث لن يكون هناك طريق سهل، بل صراع مستمر. وعندما وصل إلى المنطقة، قابلته وجوه غريبة تحمل نفس الملامح التي رآها في وجوه كثيرة من قبل بمنطقته بالجنوب الشرقي للبلاد. لكن هذه المرة كان الأمر مختلفًا. كانت هناك تجاعيد عميقة في الوجوه، لم تكن مجرد آثار الزمن، بل آثار معركة مستمرة ضد شيء ما، ضد نظام محتل ظالم، وضد الحياة نفسها. كان يرى في تلك الوجوه التحدي والقبول، وكان يعتقد أن كل شيء له قيمة، حتى الألم. الليالي في الشمال كانت مظلمة، والرياح كانت تعصف بالأشجار كما لو كانت تحاول اقتلاعها من جذورها. لكن أيوب كان يشعر بحالة غريبة من التوازن، حالة من الثبات على الرغم من كل ما يمر به. كان يعلم أنه يجب أن يتحلى بالشجاعة ليحارب في معركة قد لا يكون فوزه فيها مضمونًا. مع مرور الأيام، بدأ أيوب يفكر بشكل أعمق في الفكرة التي طرحها المختار. هل يمكن للإيمان حقًا أن يكون أداة للتغيير؟ هل يمكن أن يجمع بين الثورات الفكرية والاجتماعية وبين حاجة الإنسان الروحية؟ هل يستطيع أن يسلك طريقًا موازياً يعبر به عن نفسه ويحقق أهدافه دون أن يتخلى عن مبادئه؟ كانت أفكار متناقضة، ومشاعر متضاربة، وكل شيء مزيج من الضوء والظلام. في قلبه كان هناك حيرة، وفي ذهنه كان هناك إصرار. فما بدا له في البداية خيارًا مغريًا قد لا يضمن له النصر، أصبح اليوم جزءًا من ذاته، جزءًا من تاريخه. ربما لم يكن يوافق المختار في كل شيء، لكنه أدرك أن جزءًا من الحقيقة يكمن في كل منهما. عادت به الذاكرة إلى سبب وجوده في الشمال. جلس يفكر مليًا، مترددًا أمام اختياره: الزواج من امرأة علم أن عمرها تجاوز الأربعين ولم تتزوج بعد. لم يرغب في تكرار تجربة الرسول محمد مع خديجة، التي دفعه الفقر والعوز لقبولها رغم فارق السن بينهما واختلاف الدين والعقيدة، إذ كان هو مسلمًا وهي ظلت مسيحية حتى آخر أيام حياتها. لكن الفقر أحيانًا يجبر الإنسان على اتخاذ قرارات صعبة ومغايرة لقناعاته، حتى وإن كانت خاطئة أو غير مريحة. احتار بين رفضها والعودة إلى الأزمة والدمار، وبين قبولها وامتلاك منزل متواضع وبعض المال يوفر له قدرًا من الاستقرار. لم يكن سوى إنسان مُرتبك، متردد بين المغامرة وعدمها، محاصرًا بين رغبته في الأمان وحاجته إلى حلم بعيد المنال. نظر حوله بتأمل، وتبين له أن لا دخان ينفث الدخان، ولا نار تحرق النار، ولا شمس تدفئ الشمس، ولا رياح تهب الرياح، ولا قمر ينير القمر، ولا جبال تُسقط الجبال. كل هذه القوى مهما عظمت، لا تغير من طبيعة الإنسان؛ لم يكن هنا سوى الإنسان الذي يُدمر الإنسان. تيقن أن الأرض أرض لخالقها قبل أن تصبح بؤرة للإنسان، وأن الإنسان لخالقه قبل أن يصير عبدًا للمال وللسلاطين والملوك والأمراء. قال في صمت رهيب، مخاطبًا نفسه: "لم تبق مشكلتي عالقة في هذا المقترح أكثر مما هي عالقة بكيفية تحملي للحياة مع هذه العنوسة، لكن بعد هذا الخيار، لا خيار لي سوى أن أراها… ولكن كيف سأفعل ذلك، وسكان الشمال لا يقبلون رؤية نسائهم من قبل الذكور الذين ليسوا من الأقارب؟" جلس أيوب صامتًا، وبين كل نفس وآخر، تتشابك أفكاره حول ما يراه من فساد وظلم. كان يفكر في الشعب الذي يعاني، وليس في الله الذي لا يرى، ويستنكر كيف يُعاني الناس بسبب قرارات سياسية واقتصادية خاطئة. "لماذا يُعاقب الفقراء على جشع الأغنياء؟ لماذا يُتخذ القرار من الأعلى دون مراعاة حياة الناس؟" تساءل بصمت، وهو يشعر بغضب شعبي عارم. لم يكن يؤمن بالقدر، بل بالاختيار الإنساني، وكان يرى أن أي إصلاح اجتماعي يجب أن يبدأ بتغيير السياسات، وتنظيف هرم السلطة كما يمظف الدرج من الأعلى وليس من الأسفل، بالإعتماد على العقل و الإنسان وليس بالاعتماد على ما لن يأتي أبدا من السماء. كان المختار يراقب أيوب بصمت، ويدرك أن الفكر الشيوعي والملحد لديه قد يقف في مواجهة مباشرة مع ما يقدمه من حلول واستقرار. ومع ذلك، لم يحاول فرض أي شيء، بل تحدث أحيانًا عن القيم والأسرة والانتماء الديني بطريقة تجعله يفكر في مستقبله دون أن يخسر حريته الفكرية. ورغم ذلك، بقي أيوب يشعر بالغضب والتمرد على العالم. كان يرى أن الاستسلام للدين أو الزواج ليس إلا محاولة من المختار لإعادة تشكيله، لكنه في أعماقه كان يخطط للحفاظ على أفكاره الشيوعية وتحقيق العدالة الاجتماعية بالطرق التي يراها صائبة و يناضل من أجلها، حتى في إطار حياته الشخصية الجديدة. تخيل تلك الفتاة جالسة بجانبه في غرفة الضيوف، وأخذ يتأمل وجهها بمنطق الشعراء الذين ينشدون أشعارهم عن أنثى لم يروها من قبل، أو بعين الباحث عن الجمال في تفاصيل الحياة اليومية. قارن بينها وبين المرأة التي كانت السبب في أن ذلك الرجل الأحمق دفع العجلة المطاطية، مُصرًا على أن تتدحرج وحدها دون مساعدته. لعَن الزمن والنساء، وقرر أن يخشى المرأة أكثر مما يخاف الحيوان المفترس، لأن المرأة أحيانًا قوة لا تُقاوم، وأن تجاهلها قد يُسقط الإنسان في دوامة من الألم والخسارة. مع ذلك، قرر أن يتخلى عن مخاوفه قبل أن يتحول إلى ذلك الإنسان الذي يدفع العجلة، مطالبًا بما هو مستحيل ويُرهق نفسه بلا جدوى. كان شيوعيًا علمانيًا يعشق المرأة المتحررة التي تعرف معنى الحياة وقيمتها، ولا يعشق المرأة التي حولت نفسها إلى سجينة محاصرة بالحجاب والتقاليد الرجعية، والتي أصبحت كزنزنة متنقلة يسوقها الرجل كالخروف.
أمستردام
#علي_لهروشي (هاشتاغ)
Ali_Lahrouchi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرار مجلس الأمن حول الصحراء الغربية: توصية سياسية منزوعة الإ
...
-
جمهورية الريف بين الأمس و اليوم
-
المغرب : قتل الطفل الراعي وتعليقه، كيف يغتال الفساد الأبرياء
...
-
المغرب والخطاب الملكي من البرج العاجي: حين يخاطب الديكتاتور
...
-
المغرب: حين يلعب المثقفون دور رجال الإطفاء في خدمة الملكية و
...
-
من وراء دعوات الحوار بين المغرب والجزائر؟
-
مظاهرات جيل -زد - بالمغرب وديكتاتورية محمد السادس، حين يتحوّ
...
-
هولندا تحقق في قضية تجسس المغاربة وتستدعي مدير الاستخبارات ا
...
-
هل سيكسر - الأمير- هشام العلوي طاجين المخابرات المغربية بعدم
...
-
المغرب : قضاء التعليمات في مملكة الديكتاتور، حين تُغتال العد
...
-
المخابرات المغربية تختطف المناضلة و الحقوقية سعيدة العلمي
-
على الجميع أن يستفيد من درس الهجوم الصهيوني الإسرائيلي–الأمر
...
-
و فاة رئيس الأوروغواي السابق - خوسيه موخيكا و فقدان الإنساني
...
-
العلاقات المغربية الإسرائيلية من السرية إلى التطبيع ، و ضياع
...
-
الهدية القطرية الضخمة المسمومة للرئيس الأمريكي ترامب
-
ترشيح المغرب لنيل جائزة نيلسون مانديلا: إهانة لمؤسسات الأمم
...
-
الخلافات بين المغرب والجزائر: خلفيات وأفق الحل؟
-
بيان بمناسبة اليوم العالمي للشغل
-
أي مصير ينتظر الأبرياء في سجون المغرب؟
-
تطاول - مالي- على الجزائر جزء من المؤامرة الكبرى
المزيد.....
-
أحدثت بجمالها ثورة جنسية في عالم السينما.. وفاة بريجيت باردو
...
-
عودة هيفاء وهبي للغناء في مصر بحكم قضائي.. والفنانة اللبناني
...
-
الأمثال الشعبية بميزان العصر: لماذا تَخلُد -حكمة الأجداد- وت
...
-
بريجيت باردو .. فرنسا تفقد أيقونة سينمائية متفردة رغم الجدل
...
-
وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو، فماذا نعرف عنها؟
...
-
الجزيرة 360 تفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير بمهرجان في الس
...
-
التعليم فوق الجميع.. خط الدفاع في مواجهة النزاعات وأزمة التم
...
-
-ناشئة الشوق- للشاعر فتح الله.. كلاسيكية الإيقاع وحداثة التع
...
-
وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما
-
وفاة أيقونة السينما الفرنسية.. بريجيت باردو
المزيد.....
-
دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس
/ السيد حافظ
-
مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
زعموا أن
/ كمال التاغوتي
-
خرائط العراقيين الغريبة
/ ملهم الملائكة
-
مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
المزيد.....
|