أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - المغرب : قضاء التعليمات في مملكة الديكتاتور، حين تُغتال العدالة برصاص القانون - نموذج الطبيبة نورة بنيحيى















المزيد.....

المغرب : قضاء التعليمات في مملكة الديكتاتور، حين تُغتال العدالة برصاص القانون - نموذج الطبيبة نورة بنيحيى


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 8460 - 2025 / 9 / 9 - 21:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر قضية الطبيبة نورة بنيحيى مثالًا آخر حديثًا على العبث القضائي والسلطوي المتسلّط بالمغرب، فبحسب ما نشرته بعض المنابر الإعلامية وما أكدته هي نفسها عبر صفحتها “فايسبوك”، فقد تقدّمت بشكاية رسمية بعد تعرضها لاعتداء إثر رفضها منح شهادة طبية مزوّرة. بدل حمايتها، فوجئت بتهمة "محاولة الارتشاء" بناءً على أقوال المشتكى به، وتهمة "إتلاف ورقة" لمجرد تمزيق ورقة خاطئة، وهو أمر عادي يوميًا في الإدارات المغربية. لكنها، لأنها رفضت التزوير وتمسّكت بمبادئها، أصبحت هدفًا للنظام القضائي المتعفن. كانت تظن أن احترامها للقانون سيحميها، وأن الدولة ستقف مع الشرفاء، لكنها خُذِلت، لتكتشف أنه لا عدالة، ولا قانون، فقط تعليمات عليا. وقد سبق هذه القضية مئات الملفات المفبركة ضد صحفيين، وحقوقيين، وطلبة، ومواطنين، وحتى قضاة، عوقبوا فقط لأنهم قالوا "لا".
إنّ مسرحيات القضاء المغربي التي تحولت إلى عدالة على مقاس الديكتاتور، أضاعَت حق الأبرياء وجعلتهم تائهين بين مطرقة الفساد وسندان التعليمات، فانقلبت العدالة رأسًا على عقب، حيث يصبح الضحية متهمًا، والمتهم ضحية. هكذا يتورّط قضاء التعليمات في خدمة الاستبداد، وبذلك لا مكان للكرامة الإنسانية في هذا الوطن، وصار تحقيق الديمقراطية مستحيلاً في ظل حكم العرش العلوي تحت تاج الرشوة والطغيان، الذي اتخذ المؤسسات في المغرب واجهات زائفة لنظام ديكتاتوري مفترس. وكلما علا صوت ضمير من الضمائر الحية في مستنقع العدالة المزيفة، تم إسكات أصواتهم عبر محاكمات صورية وتهم ملفّقة انتقامية. وكلما ادّعوا استقلال القضاء ونزاهته، أثبتوا انهيار العدالة في مجتمع التعليمات، وأن الحرية، والديمقراطية، والكرامة، وحقوق الإنسان في قبضة القمع، لإسكات حناجر آلاف المغاربة من ضحايا الاستبداد والقضاء الفاسد. فمن يحمي المظلومين في بلاد أمير المجرمين؟
إن العدالة تحت حذاء الديكتاتور، حيث يُحاكم الأبرياء، يتم اغتيالهم وأسرهم، واختطافهم، وتعذيبهم، والإساءة لهم ولأسرهم، والمسّ بكرامتهم وإنسانيتهم وممتلكاتهم وأعراضهم، لا لشيء إلا لأنهم يحلمون ويرغبون في العيش في بلد يعلو فيه القانون فوق الجميع، وتنتصر فيه العدالة للمظلومين بدل الظالمين، بل تتحرر فيه العدالة من تحت أقدام الديكتاتور، ويعيش المواطن حرًا طليقًا دون حواجز ولا متاريس، مع الرفض القاطع لمغرب التعليمات الذي يتحول فيه القضاة إلى مجرد ممثلين، والمحاكم إلى مسارح للظلم.
نعم... هذا وطن يُعاقب الشرفاء ويكافئ الفاسدين عبر استخدام قضاء العرش، حيث تُفبرك التهم وتحكم المطرقة باسم الملك، أمير المجرمين، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وحامي الفساد في مغرب الذل والعار، والإذلال والاستبداد والاستعباد، إذ يُتّهم فيه من يرفض الرشوة بالارتشاء، ومن يطالب بالديمقراطية والحرية والعدالة يُوصَم بالشغب والمجرم ويُعرض أمام قضاء الدعارة القانونية تحت حكم ديكتاتورية تُزجّ بالأبرياء في السجون وتحمي المجرمين ببدلات رسمية. وقد حُوّلت العدالة في المغرب إلى مؤسسة فاسدة تُدين الشرف وتُبرّئ الطغاة، ويصبح القانون سلاحًا في يد النظام، فتنتهي العدالة ويبدأ القمع.
القضاء في المغرب لا يحمل من "القضاء" إلا الاسم على مستواه الشكلي، لأنه اسم متداول ومتعارف عليه دوليًا، أما فعليًا فهو وكر من أوكار الفساد والرشوة والتزوير والمحسوبية، وكر الدعارة والعهارة القانونية التي يتحول فيها الظالم إلى مظلوم، والمظلوم إلى ظالم، حسب قاعدة "من دفع رشوة أكثر". وتبقى كل الفصول والنصوص القانونية مجرد حروف وكلمات وجمل وفقرات يتلهّى بها القضاة والنيابة العامة وهم يتراشقون بها مع المحامين في مسرحية اسمها "جلسة قضائية
كل هذه المسرحية تدور رحاها في قاعة مخصصة لذلك، حيث يرتدي الممثلون ألبسة مختلفة تفرق ألوانها بين الأدوار، ويتعرّف المتهم—الضحية—على المحامي والقاضي وممثل النيابة العامة. وتُقام المسرحية على خشبة تعلوها صورة الديكتاتور المتربع على كرسي العرش، يحمي به سلطته عبر هذا القضاء الفاسد، الموجّه والمأمور به. وحتى في حال تدخل أحد المقربين للديكتاتور لتوبيخ أو معاقبة القاضي إثر إصدار حكم قضائي يمسّ أحد النافذين، يحاول القاضي دائمًا تجريد نفسه من المسؤولية، محمّلًا الضابطة القضائية تحرير المحاضر وتحريف الوقائع وتزوير الأحداث. يدّعي أن دوره هو فقط الحكم وفقًا للقوانين المذكورة في تلك المحاضر، دون أن يشكّ فيها أو يأمر بالتحقيق المستقل. ويبقى دوره محدودًا، ويعود القرار النهائي للنيابة العامة والضابطة القضائية، أما هو، فما عليه سوى تلاوة الحكم وضرب المطرقة الخشبية، متبرئًا من مسؤوليته عن الأحكام الجائرة في حق الأبرياء.
فكم من حق ضاع؟ وكم من مظلوم عانى؟ وكم من بريء فقد وظيفته، وزُجّ به في السجن، وجُرّد من ممتلكاته؟ وكم دفنت أسرار اغتيالاته معه للأبد؟ وكم من تحقيق وُعِد به ولم تظهر نتائجه؟ وكم من مأساة ومعاناة وتسبب بها هذا النظام القضائي المسرحي؟
قضية الطبيبة نورة لم تكن الأولى أو الأخيرة؛ فقد سبقتها قضايا ملفّقة انتقامًا من صحفيين، إعلاميين، سياسيين، حقوقيين، طلبة، مواطنين، وبعض القضاة الذين رفضوا المشاركة في تلك المسرحية القضائية التي تُعرض في قاعات المحاكم.
فهل سيأتي يوم تنقلب فيه المسرحية على ممثليها؟
هل سيُحاسب القضاة المرتشون؟ الضباط المزورون؟ أعضاء النيابة العامة المتواطئون؟
هل سيُحاسب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الحامي الأكبر للفساد؟
لم يبقَ أمام الطبيبة نورة وغيرهم من ضحايا "قضاء التعليمات" سوى الهرب من ذلك المستنقع نحو الخارج. وظيفتها مضمونة ومطلوبة، وستعيش في عزّ وكرامة، وتترك المغرب. فلا تنخدعوا بتخدير "الوطنية"، لأن الوطنية تُفرض على الفقراء فقط، أما خيرات الوطن فلطغاته، وعلى رأسهم أمير المجرمين، رئيس المجلس الأعلى للقضاء . إن الربط بين قضية الطبيبة نورة بنيحيى ووصف الوضع القضائي في المغرب ليس عبثًا، بل يعكس عمق الأزمة التي يعيشها هذا البلد، الذي فقد معنى الديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة، كما غابت فيه استقلالية المؤسسات تمامًا. لأن هذه المبادئ لا تخدم النظام العلوي الديكتاتوري؛ إقرار الديمقراطية والحرية واستقلالية القضاء يعني — بالضرورة — المساءلة والمحاسبة، وهو أمر لن تسمح به الديكتاتورية لأنها ستكون أول من يُحاسب. ولهذا، يُبذَل كلّ جهد ممكن لعرقلة مسار المغرب نحو الديمقراطية، ومنعه من اللحاق بركب الدول الحرة التي تحترم مواطنيها وتحاسب مسؤوليها.
القضاء في المغرب لا يحمل من "القضاء" إلا الاسم، وهو مجرد واجهة شكلية تتماشى مع المفاهيم الدولية، أما واقع الحال، فهو مؤسسة منهارة، غارقة في الفساد، مرتهنة للرشوة والمحسوبية والتزوير، بل تحولت إلى مسرحية عبثية تُلبس فيها المظالم ثوب الشرعية القانونية، ويصبح فيها الظالم مظلومًا، والمظلوم ظالمًا، بحسب حجم الرشوة المدفوعة. النصوص القانونية والفصول الدستورية تُستعرض داخل قاعات المحاكم، لا لتحقيق العدالة، بل لشرعنة أحكام مُعدة مسبقًا، تُنفذها الضابطة القضائية، وتُزكيها النيابة العامة، ويتلوها القاضي، في مشهد مسرحي تتغير فيه الأزياء، بينما تظل النتيجة واحدة: سحق المواطن البسيط لصالح النافذين. على جدران هذه المسارح القضائية، تُعلّق صورة الديكتاتور الجالس على "عرش" المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث يستمد القضاة شرعيتهم من إرادته، وليس من ضميرهم أو القانون. وإن تجرأ أحدهم على الخروج عن النص، كان مصيره العزل أو المحاكمة. وإن ارتكب أحد "النافذين" جرمًا صريحًا، فإن القضاء لا يتحرك. وإن تم التدخل لتأديب القاضي، يلقي هذا الأخير باللوم على الضابطة القضائية التي زوّرت المحاضر، ويدّعي أنه "يطبق القانون"، دون أدنى محاولة للتحقيق. وهكذا، تتحول المحاكمة إلى تمثيلية نهايتها معروفة: الفاسد منتصر، والبريء منهزم ومَسحوق.



#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخابرات المغربية تختطف المناضلة و الحقوقية سعيدة العلمي
- على الجميع أن يستفيد من درس الهجوم الصهيوني الإسرائيلي–الأمر ...
- و فاة رئيس الأوروغواي السابق - خوسيه موخيكا و فقدان الإنساني ...
- العلاقات المغربية الإسرائيلية من السرية إلى التطبيع ، و ضياع ...
- الهدية القطرية الضخمة المسمومة للرئيس الأمريكي ترامب
- ترشيح المغرب لنيل جائزة نيلسون مانديلا: إهانة لمؤسسات الأمم ...
- الخلافات بين المغرب والجزائر: خلفيات وأفق الحل؟
- بيان بمناسبة اليوم العالمي للشغل
- أي مصير ينتظر الأبرياء في سجون المغرب؟
- تطاول - مالي- على الجزائر جزء من المؤامرة الكبرى
- المغرب و اسرائيل : انتهاكات حقوق الإنسان بذريعة فرض - هيبة ا ...
- المغرب في حاجة إلى مناضلين ثوريين وليس إلى إصلاحيين انتهازيي ...
- المغرب وإسرائيل : هدم المنازل و تشريد الأسر إلى أين؟
- المغرب: المرأة بين سندان القوانين المُجحفة ، و مطرقة طُغيان ...
- إخفاق التنظيمات اليسارية الثورية ، و انتصار التنظيمات السلفي ...
- المغرب : هل سلم الملك محمد السادس استقالته للرئيس الفرنسي ، ...
- الاستقالات المتتوالية قد يُعجل بإسقاط الحكومة الهولندية
- الاستقالات المُتتالية قد تُعجل بإسقاط الحكومة الهولندية
- هولندا : أحداث أمستردام و مُخططات اللوبي الصهيوني إلى أين ؟
- حسن نصر الله ليس شيعيا إسلاميا فقط ، بل مناهضا للصهيونية و ا ...


المزيد.....




- اليمن تستنكر العدوان على الدوحة وتدعو لمحاسبة إسرائيل
- عاجل | مراسل الجزيرة عن إدارة أسطول الصمود: السفينة الأكبر ت ...
- آبل تطلق أنحف آيفون في تاريخها.. إليك أسعار ومزايا المنتجات ...
- إطلاق سراح باحثة إسرائيلية اختطفتها ميليشيا عراقية تدعمها إي ...
- إطلاق سراح طالبة إسرائيلية روسية كانت مختطفة في العراق
- الاتحاد العام لعمال مصر.. بيان تاريخي يدين العدوان على قطر و ...
- الحرب على غزة مباشر.. قطر تندد بالهجوم الإسرائيلي وترامب يؤك ...
- ساعات قبل إبحاره.. ماذا بحوزة أسطول الصمود لكسر حصار غزة؟
- الجزائر تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن بعد ضربات إسرائيل في قطر ...
- مواجهة وشيكة بين أميركا وفنزويلا قد تشعل حربًا كبرى


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - المغرب : قضاء التعليمات في مملكة الديكتاتور، حين تُغتال العدالة برصاص القانون - نموذج الطبيبة نورة بنيحيى