أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - العلاقات المغربية الإسرائيلية من السرية إلى التطبيع ، و ضياع فلسطين















المزيد.....


العلاقات المغربية الإسرائيلية من السرية إلى التطبيع ، و ضياع فلسطين


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 01:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُعد العلاقات بين المغرب وإسرائيل من بين العلاقات الدولية التي عرفت مراحل متعددة تميزت بالتعقيد والتنوع، إذ بدأت بالتعاون أو التطبيع السري المحفوف بالمخاطر بالنسبة للملكية الحاكمة بالمغرب، وصولًا إلى التطبيع الرسمي العلني. فقد بدأت تلك العلاقات بين البلدين بشكل غير رسمي منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث تعاونت الأجهزة الأمنية الملكية مع "الموساد" الإسرائيلي في مجالات متعددة ، منها تبادل المعلومات ومراقبة العسكريين و المناضلين المغاربة المعارضين للملكية. كما أن الملك الحسن الثاني استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز سنة 1986 في زيارة رسمية بمدينة إفران المغربية، مما أثار جدلاً واسعاً في العالم العربي والإسلامي. وفي عام 1994، افتتح مكتب اتصال إسرائيلي في الرباط، على شكل سفارات. عبر تلك المكاتب التي كانت تُعامل كتَمثيليات بين البلدين، إذ تم الترويج على أن تلك العلاقات قد جُمدت من قبل المغرب في عام 2000 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية ، وهو ما تم الترويج له في الإعلام المغربي ، وذلك بغرض إنقاذ الحسن الثاني من زلاته المتكررة في تعاملاته مع الكيان الصهيوني ، إذ أن تلك العلاقات تم تجميدها ظاهريا أما باطنيا فلم يطرأ عليها أي تغيير.
شهدت العلاقات بين المغرب وإسرائيل مراحل متعددة، بدأت بتعاون سري في عهد الملك الحسن الثاني، حيث شارك في تنفيد عملية تهجير اليهود المقيمين بالمغرب إلى إسرائيل مقابل تعويضات مالية. و بذلك صار اليهود المغاربة يشكلون في إسرائيل واحدة من أكبر الجاليات اليهودية، حيث يبلغ عددهم حوالي 490,000 نسمة ، إذ تم اتفاق سري للتعاون بين كل من الموساد الإسرائيلي، وجمعية أمريكية، والملك الحسن الثاني لتنُفذ عملية "ياخين" بين عامي 1961 و1964، لتهجير نحو 100,000 يهودي من المغرب إلى إسرائيل. كجزء من هذا الاتفاق، تلقى الملك الحسن الثاني دفعة مالية أولى قدرها 500,000 دولار، بالإضافة إلى 100 دولار عن كل مهاجر من أول 50,000 يهودي، ثم 250 دولارًا عن كل مهاجر بعد ذلك. و تم تغليف ذلك بكون الهدف من تلك التعويضات هو تعويض المغرب عن "خسارة" جزء من مواطنيه، وليس بيعهم كما يُقال. رغم السرية التي أحاطت بالاتفاق، أثار الموضوع جدلاً واسعًا، حيث اعتبره البعض "بيعًا" لليهود ، بينما رأى آخرون أنه كان وسيلة لتسهيل هجرتهم في ظل ظروف سياسية معقدة ، فيما ذهب البعض إلى أن الحسن الثاني ساهم بشكل كبير في معاناة الشعب الفلسطيني و احتلال أرضه من قبل هذه الأعداد الغفيرة من اليهود
فالهجرة اليهودية بدأت بعد استقلال المغرب عام 1956، حيث فرضت الحركة الوطنية المغربية قيودًا على الهجرة إلى إسرائيل حفاظا منها على الأرض الفليسطينية من الإحتلال. لكن بعد تولي الحسن الثاني الحكم، تغيرت السياسة، وتم التوصل إلى هذا الاتفاق السري لتسهيل الهجرة، خاصة وأن هناك حضورًا لليهود في البلاط الملكي المغربي، الذين شغلوا مناصب مهمة في مختلف المجالات، بما في ذلك دورهم الاستشاري والتعليمي في محيط القصر. إذ كان الحاخام " مونسونيكو ديديا " صديقًا مقربًا للسلطان محمد الخامس، حيث تربى الحاخام على يديه. وقد دعاه محمد الخامس إلى منزله في فاس، مما يدل على العلاقة الوثيقة بينهما ، أما في عهد الديكتاتور الملك الحسن الثاني، فقد كان هناك أيضًا حضور لليهود في محيط القصر. ، ف " رفائيل بوطبول " ، الذي كان خياطًا ملكيًا، يُعتبر مستشارًا غير رسمي للملك، حيث كان يلجأ إليه في العديد من الأمور، وتجاوز دوره دور الخياط ليشمل دور الخبير في العلاقات العامة. ويبقى لدور اليهود الاستشاري والتعليمي في محيط القصر الملكي تأثير كبير على السياسة المغربية والقرارات المتخذة في هذا الشأن. فقد شغلوا مناصب هامة في البلاط الملكي، وكان لهم تأثير كبير في مختلف المجالات ،كما أن الاتحاد الإسرائيلي العالمي أسس مدارس في المغرب منذ عام 1862، حيث افتتحت أول مدرسة له في تطوان ، تلتها مدارس في طنجة والصويرة وآسفي. بحلول عام 1910، كان لدى الاتحاد الإسرائيلي العالمي 83 مدرسة في المغرب، أي أكثر من بقية مدارسها الأخرى في العالم
فبالرغم من تقلص عدد اليهود في المغرب إلى حوالي 1,000 فرد في عام 2025، لا تزال بعض الشخصيات اليهودية تحتفظ بنفوذ بارز في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية و الدبلوماسية أبرزها " أندري أزولاي" ذو النفوذ بالمغرب والذي يشغل منصب مستشار ملكي منذ عهد الديكتاتور الملك الحسن الثاني وحتى الآن مع الديكتاتور الملك محمد السادس، مُدعيا أنه يساهم في تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان ، بينما له تأثير كبير في السياسات الثقافية ، والدبلوماسية و المالية و الإقتصادية للمملكة في علاقاتها مع اسرائيل، إلى جانب " سيرج بيرديغو" الذي يشغل منصب الأمين العام لمجلس الطائفة اليهودية المغربية، و وزيراً سابقاً للسياحة، ويُعتبر من الشخصيات المؤثرة في الحفاظ على التراث اليهودي في المغرب وتعزيز العلاقات بين المغرب مع الجالية اليهودية في الخارج ، ناهيك عن " جاكي كادوش " رئيس الطائفة اليهودية في مراكش، الذي يختفي وراء دور تنظيم الفعاليات الثقافية والدينية لتعزيز التعايش بين المسلمين واليهود فيما أن هناك يهود أخرين ببعض الوزارات ، وعلى رأسها و زارة الحبوس و الأوقاف و الشؤون الإسلامية
إستفاد المغرب منذ السبعينات من خبرات إسرائيلية في مجالات متعددة، كالتدريب العسكري . حيث لجأ إلى خبرات إسرائيلية لتعزيز قدراته العسكرية. إذ أن هؤلاء الخبراء قدموا تدريبات للجيش المغربي، في مجالات الاستخبارات والتكتيكات العسكرية و الطيران الحربي. ولتفادي الانكشاف ، فقد ولج هؤلاء الخبراء المغرب بجوازات سفر أجنبية ، منها الفرنسية و الأمريكية نظرًا لحساسية الموضوع ، لم يتم الإعلان رسميًا عن هذه التعاونات في ذلك الوقت. ومع ذلك، فإن بعض الوثائق والتقارير التي ظهرت لاحقًا أشارت إلى وجود تعاون بين المغرب وإسرائيل في مجالات متعددة. ، كما أن الديكتاتور الملك الحسن الثاني أقام علاقات سرية مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" منذ ستينيات القرن الماضي ، وذلك في إطار تعاون استخباراتي وأمني متعدد الأوجه ، و من أبرز مظاهر التعاون بين الحسن الثاني والموساد، في عام 1965، استضافت المغرب لقمة عربية في الدار البيضاء.، فسمح الحسن الثاني للموساد بتسجيل جلسات القمة ، مما مكّن إسرائيل من الحصول على معلومات استخباراتية حساسة عن الخطط العسكرية والسياسية للدول العربية، والتي يُعتقد أنها ساعدت في استعدادها لحرب 1967
ناهيك عن التعاون في مواجهة المعارضين ، إذ أن الموساد ساعد الحسن الثاني في مواجهة معارضيه من السياسيين و العسكريين الرافضين لخيانة و تهوره ، بما في ذلك تقديم معلومات عن المهدي بن بركة، المعارض المغربي البارز، الذي اختفى في باريس عام 1965 في عملية يُعتقد أن الموساد كان له دور فيها ، ثم دعم استخباراتي وأمني: في الستينيات ، ساعد الموساد في تنظيم جهاز الاستخبارات المغربي، وقدم تدريبات وتكنولوجيا مراقبة، بل وأقام محطة له في المغرب ، وبهذا فإن الحسن الثاني سعى من خلال هذا التعاون إلى تعزيز أمنه الداخلي الشخصي و ضمان بقائه على العرش، ومواجهة تهديدات العسكريين الذين قاموا بمحاولات انقلابية عديدة ضده، والحصول على دعم استخباراتي وتقني لتعزيز قدرات المغرب الأمنية ، واستخدام المغرب كقناة خلفية للتواصل بين إسرائيل ودول عربية أخرى، خاصة في سياق التوترات الإقليمية
كان اليهود المغاربة يعيشون في المغرب ويتمتعون بحياة مستقرة . و لم تكن هناك هجرات جماعية تُذكر ، إلا بعد 1948، مع قيام دولة إسرائيل؛ حيث بدأت هجرات جماعية لليهود من المغرب، خاصة بعد أحداث العنف في وجدة وجرادة عام 1948. إذ أنه قبل قيام الكيان الصهيوني الإسرائيلي، كان المغرب يحتضن عددا يتراوح ما بين 250,000 و350,000 نسمة من اليهود الذين ساهموا في مجالات متعددة مثل التجارة والحرف و المناجم و السياسة و الإقتصاد. ومع موجات الهجرة الجماعية، خاصة بعد استقلال المغرب عام 1956، شهد المجتمع المغربي تغييرات ، إذ بدأت العائلات اليهودية تفقد الدور الاقتصادي والثقافي المتميز الذي كانت تتمتع به في عهد الحماية الفرنسية
يشكل اليهود من أصول مغربية اليوم أكثر من مليون نسمة في إسرائيل، ما يجعلهم من المشاركين الفعليين في إبادة الشعب الفليسطيني. حيث شغلوا مناصب وزارية ونيابية و عسكرية،. ففي حكومة بنيامين نتنياهو كان هناك عشرة وزراء من أصل مغربي ممن تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء الفلسطينيين، أي ما يعادل ثلث الحكومة. كما نفذوا السياسة التوسعي، إذ ساهموا في تأسيس العديد من المستوطنات والبلدات في إسرائيل؛ حيث أسسوا 111 مستوطنة تحولت بعضها إلى مدن كبرى، ولعبوا دوراً بارزاً في الحياة السياسية والاجتماعية. و من أبرز الشخصيات لليهود المغاربة في إسرائيل الذين ولدوا في المغرب هم كل من " أمير بيرتس" وزير الدفاع الإسرائيلي في عام 2006، و وزير الاقتصاد والصناعة ، وكان زعيماً لحزب العمل الإسرائيلي ، ثم " مئير شطريت" وزير الداخلية ووزير المالية و وزير التعليم ، إضافة إلى " دافيد ليفي" وزير الخارجية الإسرائيلي في التسعينيات و مناصب وزارية أخرى ، ثم " أورلي ليفي أبكسيس " ابنة " دافيد ليفي " ، التي وُلدت في إسرائيل من أصول مغربية وزيرة التنمية المجتمعية ، ثم " آرييه درعي " وزير الداخلية المزداد بمدينة مكناس بالمغرب مدير عام وزارة الداخلية في سن 26، و أصبح وزيرًا للداخلية في حكومة شاس. رغم تورطه في قضية فساد أدت إلى سجنه ، وعاد للسياسة بعد 12 عامًا كوزير الداخلية مجددًا ، ثم " أمير أوحانا " وزير الأمن الداخلي من أبوين مغربيين ، الذي خدم في الشرطة العسكرية وجهاز الشاباك ، و انتقل للعمل السياسي مع حزب الليكود، ليصبح أول وزير إسرائيلي مثلي علنًا في الحكومة ، ناهيك عن " دافيد أمسالم " من أبوين مغربيين و هو عضو بارز في حزب اللكود يعرف بقربه من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويشتغل وزير الأتصال بين المكومة و الكنيست ثم " عمير بيرتس " المزداد في أبي الجعد بالمغرب وزير الاقتصاد والصناعة ، الذي شغل منصب وزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء ، ثم وزير حماية البيئة، ويُعتبر من أبرز السياسيين في حزب العمل أما " ميري ريغيف " وزيرة المواصلات عضو في حزب الليكود، تُعرف بتصريحاتها المؤيدة لتجديد العلاقات بين إسرائيل والمغرب، وتعتبر من أبرز الشخصيات السياسية ، ثم " ميخائيل بيتون " وزير الشؤون الاستراتيجية و عضو في حزب " أزرق أبيض " يُعتبر من الشخصيات البارزة في مجال الأمن والسياسة الاستراتيجية ، و الأستاذ الجامعي السياسي " شمعون ليفي " الذي بدأ مساره الأكاديمي و السياسي أستاذا في كلية الآداب بالرباط ، وقيادي سابق في حزب التقدم والاشتراكية بالمغرب ، يُعتبر من الناشطين البارزين في مجال الثقافة والتراث اليهودي المغربي ، إضافة إلى " إيلي بن دهان " حاخام سياسي بدأ مساره السياسي والديني بشغل منصب نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ، يوُصف بآرائه الدينية المتشددة، ويُعتبر من الشخصيات المثيرة للجدل في السياسة الإسرائيلية يشكل اليهود المغاربة قوة انتخابية مؤثرة، خاصة في الأحزاب اليمينية مثل "شاس" و"الليكود"، علاوة على ذلك، يُلاحظ أن العديد من هؤلاء الشخصيات يقومون بزيارات للمغرب
ساهم الإسرائيليون من أصول مغربية في تعزيز العلاقات بين إسرائيل والمغرب، كما لعبت ضغوط الأطراف التي سعت لتوقيع اتفاقية التطبيع دوراً محورياً، وكان للولايات المتحدة دورٌ محوري في هذا السياق؛ إذ أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اعترافها بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية، وهو ما اعتبره المغرب "انتصارا مهماً" في ملف الصحراء. مما أدى إلى تجاوز مرحلة السرية إلى مرحلة العلنية في تطبيعه العلاقات مع اسرائيل ، مما يشير إلى وجود صفقة سياسية بين الأطراف المعنية. أما فيما يتعلق بالضغوط الداخلية والخارجية، فقد أشار رئيس الحكومة المغربية آنذاك ، سعد الدين العثماني، إلى أن قرار التطبيع كان "صعباً" لكنه جاء في ظل ظروف قاسية تتعلق بملف الصحراء ، حيث لم تحظ بعض الدول الأوروبية والعربية بالدعم المتوقع للمغرب، مما دفعه إلى قبول العرض الأمريكي. كما لعبت الجالية اليهودية المغربية دوراً في تعزيز العلاقات بين المغرب وإسرائيل ، لما تتمتع به من روابط مع العائلة الملكية بالمغرب ، مما ساهم في فرض توقيع إتفاقية التطبيع العلني
كما أن الملكية بالمغرب تولي اهتماماً بالحفاظ على التراث اليهودي من خلال ترميم المعابد والمقابر وإدراج الثقافة اليهودية في المناهج الدراسية ، وتشجيع الديكتاتور الملك محمد السادس لما يسمى بتعزيز التعايش بين الأديان والثقافات في المملكة ، ما يجعل هذه السياسات تظل جزءاً من رؤية شاملة تستهدف وضع المغرب في مصاف الدول التي يروج لها على أنها تعزز التعايش والتنوع الثقافي ، وهو ما يجعل الملكية تستغل المسألة اليهودية في العلاقات الدولية للمزيد من إبتزازها للمجتمع الدولي ، و استقطابها للعملة الأجنبية عبر الأستثمارات و السياحة أو المنح.
برزت قضية " جين بن زاكين " كمثال للكشف عن الوجه الحقيقي للملكية بالمغرب إذ أن هذه القضية القانونية المثيرة للجدل تتعلق بسيدة تُدعى " جين بن زاكين " (المعروفة أيضًا باسم هيدفا سيلا)، وهي مواطنة إسرائيلية - بلجيكية من أصول مغربية. تقرعلى أنها ابنة غير معترف بها للملك الحسن الثاني ، مما يجعلها أختًا غير شقيقة للملك الحالي محمد السادس ، فهي تكشف على أنها وُلدت في نوفمبر 1953 نتيجة علاقة بين الحسن الثاني، عندما كان وليًا للعهد، ووالدتها " أنيتا بن زاكين " ، ابنة أخت الوزير اليهودي المغربي السابق " ليون بن زاكين " ، و تسعى لإثبات نسبها من أجل حقوق أبنائها وأحفادها، وليس بدافع الحصول على لقب ملكي ، من هنا بدأت الإجراءات القانونية في عام 2008، عندما رفعت دعوى أمام القضاء الإسرائيلي لإثبات نسبها، لكن المحكمة رفضت القضية متدرعة بعدم الاختصاص تلبية في ذلك لرغبة الملكية بالمغرب و إرضائها. و في عام 2022، قدمت دعوى أمام محكمة الشؤون العائلية في " برابانت والون " ببلجيكا، مطالبة بإجراء اختبار الحمض النووي لأفراد من العائلة الملكية المغربية ، و إثبات نسبها، بالإضافة إلى تعويض مالي قدره 15 مليون يورو ، وكان رد الملكية بالمغرب أن اعتبرت ذلك محاولة للابتزاز. و في عام 2018، التقت هيئة دفاع جين بالسفير المغربي في بروكسل ، لكن القصر الملكي اعتبر ذلك محاولة للضغط المالي. أما في يناير 2023، فقد رفعت الملكية مسخرة في ذلك الحكومة المغربية دعوى قضائية ضد اليهودية الإسرائلية المغربية البلجيكية "جين " أمام القضاء البلجيكي بتهمة الابتزاز والاحتيال، ما جعل القضية تعرف تطورات حيث قررت محكمة نيفيل في بلجيكا في سبتمبر 2024، تعليق الإجراءات المدنية لحين الانتهاء من التحقيق الجنائي المفتوح للتحقق في التهم الموجه من الملكية المغربية ضد جين بتهمة الاحتيال وتقديم وثائق مزورة
تُعد هذه القضية حساسة ومعقدة، حيث تتداخل فيها الجوانب القانونية والعائلية والدبلوماسية. ، ولا تزال الإجراءات القانونية مستمرة في بلجيكا ، و هي قضية من القضايا المثيرة للجدل التي شغلت و ستشغل الرأي العام الدولي مستقبلا. لما أثارته و ستثيره من جدالً واسع في الأوساط الإعلامية والقانونية ، خاصة مع رفض العائلة الملكية بالمغرب إجراء اختبار الحمض النووي. كما أن القضية أعادت إلى الأذهان سابقة قضائية في بلجيكا، حيث أُجبر الملك البلجيكي " ألبير الثاني " على إجراء اختبار الحمض النووي في قضية نسب مماثلة . و تظل قضية " جين بنزاكين " معلقة بين الادعاءات الشخصية والإجراءات القانونية، مع تمسك كل طرف بموقفه. وفي ظل استمرار التحقيقات، يبقى الرأي العام متابعًا لتطورات هذه القضية المثيرة
بدأت هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل بعد عام 1948، حيث غادر المملكة ما بين 1948 وبداية الستينات ما يزيد عن 100,000 نسمة. بلغت الهجرة ذروتها بعد حربي 1967 و1973، حيث بلغ تعداد مغاربة إسرائيل سنة 1974 ما يقارب 400,000 شخص. أسباب الهجرة تنوعت بين الرغبة في تحسين الظروف الاجتماعية، والتأثر بالأوضاع السياسية في المنطقة، بالإضافة إلى عمليات تهجير منظمة مثل عملية "ياخين" التي نفذتها المخابرات الإسرائيلية ، وتم خلالها تهجير عدد كبير من اليهودي من المغرب نحو اسرائيل وتُظهر هذه الوقائع أن التعاون بين الحسن الثاني والموساد كان جزءًا من استراتيجية أوسع لبقائه على العرش ، حتى وإن تطلب ذلك إقامة علاقات سرية مع إسرائيل في وقت كانت فيه معظم الدول العربية تقاطعها. وبالتالي يُمكن اعتبار التطبيع العلني بين المغرب وإسرائيل الذي أُعلن عنه في ديسمبر 2020 استمرارًا لعلاقات سرية وطويلة الأمد بين البلدين، تعود جذورها إلى عقود مضت
و يعد المغرب رابع دولة عربية تطبع العلاقات مع إسرائيل في ذلك العام الذي تم بوساطة أمريكية ، بناءً على ما سبق، يُمكن القول إن التطبيع العلني بين المغرب وإسرائيل لم يكن تحولًا جذريًا في السياسة المغربية، بل كان انتقالًا من علاقات سرية إلى علاقات معلنة، تعكس تاريخًا من التعاون المشترك الذي امتد لعقود ، بهذا التحالف تكون الملكية بالمغرب قضت على كل الأصوات المعارضة لها من السياسيين و العسكريين المغاربة ، فيما ساهمت في الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفليسطيني ، ففي واقع الأمر لو طان القرار بيد الشعب المغربي و قواه الحية فإن المغرب لن يطبع أبدا مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي نظرا لما اقترفه اليهود من أصول مغربية في حق الشعب الفليسطيني من جرائم ضد الإنسانية ، فلو لم تكن الملكية هي الحاكمة بالمغرب و المحمية من قبل الصهاينة ، لعمل المغرب بضمير حي ، و بحس و طني و إنساني على اسقاط الجنسية المغربية على كل يهود اسرائيل المنحدرين من المغرب وفقًا لقانون الجنسية المغربي الحالي، الذي تُحدد فيه حالات فقدان الجنسية المغربية في الفصل 19، بينما يُنظم الفصل 22 حالات التجريد من الجنسية المكتسبة للمغربي الذي يؤدي مهمة أو يشغل وظيفة في مصلحة عمومية لدولة أجنبية ، أو في جيش أجنبي ، إذا كان شغل هذه المهمة أو الوظيفة يتعارض مع المصلحة الوطنية ، ، أو يقوم بأي عمل يُعد جناية أو جنحة تمس بسلامة الدولة الداخلية أو الخارجية ، أو أي عمل يُعد جناية ترتبت عنها عقوبة تزيد على خمس سنوات سجنًا ، أو قام لفائدة دولة أجنبية بأفعال تتنافى مع صفته المغربية أو تمس بمصالح المغرب ، يُلاحظ أن هذه الحالات تتعلق بالجنسية المكتسبة، ولا يُمكن تجريد المواطن المغربي من جنسيته الأصلية إلا في الحالات المنصوص عليها في الفصل 19 و هو ما ينطبق على كل اليهود الإسرائليين من الأصول المغربية نظرا لتجنيدهم في الجيش الإسرائلي ، و قيامهم بجرائم القتل و الإبادة وسوء المعاملة في حق كل من الشعب الفلسطيني ، و اللبناني ، و السوري ، والمصري و الإيراني و اليمني، و يبقى تفعيل هذا الفصل 19 في حقهم من قبل المغرب هو أضعف الإيمان، للحفاظ على شرف و كرامة و عزة الشعب المغربي ، لكن هيهات فالشعب المغربي بدوره يعاني من سرطان هذه الملكية الصهيونية وجبروتها و إذلالها له.

كاتب و إعلامي
أمستردام



#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدية القطرية الضخمة المسمومة للرئيس الأمريكي ترامب
- ترشيح المغرب لنيل جائزة نيلسون مانديلا: إهانة لمؤسسات الأمم ...
- الخلافات بين المغرب والجزائر: خلفيات وأفق الحل؟
- بيان بمناسبة اليوم العالمي للشغل
- أي مصير ينتظر الأبرياء في سجون المغرب؟
- تطاول - مالي- على الجزائر جزء من المؤامرة الكبرى
- المغرب و اسرائيل : انتهاكات حقوق الإنسان بذريعة فرض - هيبة ا ...
- المغرب في حاجة إلى مناضلين ثوريين وليس إلى إصلاحيين انتهازيي ...
- المغرب وإسرائيل : هدم المنازل و تشريد الأسر إلى أين؟
- المغرب: المرأة بين سندان القوانين المُجحفة ، و مطرقة طُغيان ...
- إخفاق التنظيمات اليسارية الثورية ، و انتصار التنظيمات السلفي ...
- المغرب : هل سلم الملك محمد السادس استقالته للرئيس الفرنسي ، ...
- الاستقالات المتتوالية قد يُعجل بإسقاط الحكومة الهولندية
- الاستقالات المُتتالية قد تُعجل بإسقاط الحكومة الهولندية
- هولندا : أحداث أمستردام و مُخططات اللوبي الصهيوني إلى أين ؟
- حسن نصر الله ليس شيعيا إسلاميا فقط ، بل مناهضا للصهيونية و ا ...
- التنسيق الفرنسي ، الإسرائيلي ، المغربي ، الإماراتي ضد الجزائ ...
- المغرب : إغتيال طبيب عسكري جريمة أخرى تنضاف إلى جرائم الديكت ...
- أين أنتم يا حكام العرب والمسلمين ممّا يجري بفلسطين؟
- تنبيه هام : الظاهر و الخفي وراء منح الجنسية الهولندية لإسرائ ...


المزيد.....




- حاول أحدهما استخدامه.. طائرة -درون- ترصد ضباطًا ينزعون سلاح ...
- نفخ الزجاج في مورانو ونسي الجامعة.. من هو أصغر حرفي لصناعة ت ...
- مصدر يحدد موعد بدء أول لقاء ثلاثي يجمع روسيا وأوكرانيا وتركي ...
- الإرهاق بالعمل يغير من بنية الدماغ.. والمخاطر تصل حد الوفاة ...
- ترامب في رحلة العودة: لست محبطا ! لقد حصلنا على 4 تريليون دو ...
- صحيفة: أوكرانيا تعرضت للخداع من جانب منتجين وتجار خلال شراء ...
- مصادر: ويتكوف أبلغ الوسطاء أن الولايات المتحدة لا تخطط لإجبا ...
- فيديو لنقل مريض في ظروف خطرة بالعراق يثير ضجة! (فيديو)
- مسؤول عسكري إسرائيلي: الحوثيون عدو صعب والساحة اليمنية معقدة ...
- سلاح الجو الأوكراني يعلن فقدان الاتصال بمقاتلة من طراز -إف-1 ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - العلاقات المغربية الإسرائيلية من السرية إلى التطبيع ، و ضياع فلسطين