علي لهروشي
كاتب
(Ali Lahrouchi)
الحوار المتمدن-العدد: 8316 - 2025 / 4 / 18 - 20:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يمكن لأي مُهتم بما يجري بالعالم من صراعات أن يستوعب الطريقة التي انقلبت بها مالي رأسا على عقب لتطاولها الغير مُبرر على الجزائر ، إلا إذا كان يُدرك جيدا أن هناك مُؤامرة كبُرى تُحاك في دهاليز المخابرات في السر و العلن ضد الجزائر من قبل مختلف الدول ذات المصالح بالمنطقة . فإذا كانت الجزائر قد ضحت ولاتزال تُضحي بأموالها ، و بعتادها ، و بخبرتها العسكرية ، و الأمنية من أجل مساعدة الكثير من الدول الإفريقية ، و خاصة دول الساحل و الصحراء و على رأسها " مالي" ، التي استفادت من الدعم الجزائري على مُختلق المستويات ، منها المستوى الأمني، و العسكري ، و الاقتصادي ، و الفلاحي لمواجهة مشاكلها الإجتماعية الداخلية المتدهورة ، ثم مواجهة كل من المنظمات المتأسلمة الإرهابية ، و محاربة كل الأعمال الإجرامية كالتهريب ، و المخدرات ، وتهريب المهاجرين السريين ، وكل الأعمال الغير مشروعة التي بإمكانها أن تعبر الحدود ، وتتسبب في توتر بين البلدين ، وذلك للمساهمة الفعالة في حماية أمن مالي و وحدتها ، و حدودها ، ناهيك عن إعفائها إلى جانب الكثير من الدول الإفريقية من القروض المالية التي اقترضتها من الجزائر ، فإن ذلك لم يشفع ، ولم يجعل " مالي " تتعقل ، وتتمهل قبل أن تخرج عن المألوف ، و تنضم إلى المتأمرين ضد الجزائر ، فلا شيء يجعل " مالي" ترتكب هذه الحماقة الغير محسوبة العواقب ، إلا إذا كان هناك من قدم ، و يُقدم لها إغراءات خيالية مُقابل تحريضها ، و شروعها في تنفيذ الخطوات الأولى للخطة المُعدة سلفا لاستهداف الجزائر
من هنا يتبين أن كل الأطراف التي تتأمر على الجزائر كالمغرب ، و فرنسا ، و الإمارات ، و الكيان الصهيوني الإسرائلي لهم مصلحة في تعنت مالي و استفزازها للجزائر ، و خلق التوتر بين البلدين الجارين عبر الحدود الجنوبية الجزائرية ، بعدما تم خلق توتر عبر حدودها الغربية مع المغرب ، و من يدري أن الأيام القادمة قد تفتح باب نشوب توتر أخر عبر الحدود مع كل من النيجير من الجهة الجنوبية أيضا ، و ليبيا من الجهة الشرقية لتنفيد خطة محاصرة الجزائر من كل واجهة ، حينها لم ، و لن يبق لها سوى قوة جيشها ، و عتادها ، ويقظة مواطنيها ، و هو ما يتطلب من المسؤولين الجزائريين الأن و ليس غذا تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة الهجمة الشرسة الخارجية ، و ذلك بالاستثمار في الإنسان الجزائري ، و تقوية مناعته عبرتمتعه بالمزيد من الحرية ، و الديمقراطية ، و العدالة ، وحقوق الإنسان... حتى يتمكن هذا الإنسان للتصدي للأعداء دفاعا عن وطنه ، وهويته ، و مكتسباته ، و مواطنته ، وإلا استغل المتامرون كعاداتهم عدم و جود تلك المكتسبات كنقط ضعف لإنجاح خطتهم التدميرية
إن المنطقة تعرف توغل بعض الأطراف الأخرى بحثا عن مصالحها ككل من توركيا ، و روسيا ، و إيران ، و الصين و جُل هذه الدول تُحاول استقطاب ، و استمالة الدول الإفريقية ، و خاصة دول الساحل و الصحراء ، ومنها من يصبو إلى إضعاف ، و تقزيم دور الجزائر بالمنطقة ، كما أن هناك من يريد ضرب استقرارها من الداخل من أجل تدميرها على جميع المُستويات بنفس الخطة ، و المؤامرة التي تم بها تدمير سوريا ، التي كانت خطة تدميرها مُعدة سبقا منذ سنة 2011 ، إلا أنها لم تتحقق كل فصولها إلا بعد مرور عقد و نصف من الزمن عن وضعها من قبل الصهيونية الأمريكية الإسرائيلية ، لأن لهؤلاء الأشرار و الأعداء أنفاس طويلة ، وعُملاء بالداخل ، و بالجوار للإصرار على مواصلة تنفيذ خُططهم الهدامية و الإنتقامية ، و مؤامراتهم المحبوكة ضد كل الدول التي ترفض التعامل و التطبيع مع هذا الكيان الصهوني الإسرائيلي ، و الإنبطاح أمام القوى الإستعمارية ، خاصة التي انزعجت خوفا من فقدان مصالحها ، خاصة لما ترى أن الجزائر تتجه بسياستها إلى القطب المضاد لهذه القوى الاستعمارية كرغبتها في الإنضمام إلى مجموعة " بريكس " ثم تحالفها مع روسيا الإتحادية ، ناهيك عن تشبثها بالمساهمة في إيجاد حل للأزمة الليبية، و و توطيد علاقاتها بالدول الإفريقية عامة ، و خاصة دول الساحل الأفريقي التي انتفضت مؤخرا ضد التواجد الفرنسي على أراضيها، وجعل فلسطين قضية وطنية بالنسبة للجزائر، بمعيار أنها لن تتخلى عن فلسطين بصفة عامة ، ولا عن غزة بصفة خاصة ، وعندما يقول الرئيس الجزائري " عبد المجيد تبون" عن السياحة الأجنبية " أن من لذيه عمود فقري صلب لا يستطيع أن يُحقق نجاحا في مجال السياحة ، فلكي ينجح المرء في هذا المجال لابد أن يكون عموده الفقري لين كي يستطيع أن ينحني ، وللأسف فليس لا للجزائر ولا للمواطن الجزائري ذاك العمود الفقري اللين كي ينحني ، بل لذيهم عمود فقري صلب لا ينحني أبدا " ، هذا في واقع الأمر لا ينطبق عن مجال السياحة لوحدها فقط ، بل ينطبق على كل المجالات الأخرى ، وهو ما تعاني منه الدول الضعيفة ، و المستضعفة أمام تغول و غطرسة الدول الإستعمارية ، وهو ما تحاول الجزائر التحرر منه ، وبالطبع أن ذلك لن يتحقق دون تعرضها لكل أشكال الضغوطات
من هنا يبحث المتأمرون الأعداء دائما عن كل نقط الضعف من أجل استغلالها سواءا على المستوى الداخلي ، كالعمل على تحريض المواطنين بالداخل بالقيام بالمظاهرات ، و تخريب الممتلكات ، و ضرب الإستقرار ، ثم استغلال التدهور الإقتصادي ، و السياسي ، و الدبلوماسي ، و الأخلاقي ، أي استغلال الأزمات الداخلية للدول المجاورة كالمغرب ، و مالي ، والنيجير ، وليبيا لتعويضهما عن ذلك مُقابل استعمالهم عند الحاجة في لمحاصرة و مواجهة الجزائر ، وتلك هي خيوط المؤامرة التي تُحاك من قبل كل من فرنسا ، و الكيان الصهيوني الإسرائيلي ، و الإمارات ، و هي خطة ممولة ماليا من قبل أموال النفط الخليجي
إن حادث اسقاط الطائرة المُسيرة على الحدود بين مالي و الجزائر ، والتي وُجهت فيها أصابيع الإتهام من قبل " مالي" للجزائر لا ينفصل لا عن المُناورات العسكرية المستفزة للجزائر المُقرر إجراؤها بالمغرب بالقرب من الحدود الجزائرية بين كل من فرنسا ، و المغرب بمُشاركة جيش الكيان الصهيوني الإسرائيلي المُجرم ، كما أنها لا تنفصل أيضا عن الحملة الإعلامية الشرسة ، و القضائية ، و الدبلوماسية التي اشتعلت نيرانها بفرنسا بمنطق استعماري محض ضد الجزائر ، حيث تم تحريك الألة الإعلامية الفرنسية بمُختلف أبواقها لاتهام الجزائر بمُطاردتها ، واختطافها ، و تعقبها ، و تجسسها ، وتهديدها لمُعارضيها المتواجدين على الأراضي الفرنسية ، ثم اعتقال فرنسا لمُوظفين من العاملين بالسفارة الجزائرية بتهمة اختطاف معارض جزائري ، وطرد بعضهم من فرنسا ، وهو ما جعل الجزائر ترد بالمثل دفاعا عن هيبتها ، و سيادتها ، و استقلالها . ويبقى السؤال المطروح هنا هو : لماذا تتحرك فرنسا اليوم بشكل سلبي مُخزي ضد الجزائر بالضبط الأن و ليس من قبل ؟ ألم يكن هذا مُجرد الكشف عن وجهها الحقيقي ، و انضمامها المُعلن للمتأمرين على الجزائر بُغية تنفيذ خطتم ضد هذا البلد الذي اختار لنفسه أن يكون بلدا حرا ، مُستقلا في توجهاته ، و اختياراته الساسية ، و الاقتصادية ، و العسكرية ، و الأمنية ، و الثقافية ، والاستراتيجية بعيدا عن التبعية للقوى الاستعمارية؟
لماذا تكيل فرنسا بمكيالين تاركة المخابرات المغربية تفعل ما تريده على الأراضي الفرنسية بكل حرية في مطاردتها ، وتعقبها ، واعتدائها الجسدي و النفسي على المُعارضين المغاربة المتواجدين على أراضيها ، ، والتي دفعت ببعضهم لهجرة فرنسا ، بعدما لم يعودوا أمنين بها ، بالرغم من أنهم يحملون جنسيتها ، و من بينهم الطيار العسكري الضابط " مصطفى أديب " الذي فر من فرنسا إلى الولايات المتحدة الأمريكية. و كذلك الملاكم العالمي " زكريا مومني" الذي فر إلى كندا . هل تعتقد فرنسا أنها لازالت حقا دولة الشعار الثلاثي المعروف بالحرية ، المساواة ، الأخوة ، الذي لم يبق منه سوى الإسم
فإذا سبق لأقنان الديكتاتورية العلوية بالمغرب أن رفعوا شعار " كلهم إسرائيليون " في عدوانها الغاشم ، و الإجرامي على الشعب الفليسطيني الأعزل ، فإن الأحرار المغاربة يرفعون شعارا مقابلا " كلنا الجزائر "
كاتب و إعلامي
أمستردام
#علي_لهروشي (هاشتاغ)
Ali_Lahrouchi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟