علي لهروشي
كاتب
(Ali Lahrouchi)
الحوار المتمدن-العدد: 7762 - 2023 / 10 / 12 - 09:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في البداية أود أن أذكر، وأجزم لكل من يساند أو يتعاطف أو يؤيد و يناصر سرا وعلانية الكيان الصهيوني الإسرائلي في محرقته ضد كل ما هو فلسطيني، إعتقادا منه على أنه بذلك قد ينتقم لأجداده ، و لأرضه ، و لمرحلة تاريخية معينة بموقفه المتصهين المتنافي مع كل ما هو إنساني ، وحقوقي ، وديمقراطي . فمهما كانت المبررات التي سيسوقها وراء موقفه المتصهين، باعتباره ضحية لعدوان ، و احتلال ، و استيلاب ، و استعراب و أسلمة ، من قبل العرب و المسلميين قديما ، أو حتى حاليا ، وهنا أقصد بالأساس كل من الأكراد و الأمازيغ ، وغيرهم من الشعوب التي تشعر بالحيف ، و الإقصاء ، و التهميش في بلدانها الأصلية ، و أقول لهؤلاء أن التشفي فيما تعرض ولازال يتعرض له الفلسطينيون ،و الإساءة لكل من ساند ولازال يساند القضية الفليسطينية لا يُعتبر لا من قيم ، و لا من أخلاق ، ولا من شيم البشر و البشرية ، و لا من صفات و مبادئ الإنسان الحر و الديمقراطي ، و لا يمكن لهذا النوع من الإنسان أن يُحظى بثيقة أبناء جلدته ، لأنه بكل بساطة ينحاز إلى الظالم ويحقد على المظلوم إعتقادا منه أن الظالم قد يجزيه يوما ما عن مساندته المجانية تلك. ناهيك على أنه لا ُيدرك بالبات و المطلق مدى خطورة المُخططات الصهيونية اليهودية الجهنمية التي ينتظرها العالم على المستوى القريب أو البعيد ، هدفها التخلص من عدد هائل من البشر، واستعباد كل ما تبقى من شعوب العالم ، لكونها المجموعة ، أو العرق ، أو العقيدة ، أو الإيديولوجية المفضلة من قبل ربها و خالقها. فكل من يساند اليوم الإمبريالية والصهيونية والماسونية سيكون غذا عبدا لها لا محالة.
إن الحرب و العدوان و المواجهة المسلحة و الصراع كيف ما كان نوعه لا ينتج عنه سوى المأسي ، و الضحايا ، و الأوجاع و الألم ، و الحقد و الكراهية ، و منطق الإنتقام ، وأحداث مأساوية ترويها الأجيال بعضها للبعض ، و تُرسم وقائعها من جيل لأخر، وتظل صورها وجروحها راسخة كالوشم في الأّذهان ، قد تعود في أية لحظة و حين إلى الواجهة بمنطق من زرع الأشواك فلن يحصد غير الأشواك.
لقد فُرضت الصهيونية اليهودية الإسرائيلية كسرطان قاتل على منطقة الشرق الأوسط لخدمة الأجندة الاستراتيجية للإمبريالية الصهيونية الماسونية الأمريكية ، و التحكم في المنطقة لنهب خيراتها و مواردها ، و استعباد شعوبها عبراختيار و فرض حكامها ، في نفس الوقت تقوية الكيان الصهيوني اليهودي و استقطاب أفراده ، و جماعاته من مختلف بقع العالم عبر الإغراءات ، و التسهيلات ، و الدعم ، و المؤازرة و التشجيع على نهب ، وسلب ، و انتزاع الأراضي ، و المنازل و الممتلكات من ذويها بشكل قطاع الطرق ، ناهيك عن تغيير معالم التاريخ و الجغرافية بمبرر الحق التاريخي و العقائدي لليهود بالمنطقة ، و لإقرار هذا الحق المزيف فإن ذلك ستنتج عنه جرائم حرب ، و جرائم ضد الإنسانية و ضد القانون الدولي ، حيث القتل العمد مع سبق الإصرار و الترصد للأبرياء من الأطفال ، و الرضع ، و الأمهات ، و الشيوخ ، و المسنين ، و المعاقين و كل العزل ممن لايحمل أي سلاح ، ناهيك عن تدمير الطبيعة بقتل الحيوان ، و اقتلاع الأشجار، و حرق المزارع ، وتخريب البساتين أمام أعين العالم الصامت الأخرس ، وفي تجاوز صارخ للتوصيات و للقانون الدولي ، الذي تفرضه و ترعاه ما يسمى بالمؤسسات الدولية ، كالأمم المتحدة ، و مجلس الأمن الدولي ، و الجمعية العامة للأمم المتحدة ، و المنظمات و المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان.
و لكي تحقق الإمبريالية الصهيونية الماسونية الأمريكية أهدافها للسيطرة على العالم ، فإن ذلك يتطلب منها تحكمها في الإقتصاد الدولي عبر عُملتها الدولار ، وتحكمها في التجارة العالمية ، و السياسة الدولية عبر غطرستها وعُدوانها العسكري على الأبرياء ، و استخدامها للمؤسسات الدولية لتبريرذلك العدوان في احتلالها و تدميرها للدول الضعيفة و المستضعفة .
فهاهي الدول الغربية التي تدعي أنها ديمقراطية تخشى المحاسبة القانونية المنظمة لمؤسساتها القانونية و التشريعية و البرلمانية تتجاوز قواننها الداخلية و تعليقها ، بل تتعامى عن تطبيقها ، وتضرب كل شيء عرض الحائط ، لما يتعلق الأمر بنُصرتها للصهيونية ، بل تكيل بمكيالين في هذا الشأن ، إذ أنها تجمد هذا القانون ، و عدم استخدامه ضد كل من تطوع للقتال و المشاركة في دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا ، أوضد كل من تطوع لدعم الجيش الصهيوني الإسرائلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بغزة ، و مما يزيد الطين بلة أن كل متطوع من هؤلاء يحصل على أجرته الشهرية و تعويضات تنقلاته من أجل المشاركة في ارتكاب مجازر بشعة خارج حدود البلاد في مساندته لبلاد أخرى . فيما يطبق نفس القانون المجمد في الحالة الأولى على كل مواطن سبق له أن قام ، أو شارك ، أو إنضم لأي عمل مسلح ، أي حارب أو يحارب أو قام ، أو يقوم بأي عمل مسلح خارج البلاد، إذ يعاقب قانونيا ، ويحاكم جنحيا و جنائيا وفق ما إقترفه من قتل بمحاكم نفس الدولة التي تكيل بمكيالين في هذا الشأن ، وهو ما تم تنفيذه في حق كل من يحمل الجنسية الأوروبية من المتطوعين والمشاركين في الحرب الداخلية الأفغانية ، أو العراقية ، أو السورية إلى جانب المنظمة الإسلامية داعش أو غيرها ، و هو نفس القانون الذي لم يستعمل و و لم يستخدم ولم ينفذ ضد المرتزقة من المشاركين في حرب أوكرانيا و اسرائيل ، بل يتم استقبال هؤلاء بالورود ، و الهدايا ، و تسديد أجورهم ، وتعويضاتهم من أموال ضرائب الشعب ، فيما يلقى بالأخرين في السجون من مرتكبي نفس الجناية أو الجنحة و فق القانون المنصوص عليه في البلاد.
فبعيدا عن كوني ملحدا ، أو مسلما ، أو مسيحيا ، أو بوديا فلا يمكنني أن أبكي ، أو أتباكي أو أحزن عن مقتل حُفنة من اليهود الإسرائليين ، أو اختطاف و أسر عدد منهم ، فيما أتناسى ، و أنسى ، وأتجاهل ، و أتسامح و أغض طرف العين من باب النفاق ، أومن شعور الحقد و الانتقام على من قتل ألاف من أهل فلسطين عبر ال 75 سنة من الإحتلال عبر كل مختلف أشكال العدوان ، والاحتقار ، و القتل ، و التهجير ، والتنكيل و التجويع ، و التشريد ، و الاختطاف ، و الأسر ، و الاعتقال التعسفي ، و العقاب الجماعي ، و نهج سياسة الأرض المحروقة ، لا لشيء سوى لأن الإعلام الغربي المنحاز ، و المنافق ، و الكاذب ، و المتستر عن الحقائق يريد مني السيطرة على عاطفتي ، و الهيمنة على عقلي ، ومُخيلتي لتقبل وضع لا يمكن تقبله ، و محاولة إقناعي بشيء بعيد عن الحقيقة ، حول هذا الحادت الذي صنعته المقاومة الفليسطينية يوم 7 اكتوبر 2023 بزعامة منظمة حماس و الجهاد الإسلامي ، و في هذا الصدد لا يمكنني سوى تحميل المسؤولية الكاملة للضحايا الإسرائليين أنفسهم من الأموات و الأحياء ، و الأسرى منهم لتواجدهم على أرض مُحتلة ، مُغتصبة من أهلها ، فلا يمكنهم انتظار تسليم الهدايا و الورود من أهل تلك الأرض المغتصبة ، بل كان عليهم أن يدركوا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ، وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ، وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ ، وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ ، وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ ، والبادي أظلم ، وتظل َالْجُرُوحَ قِصَاصٌ مهما طال الزمن.
إن المحرقة التي تتعرض لها فلسطين من قبل اليهود الصهاينة الإسرائليين أمام أعين العالم تُظهر بالواضح و الملموس الذي لا غبار عنه ، ولا شُبهة فيه على أن العالم منقسم على نفسه ، حيث أن الأقوياء منه يتحالفون علانية فيما بينهم لمساندة الظالم للقضاء على المظلوم ، حتى و لو تطلب منهم الأمر تزيف الحقائق ، وتسريب الأكاذيب و المغالطات عبر قنواتهم الإعلامية المرتزقة ، وهنا يغيب أمام أعينهم كل ما كانوا يتشدقون به في كل مناسبة مما هو حقوقي ، و إنساني ، و ديمقراطي ، و قانوني الذي يغيب بسرعة البرق عندما يتعلق الأمر بفرض ذلك عن عضو من أعضاء معسكرهم الصهيوني. كما أن هناك ضعفاء ممن لم يمسهم شر و غطرسة الأقوياء بعد ، و هم متقاعسون منقسمون فيما بينهم بين من إكتفى منهم بالتنديد بتلك المحرقة ، وبين من ُيساندها كالجُهال الأشرر المرتزقة الذين رفعوا شعار " كلنا إسرائيل " ، أو من البلدان التي توغل فيها الكيان الصهيوني كالمغرب ، حيث اصدر ممثل البعثة الاسرائيلية ممثل مكتب الاتصال الاسرائلي بالمغرب بيانه التحريضي و التهديدي لكل من فليسطين ، و لبنان ، و أيران ، في تحدي سافر للمؤسسات المغربية و للأعراف الديبلوماسية ، و القوانين المنظمة للتمثليات و البعثات الديبلوماسية ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل سارع المقيم العام الاسرائلي الديكتاتورالمفترس محمد 6 ببعث برقية تعزية و المواسات للتعبير عن حزنه الشديد للكيان الصهيوني الإسرائلي .
ناهيك على وجود من يتبنى الحياد خوفا من غطرسة الصهيونية المتوحشة ، بالرغم من أن القطب الروسي حاليا قد ُيتيح لهم الفرصة الكاملة كضعفاء من الدول و المجتمعات المستعبدة و المأمورة من أجل التحرر من ضغط تلك الصهيونية ، و الإمبريالية ، و الماسونية في حالة إختيارهم طبعا الانتماء للقطب الروسي.
في هذا الصدد يتوجب على كل المجتمعات و الدول القُطرية و المُجاورة و المساندة لفلسطين التي لازالت مترددة ، أو مُتخوفة من خُروجها من عنق الزجاجة ، أن تعلن فقط موقف مساندتها الواضح و الصريح لتطبيق القانون الدولي على الجميع سواسيا كأسنان المُشط بما في ذلك فلسطين ، التي يسمح لها القانون الدولي بحق إقامة دولتها على حدود 1967 و عاصمتها القدس ، وذلك أضعف الإيمان لإيقاف نزيف الدماء بالمنطقة ، عوض محاولة اخفاء الشمس بالغربال ، و التزلف للصهيونية اليهودية الإسرائلية ، فالمنطق لا يقبل بإدانة أو معاقبة أو محاسبة مُغتصبة دافعت عن شرفها . كما أن الصهيونية اليهودية تنفذ تعليمات مقدساتها ، وتعليمات كتبها و معتقداتها، إذ أنها بذلك لن ترحم أحدا لا من يساندها و لا من يحاربها.
هولندا
#علي_لهروشي (هاشتاغ)
Ali_Lahrouchi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.