أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - المغرب :حكم الملكية الديكتاتورية المطلق والنضال لإحياء جمهورية الريف إلى أين ؟















المزيد.....


المغرب :حكم الملكية الديكتاتورية المطلق والنضال لإحياء جمهورية الريف إلى أين ؟


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 7137 - 2022 / 1 / 16 - 10:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتشكل جغرافية منطقة الريف من سلسلة الجبال الممتدة على شكل قوس كبير من مضيق جبل طارق غربا إلى ملوية شرقا ، وتحد من الشمال بحافة صخرية على طول الساحل المتوسطي، وتنخفض جنوبا اتجاه التلال السفلى المعروفة بتلال مقدمة الريف ، أي أن الريف الكبير يمتد من حدوده مع مدينة وجدة شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا عبر البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى حدوده مع مدينة فاس و مدينة سوق الأربعاء جنوبا . من أهم مناطق الريف منطقة الحسيمة و منطفة الناظور الأمازيغيتين ، ومدن أخرى كشفشاون وتطوان وطنجة والعرائش المستعربة . إلا أن كل هذه المناطق الريفية تابعة حاليا للسلطة المركزية الديكتاتورية بالمغرب بعدما كانت جمهورية قائمة الذات التي تأسست في 18 سبتمبر 1921 ودامت خمس سنوات ، تزعمها في تلك الفترة المقاوم محمد عبد الكريم الخطابي وكانت مدينة أجدير مركزا لها، وقد انتهت الجمهورية الريفية سياسيا و دبلوماسيا في يوم 27 مايو 1926م ، لكنها لم تنته إلى يومنا هذا في ذاكرة و نفوس و قلوب الجمهوريين الريفيين الأحرار من الذين يرفضون العبودية ، و الخنوع ، و الخضوع ، و الركوع و الإنحناء المذل للحكم الملكي العلوي الديكتاتوري بالمغرب كسلطة مركزية مهما كانت التبريرات في ذلك. كما أن الاقتصاد القروي بالريف كان يعتمد على زراعة الحبوب واستغلال الغابة ، و تربية الماشية ، و بعض المغروسات مثل أشجار التين والكروم ، وأشجار صغيرة من البلوط الأخضر. ، و اللوز ، و الزيتون ، والاعتماد على الرعي ، فيما أن الجهة الأمازيغية من منطقة الريف لا تستعمل سوى الأمازيغة كلغة تواصلية فيما بين الساكنة ، في الوقت الذي تستعمل فيه اللهجة الجبلية بالجهة الأخرى من الريف المستعرب .
لقد كانت الصراعات تمزق المجتمع الريفي، حيث تفشي ظاهرة الثأر و الإنتقام بين القبائل، لكن بعدما استوعبت تلك القبائل خاصة الأمازيغية منها على أنها لا تعمل بأسلوب الثأر و الإنتقام فيما بينها سوى على نشر التفرقة و إضعاف الذات ، أستطاعت أن تتجاوز تلك الأخطاء ، وعملت على توحيد صفوفها والدفاع عن أرضها. لينطلق كفاحها المسلح في فاتح يونيو 1921 ضد المراكز الاستراتيجية للمعسكر الإسباني. وبعد معارك قوية بين الثوار الريفيين الذين لم يتجاوز عددهم 300 مقاوم تمكنوا من هزم الإسبان ، حيث سقط 400 جندي إسباني وغنم الريفيون الكثير من البنادق والمدافع. وبعد هذا النصر تقاطرت القبائل الريفية الأخرى تعرض تأييدها لمحمد عبد الكريم الخطابي وتم بذلك أختياره أميرا عليها . و في 17 يوليو 1921 حقق الريفيون انتصارا أخر على عدوهم الإسباني . ثم في يوم 21 يوليو 1921 نشبت المعركة التي عرفت بـ"ملحمة أنوال" وقد حشدت القوات الإسبانية أكثر من 24,000 جندي مقابل 5,000 مقاوم ريفي. تمكن الريفيون من هزيمة الجيوش الإسبانية ، حيث خسر الإسبان أكثر من 15 ألف قتيل و570 أسير بالإضافة إلى مقتل قائدهم الجنرال سلفستر. و غنم الريفيون 500 مدفع و30,000 بندقية و1,000,000 خرطوشة وسيارات وشاحنات ، بالإضافة إلى استرجاع 130 موقعا من المواقع التي احتلتها إسبانيا. بعد هذا الانتصار أصبح الريف يتوفر على جيش ومعدات .
تمت دعوة السكان والقبائل الريفية إلى اجتماع عام ، وعُقد مؤتمر شعبي ، اتفق الحاضرون على الدفاع عن أراضي الريف ، فتم تشكيل مجلس شورى عام عرف بالجمعية الوطنية ، اسندت له مهام تنظيم المقاومة الوطنية ، وإدارة شؤون البلاد. وكان من بين قراراته إعلان استقلال الريف ، وتأسيس حكومة دستورية جمهورية يرأسها زعيم الثورة عبد الكريم الخطابي. وتم وضع دستور للجمهورية ، و تشكيل وزارات ، وجعل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في يد الجمعية الوطنية التي يرأسها الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي ، حيث أن رجال الحكومة مسؤولون أمام رئيس الجمهورية ، والرئيس مسؤول أمام الجمعية الوطنية . وقد تبنت المقاومة الريفية مبدأ إجلاء الإسبان عن جميع الأراضي الريفية و الاعتراف بالاستقلال التام للجمهورية الريفية ، كما اختارت الجمهورية علما لدولتها وهو علم أحمر في وسطه نجمة خضراء ضمن هلال أخضر في معين أبيض، و عملة نقذية ، و جعل منطقة أجدير العاصمة السياسية لجمهورية الريف.
تشكل تحالف دولي بين إسبانيا وفرنسا ، واتفقوا على الهجوم دفعة واحدة على جميع الاتجاهات على جمهورية الريف ، و في سنة 1925 تمكنت القوات الفرنسية من دخول تاونات وجبل مسعود ، كما استولت قوات أخرى على جبل الناظور وتمكنت من الاتصال بالقوات الإسبانية التي كانت تتقدم من ميضار. كما تمكنت قوات بقيادة الجنرال "إيبوس" من الاستيلاء على ترجيست ، وفي 8 شتنبر 1925 تم الاستيلاء على العاصمة الريفية " أجدير " بعد الإنزال المكثف على شاطئ الحسيمة. وقد استعملت في هذا الزحف مختلف الأسلحة من الغازات السامة ، و الطائرات والمدافع ، واستعملت جميع الوسائل العنيفة والمواد المهلكة ، و قام جيش التحالف بأنواع من الهمجية خربوا الديار، واغتصبوا الأملاك، واستباحوا النساء ، وقتلوا الرجال ، وهتكوا الأعراض، ، ومثلوا بالجثث ، وقطعوا الرؤوس ، فحدث الذعر بين سكان الريف. وأخذ الاضطراب يستولي على الجيش الريفي ، حيث بدأت بعض القبائل تتمرد. وأمام هذا الوضع اضطر عبد الكريم الخطابي إلى تسليم نفسه إلى القوات الفرنسية في ترجيست حقنا للمزيد من الدماء.
القوى الاستعمارية لا يهمها بالأساس سوى تحقيق مصالحها التوسعية على جميع المستويات ، وهي لا تزج ولا تغامر بجيوشها و لا بعتادها من أجل أنقاذ الإنسان و خدمة الإنسانية ، بل هي قوى استعمارية مبدأها الأساسي هو استنزاف خيرات ، و ثروات الشعوب المستضعفة ، و التحكم في مصيرها و قرارتها ، بل و استعبادها ، واستغلالها ، و بالتالي فإن عدو تلك القوى الإستعمارية هو كل من يعاكس رغباتها ، أي كل مقاوم ينادي بتحرير أرضه ، وشعبه برغبة الاستقلال و التحكم في تسيير تروات و خيرات بلده . و بالتالي فالقوى الإستعمارية تبحث دائما عن الشخص المساوم و ليس عن الشخص المقاوم ، فتعقد معه المفاوضات بإسم الصلح أساسها المساومة ، والخضوع و الخنوع لتلك القوى الاستعمارية ، حيث تجعل منه مجرد حاكم في الواجهة لا يعمل سوى على تنفيذ أوامرها و مخططاتها ، بل يسهر على إمتصاص وقمع الثورة و المقاومة الشعبية ، مقابل حماية كرسي حكمه بمنطق الأخذ و العطاء ، و بذلك يستعمل الحاكم كمُقيم عام للمحتل ، وهو ما وجدته الحماية الفرنسية و الإسبانية في المنبطح المدعو السلطان محمد الخامس و نجله الحسن الثاني ، حيث عملا إلى جانب القوى الاستعمارية من أجل القضاء على أنتفاضات القبائل بالمغرب ، سواءا بمنطقة الريف أو الأطلس المتوسط أو الجنوب بالشرقي.
إن ما نجحت فيه السلطة المركزية للديكتاتورية العلوية بفرض هيمنتها على منطقة الريف قد اخفقت فيه بالصحراء الغربية ، علما ان الجمهورية الريفية قد فرضت نفسها عسكريا ، ودبلوماسيا ، وسياسيا ، وتجاريا أمام مختلف دول العالم لمدة فاقت الخمس سنوات ، إبان تصاعد مبدأ تحرر الشعوب عبر المقاومة المسلحة الشرسة للشعوب المحتلة ضد القوى الإستعمارية عكس الصحراء الغربية. فما هي العوامل و الأسباب الظاهرة و الخفية التي أنهت حلم الريفيين في استمرار جمهوريتهم ، فيما أججت فيما بعد طموح الصحراويين في تحقيق حلم جمهوريتهم الصحراوية في ظروف عالمية مغايرة لما كانت عليه الأوضاع الدولية من قبل؟
تمتد شبكة القبائل الريفية بين كتلة غمارة غربا وقلعية شرقا والساحل المتوسطي شمالا وكتلة صنهاجة السراير وقبيلة كزناية جنوبا، ومجموعها أكثر من عشرة قبيلة : متيوة، وبني جميل، ومسطاسة ، وبني بوفراح ، وبني يطفت ، وتركيست ، وبني مزدوي ، وبقيوة ، وبني ورياغل ، وبني عمارت ، وبني توزين ، وتمسمان، وبني أوليشك ، و قبيلة بني سعيد. و كل هذه القبائل تشكل جزء من ستة قبائل وهي: قلعية ، وكبدانة ، وأولاد ستوت ، بني بويحيي ، وگزناية ، ومطالسة ، إضافة إلى القبائل التسع المكونة لكتلة صنهاجة السراير ، إذ يصبح بذلك المجموع العام حوالي ثلاثون قبيلة.
لكن بعد تمدن المنطقة وتغيير بنيتها العمرانية و البشرية و الإثنية لأغراض سياسية مفادها إحتواء الريف من قبل السلطة الديكتاتورية المركزية القابعة بالعاصمة الرباط التي يتحكم فيها الملك المفترس، تغير كل شيء بالريف حيث تم تهجير السكان للخارج خاصة للدول الأوروبية ، كما تم تهجير البعض الأخر لداخل المغرب ، وتوطين المغاربة الغير الريفيين بمناطق الريف لتغيير المعالم الديمغرافيا و اللغوية و الثقافية و الإثنية بالريف ، ناهيك عن نهج سياسة تذويب بعض الريفيين عبر توظيفهم في مختلف الإدارات و المؤسسات داخل الريف و خارجه ، ثم استقطابهم عبر انتمائهم للأحزاب ، و الجمعيات ، و النقابات ، و المنظمات ، و ترويضهم كالخيول على الركوع و الخنوع و الخضوع للسلطة المركزية الديكتاتورية بالرباط ، بل استعمالهم لعرقلة و طمس و محو الرغبة و الحنين إلى أمل و حلم جمهورية الريف.
فإذا كان الريف سابقا يتكون من حوالي ثلاثون قبيلة ، فقد صار الأن تحت حكم الديكتاتورية العلوية يتكون من أكثرمن ستة وثلاثون فرعا حزبيا ، ومختلف النقابات ، ومئات الجمعيات و المنظمات بمختلف اهتماماتها ، ومئات المنابر الإعلامية الورقية منها و المواقع الإليكترونية و غيرها ، وقد تم العمل على تأسيس هذه الترسنة بمنطقة الريف ليس لخدمة قضايا الشعب هناك ، بل هي ترسنة لتدمير المنطقة ، ونزع حب الريفيين إلى جمهورية أجدادهم. و حرمان الريف من المؤسسات التربوية و التعليمية و الصحية ، و تشجيع انتشار العمران ، و المدارس الإسلامية و القرأنية لنشر التزمت و التخلف و الإنعزالية ، و الانتظارية ، و التهريب و الاتجار في المخذرات بطريقة متعمدة و ممنهجة ، خاصة و أن منطقة الريف تتميز عن باقي المناطق المغربية بقربها من الحدود الأوروبية عبر الثغرين المحتلين من قبل المملكة الإسبانية ، و هما مدينتي سبتة و امليلية . لجعل أبناء الريف بعيدون كل البعد عن الدراسة و التعليم و التعلم ، ودفعهم بذلك إما للهجرة أو للاتجار في المخذرات و التهريب.
لقد استطاعت الديكتاتورية العلوية أن تغزو منطقة الريف و أن تفرض عليها هيمنتها المطلقة على جميع المستويات ، ليس باعتبارها أنها تملك قوة متفوقة من العزم و العتاد و الإرادة أكثر مما تملكه ساكنة الريف ، بل قد نجحت الديكتاتورية في استقطابها للريفيين الخونة من الانتهازيين و المتزلفين ممن لا يهمهم سوى مصالحم الخاصة و العائلية ، وقد تم استعمال هؤلاء كحصن حصين ضد قيام جيل ريفي تواق إلى الإستقلالية و الحرية ، سواءا في إحياء الجمهورية الريفية على شكل ما توصل إليه أجدادهم ، أو على الأقل جعل الريف فيديرالية تابعة للجمهورية الفيديرالية المغربية ، وكلا الحالتين تتطلبان اسقاط الديكتاتورية العلوية الخائنة أولا لتمهيد الطريق لحوار وطني ديمقراطي شامل .
إن رحم منطقة الريف بشكل خاص و رحم المغرب بشكل عام لم يتوقف في يوم من الأيام عن إنجابه لأشخاص تتقاسم نفس الأراء ، و التصور ، و الطموح ، وبُعد النظر لمختلف القضايا ، وهو ما يُشكل مجموعة متشبعة بفكر جمهوري أساسه الإستقلال الحقيقي ، و الحرية و العدالة و الديمقراطية ، و المساواة ، و حقوق الإنسان ، و هؤلاء الأشخاص و المجموعات يتم استهدافهم من قبل الديكتاتورية العلوية مُستخدمة أزلامها من الأقنان الخونة ، بُغية القضاء على الفكر الجمهوري الإستقلالي التحرري من مهده ، خاصة في ظل الإغراءات و الإمتيازات التي تعرضها الديكتاتورية العلوية يمينا وشمالا لاستقطابها لطرف و استعماله ضد الطرف أخر بسياسة و مخططات " فرق تسود ".
فالمرحلة تتطلب بل تفرض الوضوح و الشجاعة على كل من يرى في نفسه على أنه يُناضل من أجل الشعب المغربي أو الريفي أن يخرج من جُحره ، وأن يرفع عنه القناع ليُظهر نفسه على أنه ملكي ، أو على أنه جمهوري ، أي أن يفصح عن لونه الأبيض أو الأسود ، إذ لا مكان بعد اليوم للون الرمادي ، لأن الغموض يلف حول الأشخاص و المجموعات التي تحاول أن تخدع الشعب بنضالها من أجل خُرافات وطُرهات ما يسمونه بالملكية البرلمانية ، أو الملكية الديمقراطية ، أو الملكية الدستورية ، فمهما تغيرت هذه المفاهيم و الأسماء ، فإن كل هؤلاء يبقون ملكيون لا يخدعون بذلك سوى أنفسهم ، لأن الملكية في المغرب مهما حملت من صفة في مختلف الحالات ، فتبقى ملكية ديكتاتورية مطلقة ، لا شرعية لها ، و هي ليست لا وطنية ، و لا شعبية ، و لا ديمقراطية.
إن الوضوح في الرؤية الجمهورية خاصة يؤدي إلى اكتساب و ربح دعم بعض الجهات الدولية التي ترغب في مساندة الشعب المغربي أو على الأقل الشعب الريفي للخروج من محنته لتحقيق استقلاله من الإحتلال العلوي الديكتاتوري ، أما التوجه الملكي بمختلف تسمياتها فلن ينال سوى دعم نفس الملكية الديكتاتورية التي تستنزف خيرات طرف ضد طرف اخر من المغاربة . و بما أن الوضع الحالي يتطلب الجرأة و الشجاعة للخروج للنضال العلني الجمهوري فقد ظهرت بعض التجارب المتواضعة من بينها تأسيس الاطار الجمهوري الريفي الذي يتخذ علم جمهورية اتحاد قبائل الريف رمزا للتنظيم ، ثم خريطة بلاد الريف ، كما أن شعار التنظيم هو : " الريف وطننا والاستقلال هدفنا " وهو حسب المنظمين تنظيم سياسي ديمقراطي أسس ضمن القوانين المتعارف عليها بالمملكة الهولندية ، يهدف إلى العمل على تحقيق الأهداف التالية استقلال الريف عن المملكة المغربية كهدف استراتيجي ، ثم الترافع باسم الريف في المحافل الدولية ، و تأسيس جبهة ريفية موحدة بالشتات ومحاربة الغطرسة المخزنية وسط الريفيين بالشتات ، و التعريف بقضايا الريف ونضالات الشعب الريفي للشعوب الصديقة ، ثم ظهورحركة 18 سبتمبر التي أصدرت بيانا لها بتاريخ 25 يناير 2015 ترفض فيه تقسيم و تفتيت الريف وقد جاء في بيانها " في سياق المؤامرات المتواصلة التي يقوم بها النظام الاستعماري المغربي لتمزيق أوصال الريف وتشتيت تماسكه بهدف استمرار الاحتلال، عادت الدولة المغربية الممثلة في الحكومة وأحزابها للترويج لمؤامرة جديدة ضد الريف من خلال تقسيمه إلى جهات تتماشى مع مصالح سياسية مافيوزية تهدف إلى تركيع الريفيين للمخزن الاستعماري ، إن النظام المغربي بهيئاته السياسية والمدنية لا يمثل الريفيين، ولا شرعية له في الريف، وبالتالي فلا يحق له أن يقرر في مصير أبنائه، ونؤكد على أن المرجع الأساس لكل ما يتعلق بالريف هو إرادة الشعب الريفي الحر بالداخل والخارج، وهو من يقرر مصيره بكل حرية واستقلالية ، إن حركة 18 سبتمبر من أجل استقلال الريف، إذ تستهجن الطريقة التي يتعامل بها الاحتلال المخزني مع الريف، فإنها تهيب في نفس الوقت بكافة القوى الحية الريفية للتصدي للمؤامرات المخزنية التي أصبحت الآن مكشوفة وعلنية وتؤكد الحركة أن أي تقسيم يقوم به الاستعمار المغربي ضد الإرادة الشعبية للريفيين ما هو إلا مخطط يسعى من خلاله إلى تدمير ما تبقى من تماسك النسيج المجتمعي الريفي ، والحركة عازمة على مواجهة كل المخططات الاستعمارية بكل الوسائل والإمكانيات التي تخولها المواثيق الدولية ، إن حركة 18 سبتمبر تدعو الشعب الريفي الحر لتكثيف الجهود لإجهاض كل المؤامرات الاستعمارية ضد الوطن الريفي، والتوحد من أجل هدف واحد وهو: تحرير الريف وإعادة بناء دولة ريفية ذات سيادة تامة على التراب الريفي "
بما أن هذه التوجهات الجمهورية تستمد جذورها من تاريخها الأمازيغي بشمال إفريقيا ، فهي بذلك تبحث بكل السبل عن ربطها للعلاقة وأواصر التقارب ، و الأخوة و العمل المشترك و تبادل التجارب مع باقي التوجهات الأمازيغية بكل من الجزائر و تونس , وليبيا و مالي لتحقيق الوحدة و التضامن لمواجهة ما تسميه كل هذه الحركات بمخلفات القوى الإستعمارية التي كرست الأنظمة العربية أو المستعربة المتسلطة عن منطقة شمال إفريقيا الأمازيغية ، و من هنا كان لابد من العمل المشترك ما بين الحركات الجمهورية الأمازيغية المغربية أو الريفية مع أمازيغ منطقة القبائل بالجزائر ، لأن القاسم المشترك بين دعاة جمهورية الريف بالمغرب و حركة " ماك " الجزائرية هو الاستقلال و الإنفصال عن كل من الجزائر و المغرب. إلا أن الديكتاتورية العلوية الحاكمة بالمغرب ستتمكن من دس السم في العسل للقضاء على كلا الحركتين من خلال دعمها لـ "حركة استقلال منطقة القبائل" التي تُعرف اختصاراً باسم "ماك" التي تأسست عام 2001، وتتخذ من باريس مقراً لها. حيث تتلقى الدعم المالي و السياسي ، والإعلامي من قبل الديكتاتورية العلوية الحاكمة بالمغرب لتغيير خريطة الجزائر ، وهي حركة وصفتها الحكومة الجزائرية في شهر مايو الماضي، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية ، و قد أربك هذا الدعم الذي تتلقاه هذه الحركة القبائلية الجزائرية من قبل الديكتاتورية الحاكمة بالمغرب كل الحسابات في العلاقات مع الأمازيغ الجمهوريين المغاربة الذين يتخوفون من استعمال الديكتاتورية العلوية لأمازيغ الجزائر للإنتقام من إخوانهم المغاربة و الريفيين ، والتجسس عن أنشطتهم ، إذ كيف يعقل أن يكون الصديق و الرفيق في نفس الوقت صديقا و رفيقا حميما للعدو ؟ لهذه الأسباب تحول حلم الوحدة و التقارب إلى واقع التفرقة و القطيعة بين حرك القبائل الجزائرية " ماك " و الحركات الجمهورية الأمازيغية بالمغرب. لذى يحق للجزائر كذلك أن تخطو نفس الخطوة التي خطتها الديكتاتورية العلوية للبحث عن الحركات الجمهورية بالمغرب لتقديم الدعم المالي و السياسي و الإعلامي لها للقضاء على حكم الديكتاتورية العلوية بالمغرب. لكن كيف سيتم ذلك ؟ و ماهي التنظيمات الجمهورية بالمغرب و خارجه التي يمكن وضع ثيقة الجزائر فيها لدعمها و الاستثمار فيها؟
الأمر يتطلب الوقت و الكثير من الحذر و الحيطة ، لأن هناك أشخاص تناضل علانية و بوجوه مكشوفة و لكنها سرا قد تُغلب مصالحها الخاصة عن المصلحة العامة أي مستقبل الشعب ، وهناك أشخاص تفضل المصلحة العامة عن مصالحها الخاصة ، و قد يصعب الأمر في كلا الحالتين في الكشف المسبق عمن يناضل من أجل الشعب و من يناضل من أجل مصلحته ، من الصعب رفع الأقنعة منذ البداية ، لذا يجب التركيز و البحث على الإنسان المناضل الحر ، الذي بإمكانه أن يساهم في البناء الجاد ، و حتى إذا حصل و أن غير قناعته ، أو اختلفت وجهة نظره فيما يخص أسلوب و طريقة هذا البناء الذي شارك في انطلاقته ، فمن حقه أن ينسحب بهدوء دون الإساءة لأي أحد ، وعليه أن يتصف ببُعد النظر و بسيعة الصدر ، و أن يترك البناء يستمر دون أن يتبنى أسلوب الهدم ، و الفضح و الانتقام. إن الإسراع في بناء مشروع سياسي أو حقوقي أو ثوري أو نقابي أو حتى تواصلي دون إحضار إمكانية الهدم قد يكون مشروعا فاشلا من أساسه. لأن البناء يتطلب التضحية ، و الوضوح و النزاهة ، و الصدق و الإخلاص ، و التجرد من الغرور ، و حب الذات أكثر من اللازم. فكم هي الثعالب التي تختفي وراء النضال بمختلف التوجهات كالنضال في إطار حقوق الإنسان ، أو ممارسة السياسة أو الإعلام ، أو الثقافة أو الرياضة أو حتى الدين و العقيدة ، فيما أنها لا تخدم ، و لا تنفذ سرا و علانية بشعور أو بغير شعور سوى مخططات الديكتاتورية العلوية.
لقد كانت هناك ثلاثة تجارب تم وأدها في مهدها ك -الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية بالمغرب - و حركة الجمهوريين المغاربة - ثم اتحاد المعارضين المغاربة - و هي مشاريع سياسية ثورية بإمكانها توعية الشعب المغربي للثورة ضد الديكتاتورية العلوية بالمغرب ، لكن لسوء الحظ أن مثل هذه المشاريع التي يحتاج إليها الشعب المغربي التواق للحرية و التخلص من الديكتاتورية لتنوب عنه و تدافع عنه في كل المنتديات الدولية قد انهارت في مهدها ، خاصة و أنها مشاريع سياسية ينتمي إليها مغاربة من المهاجرين الذين بإمكانهم وضع قضية الشعب المغربي و كل ما يتعرض له من إهانة وقمع و قتل و أعتقال و اختطاف أمام المؤسسات الدولية و الدفاع المستميت عنها. لكن وقع العكس و انهارت هذه المشاريع السياسية بعدما انفجر صراع بين الأعضاء المؤسسين ، وصار غسيلهم منشورا و منتشرا عبر وسائل التواصل الإجتماعية ، و البعض يُخون الأخر ، و الأخر يهين الأخر حتى انهار كل شيء قبل بناءه . فلو تم التركيز منذ البداية و البحث على الإنسان المناضل الحر ، ، المتصف ببُعد النظر و بسيعة الصدر ، المؤمن بحق الخلاف و الإختلاف ، الذي سيترك البناء يستمر دون أن يتبنى أسلوب الهدم ، حتى وإن اختلف لوقعت الواقعة المأساوية حيث التفكك ، و التشردم ، تبادل التهم ، وتقديم بذلك خدمة مجانية للديكتاتورية العلوية الحاكمة بالمغرب التي لا يهمها سوى تفريق و تشتيت شمل المغاربة ، لأن و حدتهم تعني زوال الملكية الطاغية المفترسة.
ولهذا يتوجب التميز بين الأشياء و مختلف التوجهات الفكرية و الإديولوجية ، و الإثنية ، و العقائدية ، أو حتى الوظيفية ، و التزام الحذر و الحيطة قبل أي إنطلاقة ، لأن المشروع النضالي المتأخر الناجح أفضل بكثير من المشروع النضالي المتسرع الفاشل ، كما أن للجزائر نفسها تجارب في هذا الصدد لما ساندت أعضاء من الثوار المغاربة و من الحركة الوطنية و المقاومين ، وفي الأخير صار هؤلاء أنفسهم هم من يعتبرونها " الجزائر " عدوة للمغرب مثل محمد اليازغي ، محمد بن سعيد أيت أيدير، عبد الرحمان اليوسفي ، الفقيه البصري و أخرون ممن قامت الجزائر بحمايتهم عندما اضطهدهم الديكتاتور المجرم الحسن الثاني.
كما أن أي عمل لابد أن يبدأ بالبحث و التشاور مع كل فرد على حدى ، ثم الإنطلاق بمجموعة صغيرة كلجنة تحضيرية لعمل مشترك موسع ، وهذا يتطلب الوقت لإزالة العراقيل و الحواجز النفسية ، ووضع النقط عن الحروف في قضايا عديدة و متعددة .أتمنى أن يتحقق هذا الحلم يوما لاسترجاع المغرب للشعب المغربي و القضاء على عملاء الصهاينة من العلويين و أزلامهم.
أمستردام



#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب من المقاومة إلى الماسونية.
- وفاء الجزائر للقضية الفليسطينية وتخاذل الديكتاتورية الحاكمة ...
- المغرب : الديكتاتورية العلوية وانفجار البركان الشعبي الغاضب.
- المغرب : تلفيق التهم ، والإعتقالات التعسفية ، و الإساءة للمن ...
- المغرب و اللكمات المتتالية للجزائر
- المغرب و الجزائر : حقد النطام الملكي على النظام الجمهوري إلى ...
- المغرب : التهور السياسي و الدبلوماسي مع الدول الديمقراطية إل ...
- المغرب : هل تخلصت الديكتاتورية من رجلها الثاني بالمغرب بتلفي ...
- الديكتاتورية العلوية تبعث برسائل مشفرة للعالم عبر اعتقالها ل ...
- من هو الخائن الحقيقي بالمغرب يا ترى؟
- بداية نهاية الحكم العلوي بالمغرب
- قرار المغرب تجميد العلاقات مع ألمانيا تهور أم استقواء بالتطب ...
- السياحة الجنسية ، وتكميم الأفواه ، وفضائح قصورالملكية بالمغر ...
- الجزائر تقصف المغرب بالتغيير الدستوري ، وتحرير السجناء السيا ...
- المغرب يرد عن الجزائر و لن يستطيع الرد عن إسرائيل في مسألة ا ...
- المغرب : الاعتقالات السياسية وتلفيق التهم ، و خرق للمواثيق ا ...
- أوجه التشابه و المفارقة بين المغرب و اسرائيل
- كوارث التطبيع الاسرائلي على الشعب المغربي
- استقالة الحكومة الهولندية نتيجة أخطاء في تسيير الشأن الضريبي
- تنفيذ الديكتاتورية العلوية بالمغرب للمخططات الصهيونية العدوا ...


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - المغرب :حكم الملكية الديكتاتورية المطلق والنضال لإحياء جمهورية الريف إلى أين ؟