أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - زينب البياتي صعلكة الشعر على أكتاف الرماد














المزيد.....

زينب البياتي صعلكة الشعر على أكتاف الرماد


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8570 - 2025 / 12 / 28 - 12:06
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث تتعانق ضفاف الفرات بشغف التاريخ، وُلدت الشاعرة زينب كاظم البياتي في الثاني والعشرين من آذار عام 1979، وكأنما كانت تلك المدينة، بمآذنها ومآقيها، تمهّد لطفلةٍ ستنمو وفي قلبها بذور القصيدة.
نشأت في كنف الحلة، وتدرّجت في دراستها حتى أنهت التعليم الإعدادي، لتتجه بعدها إلى فضاءات الجمال في كلية الفنون الجميلة – قسم الفنون التشكيلية، حيث تخرجت عام 2014. ولأن الإبداع لا يعرف نهاية، تابعت دراستها العليا سعيًا وراء درجة الماجستير، ولا تزال تواصل هذا الطريق، حاملة في حقيبتها شغف الفن وحلم الكلمة.
منذ أيام مقاعد الدراسة، بدأت زينب تنحت القصيدة كما ينحت النحات ملامح الروح في الصخر، وشاركت بفعالية في النشاطات الأدبية والثقافية، حيث وجدت في الشعر نافذتها الأوسع نحو الذات والعالم. وكانت تلك البدايات حافزًا لها للانخراط في المشهد الأدبي الأوسع، حتى أصبحت عضوًا في اتحاد الأدباء والكتاب في بابل منذ عام 2022.
صدر لها ديوانها الأول "صعلكة على أكتاف الرماد" عن دار سطور – بغداد، 2021، وهو عنوان يشي بثورة داخلية وانحياز لجماليات التمرد النبيل، وقد جاء محمّلًا بنصوصٍ تنبض بالحس الأنثوي العميق، والرؤية المتجاوزة للسطح إلى أعماق الذات والوجود.
تتميز زينب البياتي بأسلوب شعري يزاوج بين البوح الصادق والتكثيف الرمزي، فهي تكتب بلغة متحررة من القوالب، تفيض بالعاطفة دون أن تتخلى عن عمق المعنى، وتتنقل بين عوالم الذات والآخر، بين اليومي والأسطوري، بانسيابية تشهد على وعيٍ شعري يتجاوز الإيقاع إلى جوهر التجربة. نصوصها غالبًا ما تستدعي صورًا تشكيلية، كأنها تستثمر خلفيتها في الفنون الجميلة لصياغة القصيدة بصريًا قبل لغويًا، فتغدو كلماتها ضربًا من الرسم بالكلمات، حيث القصيدة فضاء مفتوح للرؤية والتأمل.
نشرت الشاعرة نصوصها في عدد من الصحف والمجلات العراقية والعربية، فضلًا عن منصات إلكترونية متخصصة، لتصل كلماتها إلى قارئ يبحث عن الشعر وسط زحام اللغة. كما تُرجمت بعض نصوصها إلى اللغة الإنجليزية، وظهرت في مجلات فصلية مثل: متون، نخيل عراقي، معارج، دار العرب الثقافية، وجريدة العراقية الأسترالية.
لم تمرّ تجربتها الشعرية دون أن تتوقف عندها أعين النقاد، فقد كتب عنها الأستاذ شكر حاجم الصالحي، وتناولها الناقد غانم عمران المعموري في كتابه "الذات والوجدان في القصيدة"، واحتفت بها الكاتبة المغربية فاطمة بوهراكة في موسوعتها "موسوعة الشعر العراقي الفصيح"، حيث أدرجت اسمها بين الأسماء التي تمثل الصوت الشعري الجديد في العراق.
كرّمتها جهات ثقافية وفنية عدة، ومنحتها شهادات تقديرية، تقديرًا لما قدمته من صوت شعري متفرد. ولم تغب عن المهرجانات والمحافل الثقافية الكبرى، فقد شاركت في مهرجان بابل للثقافات والفنون العالمية في دوراته المتعاقبة، كما صدحت بقصائدها في البيوت الثقافية وضمن فعاليات اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، مجسدة حضورًا شعريًا ينبض بالتجدد والصدق.
تجربة زينب البياتي ليست مجرد توثيق لمسيرة أدبية، بل هي مرآة لامرأة تمسك بجمر القصيدة وتعبّر عن ذوات النساء وهموم الإنسان، بوعي فنيٍّ عميق وإصرار على أن تكون للكلمة مكانها في زمن القلق والتحولات.
كتبت قصيدة بعنوان "إلى نورس الحلة" مهداة إلى الشاعر الراحل موفق محمد أبو خمرة، تمثّل لحظة وجدانية مكثفة، تتقاطع فيها الذات الشاعرة مع ذات المُهدى له، في مشهد إنساني مؤثر، تتشابك فيه مشاعر الحب، والألم، والتقدير، والرجاء.
القصيدة تبدأ بصورة مكثفة وحنونة:
" يرقد في المشفى عصفور"
هنا، تشبيه الشاعر المريض بالعصفور يوحي بالهشاشة والرقة، لكنه أيضًا يختزن معاني الطيران، والحرية، والجمال، وكأن البياتي ترثي المرض دون أن تستسلم له، بل تمهّد للأمل.
وتشير الى البعد المكاني والروحي في قولها:
" شرب الحلة قطرة قطرة"
هذا السطر يُظهر الشاعر أبو خمرة كشخص تغذّى من روح مدينته وتماهى معها، فهو ليس غريبًا عنها، بل جزءٌ من نسيجها – "بستان، شط، أغنية"، كلها صور ترتبط بالحياة والخصب والجمال.
"حتى في حي الشهداء"
ربط رمزي بمكان الألم والتضحية، ليظهر أن الشاعر كان شاهدًا على الجراح، بل عاشها من خلال مأساة شخصية:
" كان كثيرًا ما يتأبط مأساة ولده المغدور"
والقصيدة تتخذ طابعًا نِدائيًا – دعوة للانبعاث والعودة:

" انهض من نومك يا (خُمرة)"
تتجاوز البياتي السكون الجسدي للمريض، لتنادي فيه الشاعر الذي يسكنه، ذلك الذي يمثل:
"مخاضًا، زئيرًا، نشيدًا حين يثور"
وهي صور تعبّر عن شاعر لا يكتب من فراغ، بل من ألم وتجربة وتحوّل.
ويتراءى لها الأمل والضوء:
" سترى حب الناس كثيرًا، سترى شعرًا، سترى النور"
الختام مشرع على النور والأمل. إنه تطمين واحتضان شعري. لا يغيب فيه الحزن، لكنه مضمّخ بحب الناس واعترافهم بمكانة الشاعر في قلوبهم وذاكرتهم.
والقصيدة تُظهر قدرة الشاعرة زينب البياتي على الجمع بين الإحساس العميق والصورة الشعرية المشحونة بالرمز. فهي لا ترثي، بل تُحاور الحياة، وتستنهض فيها الشاعر الكامن خلف أوجاع الجسد. نص إنساني نقيّ، مشغول بعاطفة صادقة وتقدير شعري نبيل.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الحسين الجنابي شاعرٌ يسقي القوافي من جدول الفصحى
- القاص والروائي علي غازي غواية القصّ بعيون ناقدة
- عماد الحاج حسن باحث ينقّب في تراب المعنى ويجلو غبار النسيان
- علي أبو بكر شاعر العبور من الجمر إلى الغيم
- محمد كاظم جواد شاعر يغمس ريشته في دهشة الطفولة وحنين الإنسان
- علي تاج الدين شاعر الأسطورة والمجازات العالية
- عبود المهنا الناقد الذي نسج المسرح بالفكر، وقرأ الجسد بعيون ...
- كامل الدليمي رجلٌ عبرَ الحياة بين القصيدة والقلق
- علي عبد الأمير عجام الشاعر الذي سكنه الإعلام، والناقد الذي أ ...
- علاء مظلوم... الشاعر الذي أنصتَ لجلنار الوجود
- عباس بغدادي قلم الحلة المتفرد بين دفء التراث ونبض الحداثة
- علاء الكتبي رجل الذاكرة الحيّة، وسادن الثقافة في مدن الفرات
- عباس السلامي: غيم القصيدة وظلال الذات
- صلاح عباس العين التي أرّخت الجمال، والريشة التي كتبت بالنقد ...
- جواد كاظم محسن رحّالة في دروب الذاكرة والتراث
- زهير الجبوري ناقد يلتقط تحولات النص وتقلّبات العصر
- صباح شاكر العكام... سارد الذاكرة وراوي التمردات الصغيرة
- شاكر هادي غضب فنان الحروف، وباحث الذاكرة الشعبية
- محمد عبد الجليل شعابث سادن الذاكرة الشعبية وباحث الضوء الخاف ...
- سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي


المزيد.....




- عمود روماني قديم يخضع لعملية ترميم عالية التقنية باستخدام با ...
- 6174: الرقم اللغز الذي حير علماء الرياضيات منذ عام 1949
- لماذا نستيقظ في الليل.. علماء يكشفون سر الأرق
- بورما تجري أول انتخابات عامة منذ الانقلاب العسكري  عام 2021 ...
- كاميرا الجزيرة تنقل معاناة أهل غزة بعد دخول منخفض جوي جديد
- نتنياهو يضع ترامب أمام ثلاثة خيارات
- نيوزويك: تصريحات تاكر كارلسون عن -التطرف الإسلامي- تشعل انقس ...
- حكيمي يلفت الأنظار بتوجيهاته لزملائه بدلا من المدرب في مبارا ...
- بالأرقام والمعلومات.. حصاد عام 2025 بالضفة الغربية
- حماس والجهاد للجزيرة نت: نُرحب بكل ما يُلزم إسرائيل للانتقال ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية (مذكرات شيوعى ناجٍ من الفاشية.أسباب هزيمة البر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - زينب البياتي صعلكة الشعر على أكتاف الرماد