أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسين علي محمود - العيش بالأجل، الرفاه الذي يسرق أعمارنا!!














المزيد.....

العيش بالأجل، الرفاه الذي يسرق أعمارنا!!


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 15:13
المحور: المجتمع المدني
    


هل لاحظتم شيئاً غريباً؟!
المطاعم محجوزة بالكامل، السيارات في الشارع كلها حديثة (آخر موديل)، المقاهي مزدحمة، والستوريات كلها سفر وحفلات.
ظاهرياً مجتمعنا أصبح بلد الأثرياء ولكن في الحقيقة نحن نعيش في أكبر فقاعة وهمية في التاريخ.
هناك ظاهرة جديدة يتبناها المجتمع اسمها "العيش بالأجل".
• السيارة أقساط.
• الآيفون أقساط.
• حتى السفرة والملابس الماركة سلف ودين.
نحن جيل يحرق أعصابه وصحته ليثبت للغرباء في الإنستغرام أنه سعيد ومرتاح.
ندفع أموالاً لا نملكها، لنشتري أشياء لا نحتاجها، لنبهر أشخاصاً لا نحبهم!
في السابق، كان الغني هو من يملك المال.
اليوم الغني هو من يتقن التمثيل.
هذا الضغط جعل الشاب الذي راتبه بسيط يشعر بالفشل، والبنت التي تعيش حياة طبيعية تشعر بالنقص.
تحولنا من مجتمع منتج إلى مجتمع استهلاكي بجنون.
الكل يركض، الكل يلهث، ولا أحد راضٍ .. لماذا؟!
لأننا نقارن "كواليس" حياتنا السيئة بـ"أفضل لقطات" حياة الآخرين المعروضة على الشاشة.
ليست السعادة في طاولة مطعم تصورها، ولا في سيارة مرهونة للبنك.
أفيقوا من الوهم قبل أن تنفجر الفقاعة.
عش حياتك أنت، لا حياة يرسمها لك "الترند".
لا تكن غنياً في الستوري وفقيراً في راحة البال!

لكن السؤال الأهم : كيف وصلنا إلى هنا؟!
وكيف تحول القسط من أداة إلى أسلوب حياة؟؟
المشكلة ليست في القسط بحد ذاته، ولا في السيارة الجديدة، ولا حتى في السفر.
المشكلة حين يتحول القسط إلى هوية، وحين يصبح الدين شرطاً للقبول الاجتماعي، وحين نقيس قيمة الإنسان بما يملك لا بما يكون.
الخطير في العيش بالأجل أنه لا يسرق المال فقط، بل يسرق الزمن.
تبيع سنواتك القادمة لتبدو ناجحاً اليوم، وتستدين من مستقبلك لتكسب إعجاباً مؤقتاً في حاضر زائف.
نؤجل الراحة، نؤجل الاستقرار، نؤجل الطمأنينة، ونقنع أنفسنا أن غداً سيتحسن، بينما الغد مرهون مثل السيارة والهاتف.
لم تعد وسائل التواصل نافذة على العالم، بل صارت محكمة اجتماعية.
من لا يسافر يُتهم بالفشل، من لا يغير هاتفه يُصنف متأخراً، من لا يشارك لحظاته يُعتبر بلا حياة.
صرنا نعيش لنُعرض لا لنحيا، نفرح كي نُصور، لا لأننا سعداء فعلاً.
هذا الضغط لا يصنع طموحاً صحياً، بل يولد قلقاً جماعياً.
قلق من التأخر، قلق من النقص، قلق من أن نكون عاديين.
وكأن العادي صار تهمة، مع أنه في الحقيقة هو الحالة الطبيعية للإنسان.
الاقتصاد الاستهلاكي لا يكتفي بأن يبيعك منتجاً، بل يصنع لك نقصاً ثم يبيعك شعور الامتلاء.
اشتر لتشعر أنك مهم، ادفع لتشعر أنك ناجح، سافر لتشعر أنك حي.
وحين ينتهي الشعور، يعرض عليك شعوراً آخر، لكن بقسط جديد.
نحن لا نعيش أزمة فقر فقط، بل أزمة معنى، فحين يغيب المعنى يصبح الاستهلاك تعويضاً.
وحين يغيب الهدف، تتحول المقارنات إلى بوصلة.
وحين نفقد ذواتنا، نلبس ذوات الآخرين.
المؤلم أن كثيراً من الناس لا يملكون رفاهية التوقف، حتى من أدرك الوهم، يخشى الخروج منه، لأن الخروج يعني أن تكون مختلفاً، وأن تتحمل نظرات الشفقة أو السخرية، وأن تشرح اختياراتك لمن لا يريد أن يفهم.
لكن الحقيقة البسيطة التي نرفضها هي ليس كل من يبتسم في الصورة سعيد، ولا كل من يسافر ناجح، ولا كل من يملك سيارة حديثة مستقر.
كثيرون ينامون قلقين داخل بيوت جميلة، ويضحكون أمام الكاميرا ثم يبكون في الصمت.
النجاح الحقيقي لا يُقاس بما تُظهره، بل بما تتحمله دون أن تنكسر.
بالقدرة على أن تقول " لا " حين يقول الجميع " نعم ".
بالشجاعة أن تعيش وفق دخلك لا وفق أعين الناس.
وبالسلام الداخلي الذي لا يحتاج فلتراِ ولا تصفيقاً.
ربما حان الوقت أن نعيد تعريف الغنى، فالغني هو من لا يخاف من فوات الترند، من لا يرهق نفسه ليثبت شيئاً لأحد، من ينام مرتاحاً ولو كان هاتفه قديماً، ومن يعيش حياته لا إعلاناً عنها.
قبل أن نسأل : كم نملك؟!
علينا أن نسأل : كم نحن أحرار؟!
وقبل أن تنفجر الفقاعة، لعلنا نختار أن نعيش بوعي قبل أن نكتشف أننا بعنا أعمارنا بالأجل.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ بين السرد والسلطة
- القيم الإنسانية والتنظيم الديني
- السنافر كمنظومة رمزية سلطوية
- العلاقات العاطفية والذكاء الاصطناعي
- أوكرانيا وصراع المستقبل الجيوسياسي
- التسول الممنهج وتفكيك المجتمع
- استعراض المسؤول وصناعة الوهم السلطوي
- طغيان الولاء وموت العقل
- خرائط الشخصية وأنماط الذات
- هندسة الوعي في الفضاء الرقمي
- زيارة محمد بن سلمان لواشنطن، مقاربة في العلاقات الدولية
- دور الأسرة ضمن منظومة الأمن الفكري والمجتمعي، مقاربة تحليلية ...
- سفاري الموت، الحرب والوحشية الإنسانية
- الموصل وصراع التمثيل السياسي
- تفكيك العلاقة السلطوية بين المسؤول والمواطن في مجتمعات العال ...
- زهران ممداني وتجسيد فكرة -أميركا الممكنة- في مواجهة -أميركا ...
- الدين والمجتمع بين الوعي والإخضاع، قراءة في آليات الاستغلال ...
- قراءة سياسية وإستراتيجية لإنسحاب حزب العمال الكردستاني إلى ش ...
- المواطنة الرقمية بين الحرية والمسؤولية
- عبودية الوعي، الفقر كأداة للهيمنة في زمن الإنسان المنهك


المزيد.....




- عام على اعتقال الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية وأسرته تطالب ب ...
- إعلام الأسرى الفلسطيني: نطالب بتدخل حقوقي عاجل لتوفير العلا ...
- صحف عالمية: قصص مروعة عن التعذيب في سجون الاحتلال وتدمير منا ...
- الأمم المتحدة تتمكن من إقامة بعثة تقييم في الفاشر ومساعٍ أمي ...
- سوريا تفرج عن 70 عسكريا سابقا -لعدم تورطهم بجرائم حرب-
- اعتقالات إسرائيلية لمسنين وأطفال في يطا وبيت أمر بالخليل
- قوات الأمم المتحدة في لبنان: تعرضنا لإطلاق نار إسرائيلي ونطا ...
- اعتقال مسن وسيدة و4 أطفال فلسطينيين في الخليل
- عشرات المغاربة يتظاهرون رفضا للتطبيع مع إسرائيل في الذكرى ال ...
- منسق الشؤون الإنسانية في غزة: المجاعة مستمرة.. وإسرائيل تواص ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسين علي محمود - العيش بالأجل، الرفاه الذي يسرق أعمارنا!!