أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسين علي محمود - دور الأسرة ضمن منظومة الأمن الفكري والمجتمعي، مقاربة تحليلية متعددة الأبعاد














المزيد.....

دور الأسرة ضمن منظومة الأمن الفكري والمجتمعي، مقاربة تحليلية متعددة الأبعاد


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 22:14
المحور: المجتمع المدني
    


يظن الكثير إن تحقيق الأمن الفكري والمجتمعي يبدأ من الأسرة، وأن مواجهة التطرف تتطلب فهماً لجذوره النفسية والاجتماعية التي تنشأ غالباً داخل البيت.
هذه الفكرة تبدو معقولة، لكنها تحتاج إلى قراءة تحليلية أوسع، لأن التطرف والأفكار العنيفة لا تُفسر من خلال عامل واحد، بل عبر مجموعة معقدة من الظروف والمؤثرات.

ان مفهوم الأمن الفكري والمجتمعي يقوم على حماية الأفراد من الأفكار التي تدفع نحو العنف أو الكراهية أو تفكيك المجتمع، بينما يشير الأمن المجتمعي إلى قدرة الناس على التعايش ضمن بيئة مستقرة ومتوازنة.
والربط بينهما ضروري لأن الاستقرار الفكري يؤدي غالباً إلى استقرار اجتماعي، والعكس صحيح.

بلا شك أن الأسرة هي المؤسسة الأولى التي تشكل وعي الفرد، فهي تمنحه منظومة القيم الأساسية مثل الاحترام والحوار والانضباط، لكن حصر مشكلة التطرف داخل البيت فقط يحمل قدراً من التبسيط، فعديد من الشباب الذين انجرفوا نحو التطرف جاؤوا من أسر مستقرة نسبياً، لكنهم تأثروا لاحقاً بعوامل خارجية.
هناك عوامل كثيرة تؤثر في تكوين فكر الفرد خارج نطاق الأسرة، من أبرزها :
- المناهج التعليمية التي قد تفتقر إلى التفكير النقدي.
- المؤسسات الدينية وما يُطرح فيها من خطابات.
- الإعلام ووسائل التواصل التي تنقل محتوى متطرفاً بسهولة.
- البيئة الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع البعض نحو الإحباط أو التوتر.
- السياسات العامة التي قد تُشعر الفرد بعدم العدالة أو فقدان الفرص.
وبذلك تصبح الأسرة فاعلاً مهماً، لكنها ليست الفاعل الوحيد.

■ ما الجذور النفسية والاجتماعية للتطرف؟؟
إن القول بأن جذور التطرف نفسية واجتماعية صحيح، لكنه بحاجة إلى توضيح، فالعوامل النفسية قد تشمل الشعور بالإحباط أو انعدام القيمة الذاتية، أو التعرض لصدمات في الطفولة.
أما الاجتماعية فتتشكل من التهميش، انعدام الفرص، أو الصراعات السياسية والطائفية.

لكن أهم ما ينبغي فهمه هنا هو أن هذه الجذور لا تعمل بمعزل عن بعضها، فالبيت قد يكون مستقراً، لكن المدرسة، أو الإنترنت، أو البيئة المحيطة قد توفر فرصة لزرع خطاب متطرف يجد استجابة عند شاب يشعر بالضياع أو القلق أو الفراغ.

"كل شيء يبدأ من البيت" هذه الفكرة مفيدة من حيث تذكيرنا بأهمية التربية الأسرية، لكنها تصبح مضللة عندما تستخدم لتفسير ظاهرة اجتماعية معقدة مثل التطرف. فحصر المشكلة داخل الأسرة يؤدي إلى مشكلتين :
- إغفال مسؤوليات المؤسسات الأخرى مثل التعليم، الإعلام، المؤسسات الدينية، والبيئة الاقتصادية.
- تحميل الأسرة فوق طاقتها في حين أن بعض الأسر ضحية مثلما أبناؤها ضحايا.

هنا يظهر أن القراءة المتوازنة لا تلغي دور الأسرة، لكنها تراه جزءاً من منظومة أوسع.

لتحقيق أمن فكري ومجتمعي فعال، لا بد من بناء نظام متكامل يضم :
- أسرة داعمة وحوارية تقدم نموذجاً للتواصل السليم، وترفض العنف، وتتعامل مع الأسئلة الفكرية دون خوف.
- تعليم يزرع التفكير النقدي ويعلم الطلاب كيفية تقييم المعلومات ومصادرها.
- خطاب ديني معتدل ومسؤول يقرب الناس من قيم التسامح لا من التحريض.
- إعلام واعٍ يتجنب المبالغة في العنف أو الكراهية، ويعزز قيم المواطنة.
- سياسات اجتماعية عادلة تمنح فرصاً للشباب وتحد من الفقر والبطالة.
- برامج وقائية تركز على الصحة النفسية ودعم الفئات الهشة.

بهذه المقاربة يصبح الحديث عن "جذور نفسية واجتماعية" أكثر دقة، لأن كل مؤسسة تسهم في تشكيل هذه الجذور أو معالجتها.

الأسرة بالفعل جزء أساسي من منظومة الأمن الفكري والمجتمعي، لكنها ليست المحور الوحيد، فالتطرف ظاهرة متعددة الأبعاد، تتداخل فيها التربية والتعليم والاقتصاد والسياسة والدين والإعلام، ومن الخطأ اختزالها في سبب واحد.
إن بناء أمن فكري ومجتمعي حقيقي لا يبدأ فقط من داخل البيت، بل من مجتمع قادر على توفير العدالة، وفتح الأفق أمام شبابه، وتقديم خطاب يوازن بين الحرية والمسؤولية.
بهذه الرؤية الشاملة نستطيع مواجهة التطرف بوعي لا يحمّل الأفراد أكثر مما يحتملون، ولا يعفي المؤسسات من دورها.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفاري الموت، الحرب والوحشية الإنسانية
- الموصل وصراع التمثيل السياسي
- تفكيك العلاقة السلطوية بين المسؤول والمواطن في مجتمعات العال ...
- زهران ممداني وتجسيد فكرة -أميركا الممكنة- في مواجهة -أميركا ...
- الدين والمجتمع بين الوعي والإخضاع، قراءة في آليات الاستغلال ...
- قراءة سياسية وإستراتيجية لإنسحاب حزب العمال الكردستاني إلى ش ...
- المواطنة الرقمية بين الحرية والمسؤولية
- عبودية الوعي، الفقر كأداة للهيمنة في زمن الإنسان المنهك
- هرم ماسلو بين الإنسان والمجتمع، مقاربة في مأزق الصعود العربي
- قمة شرم الشيخ 2025، إعادة هندسة النظام الإقليمي من بوابة غزة
- نظرية النوافذ المكسورة، من فوضى المدن إلى فوضى الإنسان
- جيل Z في المغرب والعراق، من العالم الرقمي إلى الميدان الاجتم ...
- جيل Z والمظاهرات في المغرب، من العالم الرقمي إلى الميدان
- عودة العقوبات الأممية عبر -آلية الزناد-، تداعيات اقتصادية وس ...
- الشرع وبتريوس، مشهد يختصر تبدل موازين السياسة الدولية
- باغرام جوهرة استراتيجية، دلالات الموقع وابعاد الصراع في معاد ...
- اتفاقية الدفاع السعودي الباكستاني، قراءة تحليلية في إعادة تش ...
- اليوم العالمي للديمقراطية، قراءة نقدية للواقع العراقي
- الخطاب الديني والسياسي واثرهما في تشكيل الوعي الجمعي
- تشارلي كيرك وصراع النخب الأمريكية


المزيد.....




- الأردن يدين تصريحات بن غفير الداعية لاعتقال عباس
- صحيفة روسية: سياسة ترامب تجاه المهاجرين قد توفّر 200 ألف مقا ...
- مئات آلاف النازحين في غزة تحت خيام مهترئة ودون أساسيات الحيا ...
- ممداني يلوّح باعتقال -نتنياهو-!
- قيود إسرائيلية مستمرة على عائلات الأسرى المحررين تعمّق معانا ...
- الأغذية العالمي: 318 مليون شخص سيواجهون الجوع بعام 2026
- الأغذية العالمي: 318 مليون شخص سيواجهون الجوع بعام 2026
- ممداني يلوّح باعتقال نتنياهو وسلفه يعلن -أخوته- للإسرائيليين ...
- جورجيا تلغي هيئة مكافحة الفساد وسط توتر العلاقات مع الاتحاد ...
- الأردن يدين تصريحات بن غفير -التحريضية- الداعية لاعتقال عباس ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسين علي محمود - دور الأسرة ضمن منظومة الأمن الفكري والمجتمعي، مقاربة تحليلية متعددة الأبعاد