أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين علي محمود - زهران ممداني وتجسيد فكرة -أميركا الممكنة- في مواجهة -أميركا الرسمية-














المزيد.....

زهران ممداني وتجسيد فكرة -أميركا الممكنة- في مواجهة -أميركا الرسمية-


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 16:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُعيد اسم زُهران كوامي ممداني إلى الواجهة سؤالاً قديماً جديداً، أي أميركا هي التي نعرفها؟؟
أهي أميركا التي تتربع على قمة النظام العالمي بسياساتها المتناقضة؟؟
أم تلك التي تمنح المهاجرين والفقراء فرصة حقيقية ليكونوا جزء من حلم جمعي يقوم على المساواة والعدالة؟؟
بين هاتين الصورتين تتشكل تجربة ممداني، الذي لم يأت من عمق المؤسسة السياسية ولا من صالونات المال والنفوذ، بل من الهامش، ليقدّم نموذجا جديدا للسياسي الأميركي، نموذجا يرى في التنوع مصدر قوة وفي الانتماء المدني بديلاً عن الاصطفاف الديني أو العرقي أو الطبقي.

الجذور والتكوين

ولد زهران عام 1991 في أوغندا لأبٍ مفكر عالمي هو محمود ممداني، أحد أبرز الأكاديميين الأفارقة في دراسات ما بعد الاستعمار، وأم هندية هي المخرجة الحائزة على جائزة "الكاميرا الذهبية" ميرا ناير.
تنقلت العائلة بين أوغندا وتنزانيا وجنوب إفريقيا قبل أن تستقر في نيويورك عام 1998.
درس زهران الأنثروبولوجيا الأفريقية في كلية بودوين وتخرج عام 2014، ثم عمل في الحملات الانتخابية التقدمية، منها حملة القسّ الأميركي من أصل فلسطيني "خضر اليتيم"، حصل على الجنسية الأميركية عام 2018، وهو ما فتح أمامه الباب لدخول المعترك السياسي رسمياً.

الصعود من الهامش
دخل ممداني الحياة السياسية من بوابة الحزب الديمقراطي، وتحديداً من جناحه اليساري التقدمي، دون دعم من الشركات الكبرى أو اللوبيات المالية والإعلامية، حيث موّل حملته من تبرعات الناس العاديين، أولئك الذين يواجهون أعباء الغلاء وتراجع العدالة الاجتماعية.
شعاره الانتخابي كان بسيطاً ومباشراً وهو "نيويورك للجميع".
تعهّد بتجميد الإيجارات، وتوسيع النقل العام المجاني، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولاراً في الساعة بحلول 2030، وفرض ضرائب أكبر على الشركات الكبرى، وإنشاء متاجر بقالة بلدية لتوفير السلع بأسعار معقولة، ووضع الطبقات العاملة والمهاجرين في قلب السياسات العامة.

مواجهة اللوبي الإسرائيلي

لكن التحدي الحقيقي لم يكن اقتصاديا فقط. فممداني، المسلم الشيعي ذو الأصول الهندية، خاض معركة مفتوحة ضد اللوبي الإسرائيلي "AIPAC"، وصرح علنا أن نتنياهو مجرم حرب وأن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة.
هذه المواقف الصريحة جعلته هدفا مباشرا لحملات تشويه وربطه بالإرهاب، كما هاجمه ترامب وهدد بقطع التمويل عن نيويورك إن فاز. ومع ذلك، صوت له طيف واسع من الناخبين : السود، اللاتينيون، العرب، المسلمون، الهنود، الآسيويون، وحتى عدد من اليهود الأميركيين المعارضين لنتنياهو.
لقد أدرك هؤلاء أن ممداني ليس ضد اليهود، بل ضد منظومة الهيمنة السياسية والمالية الإسرائيلية التي اختطفت القرار الأميركي لعقود، ففوزه كان ضربة رمزية قوية للوبي الإسرائيلي في معقله التاريخي نيويورك، المدينة التي كانت منذ مطلع القرن العشرين مركز المال والإعلام اليهودي في الولايات المتحدة.

رمزية التحوّل السياسي

تجربة ممداني لم تقتصر على كونه أول مسلم من أصول أفريقية وهندية يفوز بمنصب رفيع في نيويورك، بل لأنه جسد فكرة "أميركا الممكنة" أميركا التي تتسع للجميع، بلا تمييز ولا امتيازات وراثية.
لقد عاش ممداني جزء من حياته بلا جنسية، ومع ذلك احتضنته المؤسسات الأميركية ومنحته التعليم والعمل والمشاركة، وهذه المفارقة تضعنا أمام المقارنة المؤلمة بين دولة تؤمن بعقد المواطنة المدني ودول تقتل فينا هذا المعنى باسم الهوية والعِرق والدين.

المعركة الثقافية والرمزية

فوز زهران لم يكن فوزاً انتخابياً فقط، بل هزيمة رمزية للنظام الإسرائيلي الدعائي الذي ظل لعقود يحتكر الخطاب الأخلاقي في الغرب، فحرب غزة الأخيرة كسرت هذه الهيمنة، وولدت وعياً عالمياً جديدا يرى في إسرائيل كيانا استعماريا لا يمكن تبريره.
ومن هنا جاءت دلالات فوز ممداني، إذ لم يعد ممكناً للوبي الإسرائيلي أن يمسك بكل خيوط المال والإعلام والسياسة كما كان من قبل، لقد حدث الشرخ، وكانت نيويورك أول انعكاس سياسي لذلك الشرخ.

مفارقة الشرق والغرب

من زاوية أخرى، تعكس تجربة زهران التناقض الذي يراه العالم العربي في أميركا، فنحن نكرهها حين تمارس ازدواجيتها السياسية، لكننا نغفل أن في داخلها بذور عدالة نفتقدها نحن.
بينما ما زالت مجتمعاتنا تفرز الناس على أساس الأصل والعشيرة والمنطقة، تفتح "أميركا الممكنة" الباب لمهاجر أفريقي مسلم ليصبح صوتاً سياسيا قويا في واحدة من أعقد مدنها.

الخلاصة :
قد يُؤخذ على ممداني دعمه لبعض القضايا الاجتماعية المثيرة للجدل كدعمه لمجتمع الميم(الشواذ)، لكن هذا لا يلغي جوهر ما مثله فوزه، تحول في الوعي الأميركي، وتحد جريء للهيمنة الإسرائيلية، وتذكير بأن السياسة يمكن أن تكون صوتا للفقراء لا للمال.
إنه ليس مجرد سياسي صاعد، بل تجسيد لأميركا التي تُذكرنا بما يمكن أن نكونه نحن لو آمنا بأن الأمة لا تبنى بالهوية، بل بالعدالة.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والمجتمع بين الوعي والإخضاع، قراءة في آليات الاستغلال ...
- قراءة سياسية وإستراتيجية لإنسحاب حزب العمال الكردستاني إلى ش ...
- المواطنة الرقمية بين الحرية والمسؤولية
- عبودية الوعي، الفقر كأداة للهيمنة في زمن الإنسان المنهك
- هرم ماسلو بين الإنسان والمجتمع، مقاربة في مأزق الصعود العربي
- قمة شرم الشيخ 2025، إعادة هندسة النظام الإقليمي من بوابة غزة
- نظرية النوافذ المكسورة، من فوضى المدن إلى فوضى الإنسان
- جيل Z في المغرب والعراق، من العالم الرقمي إلى الميدان الاجتم ...
- جيل Z والمظاهرات في المغرب، من العالم الرقمي إلى الميدان
- عودة العقوبات الأممية عبر -آلية الزناد-، تداعيات اقتصادية وس ...
- الشرع وبتريوس، مشهد يختصر تبدل موازين السياسة الدولية
- باغرام جوهرة استراتيجية، دلالات الموقع وابعاد الصراع في معاد ...
- اتفاقية الدفاع السعودي الباكستاني، قراءة تحليلية في إعادة تش ...
- اليوم العالمي للديمقراطية، قراءة نقدية للواقع العراقي
- الخطاب الديني والسياسي واثرهما في تشكيل الوعي الجمعي
- تشارلي كيرك وصراع النخب الأمريكية
- الضربة الإسرائيلية على قطر، قراءة في الأبعاد الاستراتيجية وا ...
- الاستعراض العسكري الصيني 2025، بين رسائل الردع وإعادة تشكيل ...
- ازدراء الأديان، دراسة تحليلية في الأبعاد الفكرية والاجتماعية ...
- إيران بين آلية السناب باك واحتمالات الحرب، قراءة في الدوافع ...


المزيد.....




- لتغطية 10? من وارداتها.. الهند توقع أول عقد منظم لاستيراد ال ...
- بعد التصريحات الحادة والاتهامات المتبادلة: لقاء محتمل بين ال ...
- الشيباني في بكين .. ملف الجهاديين الإيغور على الطاولة
- إسرائيل تعلن منطقة -عسكرية مغلقة- على الحدود المصرية: ما الت ...
- ماكرون وزيلينسكي يوقعان -إعلان نوايا- لشراء كييف ما يصل إلى ...
- باريس.. إضاءة جادة الشانزليزيه بمناسبة أعياد الميلاد ورأس ال ...
- في صفقة بقيمة 38 مليار دولار... طيران الإمارات تطلب 65 طائرة ...
- شبكة غامضة لتهجير الغزيين تثير التساؤلات ومغردون يتهمون إسرا ...
- نائب جمهوري: ترامب يسعى لحماية أصدقائه الأثرياء بقضية إبستين ...
- وول ستريت جورنال: متى يختار الذكاء الاصطناعي الرؤساء والمسؤو ...


المزيد.....

- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين علي محمود - زهران ممداني وتجسيد فكرة -أميركا الممكنة- في مواجهة -أميركا الرسمية-