أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين علي محمود - قراءة سياسية وإستراتيجية لإنسحاب حزب العمال الكردستاني إلى شمال العراق 2025















المزيد.....

قراءة سياسية وإستراتيجية لإنسحاب حزب العمال الكردستاني إلى شمال العراق 2025


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 07:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل سنوات، كان الحديث عن احتمال انسحاب حزب العمال الكردستاني من تركيا نحو شمال العراق يبدو مجرد تكهن سياسي.
أما اليوم، فقد أصبح هذا الاحتمال واقعا قائما.
ففي أكتوبر 2025 أعلن الحزب رسمياً سحب قواته من الأراضي التركية إلى شمال العراق، بعد أن قرر في مايو من العام نفسه إنهاء الكفاح المسلح وإعادة هيكلة تنظيمه.
رحبت تركيا بالقرار وعدته انتصاراً لسياساتها الأمنية، لكن العراق وجد نفسه فجأة أمام واقع جديد، وأن جغرافيا الصراع تغيرت، لكن جذور الأزمة باقية.

■ من صراع تركي داخلي إلى ملف عراقي معقد
نشأ حزب العمال الكردستاني PKK في أواخر السبعينيات بهدف إقامة حكم ذاتي للأكراد داخل تركيا، وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، شكل الحزب مصدر قلق دائم لأنقرة بسبب عملياته المسلحة في جنوب شرق تركيا.
ومع تطور العمليات التركية ونجاحها في تفكيك البنية الميدانية للحزب داخل أراضيها، بدأت فلول الحزب تنسحب تدريجيا نحو المناطق الجبلية العراقية، خصوصا قنديل، سنجار، سيدكان، وزاخو.
لكن تحركات الانسحاب الكامل في 2025 يمثل تحولاً استراتيجيا، إذ لم يعد الوجود في العراق مجرد قواعد خلفية، بل أصبح المقر الرئيسي للحزب في مرحلة ما بعد العمل المسلح.

■ الأبعاد السياسية بين بغداد وأربيل وأنقرة
● سياسياً، تضع هذه التطورات العراق في موقف شديد الحساسية.
فأنقرة ترى في بقاء قوات الحزب داخل الأراضي العراقية تهديداً مباشراً لأمنها القومي، وتعتبر نفسها صاحبة حق الملاحقة الساخنة.
● أما حكومة بغداد، فترى أن الضربات التركية المتكررة داخل العراق تمسّ السيادة الوطنية، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن الحزب لا يخضع كليا لسلطتها، بل ينتشر في مناطق جبلية وعرة خارجة عن السيطرة المباشرة.
● أما إقليم كردستان، فيتخذ موقفا مزدوجا، فهو لا يرغب في مواجهة مفتوحة مع تركيا التي تعد شريكا اقتصاديا مهما، لكنه أيضا لا يريد أن يظهر بمظهر الطرف المتعاون مع عمليات تركية على أراضيه.

وبهذا، تحول وجود حزب العمال في العراق إلى ورقة ضغط سياسية بين ثلاث عواصم : بغداد، أربيل، وأنقرة، حيث يستخدم كل طرف هذا الملف لتثبيت نفوذه أو لحماية مصالحه.

■ الأبعاد الاستراتيجية للعراق بين التوازن والتهديد
من زاوية استراتيجية، يحمل الانسحاب إلى شمال العراق معاني أعمق من مجرد تحرك عسكري.
إنه نقل لمركز الصراع من داخل تركيا إلى حدود العراق، مما يجعل البلاد جزءً من معادلة أمنية إقليمية لم تخترها بنفسها.

● التوازن الإقليمي : وجود الحزب في العراق يمنح تركيا ذريعة دائمة للتدخل العسكري، سواء عبر القصف الجوي أو العمليات البرية المحدودة.
وفي المقابل، قد تجد بعض الأطراف الإقليمية (مثل إيران أو النظام السوري) في هذا الوجود وسيلة للضغط على أنقرة في ملفات أخرى.
أي أن العراق أصبح نقطة التقاء لتوازنات معقدة بين تركيا وإيران والولايات المتحدة، وكل طرف يحاول توظيف الملف بما يخدم مصالحه.
● الفراغ الأمني والحدود : المناطق التي انسحب إليها الحزب تقع في فراغ سيادي نسبي، حيث السلطة الرسمية ضعيفة أو متنازع عليها.
هذا الفراغ يسهل عمليات التهريب والعبور غير الشرعي، ويجعل أي تصعيد عسكري قابلاً للتحول إلى أزمة حدودية طويلة الأمد.
بعبارة أخرى، العراق لم يرث فقط مقاتلي الحزب، بل ورث مشكلة أمنية مستمرة تمتد على أكثر من 300 كيلومتر من الحدود الجبلية.
● تهديد وحدة القرار الوطني : كل تدخل عسكري تركي جديد قد يعيد إلى الواجهة الانقسام بين مواقف بغداد وأربيل، وهو ما قد تستغله القوى الإقليمية لتقويض وحدة الموقف العراقي.
لذلك، فإن التحدي الحقيقي ليس فقط في مواجهة وجود الحزب، بل في منع تحول الملف إلى نقطة انقسام داخلي.
إضافة الى أن كل القوى الإقليمية تتابع الملف عن قرب، لأن استقراره أو انفجاره سيؤثر على توازن المنطقة بأكملها.

■ الانعكاسات الاقتصادية والإنسانية
يتجاوز أثر الانسحاب البعد الأمني إلى تداعيات اقتصادية وإنسانية واضحة.
فالقصف التركي المتكرر على مناطق وجود الحزب أدى إلى تراجع السياحة في بعض مناطق دهوك وزاخو، وأجبر مئات العائلات على النزوح من القرى الجبلية.
كما يهدد استمرار العمليات التركية الاستثمارات الزراعية والسياحية في شمال العراق، ويخلق حالة خوف دائمة لدى السكان المحليين.
كل ذلك يجعل الحكومة العراقية مطالبة بوضع استراتيجية إنسانية موازية متمثلة بتوفير دعم للنازحين، وإعادة إعمار القرى المتضررة، وإطلاق برامج تنموية تُبعد الشباب الكردي عن الارتباط بالجماعات المسلحة.

■ ما هي خيارات العراق بين السيادة والتفاهم؟؟
في ضوء هذا المشهد، أمام العراق ثلاثة خيارات استراتيجية :
● خيار المواجهة الصلبة : أن يعتبر وجود الحزب تهديدا مباشرا ويشن عمليات عسكرية مشتركة مع الإقليم لإخراجه.
لكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر، لأنه قد يفتح مواجهة داخلية ويستفز الأوساط الكردية.
● خيار التغاضي : أن يلتزم الصمت ويتجنب الصدام مع الحزب أو تركيا، لكن ذلك يعني قبول خرق السيادة واستمرار العمليات التركية بلا حدود.
● خيار التفاهم المشروط : أن يدخل العراق في اتفاق أمني واضح مع أنقرة يحدد نطاق العمليات التركية، مقابل التزام عراقي بإخضاع وجود الحزب للمراقبة والسيطرة.
وهذا الخيار يبدو الأكثر توازنا، لأنه يحافظ على السيادة، ويمنح العراق دورًا فاعلاً بدل أن يكون مجرد متلق للأحداث.

■ رؤية استراتيجية مستقبلية
إن الانسحاب الكامل للحزب إلى شمال العراق لا يعني نهاية الصراع، بل نقل الأزمة من مكان إلى آخر.
لكن يمكن للعراق أن يحول هذا التحدي إلى فرصة عبر ..
- تعزيز التنسيق الأمني العراقي - التركي - الكردي ضمن إطار رسمي لا يسمح بالعمليات المنفردة.
- إطلاق حوار وطني كردي - كردي يهدف إلى منع الفصائل الكردية من استغلال الخلافات العراقية الداخلية.
- اعتماد سياسة دفاع حدودي ذكية تركز على المراقبة والردع دون الدخول في صدام مفتوح.

الخلاصة
عندما طُرح قبل سنوات سيناريو انسحاب حزب العمال من تركيا إلى العراق، بدا مجرد احتمال.
لكن ما حدث في عام 2025 أثبت أن التحليلات والابحاث السابقة لم تكن فيها مبالغة، فالمخاوف من تحول العراق إلى ساحة الصراع التركي - الكردي تحققت جزئيا.
اليوم، لم يعد العراق متفرجا على المشهد، بل أصبح طرفا فيه سواء أراد ذلك أم لا.
ومستقبله في هذا الملف سيتحدد بقدرته على أن يكون صانع توازن لا ضحية صراع.
إن إدارة هذا الملف تتطلب عقلانية سياسية وواقعية استراتيجية، فالقوة وحدها لا تكفي، كما أن الحياد السلبي لم يعد خيارا ممكنا.
انسحاب حزب العمال الكردستاني لم ينهِ الصراع، بل غير جغرافيته.
والعراق أمام اختبار صعب، هل يستطيع أن يحمي سيادته ويمنع أن يتحوّل شماله إلى ساحة صراع دائم؟!
وهنا، يعتمد الجواب على وحدة الموقف العراقي، وعلى قدرة بغداد وأربيل على العمل معا بدل التنافس.
فكلما زاد الانقسام الداخلي، زادت التدخلات الخارجية.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة الرقمية بين الحرية والمسؤولية
- عبودية الوعي، الفقر كأداة للهيمنة في زمن الإنسان المنهك
- هرم ماسلو بين الإنسان والمجتمع، مقاربة في مأزق الصعود العربي
- قمة شرم الشيخ 2025، إعادة هندسة النظام الإقليمي من بوابة غزة
- نظرية النوافذ المكسورة، من فوضى المدن إلى فوضى الإنسان
- جيل Z في المغرب والعراق، من العالم الرقمي إلى الميدان الاجتم ...
- جيل Z والمظاهرات في المغرب، من العالم الرقمي إلى الميدان
- عودة العقوبات الأممية عبر -آلية الزناد-، تداعيات اقتصادية وس ...
- الشرع وبتريوس، مشهد يختصر تبدل موازين السياسة الدولية
- باغرام جوهرة استراتيجية، دلالات الموقع وابعاد الصراع في معاد ...
- اتفاقية الدفاع السعودي الباكستاني، قراءة تحليلية في إعادة تش ...
- اليوم العالمي للديمقراطية، قراءة نقدية للواقع العراقي
- الخطاب الديني والسياسي واثرهما في تشكيل الوعي الجمعي
- تشارلي كيرك وصراع النخب الأمريكية
- الضربة الإسرائيلية على قطر، قراءة في الأبعاد الاستراتيجية وا ...
- الاستعراض العسكري الصيني 2025، بين رسائل الردع وإعادة تشكيل ...
- ازدراء الأديان، دراسة تحليلية في الأبعاد الفكرية والاجتماعية ...
- إيران بين آلية السناب باك واحتمالات الحرب، قراءة في الدوافع ...
- سيداو من النص الدولي إلى الواقع الأسري، قراءة تحليلية نقدية
- نظرية البجعة السوداء، بين اللامتوقع وصناعة التحولات الكبرى


المزيد.....




- قبل اللقاء المرتقب بينهما.. ما هو مستقبل محادثات التجارة بين ...
- الشرع يزور السعودية الثلاثاء ويلتقي ولي العهد ويشارك في مؤتم ...
- سوريا.. تفاعل على زيارة أحمد الشرع للكنيسة المريمية في دمشق ...
- قبائل الأمازون: -كان أحدهم يقف، ويصوب سهماً... دعوهم يعيشون ...
- -مؤشر استسلام وسائل الإعلام- يصنّف الإعلام الأميركي بحسب خضو ...
- فرنسا تحاكم شركة مالية بريطانية بتهمة التواطؤ في مخطط احتيال ...
- قتلى في مظاهرة للمعارضة بالكاميرون قبل إعلان نتائج الانتخابا ...
- لماذا يتميّز موقف إسبانيا في دعم فلسطين؟
- ?ما أسباب طقطقة وصرير الركبة؟
- واشنطن تعتقل معلقا بريطانياً لانتقاده إسرائيل


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين علي محمود - قراءة سياسية وإستراتيجية لإنسحاب حزب العمال الكردستاني إلى شمال العراق 2025