أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين علي محمود - الموصل وصراع التمثيل السياسي














المزيد.....

الموصل وصراع التمثيل السياسي


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 20:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بعض الأحيان، تتردّد في الأوساط الموصلية فكرة تأسيس قائمة انتخابية واحدة، نقية الانتماء، تحمل اسم "موصليّون"، قوامها أبناء المدينة الأصليون، وتتكون من : (الطبيب، المهندس، المدرس، المحامي، رجال الأعمال والمثقفون.)
شخصيات تنأى بنفسها عن الأنانية والمحاصصة والمصالح الشخصية، وتعبر عن ولاء صادق للمدينة التي دفعت أثماناً باهظة عبر عقود من التهميش والصراعات والانقسامات، هذه الفكرة، على الرغم من مثاليتها الظاهرة، لكن تحمل داخلها أسئلة كبيرة تتجاوز حدود الموصل إلى بنية النظام السياسي العراقي نفسه.

الحاجة إلى إعادة تعريف التمثيل المحلي تبدو اليوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، فالتمثيل السياسي في الموصل لم يكن يوما انعكاسا حقيقيا لنبض المجتمع، إذ جاءت الوجوه غالبا عبر شبكات النفوذ والقوة والمال السياسي، لا عبر الكفاءة أو الولاء المكاني.
ومن هنا تبرز فكرة قائمة "موصليّون" كمحاولة لإعادة الاعتبار لمفهوم الهوية المدنية، بحيث يكون النائب ابن المدينة بالفعل، لا ابن الكتلة، وينطلق في عمله من معاناة الناس بدلاً من حسابات الزعامة.

لكن الرغبة في قائمة نقية تصطدم بواقع سياسي معقد. فالنظام الانتخابي، بما يفرضه من تحالفات وتمويل وضغوط، لا يسمح بظهور قوائم خالصة تماما من التأثيرات الخارجية. وحتى الشخصيات النظيفة، حين تدخل اللعبة السياسية، تحاصر بشبكات مصالح تمتد من بغداد إلى المحافظات. وهنا يبرز السؤال الكبير، هل يمكن لقائمة "موصليّون" أن تحافظ على نقائها داخل نظام شبه نقي؟؟
هذا التحدي هو الفاصل بين المبادرة الرمزية والمشروع الفعلي.

عندما تطرح قائمة "موصليّون"، لا يكون المقصود إحياء عصبيات ضيقة، بل تمكين المدينة من استعادة صوتها في الفضاء السياسي، فالمدينة بوصفها ذاكرة وتاريخا ولغة مشتركة، تتحول إلى قيمة سياسية تقاوم إهمال سنوات طويلة، وتعيد الاعتبار لفكرة أن المواطنة تبدأ من الشارع والمدرسة والمستشفى والساحة والأسواق التي تشكل وجدان أهل الموصل.

ويظل الخطر الأكبر هو الفجوة بين النخبة والمجتمع، فضم الطبيب والمهندس والمدرس والمحامي .. الخ، خطوة مهمة، لكنها وحدها لا تكفي لبناء تمثيل حقيقي، إذ لا يكتمل المشروع دون إشراك الشرائح الشعبية، التي لطالما استخدمت ككتلة انتخابية دون أن تكون جزء من القرار. وإذا لم يُبن المشروع على حوار صادق مع النقابات ومنظمات المجتمع المدني والشباب والنساء والفئات المهمشة، فإنه سيبقى مشروعا نخبويا جميلا لكنه هش.

أما الترويج الإعلامي والاجتماعي لفكرة "موصليّون"، فهو سلاح ذو حدين، قد يصنع موجة تعاطف واسعة، لكنه قد يتحول إلى فقاعة إذا لم يدعم بعمل تنظيمي طويل النفس. فالتحدي ليس في تقديم صورة جميلة، بل في بناء قاعدة اجتماعية حقيقية تحمي القائمة من الاختراق والتوظيف والمساومات.

ولكي تتحول "موصليّون" من حلم رومانسي إلى مشروع فعلي، لا بد أن تستند إلى رؤية واقعية تتضمن وضوحا في مصادر التمويل، واستقلالا عن القوى المتنفذة، وبرنامجا محليا يعيد إعمار المدينة، وقيادة مؤسسية لا تقوم على الزعامة الفردية، ومشاركة اجتماعية واسعة تجعل القائمة ملكا للمدينة بأكملها وليس لمجموعة صغيرة.

إن فكرة "موصليّون" ليست مجرد قائمة انتخابية، بل دعوة لإعادة ترتيب العلاقة بين الموصل ونفسها، وبين المواطن وممثليه، وبين الحلم والواقع.
قد تبدو الفكرة مثالية، لكنها مثالية ضرورية في لحظة سياسية ضبابية، فالمدينة التي دفعت أثمانا ثقيلة تحتاج إلى مشروع يعيد إليها كرامتها السياسية ويمنح أبناءها شعورا بأن صوت الموصل لم يعد ملكا للغرباء، بل لأبنائها الذين يعرفون شوارعها كما يعرفون وجوه أهلها.

وربما لا تكون "موصليّون" الحل الكامل، لكنها بالتأكيد بداية محتملة لاستعادة السياسة من براثن المصالح إلى فضاء المسؤولية العامة.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك العلاقة السلطوية بين المسؤول والمواطن في مجتمعات العال ...
- زهران ممداني وتجسيد فكرة -أميركا الممكنة- في مواجهة -أميركا ...
- الدين والمجتمع بين الوعي والإخضاع، قراءة في آليات الاستغلال ...
- قراءة سياسية وإستراتيجية لإنسحاب حزب العمال الكردستاني إلى ش ...
- المواطنة الرقمية بين الحرية والمسؤولية
- عبودية الوعي، الفقر كأداة للهيمنة في زمن الإنسان المنهك
- هرم ماسلو بين الإنسان والمجتمع، مقاربة في مأزق الصعود العربي
- قمة شرم الشيخ 2025، إعادة هندسة النظام الإقليمي من بوابة غزة
- نظرية النوافذ المكسورة، من فوضى المدن إلى فوضى الإنسان
- جيل Z في المغرب والعراق، من العالم الرقمي إلى الميدان الاجتم ...
- جيل Z والمظاهرات في المغرب، من العالم الرقمي إلى الميدان
- عودة العقوبات الأممية عبر -آلية الزناد-، تداعيات اقتصادية وس ...
- الشرع وبتريوس، مشهد يختصر تبدل موازين السياسة الدولية
- باغرام جوهرة استراتيجية، دلالات الموقع وابعاد الصراع في معاد ...
- اتفاقية الدفاع السعودي الباكستاني، قراءة تحليلية في إعادة تش ...
- اليوم العالمي للديمقراطية، قراءة نقدية للواقع العراقي
- الخطاب الديني والسياسي واثرهما في تشكيل الوعي الجمعي
- تشارلي كيرك وصراع النخب الأمريكية
- الضربة الإسرائيلية على قطر، قراءة في الأبعاد الاستراتيجية وا ...
- الاستعراض العسكري الصيني 2025، بين رسائل الردع وإعادة تشكيل ...


المزيد.....




- -لم أكن أستطيع المشي-، ما هي المشكلة التي تؤثر على واحدة من ...
- فيضان يحول مطعما تايلانديا إلى مزار سياحي غير مألوف
- في اليوم الـ36 لوقف النار.. الأمطار تفاقم معاناة نازحي غزة و ...
- ترامب سيقاضي -بي بي سي- ويطالبها بتعويض قد يصل إلى 5 مليارات ...
- مجلس الأمن يصوت الاثنين على مشروع قرار أميركي بشأن غزة
- قائد الجيش في بابنوسة المحاصرة بالسودان: لا تفاوض ولا استسلا ...
- الشفق القطبي يُضيء سماء الولايات المتحدة من تكساس إلى فلوريد ...
- مصر.. فيديو -حلم- تحقق لسوزان أرملة حسني مبارك ينشره علاء وس ...
- DW تتحقق: محتوى زائف وآخر مفبرك حول حرب السودان
- ترامب يلمح لقرار بشأن فنزويلا والجيش الأمريكي يبدأ عملية ضد ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين علي محمود - الموصل وصراع التمثيل السياسي