أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك الخليج في إختبار التوازن العالمي















المزيد.....

طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك الخليج في إختبار التوازن العالمي


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 00:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


26 ديسمبر 2025


ليس النفط مجرد سلعة إستراتيجية في النظام الدولي، بل هو — كما يذكّرنا الكاتب والمحلل السياسي الروسي ميخائيل نيكولايفسكي — لغة السلطة ذاتها، والوسيط الخفي الذي تُعاد عبره صياغة التحالفات، وتُكسر التوازنات، وتُرسم حدود الصدام والتسويات. في مقاله المنشور بتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر 2025 على موقع «فوينيه أوبوزرينيه» بعنوان: «روسيا وترامب وممالك الشرق الأوسط وصراعات النفط الكبرى» ، يضع نيكولايفسكي القارئ أمام لوحة معقّدة تتقاطع فيها روسيا، دونالد ترامب، وممالك الخليج، في لحظة عالمية مشحونة لا تقل خطورة عن ذروة الحرب الباردة، ولكن بأدوات مختلفة.
منذ السطور الأولى، يحدد الكاتب الإطار العام: عام 2025 لم يكن عامًا عاديًا لروسيا، بل عامًا إنتقاليًا، تُناقش فيه في آنٍ واحد مسألتان مصيريتان: «التحضير الأوروبي لمرحلة ساخنة من المواجهة مع روسيا، وحدود الضغط على المجمع النفطي والغازي الروسي».
هنا يلفت نيكولايفسكي إلى حقيقة غالبًا ما تُهمل في التحليلات السطحية: الملف العسكري والملف الطاقوي ليسا مسارين منفصلين، بل مسار واحد بوجهين. فالنقاش حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، برأيه، لا يدور حول “سلام دائم أو مؤقت”، بل حول الإنتقال إلى حالة نوعية جديدة في العلاقات الدولية، حيث يعاد تعريف من يملك السوق ومن يضبط قواعده.


ترامب: النفط أولًا… وأخيرًا

يخصص نيكولايفسكي جزءًا محوريًا من مقاله لتفكيك الصورة الشائعة عن دونالد ترامب داخل بعض الأوساط الروسية، تلك التي رأت فيه — لسنوات — “شرًا أقل” أو حتى فرصة. الكاتب لا ينكر أن ترامب كان صريحًا أكثر من أسلافه، لكنه يحذر من الخلط بين الصراحة والودّ.
يكتب بوضوح لافت: «ترامب، رغم عدم إتساقه التكتيكي، متّسق على نحو مدهش في رؤيته الفكرية: النفط، ثم النفط، ثم النفط مرة أخرى».
هذه الجملة تختصر مشروعًا كاملًا. فترامب — كما يراه الكاتب — لا ينطلق من أيديولوجيا تقليدية، بل من منطق المواد الخام. هدفه المركزي هو السيطرة على سوق النفط العالمي عبر مفصل بالغ الحساسية: النفط الثقيل وفائق الثقل.
ويذكّر نيكولايفسكي بأن الولايات المتحدة تعاني من نقص بنيوي في هذا النوع من النفط، الضروري للنقل الثقيل، والصناعة، والبنية التحتية:
«من دون النفط الثقيل، تصبح اللوجستيات والنقل والبناء والطاقة قطاعات باهظة الكلفة إلى حد غير مقبول».
ومن هنا تأتي أهمية مناطق بعينها: كندا، فنزويلا، المكسيك، روسيا، العراق، إيران. ليست مصادفة، برأيه، أن تكون هذه الدول تحديدًا في مرمى الضغط الأمريكي المباشر أو غير المباشر.

النفط الثقيل: “ماء السوق العالمية”

من أكثر الإستعارات دلالة في المقال تشبيه النفط الثقيل بالماء: «الماء رخيص، لكن أخرجوه من السوق، وسترى التأثير فورًا».
بهذا التشبيه، يشرح نيكولايفسكي لماذا لا يستطيع العالم ببساطة “الإستغناء” عن النفط الروسي، رغم العقوبات. فروسيا ليست مجرد منتج بنسبة تتجاوز قليلًا 10% من السوق العالمية، بل هي — كما يقول — عنصر توازني لا يمكن تجاوزه دون إحداث إختلالات عميقة.
ويفسر ذلك سبب التناقض الغربي الصارخ: «الحديث الصارم عن العقوبات يقابله في الواقع تجاهل عملي لها حين يتعلق الأمر بالحفاظ على التوازن بين النفط الخفيف والثقيل».


أوبك+… من أداة توازن إلى ساحة صراع

ينتقل الكاتب إلى تحليل دور أوبك+، معتبرًا أنها لم تكن مجرد آلية إقتصادية، بل ثمرة سياسية غير مباشرة للتدخل الروسي في سوريا. ورغم كل ما رافق هذا التدخل من إخفاقات لاحقة، فإن إنشاء هذا الإطار — برأيه — كان إنجازًا إستراتيجيًا حقيقيًا.
لكن الخطر اليوم يكمن في أن هذا الإطار قد يفقد مبرره الأساسي إذا فُرضت قيود قسرية على أحد أطرافه:
«إذا لم يعد أحد اللاعبين قادرًا على ضخ الكميات المتفق عليها حتى ضمن سقوف التقييد الذاتي، فإن منطق أوبك+ نفسه ينهار».
وهنا يحذر نيكولايفسكي من سيناريو بالغ الخطورة: أن تتحول روسيا من فاعل مستقل في السوق إلى مورد تابع، بينما تتحول الولايات المتحدة إلى المتداول والموزع الرئيسي، بما يعنيه ذلك من تسعير “تفاوضي” لا سوقي.


ممالك الخليج: مكاسب قصيرة… وخسائر بعيدة

لا يعفي الكاتب ممالك الخليج من المسؤولية أو الوهم. صحيح أن حصتها تقارب 27% من السوق العالمية، وأن إضعاف روسيا أو إيران قد يفتح أمامها فرصًا إضافية، لكن نيكولايفسكي يرى في ذلك فخًا إستراتيجيًا.
يكتب بلهجة تحذيرية: «قد تبدو المكاسب التكتيكية مغرية، لكن النمو المستدام في سوق مختلّ التوازن يصبح هدفًا مستحيلًا».
فالتحالف الضمني مع مشروع ترامب يعني، في النهاية، سوقًا متقلبة، خاضعة للتدخل السياسي، لا لقوانين العرض والطلب.

العراق، الهند، والصين: إشارات لا يجوز تجاهلها

من النقاط اللافتة في المقال ربطه بين العراق والهند والصين ضمن لوحة واحدة. فالعراق، بحسب الكاتب، يشكل “مؤشرًا” على إستعداد موسكو للدفاع عن أصولها. أما الضغط على الهند، فيراه جزءًا من صفقة أمريكية أوسع مع الصين.
وهنا يلفت إلى أن دول الخليج تقرأ هذه الإشارات بعناية، لأنها تحدد مستقبل أسواقها في آسيا وأوروبا: «السؤال ليس من يربح الصفقة اليوم، بل من يحدد قواعد السوق غدًا».


خاتمة: النفط كعمود فقري للدولة

يختم نيكولايفسكي مقاله بنبرة تكاد تكون تحذيرًا إستراتيجيًا مباشرًا: «العائدات النفطية كانت وستبقى العمود الفقري للميزانية الروسية».
ومن هنا، فإن أي اندفاع نحو “صفقات سريعة” مع واشنطن، أو أي تجاهل للتنسيق مع ممالك الخليج داخل أوبك+، قد يقود إلى خسائر تفوق بكثير المكاسب الآنية.
الدراسة التي يقدمها نيكولايفسكي لا تكتفي بوصف المشهد، بل تكشف منطقه العميق: النفط ليس سلاحًا إقتصاديًا فقط، بل أداة لإعادة تشكيل النظام الدولي. ومن لا يفهم هذه الحقيقة، قد يجد نفسه — كما يحذر الكاتب ضمنيًا — مجرد لاعب ثانوي في سوق كان يومًا أحد أعمدتها.
*****
هوامش
1) النفط الثقيل Heavy Crude Oil
هو نوع من النفط الخام عالي اللزوجة والكثافة، يحتوي على نسبة مرتفعة من الكبريت والمعادن، ما يجعل إستخراجه وتكريره أكثر صعوبة وكلفة.
يحتاج إلى تقنيات خاصة مثل التسخين أو الخلط بمخففات، ويُستخدم غالبًا لإنتاج الوقود الثقيل والأسفلت.
وهو ضروري لأنه يوفّر مصدرًا كبيرًا للطاقة في ظل تناقص إحتياطيات النفط الخفيف، ويشكّل جزءًا مهمًا من أمن الطاقة العالمي.
كما أن كثيرًا من المصافي صُمّمت لمعالجته، ويُستخدم في صناعات أساسية مثل توليد الكهرباء، الشحن البحري، والبتروكيماويات.

2) النفط الخفيف Light Crude Oil
هو نوع من النفط الخام منخفض الكثافة واللزوجة، سهل التدفق ويحتوي على نسبة قليلة من الكبريت.
يمتاز بسهولة تكريره وإنتاج مشتقات عالية القيمة مثل البنزين والديزل، لذلك يُعدّ الأكثر طلبًا في الأسواق .



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 810 - المتاهة السورية: بين وهم التسوية وشبح الح ...
- طوفان الأقصى 809 - «ما هي الكلمة المسيحية في مواجهة الإبادة؟ ...
- في ذكرى عيد ميلاده - ستالين بين ذروة القوة وثمنها الفادح
- طوفان الأقصى 808 - إسرائيل على حافة الهاوية - قراءة في أطروح ...
- طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “ ...
- طوفان الأقصى 806 - كيف وضعت إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهم ...
- ألكسندر دوغين - يجب تدمير الإتحاد الأوروبي (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 805 - المستوطنون لن يرحلوا: تفكيك الإستعمار لا ...
- طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت ط ...
- ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس ...
- طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل ...
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
- طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم ...
- ألكسندر دوغين - ترامب يدهش العالم مجددًا
- الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وت ...
- ألكسندر دوغين - ضباب كثيف يلف الدبلوماسية - برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي
- حرب أوكرانيا - وجهة نظر تاريخية سياسية دينية
- طوفان الأقصى 799 - مراجعة كتاب - بيتر بينارت: -أن تكون يهودي ...
- ألكسندر دوغين…تأمّلات حول الحرب


المزيد.....




- -إحياء للقرصنة في الكاريبي-.. ماذا قالت روسيا عن الحصار الأم ...
- إصابة رضيعة فلسطينية في هجوم لمستوطنين بالضفة الغربية.. والش ...
- السلطات اليونانية تنقذ 52 مهاجراً وتواصل البحث عن قاصر مفقود ...
- صحافي إسرائيلي عند ضريح نصرالله.. كيف وصل؟
- زيلينسكي يشير إلى محادثات -جيدة للغاية- مع ويتكوف وكوشنر
- صراع الرهانات الدائر في إقليم دارفور
- مخاوف التقسيم.. ماذا بعد تمدد قوات الدعم السريع في دارفور؟
- قطر تعرب عن دعمها الكامل لجهود تعزيز السلم في اليمن
- بولندا تعترض طائرة استطلاع روسية فوق بحر البلطيق
- نتنياهو يحضّر لقمة ترامب ويكشف شرط الانتقال للمرحلة الثانية ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك الخليج في إختبار التوازن العالمي