أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - الحكومة السورية الانتقالية على حافة السقوط














المزيد.....

الحكومة السورية الانتقالية على حافة السقوط


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 07:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سلطة بجيشٍ متطرّف، وصفقات فاشلة، ودولة تُدار من الخارج
لم يعد مستقبل الحكومة السورية الانتقالية سؤالًا مؤجّلًا، بل أصبح معطىً سياسيًا يقترب من الحسم. المؤشرات المتراكمة لا توحي بتعثّر عابر، بل بانكشاف بنيوي يضع عمر هذه الحكومة على المحك، ويجعل زمنها أقصر بكثير مما أُريد له أن يبدو. فالوقت الذي منحه دونالد ترامب لم يكن تفويضًا سياسيًا بقدر ما كان هدنة مشروطة، جاءت على خلفية تنازل مباشر عن جزء من جغرافية الجولان. غير أنّ هذه الصفقة نفسها بدأت تتآكل سريعًا، بعدما أعادت بريطانيا وفرنسا ودول أخرى في التحالف الدولي ضد الإرهاب تقييمها، مدعومة بتحركات متزايدة داخل الكونغرس الأميركي، بل ومن داخل البيت الأبيض ذاته.
هذا التحوّل لم يعد خافيًا على حكومة الجولاني، كما لم يغب عن أنقرة والرياض، اللتين التقطتا إشاراته المبكرة من دوائر القرار. وقد وصلتهما رسائل تحذير واضحة، الحكومة الانتقالية فشلت في تحقيق الشرط الجوهري لبقائها، أي بناء جيش وطني يمكن الوثوق به في مواجهة الإرهاب. فما تشكّل حتى الآن ليس جيش دولة، بل تركيب هشّ من جماعات متطرفة، يضم فلول داعش، وعناصر من هيئة تحرير الشام، ومرتزقة تديرهم تركيا. بهذا المعنى، تصبح “محاربة الإرهاب” مجرّد شعار فارغ، حين يُطلب من العالم أن يثق بجيش تكوّنه البنية ذاتها التي أنتجت الإرهاب.
إلى ذلك، أخفقت الحكومة في إدارة ملف التفاهمات مع إسرائيل ضمن السقف الدولي المطلوب، كما عجزت عن لعب أي دور فعلي في مواجهة حزب الله. لا لأنّها ترفض ذلك مبدئيًا، بل لأنها محكومة بتشابكات تركية–إيرانية عميقة، تقوم على إعادة إنتاج جبهة إسلامية عابرة للمذاهب، شيعية وسنية، هي نفسها التي تقاتلت على الأرض السورية، قبل أن تعيد اليوم تنسيق بوصلتها. هنا لا نتحدث عن أحداث موضعية أو احتكاكات هامشية، بل عن خلل بنيوي في تكوين ما يُسمّى “الجيش السوري الجديد”، وعن غياب شبه كامل لأي تناقض حقيقي بينه وبين الفصائل الشيعية في العراق ودير الزور.
الأخطر من كل ذلك أنّ هذه الحكومة عجزت عن حماية السوريين أنفسهم. قتل المكونين الدرزي والعلوي على الهوية لم يتوقف، والتهديد بالمجازر يتصاعد، خصوصًا بحق الشعب الكوردي. وفي الوقت ذاته، بدأت الشقوق تتسع داخل المكوّن السنّي ذاته، بين مذاهب وتيارات متناحرة، خرج صراعها من الغرف المغلقة ومنابر المساجد إلى العلن، في مؤشر على تفكك داخلي لا يمكن احتواؤه بالشعارات أو القبضة الأمنية.
على المستوى الاستراتيجي، يبرز عامل حاسم، التمدد التركي المتسارع على حساب المصالح الأميركية. أنقرة لا تخفي سعيها للهيمنة على ملف إعادة الإعمار والاستثمارات بالشراكة مع قطر، متجاوزة المصالح الأميركية والخليجية الأخرى. هذا التعارض الاقتصادي–السياسي لم يعد تفصيلًا، بل أصبح أحد أسباب إعادة النظر الدولية في جدوى الرهان على الحكومة الانتقالية.
أمام هذا الفشل المركّب، لم تجد الحكومة سوى الهروب إلى الأمام، فبدل معالجة أزماتها الداخلية، لجأت، بتخطيط وتحريض تركي، إلى افتعال بؤر توتر مع قوات قسد، عبر أدوات أمنية وتنظيمات تابعة لها، في محاولة للتغطية على العجز، والتنصّل من عدم الوفاء بالشروط المطلوبة لرفع عقوبات قانون قيصر.
في الخلاصة، نحن أمام سلطة بلغت ذروة صعودها وبدأت مرحلة الانحدار، قد تكون سنة الصعود قصيرة، لكن سنة السقوط أقصر. فمن المستحيل بناء دولة على منهجية تكفيرية، وعلى سجلّ مثقل بالمجازر، وعلى سياسات قتلٍ على الهوية، خصوصًا حين يُستهدف الشعب الكوردي بوصفه الحلقة الأضعف في حسابات سلطة مأزومة.
لهذا، يصبح من الضروري التحذير بوضوح، على قوات قسد ألّا تنجرّ إلى المستنقع الذي تغرق فيه الحكومة الانتقالية. فالمواجهة لم تعد سياسية فحسب، بل صدامًا مع وباء فكري وأيديولوجي، وثقافة إقصائية تنتشر بين التكفيريين من السنة بشكل كارثي، ومنظومة تنظيمات إجرامية، لا تنتج دولة ولا استقرارًا، بل تعيد تدوير المأساة السورية بأشكال أكثر عنفًا وخداعًا.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
22/12/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف بدّدت واشنطن بوست ما تبقّى من مصداقيتها في سوريا،
- الحكومة السورية الانتقالية بلا إنسانية: أسرى منذ 2012 بلا عف ...
- من البيت الأبيض
- سياسة واشنطن في سوريا إدارة الإرهاب بدل اجتثاثه
- حوار مع الظلام أم شراكة واعية في محو الكورد؟
- التحالفات المتحوّلة في سوريا
- من يُختطف السُّنّة باسم صدام حسين، حكومة انتقالية أم إمارة ت ...
- منبر الأموي يكرّر خطيئة الكوفة الجولاني يخطب بلسان الحجاج
- ترامب يسلّم جنوده للتكفيريين دمٌ أميركي على عتبة الجولاني
- من جامع النوري إلى الأموي سلالة الحكم بالمحراب
- يوم سقوط المجرم في سوريا وصعود التكفير
- أحمد الشرع في مرآة الأسد ليست مقارنة، بل فضيحة
- من يقف خلف تقرير رويترز؟
- الجزيرة ليست صامتة من يصادر صوتها هو من يخاف الحقيقة
- حين تتحوّل الصحافة إلى تبييض للإرهاب، ويصبح الكذب “تحليلاً س ...
- تفكيك المجتمع السوري بخطاب التكفير
- كيف صنعت الحكومة الانتقالية أقوى حُجّة لتقسيم سوريا
- التلميذ غير النجيب
- في زمن العفن المقدّس
- شكرًا للخلافة على خراب الوطن


المزيد.....




- الأميرة كاثرين وابنتها تشارلوت تعزفان على البيانو سويًا في ب ...
- الحكومة اليمنية تحذر من المساس بحضرموت والمهرة
- في تحول تاريخي..الصومال تشهد أول انتخابات مباشرة منذ عقود
- الكرملين: موسكو تدرس وثائق أمريكية بشأن اتفاق السلام مع أوكر ...
- غرق قارب قبالة سواحل السنغال يخلف 12 قتيلا وفقدان آخرين
- مانشستر في ديسمبر.. دفء أعياد الميلاد في قلب الشتاء
- لاعب يشعل غضب الشارع الرياضي والمنصات في سوريا
- بعد اليابان وأوروبا.. آبل تتيح متاجر التطبيقات الخارجية في ا ...
- 3 مناطق ترسم مستقبل المشرق العربي
- مباحثات بين كمبوديا وتايلند لاحتواء التوتر بين البلدين


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - الحكومة السورية الانتقالية على حافة السقوط