أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حين تتحوّل الصحافة إلى تبييض للإرهاب، ويصبح الكذب “تحليلاً سياسياً”














المزيد.....

حين تتحوّل الصحافة إلى تبييض للإرهاب، ويصبح الكذب “تحليلاً سياسياً”


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 09:39
المحور: القضية الكردية
    


ما كُتبه عمر الهويدي في 3 كانون الأول/ ديسمبر تحت عنوان «عامٌ على السقوط.. والجزيرة على صفيح ساخن» ليست قراءة تحليلية، ولا توصيفاً صحفياً، ولا حتى اختلاف رأي مشروع؛ بل هو نموذج فجّ لانهيار المصداقية الفكرية، وتدويرٍ رخيص لمفردات السلطة الجديدة، وتمرير واعٍ أو غير واعٍ لخطاب داعش بلغة ناعمة.
أولاً: الجريمة الأصلية، قلب الضحية إلى جلّاد
ينطلق الكاتب من معادلة مقلوبة أخلاقياً وتاريخياً:
يتحدّث عن الدمار في الرقة ودير الزور وكأنه نتاج “قسد” أو “الإدارة الذاتية”.
ويتجاهل، عن سابق إصرار، أن هذا الدمار سببه تنظيم داعش، ثم الحرب الدولية عليه، ثم خذلان العالم للمدن التي قاومت أبشع تنظيم إرهابي عرفه التاريخ الحديث.
الرقة سُوّيت بالأرض لأنها كانت عاصمة داعش، لا لأنها اختارت نموذج إدارة ذاتية، ولا لأنها خرجت عن “الدولة المركزية”.
هذا التزييف ليس خطأً، بل كذب سياسي متعمّد.
ثانياً: النفاق الفاضح… مقارنة غير أخلاقية ولا واقعية
يصل الكاتب إلى ذروة العبث حين يعقد مقارنة بين:
مناطق الإدارة الذاتية، ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام / الحكومة الانتقالية.
وهنا لا بد من كلام واضح لا لبس فيه:
أي منطق أخلاقي يسمح بتقديم مناطق تسيطر عليها أيديولوجيا خرجت من رحم القاعدة وداعش، على أنها “نموذج دولة”، بينما تُتهم مناطق تعيش فيها الكرد والعرب والسريان والآشوريون معاً بالاحتلال والقمع؟
في مناطق الإدارة الذاتية:
لا تُقتل على الهوية.
لا تُفرض الشريعة بالسوط.
لا تُسبى النساء.
لا يُكفَّر المختلف.
لا تُمنع اللغات.
لا تُقصى المكونات.
أما في مناطق هيئة تحرير الشام - الحكومة السورية الانتقالية:
فالدين سلطة، والقتل على الهوية.
والسلاح هو القانون،
والاختلاف جريمة،
والمرأة وظيفة، وسبيها شريعة.
والاقتصاد ريعي/أمني،
والمستقبل مؤجل إلى فتوى.
يكفر المختلف، وتمنع اللغات، وتقصى المكونات.
أي وئام هذا الذي يتحدثون عنه؟ وأي قمع هذا الذي يخترعونه؟
ثالثاً: تحريف الحقيقة، وتحريف الفيدرالية
الأكثر خطورة منطق من يدعم هذا النص ليس فقط انحيازه، بل انقلابه الفكري.
ومن الغرابة أن الكاتب محي الدين اللاذقاني، الذي يسير في فلك منهجية هذا الكاتب، كان يدافع عن الفيدرالية، فإذا به اليوم:
يفرغها من مضمونها، بناء على مثل هذه المفاهيم الضحلة والكاذبة، أو لربما على خلفيات أخرى لا تزال غير واضحة أدت به وهو الكاتب الديمقراطي المعروف، ان يغير من موقفه الوطني بهذه الحدة والغرابة.
يحوّلها إلى أداة تفاوض بيد حكومة انتقالية خاضعة للقوى الإقليمية، ويعيد تسويق المركزية القسرية بلباس “الدولة الواحدة”. هذه ليست مراجعة فكرية، بل انتهازية سياسية.
الفيدرالية ليست خريطة تُرسَم من دمشق، ولا من أنقرة، ولا من الدوحة، بل عقد اجتماعي بين مكوّنات البلاد.
رابعاً: حين تُستباح الحقيقة، يُستباح النص الإلهي، ولا تطبق على مبدأ الأغلبية أو الأكثرية، بل يتم المطالبة بها لإنقاذ شعب، يفرض عليه منطق الأقلية، من الاستبداد ومنطق الأغلبية.
حين يفقد الكاتب معاييره الأخلاقية، يسهل عليه تحريف كل شيء:
الواقع، التاريخ، وحتى النصوص الدينية.
وما يفعله بعض الكتّاب، ومنهم صاحب هذا الطرح، هو توظيف الدين لا بوصفه قيمة، بل سلاحاً سياسياً، تماماً كما فعلت داعش، ولكن بلغة أكثر “تهذيباً”.
الفارق الوحيد:
داعش كانت صريحة، وهؤلاء يقدّمون النسخة “المهذّبة” من الفكرة نفسها.
خامساً: الجزيرة ليست صفيحاً ساخناً، بل مرآة كاشفة
الجزيرة السورية ليست:
“خارجة عن التاريخ”، ولا “معلّقة خارج الجغرافيا”، ولا “عبئاً على الدولة”.
الجزيرة هي اختبار سوريا الحقيقي:
إما دولة تعددية لا مركزية، أو سلطة جديدة بوجه قديم.
وكل كاتب يهاجم الجزيرة لأنه لا يحتمل فكرة الشراكة، لا يدافع عن سوريا، بل عن امتيازات ضائعة.
هذا النص لا يدين “قسد”، بل يدين كاتبه.
لا يكشف مأساة الجزيرة، بل يكشف خواء الخطاب الذي يحاول تبييض حكومة خرجت من رحم الفكر الداعشي.
ولا يطرح أسئلة المستقبل، بل يهرب من عرض حقيقة واحدة بسيطة:
لولا الإدارة الذاتية وقسد، لكانت الرقة ودير الزور والحسكة اليوم نسخة ثانية من الموصل، أو أسوأ.
ومن لا يستطيع قول هذه الحقيقة، لا يكتب تحليلاً، بل يبيع وهماً.
وهنا، لا يعود الصمت حياداً، بل تواطؤاً.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
3/12/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك المجتمع السوري بخطاب التكفير
- كيف صنعت الحكومة الانتقالية أقوى حُجّة لتقسيم سوريا
- التلميذ غير النجيب
- في زمن العفن المقدّس
- شكرًا للخلافة على خراب الوطن
- كوردستان الفرصة التي دمّرها الغرب
- في سوريا الحرية جريمة
- كيف صُنِع العدم الكوردي في الوعي العربي؟ تفكيك جذور خطاب الإ ...
- تفكيك خطاب الناشطة الجولانية – الأميركية ميساء قباني
- الديمقراطية فخٌّ قاتل والفيدرالية هي النجاة الوحيدة للكورد
- منتدى ميبس في دهوك عودة الجغرافيا الكوردستانية إلى مركز التا ...
- بين الاستراتيجيات الكبرى ومسارات التغيير السعودية وتركيا وال ...
- على طرفي النقيض بين زيارة محمد بن سلمان والجولاني للبيت الأب ...
- بين ظلام التكفير واغتيال الكلمة دفاع عن حرية الفكر والمثقفين ...
- بين وعي الانتماء وزيف الهوية المصطنعة
- أمريكا بين فخّ الاستراتيجية وضياع البديل في سوريا
- الجولاني من ساحات الإرهاب إلى عتبة البيت الأبيض
- لماذا تُجمّل أمريكا وجه الإرهاب بدعوتها الجولاني إلى البيت ا ...
- من فاتن رمضان إلى عبد العزيز تمو وغيرهما من المرتزقة الكورد ...
- بعض الأخوة المسيحيين يختارون عبودية الماضي على حرية كوردستان


المزيد.....




- الأرمن في حلب: تفاؤل بحقوق الأقليات وحرية العبادة في سوريا ا ...
- اعتقالات واعتداءات إسرائيلية في الضفة الغربية والقدس
- اعتقال المتهم بزرع قنابل أنبوبية في واشنطن يكشف عن دافع مرتب ...
- تحذيرات من انهيار عدد من المباني على النازحين في غزة
- الجنائية الدولية: مذكرة اعتقال بوتين باقية رغم أي اتفاق سلام ...
- وصول دفعة جديدة من المهاجرين الفنزويليين المرحلين من أمريكا ...
- دهم واعتقالات بالضفة ومستوطنون يهاجمون مزارعين فلسطينيين
- الأمم المتحدة تتبنى 5 قرارات لمصلحة فلسطين بأغلبية ساحقة
- تصعيد في الضفة: اقتحامات واعتقالات وإصابات بالرصاص والغاز
- -معركة كلامية- بين البيت الأبيض ومغنية بسبب فيديو لاعتقال مه ...


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حين تتحوّل الصحافة إلى تبييض للإرهاب، ويصبح الكذب “تحليلاً سياسياً”