أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الديمقراطية فخٌّ قاتل والفيدرالية هي النجاة الوحيدة للكورد














المزيد.....

الديمقراطية فخٌّ قاتل والفيدرالية هي النجاة الوحيدة للكورد


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 10:26
المحور: القضية الكردية
    


إنّ من أكثر الطروحات سذاجةً، من منظور علم السياسة وبُنى الأنظمة السلطوية، هو إصرار بعض القوى الكوردية، ومعهم شريحة من المعارضة السورية، على مطالبة الحكومة السورية الانتقالية الراهنة بتطبيق الديمقراطية، وكأنها سلطة قابلة بطبيعتها لهذا الخيار، أو تمتلك أصلًا القابلية البنيوية للتحوّل نحو نظام دستوري تعددي.
هذه السذاجة لا تنبع من حسن النية بقدر ما تعكس ضحالة معرفية بطبيعة الإيديولوجيا التي يقوم عليها الكيان الحاكم اليوم؛ نظام لا يقبل بالديمقراطية، ولا يعترف بالنظام اللامركزي أو الفيدرالي، بل يرفضهما معًا بوصفهما “خرقًا للشريعة” وفق تفسيراته الدوغمائية المغلقة.
فما يسمى بالحكومة السورية “الانتقالية” لا تستند إلى فلسفة الدولة الحديثة، بل إلى إيديولوجيا تقوم على تأليه السلطة وتكريس مفهوم الطاعة الدينية للخليفة/الأمير، بحيث يُختزل الشعب إلى “رعية” لا إلى مواطنين، وتُختزل الدولة إلى “إمارة” لا إلى مؤسسات.
وبالتالي، فإنّ أي مطالبة بالديمقراطية تُقرأ داخل هذا النسق باعتبارها تمردًا على الإرادة الإلهية كما يزعمون، وليس مجرد خلاف سياسي. وهذه الذهنية تعيد إنتاج النظام الجبري الذي شرعنته الخلافة الأموية، عندما ربطت السلطة بإرادة الله، وجعلت معارضة الحاكم معارضةً للقدر ذاته.
وهنا تكمن المفارقة الكبرى:
من العبث مطالبة سلطة تكفيرية شمولية بالديمقراطية، وهي لا تقبل حتى بمبدأ اللامركزية، الحدّ الأدنى من فلسفة الدولة، وتعتبره كفرًا دستوريًا وخروجًا على النص.
لقد بات قادة هيئة تحرير الشام ومن يدور في فلكها يربطون أي مشروع سياسي بالدين على نحو مغلق، ويمهّدون لمرحلة “ترسيخية” تُفرض فيها طاعة الأمير بوصفها واجبًا شرعيًا، بحيث يصبح رفض الاستبداد رفضًا لإرادة الله، وهذا جوهر “الجبرية السياسية” التي أسقطت الخلافة الراشدية وشرعنت وراثة الحكم في دمشق.
وعليه، فلا معنى اليوم لهدر الزمن في معركة ديمقراطية مع سلطة لا علاقة لها بفلسفة الديمقراطية ولا بمبادئ الدولة، ولا تمثل سوى امتداد للنظام الاستبدادي الديني الذي يتقاطع، بالعقلية ذاتها، مع نماذج الحكم في تركيا الكمالية لاحقاً والأردوغانية حالياً، وإيران ولاية الفقيه، والنسخة السورية “الجهادية” التي ترفع العربية إلى مرتبة “لغة الجنة” وترى في الديمقراطية نظامًا كافرًا.
المعركة الفعلية ليست من أجل ديمقراطية لن تتحقق تحت سلطة تكفيرية، بل من أجل فرض النظام اللامركزي-الفيدرالي بوصفه الحل السياسي الوحيد القابل للحياة، والضامن لحقوق المكوّنات وللسلم الأهلي، والقادر على ردّ الاستبداد الديني والقومي معًا.
ولنفرض جدلًا أن الحكومة الانتقالية، على الرغم من بنيتها العقائدية الرافضة أصلًا للديمقراطية والنظام اللامركزي الفيدرالي، رضخت لضغوط داخلية وإقليمية ودولية، واضطرت إلى تطبيق نموذج ديمقراطي شكلي. ولنفترض أيضًا أنّ الشعب الكوردي توجّه إلى صناديق الاقتراع، رافعًا جملة مطالب دستورية أساسية تمس وجوده وهويته، وعلى رأسها:
1- الاعتراف الدستوري بالقضية الكوردية.
2- اعتماد اللغة الكوردية لغة رسمية أولى في غربي كوردستان.
3- إلغاء شرط الانتماء الديني في الترشح لرئاسة الدولة، بحيث يكفي أن يكون المرشح سوريًّا مولودًا في سوريا دون اشتراط الإسلام.
4- إلغاء الصفة القومية من اسم الدولة، أي شطب “العربية” من “الجمهورية العربية السورية”، بما يعكس التعدد القومي والديني.
ولو افترضنا أن هذه البنود الأربعة طُرحت للاستفتاء وفق آليات “الديمقراطية الصندوقية”، فهل ستحظى بقبول شعبي سوري عام؟
واقع الحال يشير إلى عكس ذلك تمامًا. فالبند الأول لن ينال، في أفضل السيناريوهات، أكثر من ربع الأصوات، والبند الثاني ربما الثلث، أما البندان الثالث والرابع فلن يُقارب كل منهما الربع. وهذا يعني، وفقًا للمبدأ الديمقراطي ذاته الذي يتغنى به البعض، أن الشعب الكوردي سيخسر حقوقه بقرار ديمقراطي وبإرادته المفروضة عليه عبر الأغلبية العددية. وهنا تكمن المفارقة القاتلة، الديمقراطية العددية في مجتمع غير متجانس، ومشحون بإيديولوجيات استعلائية، تتحول إلى أداة ناعمة لسحق الأقليات لا لتمثيلها.
وعليه، يصبح من السذاجة السياسية، بل ومن الانتحار القومي، الاعتقاد بأن النظام الديمقراطي في سوريا يمكن أن يشكل ضمانة لحقوق المكوّن الكوردي. فالدول المتعددة القوميات التي تحمل تاريخًا طويلًا من الشوفينية والعنصرية لا يمكن أن توفر عدالة حقوقية عبر الديمقراطية المباشرة، بل عبر أنظمة متقدمة تضع الحقوق القومية خارج لعبة الأغلبية والأقلية، وعلى رأس هذه الأنظمة، النظام اللامركزي الفيدرالي.
والنتيجة الحتمية التي تكشفها هذه القراءة:
إنّ الدعوة إلى “الديمقراطية أولًا” في سوريا ليست فقط خطأ استراتيجيًا، بل تدميرًا مقننًا للذات القومية، لأن الديمقراطية في بيئة غير ديمقراطية تتحول إلى آلية لإنتاج الاستبداد باسم الأغلبية، بينما النظام اللامركزي الفيدرالي وحده القادر على حماية التعدد وضمان الحقوق وصون الهويات القومية والدينية.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
23/11/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منتدى ميبس في دهوك عودة الجغرافيا الكوردستانية إلى مركز التا ...
- بين الاستراتيجيات الكبرى ومسارات التغيير السعودية وتركيا وال ...
- على طرفي النقيض بين زيارة محمد بن سلمان والجولاني للبيت الأب ...
- بين ظلام التكفير واغتيال الكلمة دفاع عن حرية الفكر والمثقفين ...
- بين وعي الانتماء وزيف الهوية المصطنعة
- أمريكا بين فخّ الاستراتيجية وضياع البديل في سوريا
- الجولاني من ساحات الإرهاب إلى عتبة البيت الأبيض
- لماذا تُجمّل أمريكا وجه الإرهاب بدعوتها الجولاني إلى البيت ا ...
- من فاتن رمضان إلى عبد العزيز تمو وغيرهما من المرتزقة الكورد ...
- بعض الأخوة المسيحيين يختارون عبودية الماضي على حرية كوردستان
- من مناهج البعث والتكفيريين إلى مناهج كوردستان
- حين عرّى الوعي الكوردستاني الزيف الانتقالي
- التغيير الديمغرافي في غربي كوردستان هو استمرار لجريمة البعث ...
- ترامب الابن في الرياض وسوريا بين الإعمار والمساومة
- الإعلام العربي بين تلميع السفهاء وإقصاء الكورد
- خدم السلطان بلباس المثقف والمحلل السياسي
- إلى الأخت الكاتبة (نسرين تيلو) حكاية الغياب والذاكرة.
- قامشلو البوابة السياسية لوطنٍ يُعاد بناؤه
- حين يُقصى الكورد تموت فكرة سوريا
- أيّ سوريا نريد؟


المزيد.....




- وادي المخازن وخلل الموازين / الجزء 16
- محكمة تابعة للحوثيين تحكم بالإعدام على 17 متهما بالتجسس لصال ...
- مقتل قاضيين بإيران لهما علاقة بأحكام إعدام ضد معارضين
- غزة مباشر.. الأونروا تؤكد استمرار تجويع القطاع وتحقيقات 7 أك ...
- من يبلسم الجراح النفسية والمادية للمعتقلين وأهالي المفقودين ...
- من يبلسم الجراح النفسية والمادية للمعتقلين وأهالي المفقودين ...
- أسرى عوفر يشكون تعرضهم للتعذيب والإهمال الطبي
- ما أبرز معوقات الوصول إلى آلاف الجثث تحت أنقاض غزة؟
- ما أبرز معوقات الوصول إلى آلاف الجثث تحت أنقاض غزة؟
- تحذير جديد من خطر يهدد الأسير أحمد سعدات.. يتعرض للتعذيب بتع ...


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الديمقراطية فخٌّ قاتل والفيدرالية هي النجاة الوحيدة للكورد