أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - التغيير الديمغرافي في غربي كوردستان هو استمرار لجريمة البعث بوجوه جديدة














المزيد.....

التغيير الديمغرافي في غربي كوردستان هو استمرار لجريمة البعث بوجوه جديدة


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 23:32
المحور: القضية الكردية
    


كثيرًا ما نسمع النداءات الصاخبة والدعوات المتكررة إلى عودة النازحين السوريين إلى مناطقهم بعد زوال نظام الأسد المجرم، لكننا نادرًا ما نسمع صوتًا واحدًا يتحدث عن إعادة التوازن الديمغرافي المسلوب لغربي كوردستان، من جيايي كورمينج – عفرين، مرورًا بـ الباب وجرابلس وسري كانيه وكري سبي وصولًا إلى عين ديوار وتل كوجر شرقًا.
لا أحد يتحدث عن إعادة الأملاك الكوردية المصادرة أو المستولى عليها منذ عهد البعث، وخاصة مستعمرات الغمريين التي كانت أداة سياسية لتغيير هوية الأرض والإنسان.
فإعادة تلك الحقوق لا تعني تصحيح ظلمٍ قديم فحسب، بل تعني ولادة سوريا جديدة لا تتلاءم مع عقلية التكفير والاستبداد التي تواصل حكم البلاد بثوبٍ جديد.
منذ أن برزت على الساحة هيئة تحرير الشام وذراعها السياسي المسمى بالحكومة السورية الانتقالية، عادت القضية الكوردية إلى الواجهة، لا كقضية وطنية تُبحث عن حل، بل كعدوٍّ يُراد محوه.
فالخطاب السائد اليوم يكرر، بوقاحة مذهلة، منهج البعث ذاته في التهجير والتعريب والتشويه، لكنه يفعل ذلك بوجهٍ جديد: وجه التكفير السني المسلّح، الذي يشرعن الحقد ويمنح الكراهية لباس الدين.
وما جرى في عفرين وكري سبي وسري كانيه ليس سوى الفصل الأكثر قسوة من هذه السلسلة، الممتدة من جيايي كورمينج غربًا إلى أقصى الجزيرة شرقًا، سلسلة لا تُحارب جغرافيا، بل تُحارب هوية كاملة اسمها كوردستان.
وتحت مظلة هيئة تحرير الشام ووصاية أنقرة، يُعاد اليوم بثّ مفهوم “الأغلبية العربية” في الجزيرة الكوردستانية، ورفع شعار “الجزيرة العربية” على نسق “سوريا العربية”، وكأن التاريخ يبدأ من فم المتحدث.
في الواقع، تمضي الحكومة الانتقالية على خطى البعث، وتُعيد صياغة مشروعه بذكاء أشد وبلسانٍ أكثر تبريرًا، تحت شعار مضلل “لسنا ضد الكورد، بل ضد حراكهم الفيدرالي”.
لكن الحقيقة الواضحة هي أنهم ضد وعي الكورد، وضد أي شكل من أشكال اللامركزية التي تُهدد سلطتهم المؤقتة، وضد أي مشروع وطني حقيقي يعترف بالتعددية والحقوق.
والأدهى أن تركيا ومعها الحكومة الانتقالية تُعوّمان اليوم شخصياتٍ كانت في صميم مشاريع التعريب القديمة، بل يقدّمانها كواجهات “وطنية” جديدة!
هؤلاء أنفسهم الذين كانوا أدوات البعث في مصادرة الأرض وتزوير الهوية، أصبحوا اليوم ضيوف الإعلام، يتحدثون عن “الوحدة الوطنية” فيما يبثّون خطاب الكراهية ضد الكورد.
قناتا “سوريا اليوم” و “الإخبارية” تحوّلتا إلى منبر رسمي للتضليل، تُعيدان إنتاج فكرة “الأغلبية العربية” في غربي كوردستان، متناسيَتين أن الإدارة الذاتية كانت الملاذ الوحيد لأكثر من مليوني نازح عربي من الداخل السوري، احتضنتهم وأطعمَتهم وحمَتهم طوال أربعة عشر عامًا، بما فيهم من استوطن في أراضي الكورد أنفسهم.
لقد حمت الإدارة الذاتية حتى مستعمرات الغمريين، التي سُلبت من الكورد سابقًا، ولم تُعدها بعد لأصحابها رغم أحقية ذلك.
إن ما يجري في سوريا اليوم ليس مشروعًا وطنيًا، بل مشروع ثقافي مريض يهدف إلى تدمير ما تبقى من الوطن، خدمةً لأجندة تركية واضحة، ترى في القضية الكوردية خطرًا وجوديًا، وفي الجزيرة الكوردستانية عقدة يجب تفكيكها.
فهذه الحكومة الانتقالية ليست سوى أداة في يد أنقرة، تمارس التعريب بلسانٍ جديد، وتسير في طريق تمزيق سوريا لا توحيدها.
منذ أكثر من سبعين عامًا، كان التعريب في غربي كوردستان جريمة موصوفة، واليوم أضافت إليها تركيا فصلًا جديدًا باحتلالها عفرين، وتهجير أهلها، وتوطين نازحين عرب مكانهم.
لقد قالها الدكتور أحمد خليل يومًا: “عفرين هي رئة كوردستان، وتركيا بقطعها أرادت خنق النفس الكوردي قبل أن يصل إلى البحر الأبيض المتوسط.”
هذا المخطط هو ذاته الذي نفذته أنقرة في لواء إسكندرونة حين قضت على الوجود الكوردي فيه، كامتدادٍ لجيايي كورمينج وجبل الأكراد.
أما الترويج اليوم لإعادة أبناء الرقة ودير الزور إلى القرى الكوردية في الجزيرة، فليس سوى تهويل ممنهج لإخفاء حقيقة أن المنطقة تستضيف أصلاً أكثر من مليوني عربي نازح منذ بدايات الصراع.
ولو كانت الإدارة الذاتية كما يدّعي خصومها تمارس الإجلاء أو التمييز، لما كانت احتضنتهم أو حمتهم، بل لكانت أعادت ببساطة أملاك الكورد المصادرة.
لكنها لم تفعل، لأنها تؤمن بمبدأ التعايش، رغم أن الآخر لا يرى في الكوردي سوى غريبٍ على أرضه.
إن الذين يروجون اليوم لأكذوبة “العودة” يعلمون أن سوريا التي يحلمون بها ليست سوريا الوطن، بل سوريا الطائفة والولاء والصفقة.
وأن ما يُبنى الآن باسم “الانتقالية” ليس سوى استبداد جديدٍ بثوبٍ مختلف.
أما الشعب الكوردي، فقد تجاوز الخوف، وعرف أن معركته ليست على الأرض فقط، بل على الذاكرة والهوية والكرامة.
إنّ ما يجري اليوم في غربي كوردستان ليس صراعًا على الجغرافيا فحسب، بل هو امتحانٌ للوعي الإنساني في جوهره. معركة على هوية وطنٍ تُراد له الإبادة البطيئة تحت شعارات براقة، تخفي في جوفها مشاريع تقسيمٍ وإلغاء.
فالأرض يمكن أن تُحتل، لكنّ الهوية لا تُستباح إلا حين يصمت أبناؤها. وما بين عفرين وكري سبي وسري كانيه تُكتب فصولٌ جديدة من التاريخ، لا بقلم الطغاة، بل بدماء الصامدين الذين قرروا أن يواجهوا الكراهية بالعقل، والاحتلال بالوعي، والخيانة بالإصرار على البقاء.
لن تنكسر كوردستان، لأنّ ما تحطّم في هذه الأرض لم يكن الجبال ولا المدن، بل أقنعةُ الزيف التي تلطّخت بها الوجوه الجديدة للبعث القديم.
وسيبقى الوعي الكوردستاني، ما دام ينبض في صدور الأحرار، السور الأخير الذي لا يُهدم، والذاكرة التي لا تُطمس، والعهد الذي لا يُنقض مهما تغيّرت الأعلام والوجوه.

على هؤلاء أن يدركوا أنّ زمن الخداع انتهى، وأنّ الشعب الكوردي الذي واجه الإمبراطوريات والغزوات، لن يُرهبَه شريحة من الإرهابيين والمرتزقة، ولا خُطَب بعض المأجورين على شاشاتٍ مصنوعة من الأكاذيب.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
31/10/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب الابن في الرياض وسوريا بين الإعمار والمساومة
- الإعلام العربي بين تلميع السفهاء وإقصاء الكورد
- خدم السلطان بلباس المثقف والمحلل السياسي
- إلى الأخت الكاتبة (نسرين تيلو) حكاية الغياب والذاكرة.
- قامشلو البوابة السياسية لوطنٍ يُعاد بناؤه
- حين يُقصى الكورد تموت فكرة سوريا
- أيّ سوريا نريد؟
- الدولة الكوردية من الحلم الثوري إلى الوعي المؤسسي
- الذكاء الاصطناعي سلاح الوعي الكوردي
- الشرق الأوسط في لحظة الحساب الكبرى
- الحكومة السورية الانتقالية تُقصي الكورد وتستدعي الاحتلال
- قسد تفجّر الصراع التركي–الأمريكي على سوريا
- رعب أنقرة من الوعي الكوردي
- بيان التحالف الأمريكي من أجل سوريا الديمقراطية
- إلغاء عيد نوروز تكفير مقنّع وإنكار صريح للقومية الكوردية
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- الشرق الأوسط الجديد بين أوهام سايكس–بيكو وحقائق الكورد المؤج ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من غربي كوردستان إلى البيت الأبيض تجارة ترامب وأوهام أردوغان ...
- فضيحة الألف عام والألفي عام، ترامب يقرأ من كتاب أردوغان


المزيد.....




- اعتقال رجلين بعد طعن عدة أشخاص داخل قطار في بريطانيا
- اعتقال رجلين بعد طعن عدة أشخاص داخل قطار في بريطانيا
- السودان يطلع المفوضية الأممية لحقوق الإنسان على فظائع الدعم ...
- تحذيرات من التفاف الأحزاب المتنفذة على كوتا الأقليات وتهديد ...
- من قوائم النازحين إلى أكسفورد.. رحلة طبيبة سودانية هزمت الخو ...
- الاحتلال ينسف مباني بجباليا وخان يونس والأونروا تحذر من كارث ...
- الاحتلال ينسف مباني بجباليا وخان يونس والأونروا تحذر من كارث ...
- اعتقال -جزار الفاشر- يشعل منصات التواصل السودانية
- أدلة وشهادات صادمة من غزة.. جثامين الأسرى تظهر آثار تعذيب وت ...
- تشديد سياسة الهجرة في فنلندا يزيد مخاوف المهاجرين غير النظام ...


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - التغيير الديمغرافي في غربي كوردستان هو استمرار لجريمة البعث بوجوه جديدة