أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء والتعريفة أم بالصواريخ؟ الحلقة الثالثة عشر - الأخيرة














المزيد.....

لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء والتعريفة أم بالصواريخ؟ الحلقة الثالثة عشر - الأخيرة


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 13:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل خرج التاريخ من قبضة الإنسان؟ ومن يكتب فصوله القادمة؟ هل ما زال بالإمكان استعادة السيطرة، أم أن التاريخ قد أفلت من يد الإنسان إلى الأبد؟
منذ بدايات الحضارة، كان البشر يظنون أنهم صُنّاع مصائرهم، من اللغة التي وحّدت الجماعات، إلى الزراعة التي أسست القرى، إلى الثورة الصناعية التي دشنت عصر الإمبراطوريات، غير أن ما يجري اليوم يوحي بأن زمام المبادرة لم يعد في يد الإنسان كما كان، بل انتقل إلى قوى جديدة لا تُرى، لكنها تتحكم بكل ما يُرى: الخوارزميات، الشبكات، والشركات العابرة للأوطان.
في هذا السياق، تبدو مشاريع ترامب، مهما بدت غرائبية أو صادمة، من شراء جزيرة غرينلاند، إلى ضم كندا إلى الولايات المتحدة، إلى طرح حلول أحادية للحروب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا، وبين إسرائيل وإيران، وفي سوريا والشرق الأوسط، وغيرها، أبعد من مجرد نزوات سياسية لرئيس مثير للجدل، فكل تلك الحروب التي حاول ترامب إخمادها، أو أعاد صياغة مساراتها، كانت تقف خلفها الدولة العميقة العصرية، مدفوعة بمصالح الشركات الخوارزمية العملاقة، إذ إن معظم هذه المناطق الساخنة تختزن ذخيرة هائلة من المواد النادرة، وثروات غير عادية، تمثل العصب الحيوي للصناعات التكنولوجية المعاصرة.
وعليه، لم تكن تلك المواقف نزوات عابرة، بل انعكاسًا لمسار أعمق ينذر بكتابة تاريخ جديد للبشرية؛ تاريخ لم يعد يُبنى على الشعوب والقوميات والأيديولوجيات التي حكمت القرون الماضية، بل على مصالح كيانات اقتصادية–خوارزمية تتجاوز الدول، وتعيد رسم الخرائط وفق منطق الربح، والتدفق، والسيطرة الرقمية.
لقد كانت القوميات، عبر قرون، هي الإطار الذي تُكتب فيه الحروب والتحالفات، وكانت الأيديولوجيات ـ دينية أو سياسية ـ هي الوقود الذي يحرّك الجماهير. أما اليوم، فقد تراجعت كل هذه السرديات أمام منطق آخر، منطق الشركات والمنصات، لم تعد الأمم المتحدة ولا الأحلاف العسكرية هي مركز القرار، بل مجالس إدارات عابرة للحدود، تتحكم في تدفقات المال والمعلومات والوعي، وفي ظل هذه الهيمنة، تصبح مشاريع من نوع "شراء جزيرة" أو "إلغاء الحدود" تجليات رمزية لانزياح أكبر، انزياح من الدولة القومية إلى المنظومة الاقتصادية–الخوارزمية.
والسؤال هنا لم يعد فقط، هل تملك الشعوب أن تختار؟ بل، هل بقي للشعوب مكان أصلًا في معادلة الاختيار؟ فالتاريخ الذي كان يُكتب بأقلام الملوك والزعماء، بات يُخط على شاشات مسطّحة، تُدار من خوادم بعيدة، وتُترجم إلى بيانات تُباع وتُشترى، لم يعد القرار قرار دولة، بل قرار منظومة تكتب المستقبل بخط خفي لا يراه أحد.
وهكذا نصل إلى لحظة الحقيقة، هل نحن أمام استكمال لمسيرة الإنسان في صياغة تاريخه، أم أننا نشهد فصلاً جديدًا يتجاوز الإنسان نفسه ليضعه على هامش القصة التي كان بطلها؟
لم تكن هذه الحلقات رحلة في تحليل شخصية ترامب وحده، ولا في تفكيك قرارات إدارة أمريكية بعينها، بل محاولة لقراءة التحول العميق الذي يعيشه العالم، الانتقال من منطق الدولة القومية والجيوش والحدود، إلى منطق المنصات والخوارزميات والشبكات اللامرئية، كان ترامب مجرد مرآة، أو قناع، لمرحلة تتصارع فيها دولتان عميقتان، الكلاسيكية التي ما زالت تعيش على صواريخها ومؤسساتها، والعصرية التي تحكم عبر الاقتصاد الرقمي، والبيانات، والذكاء الاصطناعي.
جوهر السلسلة أن الحروب لم تنته، بل تبدلت أدواتها. فبينما كان الماضي يُقاس بعدد الدبابات والصواريخ، صار المستقبل يُقاس بقدرة الشركات والمنظومات على توجيه الوعي وجمع البيانات، وبينما كان القادة يغيّرون مصائر الشعوب بخطاباتهم، صارت الخوارزميات اليوم هي التي تكتب الخطاب، وتحدد حتى معنى الاختيار نفسه.
وإذا كان السؤال في الحلقة الأولى، إلى أين تتجه البشرية؟ فإن السؤال في ختام السلسلة أصبح، ما الذي تبقى من الإنسان في هذا السباق؟
ربما لا نملك أن نوقف العجلة، لكننا نملك أن نسائلها، وربما لا نستعيد السيطرة الكاملة، لكن يمكننا أن نستعيد الوعي والمعنى، فالعصر القادم قد لا يكون عصر ترامب ولا بايدن ولا أي زعيم، بل عصر الإنسان الذي يجرؤ أن يسأل، من يكتب قصتي؟ ومن يحدد مصيري؟

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
15/4/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق الأوسط الجديد بين أوهام سايكس–بيكو وحقائق الكورد المؤج ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من غربي كوردستان إلى البيت الأبيض تجارة ترامب وأوهام أردوغان ...
- فضيحة الألف عام والألفي عام، ترامب يقرأ من كتاب أردوغان
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من العشيرة إلى الأمة وليس العكس
- الكورد أصل الأرض وأكذوبة الهجرة سلاح البعث والجولاني
- ثلاثة محاور أساسية
- مسرحية القمة العربية والإسلامية وخطاب الجولاني الفارغ
- الجولاني وسط الحوار المرئي، الحقائق تُكشف
- الكتلة الوطنية لماذا تتنكرون للفيدرالية وتعيدون إنتاج خوف ال ...
- قمة قادة العرب في قطر لحظة إعلان نهاية حماس
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- يُمنح الإرهابيون المنابر ويُحرم الكورد من مقعدهم في هيئة الأ ...
- تراجع شعبية إسرائيل وصعود المأزق الفلسطيني
- منطق القوة لا يرحم الكورد بين عجز المجلس الوطني وهيمنة الإدا ...
- منطق القوة لا يرحم الكورد بين عجز المجلس الوطني وهيمنة الإدا ...
- منطق القوة لا يرحم الكورد بين عجز المجلس الوطني وهيمنة الإدا ...
- هل تعطّلت مخرجات مؤتمر قامشلو؟ 2/2
- هل تعطّلت مخرجات مؤتمر قامشلو؟ 1/2


المزيد.....




- إعلان هجوم كنيس مانشستر -حادثة إرهابية-.. والشرطة تكشف مصير ...
- هل يحوّل ترامب الإغلاق الحكومي إلى سلاح لمعاقبة خصومه السياس ...
- خطر حرب جديدة يخيم على المنطقة.. هل تعيد إسرائيل قصف إيران؟ ...
- -أسطول الصمود- وسابقيه.. -رسائل رمزية مهمة- للفلسطينيين وللع ...
- المغرب: مقتل ثلاثة أشخاص في أعمال عنف والحكومة تعلن -تجاوبها ...
- محاولات اغتيال الرئيس قيس سعيد حقيقة أم بيع للأوهام؟
- دلالات رسائل -قسد- إلى الحكومة السورية عبر قائد -سينتكوم-
- عاجل| رئيس الحكومة المغربية: الحكومة تعلن تجاوبها مع المطالب ...
- الأردن يُصدر بيانا بشأن مواطنيه الموجودين على متن -أسطول الص ...
- أحمد زيدان في بلا قيود: إسرائيل تلكأت في توقيع الاتفاق مع سو ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء والتعريفة أم بالصواريخ؟ الحلقة الثالثة عشر - الأخيرة