أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الحكومة السورية الانتقالية تُقصي الكورد وتستدعي الاحتلال















المزيد.....

الحكومة السورية الانتقالية تُقصي الكورد وتستدعي الاحتلال


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 13:32
المحور: القضية الكردية
    


الحكومةُ السوريةُ الانتقاليةُ، في إحدى أكثر خطواتها إثارةً للجدل، تضع شرطًا غريبًا للحوار مع قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، يتمثل في “إعادة منطقة دير الزور ومحافظة الرقة”، وكأنها تتحدث عن أراضٍ خارجةٍ عن الجغرافيا السورية أو عن قوى أجنبيةٍ تحتلها، لا عن أبناءٍ سوريين يديرون مناطقهم بأنفسهم. لكنها، وهي تطرح هذا الشرط، تغفل عن أن تسأل ذاتها أسئلةً بسيطةً ومفصلية في آنٍ واحد:
هل قوات قسد قوّة خارجيةٌ جاءت من وراء الحدود، أم هي جيشٌ محليٌّ تشكّل من أبناء تلك المحافظات الذين وجدوا أنفسهم في فراغٍ أمنيٍّ قاتلٍ بعد انسحاب السلطة وتمدّد الإرهاب؟
وهل من المنطقي أن تطالب الحكومةُ “الانتقالية” باستعادة الرقة ودير الزور، بينما تصمت عن عفرين وسري كانيه وكري سبي المحتلة من قبل الجيش التركي؟ أيّ منطقٍ وطنيٍّ يبرّر السكوت عن الاحتلال الأجنبي، والمطالبة بانتزاع مدنٍ محررةٍ من أبناء البلاد؟
وهل تُعَدّ القوى الكوردية التي تقود الإدارة الذاتية كيانًا خارج الانتماء الوطني، أم جزءًا أصيلًا من النسيج السوري، لم تتوقف يومًا عن المطالبة بسوريا حرّة لجميع أبنائها؟
ثم، أليس هذا الشرط، في جوهره، خطوةً نحو تقسيم الشعب السوري قبل تقسيم الجغرافيا نفسها؟
إنّ المطالبة بإعادة دير الزور والرقة، في ظل تغييب الحسكة من المعادلة، تعني بوضوح فصل المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية عن بعضها، وبالتالي تثبيت خريطةٍ سياسيةٍ مضمرةٍ ترسمها الحكومة الانتقالية بإشرافٍ تركيٍّ مباشر، هدفها تحويل التنوّع إلى مناطق نفوذٍ متصارعة.
كما وإذا ادّعى بعض المنافقين أن الإدارة الذاتية وقسد تُقاد من قنديل، فعليهم ألا ينسوا أن قنديل من جبال كوردستان، وأن الأمة الكوردية واحدة، لا تفصلها حدود سايكس–بيكو، ولا تغيّرها تعددية المحتلين. فأبناء كوباني وقامشلو والحسكة وعامودا وعفرين كانوا دائمًا في صفوف الثورات الكوردية، مثلما لا يُلام العربي الذي يدافع عن فلسطين أو يعتز بالثورة العربية الكبرى. لذلك لا يمكن تمرير هذا النفاق المفضوح القائل إنهم مع حقوق الكورد في سوريا، لكن ضد مناضلي قنديل.
ولذلك، فإن تجاهل الحراك الكورديّ والتركيز على قسد ككيانٍ عسكريٍّ فقط، والقادمون من قنديل، يحمل في طياته محاولةً لتقسيم المجتمع الكوردي بين كوردي وكوردي، والسوري بين عربيٍّ وكورديٍّ، وسني ودرزي وعلوي، في تكرارٍ فاضحٍ لنهج النظام البعثي الذي صاغ العداء القومي تحت شعاراتٍ “وطنيةٍ” زائفة.
بهذه المفاهيم والممارسات، لا تسعى الحكومة السورية الانتقالية إلى وحدة البلاد، بل إلى تفخيخها من الداخل. فهي تدفع الكورد والدروز والعلويين إلى مواقع دفاعيةٍ تجبرهم على التفكير بخياراتٍ انفصاليةٍ اضطرارية، ثمّ تتّهمهم بالخيانة الوطنية لتبرير مواقفها أمام العالم، ممهّدةً الطريقَ لتركيا لتبرير عدوانها على قوى الإدارة الذاتية تحت ذريعة “الأمن القومي”.
المماطلة في فتح الحوار مع الحراك الكوردي والهيئة المنبثقة عن مؤتمر قامشلو ليست قرارًا سوريًا مستقلًا؛ فأنقرة، عرّابة هذه الحكومة، لا ترغب في أي حوارٍ يفضي إلى نظامٍ لا مركزيٍّ أو فيدراليٍّ يضمن العدالة السياسية بين مكوّنات سوريا. لأنَّ وثائق مؤتمر قامشلو تطالب بوضوح بسوريا اتحاديةٍ تعدديةٍ ديمقراطية، وهذا وحده كافٍ لإثارة ذعر تركيا وحلفائها في الحكومة المؤقتة، ولهذا تتحرك الدبلوماسية التركية بخبثٍ بين واشنطن وباريس لتهميش الملف الكوردي، وتمنع أيّ انفتاحٍ حقيقيٍّ عليه، رغم علمها أنّ تجاهله سيعيد سوريا إلى مستنقع الاستبداد الذي خرجت منه بثمنٍ باهظ.
أما السبب الأعمق لرفض فتح ملف القضية الكوردية، فهو إدراك تركيا وحلفائها أن هذه القضية لم تعد محصورة داخل حدود سوريا، بل تجاوزتها لتصبح قضيةً إقليميةً ودولية، تمسّ سيادة الدول الإقليمية وعلى رأسها تركيا وإيران ومن ثم مصالح دولٍ كبرى، وتؤثر في توازنات المنطقة برمتها. لذلك تُمارس سياسة “التقزيم المتعمّد”، فتحاول اختزال المسألة الكوردية في نقاشٍ ثقافيٍّ حول اللغة والتعليم، بدلًا من الاعتراف بها كقضية شعبٍ مضطهدٍ يسعى لنظامٍ يضمن العدالة والمواطنة.
ومن هذا المنطلق، تعمل الحكومة الانتقالية وعرّابتها تركيا على خلق شرخٍ بين المجلس الوطني الكوردي والإدارة الذاتية، عبر الترويج لدعايةٍ مفادها أن الهيئة المنبثقة عن مؤتمر قامشلو مهمَّشةٌ ومرفوضةٌ، في حين أنّ الجهات الفاعلة دوليًا هي من تسعى فعليًا لتهميشها لأنها تخشى خطابها الواضح والمباشر في المطالبة بالفيدرالية، حتى الادعاء بأن المجلس الوطني تلقى دعوةً رسميةً إلى دمشق للحوار تبيّن أنه محض إشاعةٍ إعلاميةٍ، بعد أن نفى المجلسُ تلقيه أيّ طلبٍ رسمي بهذا الشأن.
أمام هذه الوقائع، تقع المسؤولية على الحراك الكوردي بكل أطيافه، من المجلس الوطني إلى الهيئة السياسية وقوى الإدارة الذاتية، في توحيد الموقف والتحلي بالصبر الاستراتيجي، وتفعيل الحراك الإعلامي والدبلوماسي لتدويل القضية الكوردية وتحصينها من التلاعب، إنَّ القوى المتربصة ترى أنَّ الطريقَ لإلغاء الكورد يبدأ بحلّ قوات قسد، ثمّ تفكيك الإدارة الذاتية، وصولًا إلى إعادة تصوير الكورد كمهاجرين مؤقتين لا كأصحاب أرضٍ وتاريخ، هذه الرؤية السوداء تسعى لتقزيم القضية الكوردية إلى مستوى "تعليم اللغة الكوردية في بعض المدارس"، بعد أن كانت قضيةَ حريةٍ ووجودٍ وحقٍّ في تقرير المصير.
من هنا، فإنّ واجب كلّ مواطنٍ يعيش ضمن مناطق الإدارة الذاتية، كورديًا كان أو عربيًا أو سريانيًا، أن يدعم قسد والإدارة الذاتية كضمانةٍ للأمن والكرامة، إلى جانب دعم الدول الكبرى لهم وعلى رأسهم أمريكا، فالتاريخ أثبت أنَّ غيابَ هذه القوى سيملؤه الإرهاب، داعش، النصرة، وفلول التكفيريين الذين سيفرضون على الشعب رعبًا جديدًا بذرائع مختلفة، وما جرى في السويداء والساحل وكنيسة مار إلياس لا يزال شاهدًا على أنَّ من يفرّط بالحماية الذاتية، يفتح أبواب الجحيم على مجتمعه.
وليدرك الجميع، وخاصة الحكومة السورية الانتقالية، إنَّ إنقاذ سوريا لا يكون بخلق مركزيةٍ جديدةٍ تحمل راية الدين بدل راية البعث، بل ببناء نظامٍ لا مركزيٍّ سياسيٍّ فيدراليٍّ يوزّع السلطة بعدلٍ على مكوّنات الشعب، ويمنح كلّ مكوّن حقَّ إدارة شؤونه ضمن دولةٍ موحدةٍ حرةٍ عادلة. الفيدرالية ليست مشروع تقسيم، بل مشروع بقاء؛ صمّامُ أمانٍ يحول دون عودة الاستبداد بوجهٍ تكفيريٍّ جديد، ويمنع أن تتحوّل سوريا من دولةٍ مدنيةٍ إلى دولةٍ يحكمها الأئمة والمشايخ بدل المواطنين والقانون.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
9/10/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قسد تفجّر الصراع التركي–الأمريكي على سوريا
- رعب أنقرة من الوعي الكوردي
- بيان التحالف الأمريكي من أجل سوريا الديمقراطية
- إلغاء عيد نوروز تكفير مقنّع وإنكار صريح للقومية الكوردية
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- الشرق الأوسط الجديد بين أوهام سايكس–بيكو وحقائق الكورد المؤج ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من غربي كوردستان إلى البيت الأبيض تجارة ترامب وأوهام أردوغان ...
- فضيحة الألف عام والألفي عام، ترامب يقرأ من كتاب أردوغان
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من العشيرة إلى الأمة وليس العكس
- الكورد أصل الأرض وأكذوبة الهجرة سلاح البعث والجولاني
- ثلاثة محاور أساسية
- مسرحية القمة العربية والإسلامية وخطاب الجولاني الفارغ
- الجولاني وسط الحوار المرئي، الحقائق تُكشف
- الكتلة الوطنية لماذا تتنكرون للفيدرالية وتعيدون إنتاج خوف ال ...
- قمة قادة العرب في قطر لحظة إعلان نهاية حماس
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- يُمنح الإرهابيون المنابر ويُحرم الكورد من مقعدهم في هيئة الأ ...
- تراجع شعبية إسرائيل وصعود المأزق الفلسطيني


المزيد.....




- عبر الخريطة التفاعلية.. رحلة عودة النازحين الفلسطينيين في غز ...
- بيان اليونيسف يشعل الغضب من دور المؤسسات الدولية.. من يحمي ا ...
- الاحتلال يبدأ بنقل الأسرى الفلسطينيين تمهيدا لإطلاق سراحهم ض ...
- أبرز الأسرى الذين استبعدتهم إسرائيل من صفقة التبادل
- الجزيرة نت تكشف تفاصيل وتعقيدات التفاوض حول الأسرى
- كانت ملقاة على الأرض.. فيديو يوثق لحظة اعتقال موظفة في محطة ...
- إصابة واعتقالات خلال اقتحام الاحتلال للخليل وبلداتها
- الأونروا: لدينا غذاء يكفي سكان غزة 3 أشهر ما يمثل أهمية بالغ ...
- استمرار عودة النازحين لمناطقهم بمدينة غزة لليوم الثاني
- نقل دفعة من الأسرى الفلسطينيين من سجون الإحتلال.. ما التفاصي ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الحكومة السورية الانتقالية تُقصي الكورد وتستدعي الاحتلال