أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - أمريكا بين فخّ الاستراتيجية وضياع البديل في سوريا














المزيد.....

أمريكا بين فخّ الاستراتيجية وضياع البديل في سوريا


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8525 - 2025 / 11 / 13 - 23:24
المحور: القضية الكردية
    


أخطأت الولايات المتحدة الأمريكية (الجناح الراضخ للدولة العميقة العصرية) في إدارة الملف السوري، حين تجاهلت تعويم القضية الكوردية، ولم تمنح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المكانة التي تؤهلها لتكون البديل الشرعي والوحيد عن وزارة الدفاع المنهارة بعد هروب بشار الأسد، لتصبح بذلك البوابة الأكثر أمانًا لعبور سوريا نحو الاستقرار والبناء ومواجهة الإرهاب بكل أشكاله، ورجحت كفة الاستثمارات مع دول الخليج والمصالح الاقتصادية على إستراتيجية الإمبراطورية الكلاسيكية.
إنّه الخطأ الذي تحاول واشنطن اليوم تصحيحه بأساليب ملتوية، منها ربما عبر ممثلها توماس باراك، منذ اللحظة التي وطأت فيها قدما أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، أرض البيت الأبيض، في زيارة لم تُجدِ نفعًا رغم رفع صفة الإرهاب عنه قبلها بيومين بصفقة دولية مريبة في مجلس الأمن، فظله الطويل من الجرائم، من مجازر الساحل والدروز والمسيحيين إلى التواطؤ ضد الكورد، لا يزال يلاحقه حتى بوابات واشنطن.
وإزاء هذا المأزق، حاولت الإدارة الأمريكية استنساخ تجربة اتفاقية 10 آذار الشهيرة، حين فُرضت البنود على قيادة قسد، والحكومة الانتقالية السابقة لم يُنفّذ منها شيء، فجاءت الخطة الجديدة على شكل خدعة سياسية بوجه دبلوماسي، تبدو كما لو أنها وُضعت في دهاليز الـ CIA أكثر من أروقة الكونغرس، واشتركت فيها جهات متعددة، بما يرضي معظم القوى باستثناء المكوّنات السورية الفاعلة، وفي مقدمتها قسد والإدارة الذاتية والحراك الكوردي القومي.
ولتنفيذ هذه اللعبة، جرى تسخير السيدة ياسمين معمو وزوجها طارق نعمو، من الجالية الكوردية الأمريكية، وأصولهما من عفرين، للقيام بالمهمة، باعتبار انتمائهما القومي الهشّ مؤهلًا لاستخدامهما في ترويج الصورة المطلوبة.
ففي البداية، جاءت تصريحات ياسمين معمو نقية وطنية المضمون وكوردية الانتماء، فأثارت اهتمامًا واسعًا، إلى أن خرج زوجها لاحقًا بتصريحات متهورة أفسدت وقع كلمتها وأحدثت شرخًا وطنيًا مؤلمًا في الوعي السوري، وسقط في مستنقع الخيانة القومية والدونية الثقافية، حين قدّم الولاء للسلطة تحت صيغة الوطن السوري على حساب الانتماء.
ورغم ما تملكه اللوبي التركي والقطري من القوة في أمريكا، وحضور دبلوماسي في أروقة واشنطن، فإنها لم تكن قادرة على إنجاز ما عجزت عنه إدارة الرئيس دونالد ترامب، ومع ذلك، نجحت ياسمين معمو، وبشكل مريب، في إقناع عضو الكونغرس براين ماست بتعليق قانون قيصر لستة أشهر في الليلة السابقة للقاء الشرع، وكأنّها هدية للشعب السوري تمهّد لقبول الإملاءات الأمريكية على الحكومة الانتقالية، وفي مقدمتها الانضمام إلى التحالف الدولي باسم محاربة الإرهاب، لتبييض صفحة رجلٍ كانت يده في معظم المذابح.
ولم يكن من المصادفة أن هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، وصل إلى واشنطن في اليوم السابق لتلك التحركات، فكلّ الخيوط تشير إلى تنسيق تركي–أمريكي خفي استهدف ضرب المكوّن الكوردي، عبر تظهير ياسمين وزوجها كصوتٍ “وطنيٍّ كورديٍّ” مؤيدٍ لسوريا الموحّدة، وتحييد دور قسد باعتبارها لا تمثّل جميع الكورد، مع إيهام الرأي العام بوجود بدائل "معتدلة" أكثر انسجامًا مع الرؤية الأمريكية–التركية المشتركة.
إنّ اختيار الثنائي لم يكن عبثيًا؛ فقد أرادت القوى التي اشتركت في العملية، وهي عدة أطراف، بينهم توماس باراك، وهاكان فيدان، خلالهما إيصال رسالتين:
الأولى، أن تعليق قانون قيصر ليس تنازلًا سياسيًا، بل "بادرة إنسانية" تجاه الشعب السوري،
والثانية، أن المكوّن الكوردي ليس كتلة واحدة، وأن ثمة “كوردًا وطنيين” يقفون في صف الحكومة الانتقالية، في تماهٍ واضح مع الرواية التركية والبعثية القديمة، والتكفيرية الحديثة.
لكنّ هذه اللعبة، وإن بدت متقنة في ظاهرها، تكشّفت سريعًا. فالممثل الأمريكي توماس باراك الذي حاول مجاملة تركيا والتضحية بالمكاسب الكوردية، بدأ يواجه موجة اعتراض داخل الكونغرس، يقودها عدد من الأعضاء البارزين في مقدمتهم براين ماست الذي وافق على تعليق قانون قيصر، وليندسي غراهام، الذين حذّروا من خطورة تجاهل التمثيل الكوردي الحقيقي في سوريا المستقبل، وأكدوا أن الاستقرار لا يُبنى على إقصاء من حارب الإرهاب نيابةً عن العالم.
وهكذا، وبعدما بدت واشنطن (الجناح الاقتصادي من إدارة ترامب) في طريقها لارتكاب الخطيئة ذاتها من جديد، أخذت ملامح التحول تظهر، إذ بدأت الدوائر الأمريكية تميل مجددًا نحو تعويم المكوّن الكوردي كشريك سياسي رئيسي، والاقتناع بأن الحل في سوريا لن يكون إلا عبر نظام لامركزي فيدرالي يضمن الحقوق ويمنع عودة الاستبداد تحت أي اسم، والمتوقع أن يظهر هذا على الإعلام في الفترة القادمة، حتى ولو كان تحت صيغ ومصطلحات مختلفة.
في النهاية، يتّضح أن جوهر الصراع في سوريا لم يكن يومًا بين مكوّن وآخر، بل بين من يملك الوعي بالانتماء الإنساني والوطني، وبين من تاه في متاهة الشعارات الفارغة التي أنجبت الاستبداد والتبعية. فالوطن لا يقوم على نكران الهويات، بل على الاعتراف بها، ولا يبنى على وحدة القهر، بل على تعددية الحرية. ومثلما تعكسه تصريحات الجنرال مظلوم عبدي حول زيارة أحمد الشرع إلى سوريا، إن الهوية الكوردية ليست نقيضًا لسوريا، بل ضمانتها الأخلاقية، لأن الأمم لا تُقاس بمدى تجانسها، بل بقدرتها على احتضان اختلافها.
لهذا نود أن نذكر بعض الشخصيات الكوردية التي تنهل من ثقافة الأنظمة الاستبدادية، إنّ من ينكر أصله لا يصنع وطنًا، ومن يعرف تاريخه لا يخون المستقبل؛ فالوطن لا يُؤسس على النسيان، بل على الوعي، والوعي هو أول أشكال التحرر.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
13/11/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجولاني من ساحات الإرهاب إلى عتبة البيت الأبيض
- لماذا تُجمّل أمريكا وجه الإرهاب بدعوتها الجولاني إلى البيت ا ...
- من فاتن رمضان إلى عبد العزيز تمو وغيرهما من المرتزقة الكورد ...
- بعض الأخوة المسيحيين يختارون عبودية الماضي على حرية كوردستان
- من مناهج البعث والتكفيريين إلى مناهج كوردستان
- حين عرّى الوعي الكوردستاني الزيف الانتقالي
- التغيير الديمغرافي في غربي كوردستان هو استمرار لجريمة البعث ...
- ترامب الابن في الرياض وسوريا بين الإعمار والمساومة
- الإعلام العربي بين تلميع السفهاء وإقصاء الكورد
- خدم السلطان بلباس المثقف والمحلل السياسي
- إلى الأخت الكاتبة (نسرين تيلو) حكاية الغياب والذاكرة.
- قامشلو البوابة السياسية لوطنٍ يُعاد بناؤه
- حين يُقصى الكورد تموت فكرة سوريا
- أيّ سوريا نريد؟
- الدولة الكوردية من الحلم الثوري إلى الوعي المؤسسي
- الذكاء الاصطناعي سلاح الوعي الكوردي
- الشرق الأوسط في لحظة الحساب الكبرى
- الحكومة السورية الانتقالية تُقصي الكورد وتستدعي الاحتلال
- قسد تفجّر الصراع التركي–الأمريكي على سوريا
- رعب أنقرة من الوعي الكوردي


المزيد.....




- العفو الدولية تنتقد استخدام شرطة نيويورك تقنية التعرف إلى ال ...
- إيران تطالب الأمم المتحدة بمحاسبة أميركا وإسرائيل
- -إعادة الأسرى أولوية-.. الرئيس اللبناني: إسرائيل تعرقل مهام ...
- إسرائيل تتسلم جثة أحد الأسرى
- تهم قد تصل عقوبتها إلى الاعدام.. بنغلاديش تترقب الحكم على ال ...
- مساعد مدير منظمة الفاو: المجاعة قائمة في غزة و87% من الأراضي ...
- خيم النازحين في الدبة تروي قصصاً عن معاناة الفاشر
- شهيدان بالخليل والاحتلال يزعم اعتقال خلية لحماس بالضفة
- شهيدان بالخليل والاحتلال يزعم اعتقال خلية لحماس بالضفة
- استجواب إسرائيل في الأمم المتحدة بشأن تقارير عن تعذيب معتقلي ...


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - أمريكا بين فخّ الاستراتيجية وضياع البديل في سوريا