أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - سياسة واشنطن في سوريا إدارة الإرهاب بدل اجتثاثه














المزيد.....

سياسة واشنطن في سوريا إدارة الإرهاب بدل اجتثاثه


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 00:21
المحور: القضية الكردية
    


لم تكن عملية «عين الصقر» اليوم في 20/12/ 2025، التي شاركت فيها القوات الأمريكية والأردنية، واستُخدمت خلالها أكثر من 100 ذخيرة دقيقة التوجيه لاستهداف أكثر من 70 موقعًا تابعًا لبنية داعش ومخازن أسلحة ومقرات عمليات في مناطق مثل بادية معدان بريف الرقة، وبادية الحماد بريف دير الزور وجبل العمور، حدثًا مفصليًا في الحرب على الإرهاب، بقدر ما كانت تعبيرًا مكثفًا عن مأزقٍ أمريكي قديم، امتلاك بنك أهداف دقيق في مقابل غياب إرادة الحسم. فالضربات الواسعة مهما بلغت دقتها، لا تصنع استراتيجية، بل تُدير خطرًا مؤجّلًا.
الرسالة التي حملتها العملية لم تكن موجّهة إلى داعش بقدر ما كانت خطابًا إلى الداخل الأمريكي والحلفاء: نحن نردّ. لكن الردّ، حين ينفصل عن مشروع اجتثاث جذري، يتحول إلى ضجيجٍ يفضح أكثر مما يردع. فقد أقرت واشنطن، عمليًا، بأنها تعرف مواقع التنظيم وبُناه منذ زمن، ومع ذلك اختارت الانتظار حتى قُتل جنودها. هنا يطرح السؤال الأخطر: لماذا الآن؟ ولماذا بهذه الصيغة؟
الجواب الأقرب إلى الواقع أن السياسة الأمريكية ما تزال تُفضّل إدارة الإرهاب على إنهائه. تُضعفه حين يعلو صوته، وتترك له هامش البقاء حين يخدم توازناتٍ أكبر. وبهذه الحسابات، لا تُهزم داعش؛ بل تُعاد هندستها.
السيناريوهات الأربعة ومستقبل شرق سوريا
1- الاحتواء المؤقت (وهو الأرجح):
تتراجع هجمات داعش لفترة قصيرة، ثم تعود الخلايا متخفية في البادية أو داخل المجتمعات الهشّة. أي دورة مكرّرة من ضربات أمريكية مشتركة مع قوى إقليمية، يليها هدوء مؤقت، ثم عودة جديدة للتنظيم.
2- إعادة التدوير (وهو الأخطر):
تذوب عناصر التنظيم وخلاياه المنتشرة في بادية الشام داخل تشكيلات عسكرية محلية تابعة للحكومة السورية الانتقالية أو تحت مسميات جديدة، فتتحول من تنظيم واضح إلى شبكة غير مرئية. هنا يصبح الجندي الأمريكي هدفًا أسهل، وتغدو المناطق الخاضعة لسيطرة هذه القوات مساحة اختفاء لا مواجهة.
3- التصعيد المتدرّج (ضعيف الاحتمال):
يتطلب هذا السيناريو قرارًا سياسيًا مكلفًا ماديًا وسياسيًا، وعملًا استخباراتيًا متواصلًا، وضبطًا للأمن والتعليم والقضاء، وشريكًا محليًا موثوقًا. هذا القرار غير متوفر، ولن يتوفر في ظل حكومة انتقالية ذات خلفية جهادية.
4- الخطأ الاستراتيجي:
وهو ما تخوضه الإدارة الأمريكية الحالية فعلًا: الرهان على شركاء ذوي سجل أيديولوجي ملتبس، واستخدام شعار «محاربة داعش» غطاءً لإعادة تموضع النفوذ، ما يؤدي عمليًا إلى إعادة إنتاج التنظيم بنسخة جديدة.
وبالتالي فتبقى قوات قسد، والإدارة الذاتية، بل والحراك الكوردي عامة، الخيار العقلاني الوحيد، ففي شرق سوريا، لا يمكن فصل مكافحة الإرهاب عن سؤال، من يدير الأرض؟
وحدها قوات سوريا الديمقراطية قدّمت نموذجًا مختلفًا نسبيًا: شراكة أمنية قابلة للمساءلة، إدارة مدنية قائمة، وبيئة أقل قابلية لإعادة إنتاج التطرف. كل مسارٍ يتجاوز هذا الواقع، أو يحاول الالتفاف عليه، لا يُضعف داعش، بل يمنحه هوامش جديدة.
ويظل السؤال المتداول وبعمق، لماذا يواصل ترامب الرهان على الحكومة السورية الانتقالية؟
كما تعكس مجريات الأحداث، أن الرهان على حكومة الجولاني، وجيشه، ليس خيارًا استراتيجيًا بقدر ما هو رهان صفقاتي، فإدارة دونالد ترامب تميل إلى حلول سريعة، منخفضة الكلفة، قابلة للبيع سياسيًا. الرهان على حكومة انتقالية ذات سجلٍّ ملتبس يُغري بهذا المنطق، نقل العبء، تقليل النفقات، وتقديم صورة «تقدّم» دون الدخول في تعقيدات البناء العميق، غير أن هذا الرهان قصير النظر؛ لأن من يحمل تاريخًا إرهابيًا لا يُنتج أمنًا مستدامًا، بل يعيد تدوير العنف بأدوات جديدة.
والآن، بقدر ما سعت إدارة ترامب عبر عملية «عين الصقر» إلى إظهار القدرة العسكرية، فإنها عرّت الاستراتيجية السياسية. فالضربات الجوية لا تُنهي الإرهاب، بل تُديره، وما لم تُحسم هوية الشريك المحلي الجديد، أي حكومة الجولاني، وتُربط مكافحة داعش بإصلاح منظومات الأمن والتعليم والقضاء، سيبقى غربي كوردستان ساحة اختبار دائم، وستبقى قسد الخيار الواقعي الوحيد لمن يسعى إلى تقليل الخسائر بدل مضاعفتها.
محاربة داعش ليست مسألة ذخائر دقيقة، كما ورد في تصريحات وزارة الحرب الأمريكية، بل قرار سياسي،
إمّا اجتثاثٌ من الجذور، وإمّا إدارةٌ تُبقي الإرهاب حيًّا، باسم الردع.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
20/12/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الظلام أم شراكة واعية في محو الكورد؟
- التحالفات المتحوّلة في سوريا
- من يُختطف السُّنّة باسم صدام حسين، حكومة انتقالية أم إمارة ت ...
- منبر الأموي يكرّر خطيئة الكوفة الجولاني يخطب بلسان الحجاج
- ترامب يسلّم جنوده للتكفيريين دمٌ أميركي على عتبة الجولاني
- من جامع النوري إلى الأموي سلالة الحكم بالمحراب
- يوم سقوط المجرم في سوريا وصعود التكفير
- أحمد الشرع في مرآة الأسد ليست مقارنة، بل فضيحة
- من يقف خلف تقرير رويترز؟
- الجزيرة ليست صامتة من يصادر صوتها هو من يخاف الحقيقة
- حين تتحوّل الصحافة إلى تبييض للإرهاب، ويصبح الكذب “تحليلاً س ...
- تفكيك المجتمع السوري بخطاب التكفير
- كيف صنعت الحكومة الانتقالية أقوى حُجّة لتقسيم سوريا
- التلميذ غير النجيب
- في زمن العفن المقدّس
- شكرًا للخلافة على خراب الوطن
- كوردستان الفرصة التي دمّرها الغرب
- في سوريا الحرية جريمة
- كيف صُنِع العدم الكوردي في الوعي العربي؟ تفكيك جذور خطاب الإ ...
- تفكيك خطاب الناشطة الجولانية – الأميركية ميساء قباني


المزيد.....




- محمود عباس: إنكار حق الفلسطينيين في تقرير المصير لن يحقق الس ...
- منظمات حقوقية تدين العدد القياسي الجديد لعمليات الإعدام في ا ...
- ترامب يستعد لتوسيع حملته على المهاجرين في 2026
- مراكز اعتقال و170 مليار دولار.. ترامب يستجمع قواه لتعقب وطرد ...
- ترامب يرصد ميزانية صخمة لأكبر حملة لترحيل المهاجرين
- ألمانيا تصدر 100 ألف تأشيرة لم شمل عائلات اللاجئين في 2025
- ألمانيا .. أكثر من 100 ألف تأشيرة لم شمل للاجئين في 2025
- سوريا تعلن تفكيك خلية لداعش واعتقال 7 من عناصرها
- ماذا يمثل إعلان اعتقال باكستان لمهندس دعاية تنظيم الدولة؟
- أبو الغيط: حماية حقوق الإنسان ركيزة أساسية للاستقرار والتنمي ...


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - سياسة واشنطن في سوريا إدارة الإرهاب بدل اجتثاثه