أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - التحالفات المتحوّلة في سوريا















المزيد.....

التحالفات المتحوّلة في سوريا


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 09:26
المحور: القضية الكردية
    


صراع التطبيع وإعادة تموضع تركيا وإيران في مواجهة الاستراتيجية الأميركية
تشير المعطيات المتاحة إلى أنّ الولايات المتحدة تتابع بدقة التحوّلات المتسارعة في المشهد السوري، ولا سيما ما يتصل بعودة الأدوات الإيرانية إلى الداخل السوري ضمن إطارٍ أوسع يُعاد فيه إنتاج مفهوم “الجبهة الإسلامية الموحدة” في مواجهة الوجود الأميركي، وفي سياق التفاعلات الناجمة عن الحرب في غزة، وتمدد إسرائيل في الجنوب السوري. ويبدو أنّ هذه العودة ليست تطورًا معزولًا، بل جزءًا من مقاربة إيرانية تهدف إلى إعادة تنشيط شبكتها الإقليمية الممتدة عبر العراق وسوريا ولبنان، بما يعيد ترميم محور المقاومة وفق تصور استراتيجي متجدد.
وفي مقابل هذا التمدد، تتجه تركيا نحو إعادة صياغة موقعها الإقليمي، مدفوعةً بجملة من العوامل، أبرزها النقاش المتصاعد داخل الولايات المتحدة بشأن إدراج الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب. ورغم استثناء واشنطن لكلٍّ من تركيا وقطر من هذا التصنيف، فإنّ هذا الاستثناء لم يُخرج البلدين من دائرة الرصد الاستخباراتي. ومن هذا المنطلق، تحاول تركيا توظيف موقعها كدولة ذات هوية إسلامية سياسية معتدلة لتشكيل محور جديد يضم أطرافًا سنّية وشيعية معًا، بما قد يُفضي إلى إعادة تموضع في العلاقات مع إيران، وبصورة تتجاوز الأطر التقليدية لمنظمة التعاون الإسلامي.
تتأسس هذه المقاربة التركية على قراءة جديدة للصراع مع إسرائيل، ولا سيما في ساحته السورية. فالتوتر التركي–الإسرائيلي آخذٌ في التصاعد، ويترافق مع إدراك تركي بأن الدعم الأميركي المتزايد لقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وتعزيز التعاون الأمني مع قوات البيشمركة، يشكل تهديدًا طويل المدى للمصالح التركية في شمال سوريا. كما تعي أنقرة أنّ موجات عدم الاستقرار في الشرق الأوسط مرشحة للتمدد عبر الحدود، ما يجعلها أكثر حساسية لأي فراغ استراتيجي محتمل في محيطها الإقليمي.
وفي الوقت ذاته، تعتمد إيران على استراتيجية إعادة تفعيل وكلائها التقليديين، ولا سيما حزب الله، والفصائل العراقية، والحشد الشعبي، بهدف تثبيت مبدأ “وحدة الجبهات” الذي يربط بين غزة، ودمشق، وبغداد، وبيروت. ويبدو أنّ هذه الاستراتيجية تستفيد من الانفتاح النسبي الذي توفره الظروف الجديدة في سوريا، ومن قابلية النظام السابق للتكيّف مع أي ترتيبات تُعيد إليه بعض التوازن الاستراتيجي المفقود.
تكتسب هذه التحولات بعدًا إضافيًا من خلال موقف قوى سنية داخل سوريا وخارجها، تعارض بشدة مسار التطبيع الجاري مع إسرائيل، والذي يمثل أحد أهم الملفات التي أوكلتها واشنطن إلى مبعوثها الخاص توماس باراك. وتعد هذه المعارضة السنية عاملاً حاسمًا في إعادة تشكيل الاصطفافات داخل المنطقة؛ إذ تتلاقى في هذا السياق مصالح القوى الشيعية بقيادة إيران مع القوى السنية بقيادة تركيا، لتشكّل جبهة اعتراض مشتركة على مسار التطبيع.
وتسعى هذه القوى إلى إقناع حكومة أحمد الشرع والقوى السنية المتحالفة معها بأن التطبيع سيؤدي إلى خسارة الغطاء الإسلامي–السياسي الذي يمنح شرعية داخلية للسلطة الجديدة، وإلى تقويض خطاب “المقاومة” الذي يستند إليه جزء واسع من القواعد الشعبية في الشمال السوري.
وبذلك تصبح مناهضة اللامركزية السياسية ليس فقط موقفًا إيديولوجيًا أو أمنيًا، بل أيضًا أداة للضغط على السلطة الانتقالية لثنيها عن الانخراط في مسار التطبيع، وربطها بمحور إسلامي معادٍ لإسرائيل.
وتقع هيئة تحرير الشام ضمن هذه التحولات باعتبارها الحلقة الأكثر تأثرًا بالتقلبات التركية.
فبعد نحو عام على تولي أحمد الشرع رئاسة الحكومة الانتقالية، بدأت تظهر مؤشرات على اهتزاز موقع هذه الحكومة نتيجة التحول التركي نحو سياسة أكثر انفتاحًا على إيران، وهو ما يتعارض مع الوظيفة الأولى التي كانت أنقرة قد أسندتها إلى الهيئة، أي الحدّ من النفوذ الإيراني في الشمال السوري. وهو ما قد يسرع في احتمالية مراجعة أميركية هادئة لاستراتيجية مبعوثها الخاص توماس باراك، الذي بوادرها بدأت تظهر من خلال تصريحاته المتناقضة في منتدى الدوحة في 6-7/12/2025م وقبلها في حواره مع سكاي نيوز العربية بتاريخ 5/12/2025م، ومدى تأثير الإملاءات التركية على مواقفه، خاصة بالنسبة للنظام اللامركزي في سوريا، وبالتالي يفتح الباب أمام احتمالات إعادة تشكيل موقع الهيئة نفسها ضمن الخارطة الجديدة.
ويظهر التناقض المركزي في أنّ الولايات المتحدة تسعى إلى الحد من نفوذ إيران عبر دعم الإدارة الذاتية الكوردية وقوات سوريا الديمقراطية، في حين تعمل تركيا على تقويض هذا الدعم وإعادة توجيه مسار الصراع نحو صيغة “جبهة إسلامية” عابرة للطوائف، يمكن أن تمنح أنقرة دورًا قياديًا، وتمكّن إيران من العودة إلى المسرح السوري بصورة أكثر تنظيمًا.
وبناءً عليه، يمكن القول إنّ المشهد السوري يدخل مرحلة جديدة تشهد إعادة رسم شاملة لموازين القوى، تقوم على تفاعل ثلاث استراتيجيات رئيسة:
1- الاستراتيجية الأميركية التي تهدف إلى الحد من النفوذ الإيراني–التركي المشترك، وتثبيت الاستقرار عبر دعم الإدارة الذاتية و"قسد".
2- الاستراتيجية التركية التي تسعى إلى تشكيل محور إسلامي موسّع يوحّد القوى السنية والشيعية ضد إسرائيل، لاستعادة دورها الاستراتيجي.
3- الاستراتيجية الإيرانية التي تعمل على إعادة تفعيل وكلائها لتثبيت مبدأ “وحدة الجبهات” وتوسيع نطاق المواجهة الإقليمية.
ومن المرجّح، ضمن هذا السياق، أن يتأثر مستقبل الحكومة الانتقالية في دمشق، وربما يتقلص عمرها السياسي، لأن وجودها مرتبط إلى حد بعيد بتوازنات خارجية أكثر منه بتفاعلات داخلية. فأنقرة تمارس ضغوطًا لإعادة فتح المجال أمام الميليشيات الإيرانية تحت ذريعة “الدفاع عن سوريا وغزة”، وهو ما يتعارض مع التوجه الأميركي، ويضع واشنطن أمام ضرورة إعادة تقييم مسارها السوري برمّته.
وعليه، فإنّ المشهد السياسي السوري يتجه نحو مرحلة جديدة، تُعاد فيها رسم خريطة الشرق الأوسط وكتابة خرائط السلطة فوق طاولة القوى الإقليمية والدولية، أكثر مما تُرسم فوق الجغرافيا السورية ذاتها، في لحظة تتقاطع فيها حسابات الأمن، والديناميات المذهبية، والحرب الإقليمية الممتدة من غزة إلى الجنوب السوري.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
10/12/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يُختطف السُّنّة باسم صدام حسين، حكومة انتقالية أم إمارة ت ...
- منبر الأموي يكرّر خطيئة الكوفة الجولاني يخطب بلسان الحجاج
- ترامب يسلّم جنوده للتكفيريين دمٌ أميركي على عتبة الجولاني
- من جامع النوري إلى الأموي سلالة الحكم بالمحراب
- يوم سقوط المجرم في سوريا وصعود التكفير
- أحمد الشرع في مرآة الأسد ليست مقارنة، بل فضيحة
- من يقف خلف تقرير رويترز؟
- الجزيرة ليست صامتة من يصادر صوتها هو من يخاف الحقيقة
- حين تتحوّل الصحافة إلى تبييض للإرهاب، ويصبح الكذب “تحليلاً س ...
- تفكيك المجتمع السوري بخطاب التكفير
- كيف صنعت الحكومة الانتقالية أقوى حُجّة لتقسيم سوريا
- التلميذ غير النجيب
- في زمن العفن المقدّس
- شكرًا للخلافة على خراب الوطن
- كوردستان الفرصة التي دمّرها الغرب
- في سوريا الحرية جريمة
- كيف صُنِع العدم الكوردي في الوعي العربي؟ تفكيك جذور خطاب الإ ...
- تفكيك خطاب الناشطة الجولانية – الأميركية ميساء قباني
- الديمقراطية فخٌّ قاتل والفيدرالية هي النجاة الوحيدة للكورد
- منتدى ميبس في دهوك عودة الجغرافيا الكوردستانية إلى مركز التا ...


المزيد.....




- العفو الدولية تدعو لإيقاف سفينة تحمل معدات عسكرية إلى إسرائي ...
- أطباء بلا حدود: أطفال غزة يموتون بردا ويجب تكثيف الإغاثة
- مراسل العالم: اليمنيون يتظاهرون دفاعاً عن القرآن: -القرآن خط ...
- احتجاجات في بنغلاديش بعد مقتل أحد قادة الاحتجاجات الشبابية، ...
- جيش الاحتلال يعلن اعتقال 40 فلسطينيا ويزعم مصادرة طائرات درو ...
- الحکم علي مواطن سويدي بالاعدام في ايران
- الأمم المتحدة: المجاعة في غزة انتهت رسميا لكن الوضع الإنساني ...
- الأمم المتحدة: لم تعد هناك مجاعة في غزة، لكن الوضع لا يزال ح ...
- إلى أين وصلت المجاعة في غزة بعد وقف النار؟
- الأمم المتحدة: قوات -الدعم السريع- قتلت 1000 مدني خلال 3 أيا ...


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - التحالفات المتحوّلة في سوريا