أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حوار مع الظلام أم شراكة واعية في محو الكورد؟














المزيد.....

حوار مع الظلام أم شراكة واعية في محو الكورد؟


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 09:48
المحور: القضية الكردية
    


ما يجري اليوم في سوريا هو محاولة مقنّعة لإذابة الشعوب عبر فرض ثقافة ظلامية، لا تسوية سياسية، وعلى من يراهن على الثانويات أن يتحمّل مسؤولية الجريمة كاملة.
خارج الفلك السياسي الضيّق، ومحاولات المناورة على أوتار متناقضة في أروقة دبلوماسية معتمة، بات لزامًا علينا، كحراكٍ كوردي، أن نواجه المجتمع السوري والعالم بالحقائق كما هي، بلا مواربة ولا تزييف. لا يجوز أن نكذب على أنفسنا، ولا على شعبنا، ولا على الشعوب السورية، وأن نقولها بوضوح، لا يمكننا، ولا نستطيع، العيش في ظل حكومة سورية انتقالية تعمل على إعادة البلاد إلى عصر الظلمات، وتبني مجتمعًا يُكفِّر التفكير، ويؤسّس لثقافة النقل قبل العقل.
ما يُبنى اليوم في سوريا لا يهدّد وجودنا السياسي فحسب، بل يرعبنا ثقافيًا، ويدمّر منظومتنا القيمية، ويشوّه حرية الإيمان ذاتها. ومن واجبنا أن نُعلن للعالم أننا لن نسمح بتدمير ثقافتنا القومية والوطنية، ولن نرضخ لثقافة منظمات غارقة في عتمة التاريخ، تسعى لفرض نموذج أحادي يُقصي التنوع ويقمع الاختلاف.
علينا أن نقولها بلا تردّد، الخلافات أعمق بكثير من صراع سياسي عابر، أو تفاهمات ظرفية على بنود دستورية أو تشكيلات برلمانية. إنها صراع إيديولوجي، وتضادّ ثقافي خطير، يستحيل فيه التلاقي بين فكرٍ ظلامي تكفيري، وفكرٍ يؤمن بحقوق الإنسان بوصفها حقوقًا غير قابلة للتجزئة، وثقافة لا تعترف بإنسانية الإنسان؛ لا تميّز بين امرأة ورجل إلا بالقهر، ولا بين دين وآخر إلا بالإقصاء، تُشرعن سبي النساء وإحياء أسواق النخاسة، وتُبيح قتل المختلف عقيدةً ومذهبًا.
إن خلافنا مع الحكومة السورية الانتقالية ليس سياسيًا فحسب، بل هو خلاف وجودي أخطر، إذ لا يمكن القبول بإطلاق يد مجموعات تفرض إدارة الجامعات بقرار شيخ، وتغيّر المناهج بفتوى، وتبني أجيالًا على أفكار مذهبية مظلمة. فأي اتفاق مع هذه الحكومة، من دون نظامٍ فيدرالي لامركزي سياسي واضح، سيكون جريمة بحق شعوب سوريا كافة. والسماح للتكفيريين بإدارة المحاكم، والقضاء، والجامعات، والمدارس، لن يعني سوى دفع شعوب المنطقة نحو مقبرة جماعية في عمق الصحراء.
ويجب أن تُقال هذه الحقيقة للدول الكبرى والإقليمية، وللمبعوث الأميركي توماس باراك، بوضوح لا لبس فيه، توحيد سوريا قسرًا، وفرض القبول بما يُراد لها، أمر شبه مستحيل. فالشعوب السورية، وفي مقدمتها الشعب الكوردي، لن ترضخ لثقافة عصر الظلمات. والسؤال البسيط الذي يجب أن يُطرح عليه، هل يستطيع هو نفسه أن يعيش تحت ظل هذه الأفكار؟ وهل يقبل أن يدرس أطفاله أو أحفاده في مدارس تُقدّس النقل وتجرّم العقل؟
لنكن واضحين، كحراكٍ كوردي، وخصوصًا في بعده الثقافي، نحن شعب رفض الاستبداد قرونًا، وواجه الأنظمة الإجرامية والتكفيرية بأشكال متعددة؛ بالثورات حينًا، وبالصبر حينًا، وبالحوار حينًا آخر. واليوم نرفضه بالمواجهة الصريحة. وإن لم تدرك القوى الكبرى هذه الحقيقة، فإن أمامنا وسائل أخرى كثيرة للدفاع عن وجودنا، ولن نسمح بالذوبان في مستنقع الوباء الثقافي الذي يُبنى في سوريا، ويُخطَّط لفرضه على شعبنا الكوردي، وعلى شعوب جغرافية كوردستان المتعددة الأديان والهويات، لتدمير تنوّعها ورونقها التاريخي.
وأي حوار، دوليًّا كان أم كورديًّا، مع حكومة تُعيد إنتاج ثقافة الفتوى وتُجرّم العقل، لن يُسجَّل كواقعية سياسية، بل كشراكة في تدمير مستقبل سوريا. وعلى الولايات المتحدة أن تدرك أن تضييع الأولويات، ومقايضة القضية الكوردية ببعض الحقوق السياسية الآنية، وترك فرض الثقافة الظلامية، ليس خطأً تكتيكيًا، بل جزء من مخطط لإذابة الكورد كثقافة وتاريخ ولغة وانتماء حضاري. فالأنظمة تزول، أمّا من سهّل محو الشعوب فسيُحاسبه التاريخ.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
19/12/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحالفات المتحوّلة في سوريا
- من يُختطف السُّنّة باسم صدام حسين، حكومة انتقالية أم إمارة ت ...
- منبر الأموي يكرّر خطيئة الكوفة الجولاني يخطب بلسان الحجاج
- ترامب يسلّم جنوده للتكفيريين دمٌ أميركي على عتبة الجولاني
- من جامع النوري إلى الأموي سلالة الحكم بالمحراب
- يوم سقوط المجرم في سوريا وصعود التكفير
- أحمد الشرع في مرآة الأسد ليست مقارنة، بل فضيحة
- من يقف خلف تقرير رويترز؟
- الجزيرة ليست صامتة من يصادر صوتها هو من يخاف الحقيقة
- حين تتحوّل الصحافة إلى تبييض للإرهاب، ويصبح الكذب “تحليلاً س ...
- تفكيك المجتمع السوري بخطاب التكفير
- كيف صنعت الحكومة الانتقالية أقوى حُجّة لتقسيم سوريا
- التلميذ غير النجيب
- في زمن العفن المقدّس
- شكرًا للخلافة على خراب الوطن
- كوردستان الفرصة التي دمّرها الغرب
- في سوريا الحرية جريمة
- كيف صُنِع العدم الكوردي في الوعي العربي؟ تفكيك جذور خطاب الإ ...
- تفكيك خطاب الناشطة الجولانية – الأميركية ميساء قباني
- الديمقراطية فخٌّ قاتل والفيدرالية هي النجاة الوحيدة للكورد


المزيد.....




- الأمم المتحدة: الحوثيون اعتقلوا 10 من موظفينا باليمن ليرتفع ...
- غوتيريش يدين بشدة احتجاز الحوثيين مجددا موظفين في الأمم المت ...
- من مركز اعتقال إلى ملعب.. افتتاح الدوري السوري في ملعب البان ...
- الأمم المتحدة تدين فرض عقوبات أمريكية على قاضيين آخرين في ال ...
- من مركز اعتقال إلى ملعب.. افتتاح الدوري السوري ملعب البانورا ...
- الأمم المتحدة تندد بالعقوبات الأميركية على قاضيين في الجنائي ...
- اليمن: غوتيريس يدين احتجاز الحوثيين عشرة آخرين من موظفي الأم ...
- إصابات واعتقالات في الضفة الغربية ومستوطن يدهس شابا بنابلس
- عشرات المغاربة يتظاهرون بالرباط دعما لفلسطين ورفضا لحصار غزة ...
- يوم تحت الاحتلال.. إصابات واقتحامات واعتقالات في مدن الضفة


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حوار مع الظلام أم شراكة واعية في محو الكورد؟