|
|
دراسة أدبية نقدية معمقة لرواية -دمية بعين واحدة- لأحمد صالح سلوم
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 23:31
المحور:
الادب والفن
رواية "دمية بعين واحدة" ليست مجرد عمل سردي عن الحرب على غزة، بل هي تشريح أدبي-فلسفي للآليات الخفية التي تحكم العالم المعاصر. من خلال بنية سردية متعددة الأصوات والفضاءات، تقدم الرواية نقداً جذرياً للرأسمالية المتأخرة التي حوّلت العنف إلى سلعة والضمير إلى رفاهية.
1. البنية السردية: تشريح النظام العالمي عبر التناوب الجغرافي
1.1. معمارية السرد المتوازي
تقوم الرواية على سبع خلايا سردية متزامنة:
· مانهاتن (لاري فينك): مركز القرار المالي · رفح (لين): مركز المعاناة الإنسانية · بوسطن (توماس): البراغماتية الأخلاقية الملتوية · باريس (جان لوك): اليسار العجوز والمقاومة المتجددة · فرانكفورت (ماريا): الذاكرة التاريخية والضمير الأوروبي · تل أبيب (إيال): التكنوقراطية الفارغة أخلاقياً · هامبتونز (لاري): العزلة الذهنية للأقوياء
هذا التوزيع ليس عشوائياً بل يمثّل خريطة القوة العالمية:
· المحور الرأسي: القمة (لاري) ← الوسط (توماس، إيال) ← القاعدة (لين) · المحور الأفقي: الغرب (نيويورك، بوسطن، باريس، فرانكفورت) ← الشرق (رفح، تل أبيب)
1.2. الزمن السردي: التزامن كأداة اتهام
يستخدم الكاتب التزامن الزمني ليس كتقنية سردية فحسب، بل كأداة اتهام أخلاقي:
· الساعة 9:00 صباحاً في نيويورك = لحظة الضغط على الزر · الساعة 4:00 مساءً في رفح = لحظة الانفجار · الساعة 10:00 مساءً في هامبتونز = النوم الهادئ
هذا التزامن يُظهر اللامساواة في اختبار الزمن: زمان الأقوياء (خطي، منتج، مريح) مقابل زمان الضحايا (دائري، مدمر، كابوسي).
2. الشخصيات: أنماط الوجود في نظام العولمة
2.1. لاري فينك: تجسيد العقلية الحسابية المطلقة
ليس مجرد شخصية شريرة، بل نموذج مثالي للعقل الأداتي (هابرماس):
· التحول من الإنسان إلى الوظيفة: "كرسيّ يتذكر انحناءات جسده أكثر مما تتذكر زوجته الثانية" · اللغة الرقمية: يفكر بـ"لغة الأرقام، تلك اللغة الوحيدة التي لا تكذب" · الانفصام الأخلاقي المنظم: يعرف مواصفات القنبلة (MK-84، دائرة التدمير 250م) لكن "لم يكن يشعر به"
2.2. لين: جسد النظام العالمي المعذّب
تمثل الجسد الفلسطيني كمجال للصراع (فوكو):
· الجسد كساحة حرب: "جسدها الصغير يدور ببطء، كأن الزمن نفسه تباطأ ليستمتع بمنظرها" · الجسد كوثيقة: كسرت ساقها، ضلوعها، و"كسر شيءٌ آخر داخلها لا يملك اسماً" · الدمية كامتداد للجسد: تفكر في "خياطة عين الدمية" حتى في لحظة الموت
2.3. الشخصيات الوسيطة: درجات التواطؤ
· توماس: يمثل الأخلاق البراغماتية التي تبرر الشر بالخير ("من أجل تعليم ابنتي") · إيال: يمثل التكنوقراطية اللاأخلاقية ("الخوارزمية تعمل بنسبة 99.7% دقة") · جان لوك وماريا: يمثلان الذاكرة التاريخية والمقاومة الأخلاقية
3. الرمزية: شبكة الدلالات المتشابكة
3.1. الدمية بعين واحدة: مركز الرمزية
· العين المفقودة: عمى النظام العالمي، غياب الرؤية الأخلاقية · العين المتبقية: نظرة الطفل البريئة، الحقيقة الوحيدة المتبقية · الدمية كجسد بديل: تمثل لين حين تموت، وتستمر كشاهد صامت
3.2. الفضاءات: سجن الحداثة المتقدمة
· الطابق 67: برج بابل المالي، العزلة المتعمدة · الزجاج المصفّح: حاجز مادي وأخلاقي، يسمح بالرؤية دون المشاركة · الضوء الأبيض النقي: نور التكنولوجيا المعقم من الإنسانية
3.3. الأجساد والأشياء: اقتصاد العواطف
· قهوة لاري الإثيوبية: ترفيه معقّم، لا علاقة له بمزارعي إثيوبيا · دمية لين: الفقر المُتحوّل إلى ذاكرة · شارة ماريا الحمراء: الأيديولوجيا المُتحوّلة إلى حنين
4. اللغة والأسلوب: شعرية اللامبالاة
4.1. ازدواجية الخطاب
· خطاب التمويل: جاف، رقمي، خالٍ من العاطفة ("عائد متوقع 3.4%") · خطاب المعاناة: شعري، مجازي، غني بالصور ("دموعٌ تسيل كأنها أنهار صغيرة تحت الأرض") · التقابل الصارخ: يخلق صدمة أخلاقية لدى القارئ
4.2. الانزياح اللغوي
· المفارقة التاريخية: "الزر الذي لا يُسمع صوته" مقابل "الصوت الذي مزّق الزمن" · التجسيد المعكوس: الأشياء أكثر إنسانية من البشر ("الكرسي يتذكر") · الانزياح الزمني: الماضي يغزو الحاضر ("ماريا ترى درسدن في رفح")
4.3. التناص الخفي
· مع "الجريمة والعقاب": لكن دون عقاب داخلي · مع "1984": لكن الأخ الأكبر هنا هو السوق · مع "كوخ العم توم": في استخدام الأدب كسلاح أخلاقي
5. الأبعاد الفلسفية: نقد الحداثة السائلة
5.1. تحول العنف في العصر الحديث (حسب زيجمونت باومان)
· العنف السائل: غير مرئي، مبثوث، غير مسؤول · تفكك العلاقة السببية: بين الضغط على الزر في نيويورك والموت في رفح · الأخلاق الجمالية: تستبدل الحكم الأخلاقي بالذوق الجمالي (قهوة إثيوبية، بدلة سوبر 180)
5.2. اقتصاد الموت (بحسب أرشيفيلي)
· الاستثمار في الموت: تحويل العنف إلى سلعة مالية · التبرير بالضرورة: "التوترات الجيوسياسية" بدل "الإبادة" · تسليع المعاناة: دمية لين تصبح رمزاً تُباع وتُشترى
5.3. الذاكرة والتاريخ (حسب ريكور)
· ذاكرة الشهود: جان لوك وماريا يحملان ذاكرة مقاومة · ذاكرة الجناة: لاري وتوماس يمارسان النسيان المنظم · ذاكرة الضحايا: لين تموت لكن دميتها تبقى كأرشيف
6. السياق الأدبي: موقع الرواية في الخريطة العالمية
6.1. ضمن أدب ما بعد الاستعمار
· لكنها تتجاوز ثنائية المستعمِر/المستعمَر · تُظهر الاستعمار المالي الجديد · تكشف تضامن الضحايا عبر التاريخ (ماريا تربط بين درسدن ورفح)
6.2. في سياق الرواية السياسية العالمية
· اختلاف عن سارتر وكامو: لا وجود للبطل الفردي · تشابه مع بريخت: استخدام التغريب لجعل المألوف غريباً · تميزها: تركيزها على الآليات المالية كقوة محركة
6.3. كرواية فلسطينية عالمية
· تتجاوز الرواية الوطنية الضيقة · تقدم القضية الفلسطينية كمرآة للعالم · تُحوّل المحلي إلى كوني دون أن تفقد خصوصيته
7. الإسهام النظري: نحو "أدب النظام العالمي"
7.1. نظرية "السرد المتشابك"
· لا مركزية السرد تعكس لا مركزية النظام العالمي · كل شخصية تمثل عقدة في الشبكة · الرواية تُظهر التشابك القسري بين جميع البشر
7.2. مفهوم "المسؤولية المشتتة"
· كل شخص مشارك جزئياً لكن غير مسؤول كلياً · يخلق شراً نظامياً يصعب محاربته · يبرر اللامبالاة كخيار أخلاقي مقبول
7.3. نظرية "الرمزية المضادة"
· الدمية، الخيط الأحمر، الشارة... كلها رموز مقاومة · لكنها رموز ضعيفة في مواجهة آلة المال · تُظهر فعالية الضعف في زمن القوة العمياء
8. الخاتمة: الرواية كحدث أدبي وأخلاقي
8.1. الإنجازات الجمالية
1. خلق لغة جديدة لوصف شر جديد 2. ابتكار شكل سردي يعكس بنية العالم المعاصر 3. تحقيق توازن نادر بين الالتزام السياسي والجمالية الفنية
8.2. المساهمات الأخلاقية
1. كشف العلاقة بين المال والموت 2. إعادة ربط السببية بين أفعالنا وعواقبها البعيدة 3. تقديم مقاومة أدبية لنظام يبدو لا يقهر
8.3. الحدود والنقائص (بناء على الفصل الأول)
1. خطر الإسقاط الأيديولوجي المباشر 2. صعوبة الحفاظ على التوازن في فصول لاحقة 3. تحدّي تجنب الثنائية المبسطة (أبطال/أشرار)
9. التوصيات للقراءة والبحث المستقبلي
9.1. مقاربات نقدية مقترحة
· مقاربة سوسيولوجية: تحليل شبكات السلطة المالية · مقاربة سيميائية: دراسة نظام الرموز المتشابك · مقاربة أخلاقية: مفهوم المسؤولية في العالم المعولم
9.2. إمكانيات التلقي العالمي
· في الغرب: قد تُقرأ كـ"نقد ذاتي" للحضارة الغربية · في العالم العربي: قد تُقرأ كـ"تأريخ أدبي" للمقاومة · عالمياً: قد تُقرأ كـ"بيان أدبي" ضد العولمة الوحشية
9.3. الآفاق المستقبلية
· قد تفتح جنساً أدبياً جديداً: "رواية النظام العالمي" · قد تُلهم حركة نقدية للأدب والمال · قد تُسهم في تشكيل وعي جماعي جديد
خلاصة نهائية
"دمية بعين واحدة" ليست مجرد رواية عن الحرب، بل هي تشريح للأخلاق في زمن الرأسمالية المتأخرة. عبر بنية سردية مبتكرة ولغة غنية متعددة الطبقات، تقدم الرواية نقداً جذرياً للعالم الذي حوّلنا جميعاً إلى مشاركين سلبيين في آلة عنف لا نراها.
في زمن تختفي فيه المسؤولية في متاهة المؤسسات والتحويلات البنكية، تذكرنا هذه الرواية بأن الزر الذي نضغطه في مكان ما، يسمعه طفلٌ في مكان آخر. وأن الدمية بعين واحدة التي نخيطها اليوم، قد تكون غداً المرآة الوحيدة التي تُبقي لنا عيناً نرى بها الحقيقة.
هذه الرواية، إذا أكملت مسارها بنفس القوة، قد تحتل مكاناً بين الكلاسيكيات الأدبية التي تُعيد تعريف الأدب نفسه: ليس كتسلية أو هروب، بل كـضمير بشري جماعي، وكمقاومة بالكلمة في زمن الصمت.
…
قراءتي لهذا النص لا يمكن أن تكون قراءة حرفية للرواية نفسها، لكن بناءً على هذا الفصل، يمكنني تقديم تحليل عميق للعناصر الأدبية والفكرية التي تظهر فيه، وكيفية بناء الكاتب لعالمه الروائي.
الزر الذي لا يُسمع صوته
1. البنية السردية واللغة
· السرد المتوازي: يبنى الفصل على تناوب سردي بين عدة شخصيات في مواقع جغرافية مختلفة (نيويورك، رفح، بوسطن، باريس، فرانكفورت، تل أبيب، هامبتونز)، لكنها مترابطة بشكل خفي عبر شبكة من المال والسلطة والموت. · اللغة الشعرية-النقدية: يجمع النص بين لغة سردية غنية بالصور الشعرية ("ضوءٌ مصطنع، أبيضَ نقياً، يشبه الثلج الذي لم يمسسه قدم إنسان") ولغة جافة واقعية تعكس عالم المال ("عائد متوقع ٣.٤٪، ٨٧ مليار دولار إضافية"). · التقابل المأساوي: المقارنة المستمرة بين الرفاهية المعقمة لعالم المال (القهوة الإثيوبية، الكراسي المصممة، الزجاج المصفّح) والفوضى الدامية في غزة (الغبار، الدم، الدمية الممزقة).
2. الشخصيات الرئيسية ورموزها
· لاري فينك: تجسيد لنظام المال العالمي اللا إنساني. اسمه يشير إلى لاري فينك الحقيقي (رئيس بلاك روك)، مما يعطي الرواية بعداً واقعياً لاذعاً. عزلته المادية (الطابق 67، الزجاج المصفّح) تعكس عزلته الأخلاقية. · لين: رمز الطفولة البريئة المطحونة تحت عجلات آلة الحرب والمال. دميتها "بعين واحدة" ترمز إلى النظرة المشوّهة للعالم الذي تركه لها الكبار. · توماس غرينوود (بوسطن): يمثل البراغماتية الأخلاقية الملتوية – الرجل العادي الذي يبرر شروره بـ"مستقبل ابنته". · جان لوك (باريس): يمثل اليسار العجوز الذي خذله التاريخ، لكن لا يزال يحمل شرارة التمرد. · ماريا فون هيسن (فرانكفورت): تمثل ذاكرة أوروبا الجريحة (درسدن) التي ترى نفسها في مأساة غزة. شاراتها الحمراء ترمز إلى الأمل القديم الذي لم يمت. · إيال (تل أبيب): يمثل التكنوقراط الفارغ أخلاقياً، الشاب المتهور الذي يربح من الموت دون أن يلمسه.
3. الموضوعات المركزية
· تجلّيات الرأسمالية المتوحشة: الرواية تكشف كيف يتحول الاستثمار المالي المجرد إلى قنابل حقيقية تُسقط على الأطفال. لاري فينك لا يشتري أسهماً، بل يشتري مصائر. · الانفصال بين القرار وتبعاته: في عالم مكيّف الهواء، يصبح الموت مجرد "عائد استثماري". الزر الذي يضغطه لاري هو نفس زر الطيار، لكنه لا يسمع الانفجار. · الذاكرة والتاريخ: ماريا (الناجية من درسدن) تربط بين ماضي أوروبا المدمّر وحاضر فلسطين – توحي بأن التاريخ يعيد نفسه لكن بلغة جديدة (لغة المال بدل اللغة العسكرية الصريحة). · التمرد الخافت: بذور المقاومة تظهر في أقصى الهامش – رجل عجوز في باريس، أستاذة متقاعدة في فرانكفورت – وكأن الأمل يأتي من حيث لا يُنتظر.
4. الرمزية العميقة
· الدمية بعين واحدة: عنوان الرواية يظهر هنا كرمز مركزي: · العين المفقودة: ترمز إلى العمى الأخلاقي للعالم. · العين المتبقية: ترمز إلى النظرة البريئة الوحيدة المتبقية (لين) التي ترى الحقيقة لكنها تُقتل. · الزجاج المصفّح: حاجز مادي وأخلاقي يفصل بين صنّاع القرار وعواقب قراراتهم. · الخيط الأحمر الذي تخيط به لين دميتها: رمز الأمل الممنوع ("للمناسبات السعيدة فقط") في زمن لا مناسبات سعيدة فيه.
5. الإحالات الواقعية والنقد الجريء
· الرواية لا تتردد في استخدام أسماء حقيقية (بلاك روك، لوكهيد مارتن، فانغارد) مما يعطيها قوة التوثيق الأدبي. · الكاتب يربط بشكل صريح بين صناديق التقاعد الغربية وتمويل الحرب على غزة – وهي علاقة نادراً ما تُكشف بهذه الوضوح في الأدب. · المقارنة بين "الإبادة" و"التوترات الجيوسياسية" تسخر من لغة الإعلام والتمويل التي تُجّمل الوحشية.
لماذا هذا الفصل مؤثر؟
لأنه يحوّل الإحصائيات المجردة (الاستثمارات، الأرباح، عدد الضحايا) إلى قصص إنسانية متشابكة. الكاتب يذكرنا أن خلف كل "صفقة ناجحة" في وول ستريت، هناك طفلة تُدفن تحت الأنقاض، وأن خلف كل "تقرير استثماري" هناك دماء لا تُحسب.
الرواية تبدو كصرخة أدبية ضد اللامبالاة العالمية، وتذكيراً بأننا جميعاً – عبر مدخراتنا وصمتنا وقبولنا – قد نكون شركاء غير مباشرين في آلة الموت هذه.
….. تصنيف أي عمل أدبي جديد بين "العمالقة" يحتاج إلى زمن وتراكم قراءات ونقد. لكن بناءً على الفصل الأول فقط، يمكننا تحليل إمكانية أن تحتل هذه الرواية مكاناً بين الأعمال العالمية العظيمة، وذلك من خلال مقارنتها بمعايير الأدب العالمي الخالد:
---
المعايير التي تجعل الأدب عظيماً:
1. الجدارة الفنية والأسلوب
· لغة غنية ومتعددة الطبقات: الجمع بين الشعرية والواقعية، بين لغة المال الجافة ولغة المأساة الإنسانية. · تقنيات سردية مبتكرة: التناوب بين مسارح الأحداث، التوازي الدرامي، استخدام الرمزية (الدمية، الزجاج، الزر). · بناء شخصيات معقدة: ليست شخصيات مسطحة (لاري ليس "شريراً" بسيطاً، بل هو نتاج نظام).
2. العمق الفلسفي والرؤية الإنسانية
· طرح أسئلة كونية: العلاقة بين المال والضمير، مسؤولية الفرد في النظام العالمي، معنى الإنسانية في زمن الرأسمالية المتوحشة. · ربط الخاص بالعام: مأساة طفلة في رفح تُستخدم كنافذة لفهم آلية النظام العالمي. · نقد جريء وغير مهادن: يكشف الزيف الأخلاقي للحضارة الغربية المعاصرة.
3. القيمة التوثيقية التاريخية
تسجيل لحظة تاريخية: رواية قد تُقرأ بعد عقود كوثيقة أدبية عن زمن الحرب على غزة (2023-2024) وآليات التمويل العالمية. · كشف بنى خفية: كشف العلاقة بين صناديق الاستثمار وصناعة الموت.
4. التأثير العاطفي والقدرة على الإلهام
· إثارة التعاطف والإدانة: القارئ يشعر بغضب أخلاقي وحزن عميق. · تحريك الضمير: قد تدفع القارئ للتساؤل عن دوره في هذه الشبكة (مدخراته، صمته).
مقارنة بأعمال عالمية عريقة:
مقارنة بـ "الجريمة والعقاب" (دوستويفسكي):
· التشابه: الصراع الأخلاقي الداخلي، لكن هنا الصراع مغيب (لاري لا يعاني، بل ينام بسلام). الرواية تظهر غياب الضمير كمرض عصري. · الاختلاف: دوستويفسكي يركز على الفرد، بينما هذه الرواية تُظهر البنية النظامية للشر.
مقارنة بـ "1984" (أورويل):
· التشابه: نقد أنظمة السيطرة، لكن هنا النظام ليس "أخاً كبيراً" سياسياً، بل التمويل العالمي اللامرئي. · الاختلاف: أورويل يحذر من سلطة الدولة، وهنا التحذير من سلطة السوق.
مقارنة بـ "الصرخة الصامتة" (كينزابورو أوي):
· التشابه: استخدام الطفل/الدمية كرمز للبراءة المكسورة. · الاختلاف: أوي يكتب عن يابان ما بعد الحرب، وهنا الحرب مستمرة وممولة من "السلام" الغربي.
مقارنة بـ "الخيميائي" (باولو كويلو): هنا لا مكان للأسطورة الفردية أو "أسطورةك الشخصية"، بل سردية جماعية للمقاومة.
مكانها المحتمل في الأدب العالمي:
في سياق "أدب العولمة النقدي":
قد تحتل مكاناً بجانب أعمال مثل:
· "عالم مسطح" لتوماس فريدمان (لكن كنقيض نقدي). · "لا مكان للاختباء" لإدوارد سنودن (كنظير أدبي لكشف الآليات الخفية). · أعمال نعوم تشومسكي (لكن بصيغة روائية).
في سياق "الأدب الفلسطيني العالمي":
قد تكون استمراراً لعمالقة مثل:
· غسان كنفاني (يربط الشخصي بالسياسي). · إدوارد سعيد (نقد الاستشراق والسلطة). · لكن بإضافة البعد المالي العالمي الجديد.
التحديات التي قد تواجهها للدخول إلى "العرين العظيم":
1. الزمن كحَكَم: العظمة تُختبر بقدرة العمل على البقاء عبر العقود. 2. الترجمة: يحتاج أن يُترجم بلغات عالمية بكفاءة تحفظ أسلوبه المعقد. 3. القبول الغربي: قد تواجه مقاومة في الأوساط الأدبية الغربية لأنها تكشف آليات القوة الغربية بشكل غير مسبوق. 4. التوازن بين الرسالة والفن: الخطر أن تهزم الرسالة السياسية البعد الجمالي (لكن الفصل الأول يوحي بتوازن ناجح).
رأي شخصي بناءً على الفصل الأول:
هذه الرواية لديها بذور العظمة لأنها:
1. تلتقط روح العصر: عصر تسليع كل شيء، حتى الموت. 2. تخلق لغة جديدة لوصف شر جديد (الشر "الهادئ" في المكاتب المكيفة). 3. تجرؤ على قول ما لا يُقال في الخطاب العام. 4. تدمج بين الأبعاد المحلية والعالمية بشكل عضوي.
لكنها تحتاج أن:
· تحافظ على هذه القوة في فصولها كلها. · تتجنب الخطابية المباشرة. · تقدم أبعاداً إنسانية أعمق للشخصيات "الشريرة" (لاري، إيال).
لو أكملت الرواية مسارها بنفس القوة، قد تحتل مكاناً بين الكلاسيكيات النقدية للقرن الحادي والعشرين، كعمل يُقرأ لفهم كيف حوّلت الرأسمالية المتأخرة العالم إلى آلة معقدة للموت، وكيف يمكن للأدب أن يكون سلاح مقاومة.
مقارنة أخيرة: كما كانت "كوخ العم توم" (هارييت بيتشر ستو) وثيقة أدبية غيرت النقاش حول العبودية، "دمية بعين واحدة" قد تصبح وثيقة أدنية عن عبودية العصر الحديث: عبودية المال التي تجعل البشر أدوات في آلة موت لا ترى ضحاياها.
لكن تذكّر: العظمة الحقيقية تُمنح من قبل الأجيال القادمة، لا النقاد المعاصرين. الوقت وحده سيحكم.
ذ.ا
…….
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلب... عندما تَصْفَعُ المدافعُ وجهُ الماضي
-
في تشريحِ خُرَافَةِ مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ وَتَجْنيدِهَا س
...
-
بروكسل في الفجر: فاتورة الوهم على كاهل أوروبا( كتيب)
-
كبت الرمال: تناقضات التقوى في محميات الخليج
-
همسة رضيع في عاصفة الإبادة..قصة قصيرة عن الهولوكوست الأمريكي
...
-
مقبرة الأسياد.. كيف تشيّع بروكسل أحلامها بأكفان شعبين؟..الجو
...
-
قمة بروكسل تفضح أزمة الإمبريالية المتأخرة في مواجهة روسيا
-
في معنى تعدد الأقطاب : عندما تعترف واشنطن بالقوى الصاعدة : ا
...
-
قصة : رقصةُ الغزال الأخيرة
-
تقشف أوروبي تحت غطاء العسكرة: كيف يُعاد تشكيل الدولة الاجتما
...
-
انتصار جنرال الوقت على الهيمنة الأمريكية
-
تراجع التفوق الأمريكي: وثيقة سرية تكشف هشاشة الإمبراطورية أم
...
-
يوروكلير: قبر اليورو الذهبي
-
كيف استثمرت بروكسل في هزيمتها المحققة اليوم
-
ما التحديات التي تطرحها وثيقة ترامب الاستراتيجية على محور ال
...
-
رواية : أنفاسٌ لا تُقاس أو اسم اخر للرواية (عبودية في ثياب ا
...
-
استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025: نظرة عامة وتقيي
...
-
حول رواية ( لماذا ؟ ..صرخة في قصر أصم )..مقدمات نقدية لمدارس
...
-
رواية «لماذا في قصر أصم» توثيقٌ لستين عاماً من حكم مملكة الظ
...
-
سوريا في السنة الأولى لما بعد الأسد: تقرير من قلب الخراب
المزيد.....
-
عرض فيلم وثائقي يكشف تفاصيل 11 يوما من معركة تحرير سوريا
-
وفاة الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما
...
-
رحيل محمد بكري.. سينمائي حمل فلسطين إلى الشاشة وواجه الملاحق
...
-
اللغة البرتغالية.. أداة لتنظيم الأداء الكروي في كأس أمم أفري
...
-
بعد توقف قلبه أكثر من مرة.. وفاة الفنان المصري طارق الأمير ع
...
-
نجوم يدعمون الممثل الأميركي تايلور تشيس بعد انتشار مقاطع فيد
...
-
إقبال متزايد على تعلم اللغة التركية بموريتانيا يعكس متانة ال
...
-
غزة غراد للجزيرة الوثائقية يفوز بجائزة أفضل فيلم حقوقي
-
ترميم أقدم مركب في تاريخ البشرية أمام جمهور المتحف المصري ال
...
-
بمشاركة 57 دولة.. بغداد تحتضن مؤتمر وزراء الثقافة في العالم
...
المزيد.....
-
دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس
/ السيد حافظ
-
مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
زعموا أن
/ كمال التاغوتي
-
خرائط العراقيين الغريبة
/ ملهم الملائكة
-
مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
المزيد.....
|