|
|
في تشريحِ خُرَافَةِ مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ وَتَجْنيدِهَا سِلَاحاً اسْتَعْمَارِيّاً: مَأسَاةُ الحَقِّ وَأُكْذُوبَةُ الضَّدِّ
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8565 - 2025 / 12 / 23 - 13:01
المحور:
القضية الفلسطينية
الوَهْمُ الَّذِي صَارَ سَيِّدَ الوَاقِع
لَيْسَ ثَمَّةَ أَكْذُوبَةٌ سِيَاسِيَّةٌ فِي العَصْرِ الحَدِيثِ امْتَزَجَتْ بِالدِّمَاءِ وَالمَصَالِحِ كَمَا امْتَزَجَتْ "مُعَادَاةُ السَّامِيَّةِ" فِي صِيغَتِهَا الغَرْبِيَّةِ الحَدِيثَةِ. فَالمَصْطَلَحُ الَّذِي وُلِدَ كَوَصْفٍ لِلْكَرَاهِيَةِ العُنْصُرِيَّةِ الحَقِيقِيَّةِ تَحَوَّلَ، بِبَرَاعَةِ مَخْتَرِعِي الأَوْهَامِ، إِلَى سِلَاحٍ مِثَالِيٍّ لِتَبْرِيرِ مَا لا يُمْكِنُ تَبْرِيرُهُ: إِقَامَةُ مُسْتَوْطَنَةٍ اسْتِعْمَارِيَّةٍ عَلَى أَجْسَادِ شَعْبٍ وَتَرَابِهِ، باسْمِ التَّكَفِيرِ عَنْ جَرَائِمَ لَمْ يَرْتَكِبْهَا الضَّحَايَا، وَبِوَصْفَةِ أُخْرَى: بِنَاءُ هُولُوكُوسْتٍ جَدِيدٍ لِمُحَاوَلَةِ مَحْوِ هُولُوكُوسْتٍ قَدِيمٍ.
الجُذُورُ الْمُظْلِمَةُ لِأُكْذُوبَةٍ مُنَظَّمَةٍ
يَجِبُ أَنْ نَفْهَمَ مِنَ البِدايَةِ: لَمْ تَكُنْ "مُعَادَاةُ السَّامِيَّةِ" بِصِيغَتِهَا الحَالِيَّةِ مِنْ بَضَاعَةِ المَظْلُومِينَ، بَلْ كَانَتْ صَنْعَةَ الظَّالِمِينَ. فَفِي أَثْنَاءِ قِيَامِ الدَّوْلَةِ القُطْرِيَّةِ الأُورُوبِّيَّةِ الحَدِيثَةِ، وَحِينَ حَاجَة رَأْسُ المَالِ الغَرْبِيِّ إِلَى مَشْرُوعٍ اسْتِعْمَارِيٍّ جَدِيدٍ يُحَقِّقُ أَهْدَافَهُ الجُغْرَافِيَّةَ وَيُبَرِّرُ وُجُودَهُ الأَيْدِيُولُوجِيَّ، تَمَّ اخْتِرَاعُ رِوَايَةٍ تَارِيخِيَّةٍ مُغَايِرَةٍ تَسْتَنْبِطُ حَقّاً وَهُمِيّاً لِطَائِفَةٍ دِينِيَّةٍ فِي أَرْضٍ لَيْسَ لَهَا بِهَا عَلاقَةٌ تَارِيخِيَّةٌ مُبَاشِرَةٌ.
اللَّامَعْقُولُ فِي هَذِهِ الخُرَافَةِ أَنَّهَا تَجْعَلُ مِنْ نَفْسِهَا دَائِرَةً مُفْرَغَةً: فَكُلُّ مَنْ يُعَارِضُ المَشْرُوعَ الاسْتِيطَانِيَّ الصُّهْيُونِيَّ هُوَ بِالتَّعْرِيفِ "مُعَادٍ لِلسَّامِيَّةِ"، وَكُلُّ مَنْ يُعَادِي السَّامِيَّةَ (حَسَبَ التَّعْرِيفِ الغَرْبِيِّ) يَجِبُ أَنْ يُدَانَ أَخْلَاقِيّاً وَيُقْصَى سِيَاسِيّاً. وَهَكَذَا يَتَحَوَّلُ النِّقَاشُ مِنْ جَوْهَرِ القَضِيَّةِ ـ وَهُوَ حَقُّ شَعْبٍ فِي أَرْضِهِ وَوُجُودِهِ ـ إِلَى قَضَايَا هُوِيَّاتِيَّةٍ وَاتِّهَامَاتٍ أَخْلَاقِيَّةٍ.
رَأْسُ المَالِ الأَمْرِيكِيُّ وَصِنَاعَةُ الأَيْدِيُولُوجْيَا الضَّرُورِيَّة
بَعْدَ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ، وَفِي ظِلِّ انْتِصَارِ الحُلْفَاءِ وَبَرُوزِ الوِلاَيَاتِ المُتَّحِدَةِ كَقُوَّةٍ عُظْمَى، وَجَدَ رَأْسُ المَالِ الأَمْرِيكِيُّ نَفْسَهُ أَمَامَ فُرْصَتَيْنِ تَارِيخِيَّتَيْنِ: الأُولَى هِيَ الحَاجَةُ إِلَى قُوَّةٍ عَسْكَرِيَّةٍ وَأَيْدِيُولُوجِيَّةٍ تُحافِظُ عَلَى مَصَالِحِهِ فِي الشَّرْقِ الأَوْسَطِ الغَنِيِّ بِالنِّفْطِ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ القُدْرَةُ عَلَى تَوْظِيفِ "العُقْدَةِ النَّازِيَّةِ" الأُورُوبِّيَّةِ لِصَالِحِ مَشْرُوعِهِ الاسْتِعْمَارِيِّ الجَدِيدِ.
هَكَذَا تَمَّ تَشْيِيدُ "الدَّوْلَةِ الوَطَنِيَّةِ لِلشَّعْبِ اليَهُودِيِّ" عَلَى أَنَّهَا تَعْوِيضٌ أَخْلَاقِيٌّ وَتَارِيخِيٌّ عَنْ جَرَائِمَ ارْتَكَبَهَا الأُورُوبِّيُّونَ فِي حَقِّ اليَهُودِ. وَالمُفَارَقَةُ التَّارِيخِيَّةُ المُرَّةُ أَنَّ الضَّحِيَّةَ (الفِلَسْطِينِيِّ) صَارَ يَدْفَعُ ثَمَنَ جَرَائِمَ الجَلَّادِ (الأُورُوبِّيِّ)، وَأَنَّ مَنْ لَا عَلاقَةَ لَهُمْ بِالأَرْضِ (يَهُودُ الخَزَرِ الأَشْكِنَازِ) صَارُوا أَصْحَابَ حَقٍّ إِلَهِيٍّ وَتَارِيخِيٍّ فِيهَا!
يَهُودُ الخَزَرِ وَالمَسْخُ التَّارِيخِيُّ
تَكْمُنُ إِحْدَى أَكْبَرِ المَخَادَعَاتِ التَّارِيخِيَّةِ فِي تَمْوِيهِ حَقِيقَةِ أَصْلِ أَغْلَبِيَّةِ يَهُودِ أُورُوبَّا الشَّرْقِيَّةِ، وَهُمُ الَّذِينَ شَكَّلُوا عِمَادَ المَشْرُوعِ الصُّهْيُونِيِّ. فَالْبَحْثُ التَّارِيخِيُّ وَالْعِلْمِيُّ يُثْبِتُ أَنَّ "يَهُودَ الخَزَرِ" ـ وَهُمْ مَمْلَكَةٌ تُرْكِيَّةٌ قَدِيمَةٌ فِي بِلَادِ القَوْقَازِ ـ اعْتَنَقَتِ اليَهُودِيَّةَ فِي القَرْنِ الثَّامِنِ المِيلَادِيِّ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَلاقَةٌ عِرْقِيَّةٌ أَوْ تَارِيخِيَّةٌ بِشِبْهِ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ أَوْ فِلَسْطِينَ.
الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ المَعْرِفَةِ لَيْسَ إِثَارَةَ الْعُنْصُرِيَّةِ ضِدَّ أَيِّ مَجْمُوعَةٍ، بَلْ كَسْرَ الأُسْطُورَةِ القَائِلَةِ بِـ"الحَقِّ التَّارِيخِيِّ" لِيَهُودِ أُورُوبَّا فِي فِلَسْطِينَ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مِنْ نَسْلِ القُدَمَاءِ، فَأَيُّ حَقٍّ تَارِيخِيٍّ يَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ؟ وَإِنَّمَا هُوَ حَقُّ القُوَّةِ وَحْدَهَا، وَمَشْرُوعٌ اسْتِعْمَارِيٌّ تَقِفُ خَلْفَهُ مَصَالِحُ رَأْسِ المَالِ الغَرْبِيِّ.
إِدْوَارْدُ سَعِيدٍ وَفَضْحُ الآلِيَاتِ الثَّقَافِيَّةِ لِلاسْتِعْمَار
هنا تَأْتِي أَهَمِّيَّةُ إِسْهَامَاتِ المُفَكِّرِ الفِلَسْطِينِيِّ إِدْوَارْد سَعِيدٍ، الَّذِي قَدَّمَ فِي كِتَابِهِ التَّأْسِيسِيِّ "الاسْتِشْرَاقُ" أَدَاةً نَقْدِيَّةً جَذْرِيَّةً لِفَهْمِ كَيْفَ يَخْتَلِقُ الاسْتِعْمَارُ تَمْثِيلَاتٍ ثَقَافِيَّةً عَنِ الشُّعُوبِ الَّتِي يَسْتَعْمِرُهَا، ثُمَّ يَسْتَخْدِمُ هَذِهِ التَّمْثِيلَاتِ لِتَبْرِيرِ اسْتِعْمَارِهَا.
فَالغَرْبُ ـ حَسَبَ سَعِيدٍ ـ لَمْ يَخْتَلِقْ "اليَهُودِيَّ" فَحَسْبُ كَكَائِنٍ غَرِيبٍ مُهَدَّدٍ وَيَحْتَاجُ إِلَى وَطَنٍ، بَلْ خَلَقَ أَيْضاً "العَرَبِيَّ" وَ"الفِلَسْطِينِيَّ" كَكَائِنٍ مُتَخَلِّفٍ عُنِيفٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْضَ الَّتِي يَعِيشُ عَلَيْهَا. وَهَكَذَا صَارَتْ "مُعَادَاةُ السَّامِيَّةِ" جُزْءاً مِنْ هَذِهِ الثَّنَائِيَّةِ الزَّائِفَةِ: اليَهُودِيُّ الضَّحِيَّةُ الدَّائِمَةُ، وَالعَرَبِيُّ الجَلَّادُ الدَّائِمُ.
وَيُؤَكِّدُ سَعِيدٌ أَنَّ هَذِهِ التَّمْثِيلَاتِ لَيْسَتْ بَرِيئَةً، بَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ آلِيَّةِ السَّيْطَرَةِ. فَحِينَ يُصَوَّرُ الصُّرَاعُ عَلَى أَنَّهُ صِرَاعٌ بَيْنَ "الحَضَارَةِ الغَرْبِيَّةِ" وَ"التَّخَلُّفِ الشَّرْقِيِّ"، أَوْ بَيْنَ "ضَحِيَّةِ الهُولُوكُوسْتِ" وَ"الإِرْهَابِيِّ العَرَبِيِّ"، فَإِنَّ هَذَا يُخْفِي الجَوْهَرَ الحَقِيقِيَّ لِلصِّرَاعِ: وَهُوَ صِرَاعُ شَعْبٍ يُقَاتِلُ مِنْ أَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى وُجُودِهِ وَأَرْضِهِ أَمَامَ مَشْرُوعِ اقْتِلَاعٍ اسْتِعْمَارِيٍّ.
هُولُوكُوسْتُانِ.. وَاحِدٌ يُذْكَرُ وَآخَرُ يُنْكَرُ
لَا يُمْكِنُ فَهْمُ خُطُورَةِ خُرَافَةِ "مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ" بِصِيغَتِهَا الحَالِيَّةِ إِلَّا بِرَبْطِهَا بِـ"هُولُوكُوسْتٍ" آخَرَ يُجْرَى عَلَى مَرِّئٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّ الغَرْبَ يُصِرُّ عَلَى عَمَاهٍ مُقَنَّعٍ عَنْهُ: الْهُولُوكُوسْتُ الفِلَسْطِينِيُّ.
فَمُنْذُ نَكْبَةِ 1948، وَمَا تَلَاهَا مِنْ عَمَلِيَّاتِ تَهْجِيرٍ وَتَهْوِيدٍ وَقَتْلٍ مُنَظَّمٍ، يُعَانِي الشَّعْبُ الفِلَسْطِينِيُّ مِنْ عَمَلِيَّةِ إِبَادَةٍ بِطِيئَةٍ وَمُتَنَوِّعَةِ الأَسَالِيبِ: مِنْ هَدْمِ المَنَازِلِ، إِلَى الْإِحْجَارِ عَلَى الْحَرَكَةِ، إِلَى الْقَتْلِ الْيَوْمِيِّ بِسَبَبِ الْأَصْلِ العِرْقِيِّ أَوِ الدِّينِيِّ.
وَلَكِنَّ الغَرْبَ الَّذِي يَبْكِي عَلَى هُولُوكُوسْتِ المَاضِي (وَحَقًّا يَجِبُ أَنْ يَبْكِيَ عَلَيْهِ) يُشَارِكُ فِي هُولُوكُوسْتِ الحَاضِرِ بِدَعْمِهِ الْمُطْلَقِ لِلْكِيَانِ الصُّهْيُونِيِّ. وَهَذَا هُوَ مَغْزَى خُرَافَةِ "مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ": أَنْ تُبْقِيَ الضَّحِيَّةَ الأُورُوبِّيَّةَ فِي مَرْكَزِ الحَدِيثِ، وَتُبْعِدَ الضَّحِيَّةَ العَرَبِيَّةَ الفِلَسْطِينِيَّةَ إِلَى هَامِشِ الصُّمْتِ وَالنِّسْيَانِ.
التَّقَدُّمِيُّونَ وَمُقَاوَمَةُ الأُكْذُوبَةِ بِالسَّلْمِيَّةِ وَالفِكْرِ
لَمْ يَكُنِ الفِلَسْطِينِيُّونَ مُجَرَّدَ ضَحَايَا سَلْبِيَّةً لِهَذِهِ الخُرَافَةِ، بَلْ قَدَّمُوا ـ وَمَعَهُمْ التَّقَدُّمِيُّونَ فِي العَالَمِ ـ نَقْداً جَذْرِيّاً لَهَا. فَمِنْ خِلَالِ كِتَابَاتِ مُفَكِّرِينَ مِثْلِ إِلَانْ بَابِيهٍ، وَشْلُومُو سَانْد، وَنُورْمَانْ فِينْكِلْشْتَاين، تَمَّ كَسْرُ الصُّورَةِ النَّمَطِيَّةِ عَنِ الصِّرَاعِ، وَإِبْرَازُ حَقِيقَتِهِ كَنَضَالِ شَعْبٍ مِنْ أَجْلِ حُرِّيَّتِهِ ضِدَّ مَشْرُوعٍ عُنْصُرِيٍّ.
وَالأَهَمُّ أَنَّ الفِلَسْطِينِيِّينَ أَثْبَتُوا ـ ضِدَّ كُلِّ مَحَاوَلَاتِ تَشْوِيهِ صُورَتِهِمْ ـ أَنَّهُمْ جُزْءٌ مِنْ تَقَالِيدِ النِّضَالِ السَّلْمِيِّ العَالَمِيِّ. فَمِنْ مُقَاوَمَةِ الْإِحْجَارِ بِالسِّلْمِيَّةِ، إِلَى نَشْرِ الثَّقَافَةِ وَالفَنِّ، إِلَى الْكِفَاحِ القَانُونِيِّ فِي المَحَاكِمِ الدَّوْلِيَّةِ، أَظْهَرَ الفِلَسْطِينِيُّونَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا "إِرْهَابِيِّينَ" كَمَا يُصَوِّرُهُمُ الغَرْبُ، بَلْ شَعْبٌ يُقَاتِلُ مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ وَالْعَدَالَةِ بِأَسَالِيبَ حَضَارِيَّةٍ.
بَيْنَمَا يَسْتَمِدُّ الكِيَانُ الصُّهْيُونِيُّ شَرْعِيَّتَهُ مِنْ خُرَافَةٍ تَارِيخِيَّةٍ وَمِنْ قُوَّةِ السِّلَاحِ وَالدَّعْمِ الأَمْرِيكِيِّ، يَسْتَمِدُّ الفِلَسْطِينِيُّونَ شَرْعِيَّتَهُمْ مِنْ وَاقِعِ وُجُودِهِمْ التَّارِيخِيِّ فِي الأَرْضِ، وَمِنْ أَخْلَاقِيَّةِ قَضِيَّتِهِمْ العَادِلَةِ.
السَّلْمِيَّةُ الفِلَسْطِينِيَّةُ فِي وَجْهِ العُنْفِ الصُّهْيُونِيِّ
لَوْ كَانَتْ مُعَادَاةُ السَّامِيَّةِ حَقِيقَةً بِمَعْنَى كَرَاهِيَةِ اليَهُودِ لِعِرْقِهِمْ، لَكَانَ الفِلَسْطِينِيُّونَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا. فَهُمْ الَّذِينَ شَرَّدَهُمْ وَقَتَلَ أَهْلَهُمْ مَنْ يَدَّعِي نَفْسَهُ "يَهُودِيّاً". وَلَكِنَّ الحَقِيقَةَ تُثْبِتُ عَكْسَ ذَلِكَ: فَالفِلَسْطِينِيُّونَ ظَلُّوا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ اليَهُودِ كَأَتْبَاعِ دِينٍ، وَبَيْنَ الصُّهْيُونِيَّةِ كَإِيدْيُولُوجِيَا عُنْصُرِيَّةٍ اسْتِعْمَارِيَّةٍ.
وَتَراثُ العِيشِ المُشْتَرَكِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالمَسِيحِيِّينَ وَاليَهُودِ فِي فِلَسْطِينَ قَبْلَ الصُّهْيُونِيَّةِ يَشْهَدُ عَلَى هَذِهِ الحَقِيقَةِ. فَلَمْ يَكُنِ الصِّرَاعُ دِينِيّاً قَطُّ، بَلْ كَانَ وَمَا زَالَ صِرَاعاً مَعَ مَشْرُوعٍ اسْتِعْمَارِيٍّ يَسْتَغِلُّ الدِّينَ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِ السِّياسِيَّةِ.
بَيْنَمَا يَتَحَدَّثُ الكِيَانُ الصُّهْيُونِيُّ بِلُغَةِ العُنْفِ وَالقَهْرِ وَالعُنْصُرِيَّةِ، يَتَحَدَّثُ الفِلَسْطِينِيُّونَ بِلُغَةِ الحَقِّ وَالعَدَالَةِ وَالإِنْسَانِيَّةِ. فَهُمْ يُطَالِبُونَ لَا بِإِبَادَةِ أَحَدٍ، بَلْ بِعَوْدَةِ اللَّاجِئِينَ وَإِقَامَةِ دَوْلَةٍ وَاحِدَةٍ يَعِيشُ فِيهَا جَمِيعُ المواطنين بِحُرِّيَّةٍ وَمُسَاوَاةٍ. رَأْسُ المَالِ العَالَمِيُّ وَاستمرار الأُكْذُوبَةِ
بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ عَاماً عَلَى نَكْبَةِ فِلَسْطِينَ، مَا زَالَتْ خُرَافَةُ "مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ" تَعْمَلُ بِكَفَاءَةٍ فَائِقَةٍ. فَكُلَّمَا تَعَرَّضَ الكِيَانُ الصُّهْيُونِيُّ لِانْتِقَادٍ دَوْلِيٍّ، سارعَتْ آلَتُهُ الدِّعَائِيَّةُ إِلَى اتهام المُنْتَقِدِينَ بِـ"مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ". وَكُلَّمَا حَاوَلَ النَّاشِطُونَ فِي الغَرْبِ التَّضَامُنَ مَعَ فِلَسْطِينَ، وُجِّهَتْ إِلَيْهِمْ تَهْمَةُ الْكَرَاهِيَةِ لليَهُودِ.
وَالسَّبَبُ فِي اسْتِمْرَارِ هَذِهِ الخُرَافَةِ هُوَ أَنَّهَا تُحَقِّقُ أَهْدَافَ رَأْسِ المَالِ العَالَمِيِّ: فَهِيَ تُبَقِّي الشَّرْقَ الأَوْسَطَ مَنَاطِقَ نِزَاعٍ تُبَاعُ فِيهَا الأَسْلِحَةُ وَتُسَيطَرُ عَلَى مَوَارِدِهِ. وَهِيَ تُبْقِي "إِسْرَائِيلَ" حَلِيفاً اسْتِرَاتِيجِيّاً لِلْغَرْبِ فِي مُوَاجَهَةِ أَيِّ قُوَّةٍ إِقْلِيمِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ.
تَجاوز الخُرَافَةِ: نحو رِوَايَةٍ إِنْسَانِيَّةٍ جَدِيدَةٍ
لَكِنَّ الحَقِيقَةَ كَالنَّبْتِ فِي الصَّخْرِ: تَنْبُتُ رُغْمَ كُلِّ شَيْءٍ. وَالرِّوَايَةُ الفِلَسْطِينِيَّةُ تَخْتَرِقُ ـ بِبُطْءٍ وَصَبْرٍ ـ حِجَابَ الخُرَافَةِ الغَرْبِيَّةِ. فَالعَالَمُ يَرَى الآنَ ـ بِوَضُوحٍ أَكْبَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى ـ وُجُودَ نِظَامِ فَصْلٍ عُنْصُرِيٍّ فِي فِلَسْطِينَ، وَيَسْمَعُ صَوْتَ الضَّحَايَا الفِلَسْطِينِيَّةِ رُغْمَ كُلِّ مُحَاوَلَاتِ إِسْكَاتِهِ.
وَالمُهِمُّ أَنَّ نَفْسَ الدَّوَلِ الغَرْبِيَّةِ الَّتِي تَدْعَمُ الكِيَانَ الصُّهْيُونِيَّ تُعَانِي مِنْ تَزَايُدِ الْقُوَى الشَّعْوِيَّةِ وَالعُنْصُرِيَّةِ فِي دَاخِلِهَا، وَتَدْرِكُ ـ وَلَوْ بِلَاْوِعْيٍ ـ أَنَّ دَعْمَهَا لِعُنْصُرِيَّةِ الصُّهْيُونِيَّةِ سَيَرْجِعُ بِالعُنْصُرِيَّةِ إِلَى مُجْتَمَعَاتِهَا هُوَ الآخَرَ.
الحَقُّ يَنْبُتُ مِنْ بَيْنِ الصُّخُورِ
خُرَافَةُ "مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ" ـ فِي صِيغَتِهَا الغَرْبِيَّةِ الحَالِيَّةِ ـ لَيْسَتْ إِلَّا وَاحِدَةً مِنْ أَكْثَرِ الأَكَاذِيبِ دَمَوِيَّةً فِي التَّارِيخِ. فَقَدْ اسْتُخْدِمَتْ لِتَبْرِيرِ اقْتِلَاعِ شَعْبٍ مِنْ أَرْضِهِ، وَلإِقَامَةِ نِظَامِ أَبْرْتِهَايدٍ عَصْرِيٍّ، وَلإِسْكَاتِ صَوْتِ الحَقِّ وَالعَدَالَةِ.
وَلَكِنَّ دَرْسَ التَّارِيخِ يُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّ الأَكَاذِيبَ ـ وَإِنْ طَالَ عُمْرُهَا ـ تَتَحَطَّمُ أَمَامَ صَلَابَةِ الحَقِّ. وَالفِلَسْطِينِيُّونَ، بِصَبْرِهِمْ وَبِمَقَاوَمَتِهِمْ السَّلْمِيَّةِ وَبِعَدَالَةِ قَضِيَّتِهِمْ، يُثْبِتُونَ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ أَنَّهُمْ لَيْسُوا جُزْءاً مِنْ مَشْكِلَةِ "مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ"، بَلْ هُمْ جُزْءٌ مِنْ حَلِّهَا الحَقِيقِيِّ: وَهُوَ إِقَامَةُ مُجْتَمَعٍ يَعِيشُ فِيهِ جَمِيعُ النَّاسِ ـ مُسْلِمِينَ وَمَسِيحِيِّينَ وَيَهُوداً وَغَيْرَهُمْ ـ بِحُرِّيَّةٍ وَعَدَالَةٍ عَلَى أَرْضِ فِلَسْطِينَ التَّارِيخِيَّةِ.
فَالحَقُّ الفِلَسْطِينِيُّ ـ مِثْلَ زَيْتُونَةِ فِلَسْطِينَ ـ جَذْرُهُ عَمِيقٌ فِي التُّرَابِ، وَلَنْ تَقْطَعَهُ فَأْسُ الكَذِبِ وَلَا مُعَوِّلُ الخُرَافَةِ. وَسَيَأْتِي يَوْمٌ يَفْهَمُ فِيهِ العَالَمُ أَنَّ مُحَارَبَةَ العُنْصُرِيَّةِ حَقًّا تَعْنِي مُحَارَبَةَ كُلِّ عُنْصُرِيَّةٍ، لَا انْتِقَاءَ بَعْضِهَا وَتَبْرِيرَ بَعْضِهَا الآخَرَ بِاسْمِ خُرَافَاتِ المَاضِي وَمَصَالِحِ الحَاضِرِ.
………
أُكْذُوبَةُ القَرْنِ العِشْرِين: مُعَادَاةُ السَّامِيَّةِ بِصِفَةِ خَارِقَةٍ
كُلُّنَا مُعَادُونَ لِلسَّامِيَّةِ... إِلَّا أَنَّنَا لَا نَدْرِي مَنْ هُمُ السَّامِيُّونَ أَصْلًا!
بِسْمِ الْخُرَافَةِ الْمَقْدَّسَةِ وَرَأْسِ الْمَالِ الْمُقَدَّسِ أَيْضًا... آمِينَ.
عَزِيزِي القَارِئ، هَلْ سَأَلْتَ نَفْسَكَ يَوْمًا: لِمَاذَا كُلُّ مَنْ يُخَالِفُ الرِّوَايَةَ الْغَرْبِيَّةَ فِي شَيْءٍ مَا يَصِيرُ فَجْأَةً "مُعَادِيًا لِلسَّامِيَّةِ"؟ وَالطَّرِيفُ أَنَّ أَكْثَرَ هَؤُلَاءِ الْمُتَّهَمِينَ لَا يَعْرِفُونَ أَصْلًا فَرْقًا بَيْنَ الْأَكَلِ السَّامِيِّ وَالْمُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ! فَلَا هُمْ مِنْ سَامٍ وَلَا هُمْ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَلَكِنَّهُمْ فَجْأَةً يَصِيرُونَ أَخْطَرَ عُدُوٍّ لِسَامٍ الَّذِي لَا أَحَدَ يَعْرِفُهُ!
اخْتِرَاعُ الْخُرَافَةِ عَلَى الْعَجَلِ
فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي وَاشِنْطُنِ الْعَاصِفَةِ، وَبَيْنَمَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ الْأَمْرِيكِيُّ يَسْتَمْتِعُ بِقَهْوَةٍ مِنْ نِفْطٍ خَلِيجِيٍّ، قَالَ لِنَفْسِهِ مُتَأَمِّلًا: "يَا تُرَى، كَيْفَ نَبْنِي مُسْتَوْطَنَةً اسْتِعْمَارِيَّةً فِي وَسَطِ الْعَرَبِ وَنُبَرِّرُ ذَلِكَ لِلْعَالَمِ؟"
فَجَاءَهُ الْجَوَابُ كَالْإِلْهَامِ: "سَأَخْتَرِعُ وَصْمَةً! كَلِمَةً سِحْرِيَّةً! إِذَا سَمِعَهَا الْعَالَمُ خَرَّ سَاجِدًا! سَأَجْعَلُهَا مِثْلَ أَبْرَكَدَابْرَا وَلَكِنْ بِصِبْغَةٍ أَخْلَاقِيَّةٍ! سَأَقُولُ مُعَادَاةُ السَّامِيَّةِ ، وَكُلُّ مَنْ يُعَارِضُنَا سَأَقُولُ لَهُ: إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ!"
وَهَكَذَا وُلِدَتِ الْخُرَافَةُ الْمُقَدَّسَةُ مِنْ رَحِمِ الْمَصْلَحَةِ وَفَرْجِ الْكَذِبِ... آمِينَ مَرَّةً أُخْرَى!
اهَذَا الْيَهُودِيُّ لَيْسَ يَهُودِيًّا!
لَكِنْ مَشْكِلَةٌ صَغِيرَةٌ وَلَدَتْ: أَكْثَرُ الَّذِينَ أَتَوْا إِلَى فِلَسْطِينَ كَمُسْتَوْطِنِينَ لَيْسُوا مِنْ نَسْلِ سَامٍ أَصْلًا! بَلْ هُمْ مِنْ نَسْلِ مَمْلَكَةِ الْخَزَرِ التُّرْكِيَّةِ الْقَدِيمَةِ!
تخيل الموقف: قوم يأتون من أوكرانيا وروسيا وبولندا، يَدَّعُونَ أَنَّ لَهُمْ حَقًّا تَارِيخِيًّا فِي أَرْضٍ لَمْ يَرَوْهَا قَطُّ إِلَّا فِي خَرَائِطِ جُوجُلَ، ثُمَّ يَطْرُدُونَ أَهْلَهَا الْأَصْلِيِّينَ وَيَقُولُونَ: "هَذِهِ أَرْضُنَا الْمُقَدَّسَةُ!"
لَكِنَّ الْغَرْبَ قَالَ: "لَا تَحْزَنْ! الْخُرَافَةُ تَصْلُحُ لِكُلِّ شَيْءٍ! إِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ سَامٍ، فَنَحْنُ نَجْعَلُكَ مِنْ سَامٍ بِالْقَوَّةِ! وَإِذَا أَنْتَرْتَ فَنَحْنُ نُبْرِئُكَ!"
فَصَارَ الْيَهُودِيُّ الْخَزَرِيُّ أَكْثَرَ سَامِيَّةً مِنْ سَامٍ نَفْسِهِ! وَصَارَ الْفِلَسْطِينِيُّ الْعَرَبِيُّ - وَهُوَ حَقًّا مِنْ نَسْلِ سَامٍ - مُعَادِيًا لِنَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَدْرِي!
صُنْعُ هُولُوكُوسْتٍ لِنَسْيَانِ هُولُوكُوسْتٍ
وَهَذِهِ مِنْ أَجْمَلِ الْمُفَارَقَاتِ: الْغَرْبُ الَّذِي ارْتَكَبَ جَرَائِمَ فَظِيعَةً فِي حَقِّ الْيَهُودِ، وَجَدَ الْحَلَّ الْأَمْثَلَ: لِنَبْنِ لَهُمْ دَوْلَةً عَلَى أَرْضِ شَعْبٍ آخَرَ!
تخيل لو أن جارك قتل عائلتك، ثم جاءك وقال: "أنا آسف جدًا على ما فعلته، وللتكفير عن ذنبي سأعطيك بيت جارنا الآخر!"
الطَّرِيفُ أَنَّ جَارَكَ الْآخَرَ هَذَا لَيْسَ لَهُ عِلَاقَةٌ بِالْجَرِيمَةِ أَصْلًا! وَلَكِنَّ الْقَاتِلَ أَقْنَعَ الْعَالَمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْحَلُّ الْأَخْلَاقِيُّ الْوَحِيدُ!
إِدْوَارْدُ سَعِيدٌ يَضْحَكُ مِنْ قَبْرِهِ
تَصَوَّرْ مَعِي: مُفَكِّرٌ فِلَسْطِينِيٌّ جَالِسٌ يَكْتُبُ كِتَابَ "الِاسْتِشْرَاقِ"، وَهُوَ يَقْرَأُ كَيْفَ يَصِفُ الْغَرْبُ الْعَرَبَ: مُتَخَلِّفُونَ، عُنْفِيُّونَ، إِرْهَابِيُّونَ.
ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى الْوَاقِعِ: شَعْبٌ يُقَتَّلُ يَوْمِيًّا، يُهَجَّرُ مِنْ بُيُوتِهِ، يُحَاصَرُ، ثُمَّ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ "مُعَادٍ لِلسَّامِيَّةِ" إِذَا شَكَا!
لَقَدْ كَتَبَ سَعِيدٌ بِجِدِّيَّةٍ، وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ أَصْبَحَ أَكْثَرَ سُخْرِيَةً مِنْ أَيِّ كِتَابَةٍ هَزْلِيَّةٍ. فَالْغَرْبُ يَصِفُ نَفْسَهُ بِالْحَضَارَةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، ثُمَّ يَدْعَمُ نِظَامَ فَصْلٍ عُنْصُرِيٍّ بِأَبْشَعَ صُورِهِ.
الْفِلَسْطِينِيُّ السَّلْمِيُّ وَالصُّهْيُونِيُّ الْعُنْفِيُّ
لَقَدْ اخْتَرَعَ الْغَرْبُ صُورَةً عَجِيبَةً: الْفِلَسْطِينِيُّ الَّذِي تُهَدَّمُ بَيْتَتُهُ عَلَى رَأْسِهِ هُوَ "الْإِرْهَابِيُّ"، وَالصُّهْيُونِيُّ الَّذِي يَهْدِمُ الْبُيُوتَ هُوَ "ضَحِيَّةُ الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِهِ"!
تخيل لو أن لصًا دخل بيتك، ثم طردك منه، ثم عندما احتججت قال للشرطة: "هذا الرجل يعادي السامية!"
وَالطَّرِيفُ أَنَّ الْعَالَمَ يَصْدِقُ هَذِهِ الْقِصَّةَ! بَلْ وَيُقَدِّمُ دَعْمًا مَالِيًّا وَعَسْكَرِيًّا لِللَّصِّ!
كَيْفَ تُصْبِحُ مُعَادِيًا لِلسَّامِيَّةِ فِي خَمْسِ خَطَوَاتٍ بَسِيطَةٍ؟
1. قُلْ: "الفِلَسْطِينِيُّونَ لَهُمْ حُقُوقٌ" - فأنت الآن مُشتبه به. 2. قُلْ: "الاستيطان غير قانوني" - لقد دخلت القائمة السوداء. 3. قُلْ: "هناك فصل عنصري" - مبروك! أنت الآن رسميًا معادٍ للسامية! 4. قُلْ: "اللاجئون حقهم العودة" - وصلت للمستوى الذهبي في العداء للسامية! 5. اقترح حل الدولة الواحدة - لقد فزتَ بجائزة معاداة السامية العالمية!
مَوْسُوعَةُ الْخُرَافَاتِ الْغَرْبِيَّةِ
"مُعَادَاةُ السَّامِيَّةِ" لَيْسَتِ الْخُرَافَةَ الْوَحِيدَةَ الَّتِي اخْتَرَعَهَا الْغَرْبُ لِتَبْرِيرِ اسْتِعْمَارِهِ. فَهَذِهِ بَعْضُ الْخُرَافَاتِ الْأُخْرَى:
· خُرَافَةُ "الْحِمْلِ الْأَبْيَضِ": الْأُورُوبِّيُّ الْأَبْيَضُ أَتَى لِنَشْرِ الْحَضَارَةِ فِي الْعَالَمِ الْمُتَخَلِّفِ! · خُرَافَةُ "الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ": نُصَدِّرُهَا لَكُمْ بِالْقُنْبُلَةِ الذَّكِيَّةِ وَالْدَّبَّابَةِ الْحَضَارِيَّةِ! · خُرَافَةُ "حُقُوقِ الْإِنْسَانِ": تَصْلُحُ لِجَمِيعِ الْبَشَرِ إِلَّا الْفِلَسْطِينِيِّينَ! · خُرَافَةُ "الدَّوْلَةِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ الْوَحِيدَةِ فِي الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ": وَهِيَ دَوْلَةٌ تَمَارِسُ الْفَصْلَ الْعُنْصُرِيَّ عَلَى مَسَاحَةِ كُلِّ أَرْضِهَا!
مُسْتَشْفَى الْأَكَاذِيبِ الْغَرْبِيَّةِ
تَصَوَّرْ مَعِي مُسْتَشْفَى لِعِلَاجِ الْأَكَاذِيبِ الْمُزْمِنَةِ. فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ: مَرْضَى "مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ"، وَكُلُّهُمْ أَشْخَاصٌ طَبِيعِيُّونَ قَالُوا شَيْئًا مُنْطِقِيًّا فَجُرِّدُوا مِنْ إِنْسَانِيَّتِهِمْ.
الطَّبِيبُ الْغَرْبِيُّ يَكْتُبُ فِي التَّقْرِيرِ: "الْمَرِيضُ يُعَانِي مِنْ حَالَةٍ حَادَّةٍ مِنَ الْإِدْرَاكِ الْوَاقِعِيِّ. يَرَى الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ، وَهَذَا خَطِرٌ جِدًّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْغَرْبِيَّةِ. الْعِلَاجُ: غَسْلُ دِمَاغٍ عَاجِلٌ بِرِوَايَتِنَا الْمُقَدَّسَةِ."
هَذِهِ خُرَافَةٌ... وَهَذِهِ أَيْضًا خُرَافَةٌ... كُلُّ شَيْءٍ خُرَافَةٌ!
الْغَرْبُ يَقُولُ لَنَا:
· الْيَهُودُ الْخَزَرِ أَصْلُهُمْ مِنْ فِلَسْطِينَ - خُرَافَةٌ! · الْفِلَسْطِينِيُّونَ لَا وُجُودَ لَهُمْ - خُرَافَةٌ! · هَذَا هُوَ الدِّفَاعُ عَنِ النَّفْسِ - خُرَافَةٌ! · إِسْرَائِيلُ دَوْلَةٌ دِيمُقْرَاطِيَّةٌ - خُرَافَةٌ كُبْرَى! · نَحْنُ نَدْعَمُ حُقُوقَ الْإِنْسَانِ - أَكْبَرُ خُرَافَةٍ فِي تَارِيخِ الْخُرَافَاتِ!
فِلَسْطِينُ الْحَقِّ تَضْحَكُ
بَيْنَمَا يَبْكِي الْغَرْبُ عَلَى مَاضِيهِ، وَيَسْتَمِرُّ فِي جَرَائِمِ حَاضِرِهِ، يَضْحَكُ الْفِلَسْطِينِيُّونَ... نَعَمْ يَضْحَكُونَ!
يَضْحَكُونَ لِأَنَّ الْحَقَّ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُخْفَى بِخُرَافَةٍ. يَضْحَكُونَلِأَنَّ الزَّيْتُونَةَ الَّتِي يَقْطَعُونَهَا تَنْبُتُ أَكْثَرَ. يَضْحَكُونَلِأَنَّ الْأَكَاذِيبَ كَالْفَقَّاعَةِ تَنْتَفِخُ ثُمَّ تَنْفَجِرُ.
وَهُمْ يَضْحَكُونَ أَيْضًا عَلَى فِكْرَةِ أَنَّ شَعْبًا يَعِيشُ عَلَى أَرْضِهِ مِنْ آلافِ السِّنِينَ، يُمْكِنُ أَنْ يُصَدِّقَ الْعَالَمُ أَنَّهُ "دَخِيلٌ" وَأَنَّ قَوْمًا جَاءُوا مِنْ أَقْصَى أُورُوبَّا هُمْ "أَصْلِيُّونَ"!
فَضَحِكًا عَلَى الْخُرَافَةِ... وَعَلَى مُخْتَرِعِيهَا... وَعَلَى مَنْ يُصَدِّقُهَا!
وَتَذَكَّرُوا دَائِمًا: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصْبِحَ "مُعَادِيًا لِلسَّامِيَّةِ" فَقُلْ بِبَسَاطَةٍ: الْفِلَسْطِينِيُّونَ بَشَرٌ وَلَهُمْ حُقُوقٌ!
هَذِهِ هِيَ الْجَرِيمَةُ الْعُظْمَى فِي عَالَمِ الْخُرَافَاتِ الْغَرْبِيَّةِ!
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بروكسل في الفجر: فاتورة الوهم على كاهل أوروبا( كتيب)
-
كبت الرمال: تناقضات التقوى في محميات الخليج
-
همسة رضيع في عاصفة الإبادة..قصة قصيرة عن الهولوكوست الأمريكي
...
-
مقبرة الأسياد.. كيف تشيّع بروكسل أحلامها بأكفان شعبين؟..الجو
...
-
قمة بروكسل تفضح أزمة الإمبريالية المتأخرة في مواجهة روسيا
-
في معنى تعدد الأقطاب : عندما تعترف واشنطن بالقوى الصاعدة : ا
...
-
قصة : رقصةُ الغزال الأخيرة
-
تقشف أوروبي تحت غطاء العسكرة: كيف يُعاد تشكيل الدولة الاجتما
...
-
انتصار جنرال الوقت على الهيمنة الأمريكية
-
تراجع التفوق الأمريكي: وثيقة سرية تكشف هشاشة الإمبراطورية أم
...
-
يوروكلير: قبر اليورو الذهبي
-
كيف استثمرت بروكسل في هزيمتها المحققة اليوم
-
ما التحديات التي تطرحها وثيقة ترامب الاستراتيجية على محور ال
...
-
رواية : أنفاسٌ لا تُقاس أو اسم اخر للرواية (عبودية في ثياب ا
...
-
استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025: نظرة عامة وتقيي
...
-
حول رواية ( لماذا ؟ ..صرخة في قصر أصم )..مقدمات نقدية لمدارس
...
-
رواية «لماذا في قصر أصم» توثيقٌ لستين عاماً من حكم مملكة الظ
...
-
سوريا في السنة الأولى لما بعد الأسد: تقرير من قلب الخراب
-
اكتشاف جبل الكرمل: رحلة في أعماق التاريخ والطبيعة من خلال كت
...
-
رواية: في قلب الإمبراطورية المالية: ملحمة الضمير الذي استيقظ
...
المزيد.....
-
روسيا تشن هجومًا واسعًا على أوكرانيا وتغرق مدنها في الظلام
-
تركيا: انقطاع الاتصال بطائرة تقل رئيس الأركان الليبي بعد إقل
...
-
إسرائيل تمدد -قانون الجزيرة- وسط جدل بشأن تراجع حرية الاعلام
...
-
عيد الميلاد في سوريا: احتفالات حذرة وأضواء خافتة بدمشق تتناق
...
-
السودان في كأس أفريقيا .. هوية وروح واحدة في زمن الانقسام
-
عاجل| القناة 13 الإسرائيلية عن مصادر: نتنياهو سيطلب من ترامب
...
-
العمري: هذه هي خطورة -قانون الجزيرة- بصيغته الجديدة
-
قوات إسرائيلية تقتحم بلدة كفر عقب ومخيم قلنديا
-
موت بلا قذائف.. كيف تفتك آثار الحرب بأطفال غزة؟
-
عاجل | وسائل إعلام تركية: انقطاع الاتصال بطائرة ليبية أقلعت
...
المزيد.....
-
قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة
/ معتصم حمادة
-
مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني
/ غازي الصوراني
-
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي
...
/ غازي الصوراني
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
/ سعيد مضيه
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|