محمد حمد
الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 22:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وما الحربُ الأ ما علمتُم وذقتموا - وما هو عنها بالحديثِ المُرجّمِ
(زهير بن ابي سلمى)
في الحروب الحديثة تتحول الحقيقة الى شبح يطارده الجميع. ومن النادر جدا تحديد مكانه أو تشخيص بعضا من ملامحه. وغالبا ما يترك الناس عالقين ببن التكهنات والتاويلات والاعتقادات الشخصية وتضارب الانباء. والذي يتابع الاخبار التي ترد من جبهات القتال لا يجد فيها سوى خيطا رفيعا بالكاد يصل إلى الحقيقة "الشبح" التي يبحث عنها معظم الناس. وفي الحروب تسعى جميع الأطراف إلى إخفاء وجه الحقيقة وملامح الجريمة. وتضع حاجزا من الكتمان والتعتبم أمام كل خبر قد يثير هلع المواطن وهواجسه. ويلعب "التلاعب" بالارقام دورا محوريا في نشرات الأخبار والتقارير اليومية.
وفي الحرب الدائرة منذ حوالي أربع سنوات بين روسيا واوكرانيا تشغل ارقام الخسائر بالنسبة للطرفين مساحة واسعة. فكل رقم مهما كان صغيرا يتكرر عدة مرات على السنة الساسة والمسؤولين حتى يصبح جبلا يراه الجميع من بعيد. وان كان جبلا من الدخان والصباب.
اقرأ كل يوم تقريبا على منصات الاخبار الروسية ما يلي (تمكنت قواتنا من السيطرة على بلدتين في خاركيف وفي منطقة دنيبروبترفسك في الساعات ال ٢٤ الأخيرة كما شنت القوات الروسية هجوما واسعا النطاق ضد مواقع عسكرية وصناعية اوكرانية ومرافق للطاقة. وذلك ردا على هجمات اوكرانية ضد المنشآت المدنية داخل روسيا) وهذه الاخبار تكاد تكون هي نفسها باستثناء تغيير اسماء المناطق والتواريخ. ولا يخلو الخبر بطبيعة الحال من "تكبيد العدو خسائر فادحة في الأرواح والمعدات" . ومن يقرأ التفاصيل الدقيقة يجد أن نوع واسماء المعدات المدمرة متشابهة في كل خبر او تقرير صادر عن وزارة الدفاع الروسية. وغالبا ما تضيف الوزارة هذه الجملة"حقق الهجوم جميع الاهداف المحددة له بالكامل". وكثيرا ما نقرأ ايضا " تم القضاء على ( مئات) العسكريين الاوكرانيين على مختلف جبهات القتال. والله وحده يعلم كم نسبة الحقيقة الموجودة في هذه الأخبار والتقارير.
وبكل تأكيد فإن اوكرانيا هي الأخرى تنشر الاخبار التي تتماشى مع المزاج العام للمواطنين. وتخفي عنهم ما يثير الذعر والقلق. وتتحدث فقط عن خسائر العدو الروسي. وعن انتصارات وهمية في مكان موجود فقط في أدمغة العصابة المحيطة بالمهرج زيلينسكي بغية الحصول على مزيد من الاموال من الدول الغربية. ولهذا فان البحث عن الحقيقة في زمن الحرب كالبحث عن إبرة في أكوام من القش. إضاعة وقت ثمين وجهود مضنية دون العثور على شيء ملموس !
ع
#محمد_حمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟