أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عماد الحاج حسن باحث ينقّب في تراب المعنى ويجلو غبار النسيان














المزيد.....

عماد الحاج حسن باحث ينقّب في تراب المعنى ويجلو غبار النسيان


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 12:02
المحور: سيرة ذاتية
    


ليس كل من لم يكمل تعليمه يطوي دفاتره، فبعضهم يفتح كتاب الحياة من جهته الأعمق، ويكتب فيه بلغة الدأب والمكابدة. هكذا هو الباحث عماد الحاج حسن، ابن الحلة، الذي وُلد في أول أيام تموز من عام 1956، وترك مقاعد الدراسة مبكرًا ليجلس إلى مقاعد المعرفة الأرحب: الكتب، والتأمل، والكتابة في الظلال.
قد لا تشي سيرة عماد الحاج حسن بتعليم أكاديمي عالٍ، لكنها تفصح عن علو في الهمة، واعتناق لرسالة البحث والكتابة بإيمان العارف لا استعراض المتعلم. ومن تلك الزاوية الفريدة، راح ينقّب في باطن الأشياء، لا ليجمع معلومات منسية، بل ليبعث فيها روحًا جديدة، فتغدو جزءًا من سؤال الإنسان وقلقه ومعناه.
ما بين الحجر والكتاب: سبر الغائب في الحاضر
لعله من القلة الذين مزجوا بين علوم القرآن الكريم وعلوم الأحجار الكريمة، دون أن يقع في غواية الغرابة أو التوفيق القسري. فكتابه المنشور آراء ومفاهيم من علوم القرآن الكريم ليس تقليديًا في طروحاته، بل يفتح نوافذ تأويلية تتقاطع فيها الفلسفة والتصوف والمعرفة اللغوية. أما كتابه الذي ينتظر النور بهجة الأنظار في حقائق الأحجار، فليس مجرد عرض لخصائص الأحجار الثمينة، بل هو مشروع تأملي في "الأثر الروحي والجمالي" لها، كما وصفه بعض المهتمين، حيث تتجاور المعلومة العلمية مع البعد الرمزي في قراءة تكوينات الطبيعة.
وقد نشرت مجلة التراث الشعبي ثلاثة بحوث له في هذا السياق، لم تأت على هيئة مقالات وصفية، بل حملت رؤية تنفتح على العلاقة الغامضة بين الإنسان والحجر، وتوق الإنسان القديم لارتداء معانٍ لا تُرى، لكنها تُشعر وتُلمس.
في مسارب الذاكرة الحلية: رصد للمنقرض والمتحول
يتّسم عماد الحاج حسن بشغف توثيقي لا يغرق في التفاصيل، بل يستنطقها. ففي مؤلفه المخطوط المهن الثابتة والمنقرضة والمتحولة في مدينة الحلة، يرسم بانوراما اجتماعية عميقة، ليست للماضي فقط، بل لتحولات الحاضر في ضوء جذوره. أما في بحثه طوائف رحلت من الحلة: طائفة اليهود، فهو لا يكتب تأريخًا سرديًا، بل يحاول استعادة نسيج اجتماعي تمزّق، ليذكّر القارئ بأن الذاكرة الجمعية تُفقد بصمت حين لا يُكتب عنها.
الموت، من المنظور الأعلى
الانشغال بالموت ليس هروبًا من الحياة، بل اقتحام لها من أقصى جهاتها. وقد عالج عماد الحاج حسن هذا الموضوع في ثلاثة بحوث نُشرت في جريدة الجنائن الحلية، تناول فيها الموت من منظور قرآني، وفلسفي، وصوفي، كاشفًا عن قدرة على التنقل بين الخطابات دون أن يذوب في أحدها. وقد أثنى بعض النقاد على هذه المعالجات، معتبرين إياها "خطوة تأملية عميقة في وادي المفاهيم الكبرى، بأسلوب بسيط لكنه نافذ".
تفكيك الأسطورة بالبحث: عصا موسى مثالاً
في مشاركته البحثية في البيت الثقافي البابلي، قدّم عماد الحاج حسن بحثًا بعنوان الشفرات الجيولوجية والمثالية لعصا موسى الكليم عليه السلام، وقد قوبل بتقدير خاص، لما فيه من محاولة للاقتراب من النص الديني عبر بوابة علم الأرض، وكأنّه يحاول أن يسبر المعجزة من تحت جلدها، لا من شكلها الخارجي، جامعًا بين العين الباحثة والعقل المؤمن بالسؤال.
ومضة من الشعر في طريق الباحث
على الرغم من أنّ انشغاله الأساسي ظل في البحث، إلا أن له نصًا شعريًا نُشر في مجلة الإتحاف التونسية، يشير إلى حس لغوي شفيف، وربما إلى شعور داخلي بأن بعض المعاني لا تُقال بالتحليل، بل بالنبض.
رأي النقاد: صوت هادئ يُنصت إليه
يرى النقاد الذين تابعوا نتاج عماد الحاج حسن أن تجربته تمثل صوتًا خاصًا، لا يُقحم نفسه في سجالات الفكر أو الأيديولوجيا، بل ينحت مساره بخطى صامتة، عميقة. هو كاتب الظلال، الباحث عن الخيط الخفي في المألوف، المولع باستخلاص المعاني من بقايا الذاكرة الجمعية.
وعماد الحاج حسن يمثل "نموذج المثقف الحيّ"، الذي لم تمنعه ظروفه من أن يكون فاعلًا في حقل الثقافة، حتى دون أن يحمل لقبًا أكاديميًا. وقدرته على النشر في مجلات وصحف عراقية وعربية، وعضويته في اتحاد أدباء وكتاب بابل منذ 2008، يؤكدان مكانته كصوت محترم في المشهد الثقافي المحلي.
كتابة ضد النسيان
ليست مؤلفات عماد الحاج حسن كثيرة، لكنها ضرورية. فهي تشبه النقوش القديمة التي تكشف عن عمق الحضارات من خلال فتات الحجر، لا من خلال القصور. إنه رجل يُعيد الاعتبار إلى الهامشي، والمنقرض، والمنسي، ليصنع منها إشارات هادية في زمن ينسى كثيرًا ويكتب قليلاً. وفي زمن يسكنه الضجيج، يبدو صوته الهادئ بمثابة تأمل طويل في وجه الأشياء... ومناجاة صامتة بين الباحث والمعنى.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي أبو بكر شاعر العبور من الجمر إلى الغيم
- محمد كاظم جواد شاعر يغمس ريشته في دهشة الطفولة وحنين الإنسان
- علي تاج الدين شاعر الأسطورة والمجازات العالية
- عبود المهنا الناقد الذي نسج المسرح بالفكر، وقرأ الجسد بعيون ...
- كامل الدليمي رجلٌ عبرَ الحياة بين القصيدة والقلق
- علي عبد الأمير عجام الشاعر الذي سكنه الإعلام، والناقد الذي أ ...
- علاء مظلوم... الشاعر الذي أنصتَ لجلنار الوجود
- عباس بغدادي قلم الحلة المتفرد بين دفء التراث ونبض الحداثة
- علاء الكتبي رجل الذاكرة الحيّة، وسادن الثقافة في مدن الفرات
- عباس السلامي: غيم القصيدة وظلال الذات
- صلاح عباس العين التي أرّخت الجمال، والريشة التي كتبت بالنقد ...
- جواد كاظم محسن رحّالة في دروب الذاكرة والتراث
- زهير الجبوري ناقد يلتقط تحولات النص وتقلّبات العصر
- صباح شاكر العكام... سارد الذاكرة وراوي التمردات الصغيرة
- شاكر هادي غضب فنان الحروف، وباحث الذاكرة الشعبية
- محمد عبد الجليل شعابث سادن الذاكرة الشعبية وباحث الضوء الخاف ...
- سعد خليل الكبيسي كاتبُ الذاكرة ومحفوظاتُ الوجدان المحلي
- يحيى الربيعي شاعر المنتهى وإشراقات الأزل
- محمد حسين حبيب صوت نقدي بصري يُضيء المسرح العربي
- بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل عرس ثقافي باسم ناجح ا ...


المزيد.....




- فيديو متداول لـ-دخول قوات تركية على خط المواجهات في حلب-.. م ...
- تركيا تتوقع بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة -مطلع عام 2026- ...
- حيوانات حديقة حيوان برلين تستمتع بوجبات خفيفة لعيد الميلاد و ...
- نفتالي بينيت يطالب باستقالة نتانياهو ويصف قضية -قطر غيت- بال ...
- اتصال بين لافروف ونظيره الفنزويلي.. دعم روسي -كامل- لكراكاس ...
- مع تراجع الصين.. شيفرون تتصدر المشهد في نفط فنزويلا
- فيضانات آسفي: حين تكشف الكوارث عُري التدبير
- واشنطن بوست: خيارات ترامب تضيق بشأن طريقة تعامله مع مادورو
- بعيدا عن واشنطن.. -نادٍ خاص- يحتضن مفاوضات أوكرانيا وغزة
- الجيش الإسرائيلي ينهي التحقيقات في هجوم 7 أكتوبر


المزيد.....

- كراسات شيوعية (مذكرات شيوعى ناجٍ من الفاشية.أسباب هزيمة البر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عماد الحاج حسن باحث ينقّب في تراب المعنى ويجلو غبار النسيان