أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد رضا عباس - العراقي بين اليوم والامس















المزيد.....

العراقي بين اليوم والامس


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 20:06
المحور: حقوق الانسان
    


الامس هي ال 35 سنة قبل التغيير . كيف كان يعيش العراقيون , العلاقات الاجتماعية والثقافية , والمستوى المعاشي للمواطن ؟ لا يمكن الجواب على هذه الأسئلة الثلاث على صفحة وثلاث او اربع سطور , ولكن كل من عاش هذه المرحلة وهو منصف ويعتز بكرامته و انسانيته سيقول ان حياة الموطن العراقي الان احسن بألف مرة مقارنة بالعيش تحت سيطرة حزب البعث . لقد ذكرت رقم الف مرة ربما سيستخفه اخرون , ربما يقولون لا , احسن من مليون مرة . انا اتحدث على لسان حال عائلة اخذت القوى الأمنية خمسة من اولادها ليلا, احدهم لا يتجاوز العشرة سنوات ولم يرجع احد منهم , ولم يعرف مصيرهم حتى الان ! انا اتحدث عن جندي كردي قاتل في الحرب الإيرانية و اسر من قبل القوات الإيرانية حتى اطلق سراحه بعد ثمان اعوم من الاسر في عملية تبادل الاسرى عام 1991 , وعندما رجع عرف ان القوات الأمنية العراقية اخذت زوجته واطفالها الاثنين بعمر سنتين وثلاث , وعندما طلب هذا الجندي المسكين العثور على عائلته من صدام حسين , جاءه الرد في سطرين ان زوجتك واطفالك قد فقدوا في حملة الانفال . هذا الجندي لم يكن الوحيد , حيث ان جنود اخرون كانوا قد اسروا في حرب ايران وعندما رجعوا , منهم من وجد ان عائلته قد سفرت الى ايران بحجة التبعية , واخر قد اعدم ابيه , واخر اعدم اخوانه واخواته بتهم مختلفة على راسها كانت الانضمام الى حزب الدعوة الإسلامي. ليس كل من دفن في المقابر الجماعية كان يستحق الموت . وليس كل من اعدمه النظام كان خائن .
النظام اوصل أبناء المجتمع ان يخاف الواحد الاخر. كان الجار يخاف من الجار , والزوج يخاف من زوجته , والأب يخاف على أولاده من اصدقائهم . حزب البعث دمر العلاقات الاجتماعية بل حتى صلة القرابة , حيث من المعروف ان النظام اخذ مراقبة أقارب الضحايا حتى الظهر الثالث . كان أبناء المعدومين لا احد يرعاهم ولا من يسال عن حالهم خوفا من المراقبة الأمنية . لقد كانت من عادة القوى الأمنية اخذ الضحية صباحا وهو ذاهب الى عمله او وظيفته , ولم تعرف عوائلهم ماذا حدث لهم , فتبدء الرحلات الى مخافر الشرطة والمستشفيات عسى ولعل ان يجدوهم هناك .
وعلى الأصول , طيلة حكم نظام حزب البعث لم يستطع مثقف عراقي ان يقرا كتاب خارج نظريات حزب البعث , وكل من يعثر عليه وهو يقرا كتابا بالعقائد الفكرية او الدينية مصيره السجن الطويل . في هذه الاثناء بدء المثقفون التخلي عن مكتباتهم الخاصة اما حرقا او رميها في القمامة.
اقتصاديا , وصل دخل الفرد العراقي الشهري 3 دولارات , أي افقر من فلاح في غابات الأمازون . لقد دخلت العوائل العراقية في محنة حقيقية وهي تتعامل مع اطفالها الاصحاء و المرضى . الكل يتذكر الموكب الجنائزي ليوم الجمعة والذي كان ينطلق من مدينة الطب في بغداد . هؤلاء الأطفال كانوا يموتون بسبب غياب الادوية البسيطة وسوء التغذية .
لا أقول ان المواطن العراقي اصبح يأكل من فوقه ومن تحته بعد التغيير , ولكن هناك افراد اصبحوا يأكلون من فوقهم ومن تحتهم بعد التغيير , وهم القلة في المجتمع العراقي. ولكن استطع ان أقول ان طبقة وسطى في العراق في طور النمو و الازدهار . هذه الطبقة أصبحت لها القدرة على سياقة السيارات الخاصة , ربما نسبتهم الأعلى في الشرق الأوسط, أصبحت تملك البيوت والشقق السكنية , ظهور مطاعم من الدرجة الأولى في بغداد ومعظم المدن العراقية الكبيرة من العادة تحجز قبل يوم , تعدد قاعات الافراح , كثرت محلات بيع الحلويات والمعجنات , ولبس الملابس الحديثة سواء الرجال او النساء . هذه الطبقة أصبحت زبائن لشركات السياحة الداخلية والخارجية , زيارة الطبيب بانتظام , واقتناء الاثلاث والمفروشات الحديثة .
ويجب القول ان هذا لا يكفي , الطبقة الوسطى يجب ان تكبر على حساب طبقة الفقراء في العراق . ما زال هناك حوالي 20% ؟؟ من المجتمع العراقي يعيشون تحت خط الفقر , وان الدولة ,وحسب الدستور العراقي , من واجبها نقل طبقة الفقراء الى الطبقة الأعلى , الطبقة الوسطى.
نظام السوق او الرأسمالي ليس صديقا للفقراء ماليا. هذا السوق يتفوق به الأغنياء ويقهر به الفقراء الذين ليس لهم الطاقة على منافستهم , هنا يجب ان يظهر دور الدولة في حماية الفقراء و المعوزين . السلة الغذائية الشهرية تشبع الجوعان , ولكن لا تضمن مستقبل العائلة . العائلة تحتاج الى دار سكن وعمل يحفظ الكرامة , وان الطريق الوحيد لنقل العائلة الفقيرة الى مستوى ارفع هي القروض التجارية المضمونة من الدولة . الدولة تضمن قروض الفقراء وهي طريقة تتعامل معها الدول الصناعية والدول غير الصناعية .
ولكن , اذا تفاوتت دخول المواطنين في العراق , فان الحرية من الرعب يتشاركها جميع العراقيين بالتساوي. المواطن العراقي اصبح لا يخاف من انضمام الى حزب معارض , ولا يخاف قراءة صحيفة او مجلة معارضة للنظام , ولا يخاف الانضمام الى الجمعيات المهنية و لا يخاف من شرطي الامن , والاهم كل ذلك اصبح المواطن العراقي لا يخاف من جاره .
الحالة الاجتماعية رجعت تدريجيا الى طبيعتها واصبح المواطن العراقي ينظر الى الاخر على انه مواطن يساويه بالحقوق والواجبات , وبذلك لم يعد هناك مواطن يرهب منطقة سكانية بكاملها لأنه مسؤول حزبي او امني يتصرف فوق القانون . هذه الحالة ظهرت في عدة مناطق من بغداد وقد قضت على النسيج الاجتماعي لهذه المناطق . لقد وصل الامر بمسؤولي الحزب القاء القبض على كل شاب وهو في سن الخدمة العسكرية بغية ارساله الى جبهات القتال مع ايران , وفي بعض الأحيان كانوا يطلقون النار على من يهرب من أيديهم .
قصة وقعت في حارتي التي كنت أعيش فيها قد تعطي للقارئ صورة عن تراجع القيم الإنسانية عند حزب البعث . احد أبناء الحارة رجع من وظيفته بعد الثانية ظهرا ووجد أطفال صغار حول دكان عطار المحلة . عندما سال هذا الموظف عما حدث , اجابه الأطفال بان صاحب المحل اخذ من محله ولم يسمح رجال الامن من اغلاق محله . فما على الراجع من وظيفته الا قفل المحل وذهب الى بيته . في اليوم التالي صباحا وهو يهم بالذهاب الى عمله القت القوى الأمنية عليه , ولم يعثر عليه الا بعد سنة وهو محجوز في احد المراكز الأمنية بتهمة لا يعرفها.
قضية أخرى وقعت في حارتي , جاء رجال الامن الى احد البيوت المعروفة في المنطقة وقت الظهر . دخلوا على العائلة وجمعوهم كبارا وصغارا بحجة انهم غير عراقيين على الرغم من حملهم الجنسية العراقية . لقد اخبرت العائلة رجال الامن ان أطفال لهم في المدرسة ولكن رجال الامن لم يسمع لهم . لقد اخذوا العائلة وتركوا الأطفال في المدرسة , فجاء الأطفال ولم يجدوا أهلهم فتبناهم اهل المنطقة ولم يعودوا الى ذويهم الا بعد خمسة أعوام . لهذا السبب أقول ان النظام العراقي الجديد , على الرغم من معايبه , قد حفظ كرامة الانسان .



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لابد من الثناء على قادة العراق بعد التغيير
- عليكم العباس أبو فاضل لا تقتلوا طائر الفلامنكو
- هل من علاقة بين عدد العاطلين عن العمل و عدد وفياتهم ؟
- كيف تضرر الفلاح الامريكي من تعريفة ترامب الجمركية ؟
- خذ بالك من التحليلات الاقتصادية
- سندات الباندا خيار اخر لتنشيط التنمية الاقتصادية في العراق
- نظرة القوي للضعيف, الرئيس ترامب وقطاع غزة مثالا
- التلاعب بالأصول الروسية خرق لقواعد النظام الرأسمالي
- انتظروا دولة شرق الشام العظمى !
- قضي الامر الذي فيه تستفتيان .. دماء الشهداء اثمرت في فلسطين
- منافع رفع البسطات من شوارع العراق ليس صفرا
- المشاركة في الانتخابات العراقية القادمة حق يجب ان لا يختطف
- قصرBiltmore في بابل العراق
- وتبين ان العراق ليس عربيا !
- شكرا سيد قرداحي
- ارجوك لا تلطم الخدود .. العراق بخير
- من قتل الشيخ عبد الستار سلمان القرغولي ؟
- عملية - يوم الحساب- رسالة إسرائيلية وقحة - لكل الشرق الأوسط-
- اطمئن وارتاح .. حكومة السوداني سوف لن تسقط
- أيها العراقيون : الانتخابات اداة وحدة وليس فرقه


المزيد.....




- تقوض العدالة وتهدد السلام.. فلسطين تأسف لفرض عقوبات على قاضي ...
- قصف مدفعي عنيف شرق غزة يوقع شهداء وجرحى بين النازحين
- ملايين اليمنيين يتظاهرون نصرةً للقرآن الكريم
- -العفو الدولية- تدعو الحكومات لإيقاف سفينة تحمل معدات عسكرية ...
- إنقاذ مئات المهاجرين قبالة سواحل اليونان
- إسرائيل تعلن اعتقال عامل روسي بتهمة التجسس لإيران
- عشرات السوريين يتظاهرون بالقنيطرة تنديدا بـ-انتهاكات- إسرائي ...
- الولايات المتحدة تفرض عقوبات على قاضيين بالمحكمة الجنائية ال ...
- الأمم المتحدة تشدد على الحاجة لوقف إطلاق نار دائم في غزة
- كاتب إسرائيلي: هل على إسرائيل أن تخشى نجاح حماس في إعادة جثث ...


المزيد.....

- اتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة وانعكاسا ... / محسن العربي
- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد رضا عباس - العراقي بين اليوم والامس