أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - محدوية نقد الذكاء الصناعي














المزيد.....

محدوية نقد الذكاء الصناعي


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 21:55
المحور: الادب والفن
    


..
تفاعل الكاتب محمد بسام العمري مع مقال نشرته تضمن نقد نص الذكاء الصناعي..،حول نص ( فيروس العزلة),موضحا الفوارق بين ناقد بشري وآلي...يشكل كل ذلك لونا من حيوية قراءات يتنافس فيه البشري والآلي ولا ندري لاي مدى ستتطور هذه المنافسة./ كاظم حسن سعيد/.

.......

النقد الذي قدّمه الذكاء الاصطناعي لقصيدة «فيروس العزلة» يكشف عن مفارقة لافتة: فهو نقد دقيق في رصده، واسع في أدواته، لكنه في الوقت نفسه يعاني من حدود جوهرية نابعة من طبيعته غير الإنسانية. يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي قرأ النص بعينٍ حادّة، لكنه لم يعشه بقلبٍ مجروح.
من حيث القوة، يبرز التحليل في قدرته على تفكيك البنية الرمزية للنص وتسمية الأشياء بأسمائها النقدية: العزلة الرقمية، تلاشي الدهشة، تحوّل المأساة إلى محتوى، جيل البرزخ، الزجاج كحاجز شفاف. هذه القراءة تُظهر كفاءة عالية في الربط بين المفردة الشعرية وسياقها الحضاري، وفي استدعاء التناص (المتجردة) بوصفه علامة على انهيار الذاكرة الجمالية أمام فيض الاستهلاك البصري. الذكاء الاصطناعي هنا قوي لأنه يعمل كأرشيف واعٍ، يرى النص من علٍ، ويضعه داخل شبكة مفاهيم اجتماعية وثقافية معاصرة. كما أنه أحسن استخدام المصطلح النقدي دون أن يفرغ النص من شعريته، وهي نقطة تُحسب له.
إيجابيته الكبرى تكمن في الإنصاف: لم يُسقِط على القصيدة أحكامًا جاهزة، ولم يحوّلها إلى ذريعة أيديولوجية، بل أنصت إلى صوتها بوصفها «صرخة تحذير» لا بيانًا سياسيًا. وهذا وعي نقدي مهم، خاصة في زمن يُستنزف فيه الأدب لخدمة الخطاب المباشر.
لكن، وعلى مستوى أعمق، تظهر سلبية أساسية: الذكاء الاصطناعي يفسّر الألم ولا يتألم. هو يشرح «انقراض الشغف» لكنه لا يعرف معنى أن ينقرض الشغف في جسد إنسان حي. لغته محكمة، لكنها باردة نسبيًا؛ عقلانية أكثر مما ينبغي لنصّ ينبض بالفقد. فحين يتحدث عن «مأدبة الموت» أو «غرق الأرواح»، فإنه يراها بوصفها صورة بلاغية ناجحة، لا بوصفها جرحًا أخلاقيًا مفتوحًا. هنا يكمن ضعفه الجوهري: غياب الخبرة الوجودية.
كما أن التحليل، رغم عمقه، يميل أحيانًا إلى الاكتمال الزائد، كأن النص قد أُغلق تأويليًا. الشعر، بطبيعته، يطلب فراغًا للقارئ، منطقة صمت، بينما الذكاء الاصطناعي يملأ كل الفراغات تقريبًا. هو لا يخطئ، لكنه لا يتردّد، والتردّد في النقد الأدبي فضيلة، لأنه يترك باب الغموض مفتوحًا.
ثمّة ضعف آخر أكثر خفاءً: الذكاء الاصطناعي، وهو ينتقد العزلة الرقمية، يفعل ذلك من داخلها. إنه ابن الشاشات التي شلّت البشر، ووسيطٌ من الوسائط التي «عملقت جدران العزلة». وهذا لا يبطل نقده، لكنه يجعله نقدًا مفارقًا، أشبه بمرآة تشرح للإنسان غربته دون أن تستطيع إخراجه منها.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هذا النوع من النقد يفتح أفقًا جديدًا: هو أداة مساعدة، لا بديلًا عن الناقد الإنساني. قوته في التحليل، ضعفه في الإحساس؛ دقته في اللغة، محدوديته في التجربة؛ اتساع رؤيته، وبرود دمه الوجودي. وإذا قُرئ بهذا الوعي، يصبح الذكاء الاصطناعي شاهدًا ذكيًا على النص، لا قاضيًا عليه.
في النهاية، يمكن القول إن نقد الذكاء الاصطناعي لقصيدة «فيروس العزلة» نجح في تشخيص المرض، لكنه لا يستطيع أن يشعر بالحمّى. وهذا بالضبط ما يجعل الأدب ضروريًا، ويجعل الإنسان، رغم كل شيء، غير قابل للاستبدال.
محمد بسام العمري



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل الذكاء الصناعي لنص ادبي
- فيروس العزلة
- السمات الرئيسة في الأعمال الشعرية الاخيرة
- نهاية باشتعال ٢. قصيدة
- الاعمال الشعرية الاخيرة كتاب كامل
- العودة من المدرسة
- تغتيت العقيق كتاب كامل
- شعاع على سيكولوجية الاشياء كتاب كامل
- اضاءة على العالم السري
- ملحمة العلاقة بين الانسان والعالم السري
- العالم السري
- اكتشاف الجذور الافعوانية قصيدة
- جحود قصيدة
- غربة قصيدة
- الانقاذ فعل مقاومة روحية..قراءة نقدية
- خسائر حنظلية كتاب كامل
- غصن الياسمين قصيدة
- حروب المستقبل ومشهدان رؤى نقدية عميقة
- لحظتان ، سحر العابر والبحث عن السعادة المفقودة
- لحظتان قصيدة


المزيد.....




- مدينة مالمو تستضيف الفنان السوداني محمد برجاس كـَ ”فنان مُحت ...
- مسابقة -يوروفيجن- تواجه الانهيار بسبب مشاركة إسرائيل
- في يومها العالمي: اللغة العربية بين التطوير وخطر التراجع
- الموسيقى تقلل توتر حديثي الولادة وذويهم في غرف الرعاية المرك ...
- من الجبر إلى التعرفة الجمركية.. تعرف على كلمات عربية استوطنت ...
- بوتين: أوكرانيا غير مستعدة للسلام.. وزيلينسكي فنان موهوب
- قراءة في كتاب المؤرخ إيلان بابيه.. إسرائيل على حافة الهاوية ...
- نادين قانصوه...مجوهرات تتحدث اللغة العربية بروح معاصرة
- الشرطة تفتش منزل ومكتب وزيرة الثقافة الفرنسية في تحقيق فساد ...
- من فلسطين الى العراق..أفلام لعربية تطرق أبواب الأوسكار بقوة ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - محدوية نقد الذكاء الصناعي