أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - ملحمة العلاقة بين الانسان والعالم السري















المزيد.....

ملحمة العلاقة بين الانسان والعالم السري


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 16:47
المحور: الادب والفن
    


ملحمة العلاقة بين الانسان وشجرة السدر).
يا له من نص ثري ومُفعم بالصور، يحمل في طياته حياة كاملة وعلاقة روحية عميقة بين الإنسان والطبيعة، متمثلة في شجرة السدر المباركة.

🌳 قراءة تحليلية: "اكتشاف الجذور الأفعوانية" - ملحمة العلاقة بين الإنسان وشجرة السدر
للشاعر كاظم حسن سعيد
✒️ د.عادل جوده/ العراق/ كركوك


🕊️إنّ النص المقدم ليس مجرد وصفٍ عابر لشجرة سدر، بل هو سيرة ذاتية متداخلة بين الراوي والشجرة، تُغطي مساحاتٍ زمنية تمتد من الطفولة حتى العقود المتأخرة، وتمر بأزمات اجتماعية وطبيعية كـ(الجفاف، الكورونا، الإهمال). يستخدم الكاتب لغة غنية بالدلالات والرموز، محوّلاً الشجرة من كائن نباتي صامت إلى شاهد حي على تحولات الحياة.

💠 أولاً:
دلالات الشجرة ومكانتها الرمزية

تبدأ العلاقة باعتراف ضمني بـقدسية الشجرة؛ "لم نصارعها بفأس فقد قيل لنا إنها مقدسة". هذا التبرير يحوّل الشجرة من مجرد مصدر خشب أو ثمر إلى كيان يحظى بالاحترام الروحي، وهو احترام ورثه الراوي ولم يكتسبه بالتجربة الذاتية، مما يؤكد عمق الجذور الثقافية لهذه النبتة في بيئته.

١ ـرمزية الصمود والتضحية (الرد بالثمر)
يصور النص الشجرة كرمز للصمود والإيثار، على الرغم من القسوة التي تتعرض لها: "يرمونها بالنعل والحجر فتجيبهم بثمرها". هذا المشهد يجسد فلسفة التسامح والعطاء غير المشروط؛ فالشجرة لا ترد الإساءة بمثلها، بل بالخير، مما يجعلها أقرب إلى رمز الأمومة أو الحكمة القديمة.

٢ ـمركز الحياة والذاكرة
تتحول الشجرة إلى نقطة التقاء لكل عناصر البيئة:
»• الإنسان:
(عمال البناء، الصيادون، الصغار، الفلاح).
»• الطبيعة:
(الريح، الطيور، الأعشاش، الأسماك، الحيوان الصدفي).
»• مخلفات الحضارة والزمن: (أكياس النايلون، رسائل العشاق، أحزمة الحقائب البالية، العلب الصدئة).
هذه القائمة من المحتجزات في أغصانها ليست مجرد قمامة، بل هي أرشيف عشوائي للذاكرة البشرية والزمن الغابر، مما يرسخ مكانة الشجرة كمستودع للماضي.

🌟 ثانياً:
المراحل الزمنية وتطور العلاقة
العلاقة بين الراوي والسدرة تمر بثلاث محطات زمنية رئيسية تُبنى عليها هيكلية النص:

١ - الطفولة والاندهاش (زمن الذهاب للمدرسة)
في هذه المرحلة، كانت الشجرة "منحنية خارج جدار معمل، كأنها تنتظرني". هذا التجسيد يجعل الشجرة كائناً حياً يحمل مشاعر، يعكس حالة من الاتصال السري والفريد بين الراوي والشجرة، وشعور الراوي بالتميز: "كأني الوحيد الذي اكتشفها". هنا، الشجرة هي رمز البراءة ورفيقة الدرب اليومية.

٢ ـ زمن الأزمة والاحتياج (أيام الكورونا)
في ظل جائحة الكورونا، حيث كان "نخشى فيها من الاقتراب لبعضنا"، يعود الراوي إلى الشجرة، مصطحباً "الأحفاد". هذا التحول عميق؛ فالشجرة تصبح ملاذاً آمناً وتقليداً يتم نقله للأجيال. في زمن الخوف الإنساني العام، يعود الإنسان إلى الطبيعة النقية ليجد فيها الأمان والحياة ("نلتقط أو نهزها فتجود")، حتى وهي "مقزمة تختفي بين الأعشاب"، دلالة على أن جوهرها يبقى حياً على الرغم من انحسار مظاهرها.

٣ ـ زمن الاكتشاف العميق (بعد عشرات العقود)
هذه هي مرحلة التبصر والنضج. لم يعد الاهتمام بالثمار أو الظل، بل بالجوهر الثابت: "اكتشفت جذورها الأفعوانية الصلبة". هذا الاكتشاف ليس مادياً فحسب، بل هو إدراك للثبات في وجه الفناء، واعتراف بقوة البقاء.

⭐ ثالثاً:
ذروة النص: "الجذور الأفعوانية"

تعد صورة "الجذور الأفعوانية الصلبة" هي الذروة البلاغية والتحليلية في النص.
»• "أفعوانية":
تشير إلى الحركة والالتواء، وإلى القوة الغامضة الكامنة تحت السطح، وربما تلمح إلى الخلود أو الحكمة الملتفة كالحية في الأساطير.
»• "الصلبة":
تؤكد الثبات والقوة التي لا تهزمها عوامل الزمن أو الجفاف.
إن اكتشاف هذه الجذور في "نهير صاف" و"البستان المهجور"، حيث يسبح "الحيوان الصدفي"، هو اكتشاف لمصدر الحياة الحقيقي. بعد رحلة طويلة من الصعود، والرمي، والظل، يكتشف الراوي أن القيمة ليست في القمة المرئية (الثمر، الظل)، بل في الأصل الثابت الذي يمدها بالحياة تحت الأرض، في مكان لا يراه إلا المتأمل.
الجذور هنا ترمز إلى الأصل، والثبات، والهوية الحقيقية للراوي نفسه، الذي يعود ليجد جذوره الخاصة في هذا البستان المهجور، متصلاً بالحياة الصافية (النهير) والماضي العريق (الحيوان الصدفي).

💢خاتمة:
عودة إلى الأصل
النص هو رحلة معرفية قام بها الراوي نحو شجرة السدر، انتهت بتحول في الرؤية. لقد بدأ بالاحترام الموروث، مروراً بالاستفادة العاطفية والمادية، وصولاً إلى الإدراك العميق. يختتم النص بتأكيد أن القيمة الحقيقية لكل شيء هي في صلابته وقدرته على التواصل مع منابع الحياة، حتى لو كان متخفياً في بستان مهجور. هذه القراءة الفلسفية للشجرة تجعل النص قصيدة نثرية عن الوفاء، والصمود، وقوة الجذور.
..........
اكتشاف الجذور الافعوانية)
شجرة السدر تسلقناها صغارا
لم نصارعها بفأس فقد قيل لنا انها مقدسة
يمر عليها عمال البناء والصيادون والصغار
فيرمونها بالنعل والحجر
فتجيبهم بثمرها
او تعانقها الريح بقسوة
فتنثر كراتها الصفر على الاسفلت
وتحجز اكياس النايلون ورسائل العشاق والصخور الصغيرة واحزمة الحقائب البالية والعلب الصدئة..
مأوى للطيور والاعشاش
واغصانها مصائد للاسماك
وظل للفلاح بعد تدفق العرق
وتماثيل شجرية متخشبة بعد مواسم الجفاف
كل ضحى في طريقي الى المدرسة
الاولى كنت امر بها منحنية خارج جدار معمل ،كأنها تنتظرني
كأني الوحيد الذي اكتشفها
ايام الكورونا كنت اقصدها مع الاحفاد وهي مقزمة تختفي بين الاعشاب
نلتقط او نهزها فتجود...
في تلك الايام التي كنا نخشى فيها من الاقتراب لبعضنا.
بعد عشرات العقود اكتشفت جذورها الافعوانية الصلبة
تمتد في نهير صاف
حيث تحاصرها الاعشاب
ويسبح جوارها الحيوان الصدفي
في البستان المهجور.
2025
كاظم حسن سعيد/ العراق



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم السري
- اكتشاف الجذور الافعوانية قصيدة
- جحود قصيدة
- غربة قصيدة
- الانقاذ فعل مقاومة روحية..قراءة نقدية
- خسائر حنظلية كتاب كامل
- غصن الياسمين قصيدة
- حروب المستقبل ومشهدان رؤى نقدية عميقة
- لحظتان ، سحر العابر والبحث عن السعادة المفقودة
- لحظتان قصيدة
- مصيدة الوجوم كتاب كامل
- حروب المستقبل قصيدة
- المشانق والذاكرة
- خطوات الى المدرسة قصيدة
- لوحات لمشانق قصيدة
- في محل الحلاقة قصيدة
- قراءة نقدية للدكتور عادل جودة
- اغتيال بستان قصيدة
- ابو مسلم الخرساني قصيدة
- ازهار فوق تل جماجم كتاب كامل


المزيد.....




- فيلم -الملحد- يُعرض بدور السينما المصرية في ليلة رأس السنة
- كابو نيغرو لعبدالله الطايع: فيلم عن الحب والعيش في عالم يضيق ...
- -طفولتي تلاشت ببساطة-.. عرائس الرياح الموسمية في باكستان
- مسابقة كتابة النشيد الوطني تثير الجدل في سوريا
- جواد غلوم: حبيبتي والمنفى
- شاعر يتساءل: هل ينتهي الكلام..؟!
- الفنان محمد صبحي يثير جدلا واسعا بعد طرده لسائقه أمام الجمهو ...
- عام من -التكويع-.. قراءة في مواقف الفنانين السوريين بعد سقوط ...
- مهرجان البحر الاحمر يشارك 1000 دار عرض في العالم بعرض فيلم ...
- -البعض لا يتغيرون مهما حاولت-.. تدوينة للفنان محمد صبحي بعد ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - ملحمة العلاقة بين الانسان والعالم السري