ناضل حسنين
الكاتب الصحفي
(Nadel Hasanain)
الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 16:13
المحور:
القضية الفلسطينية
البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ يقف دقيقة حداد على أرواح ضحايا الاعتداء في استراليا الذي وقع اثناء الاحتفال بإضاءة شموع الحانوكا هنا.
بدايةً، يجب أن يكون واضحاً للجميع أنني لا أعارض، بل وأؤيد، أي وقفة حداد رسمية تكرم أرواح الأبرياء الذين يسقطون في أي بقعة من العالم، بما في ذلك ضحايا عملية أستراليا الأخيرة.
فالموقف الأخلاقي السوي لا يتجزأ، وحرمة الدم الإنساني ثابتة لا تتبدل. لكن ما يثير الاستياء العميق، بل والغضب المشروع، هو هذا الجحود الدولي والعمى المتعمد عن ألم أبناء شعبنا الفلسطيني؛ فكيف يفسر الضمير العالمي أن يستحق 15 ضحية دقيقة حداد رسمية في البرلمان الأوروبي، بينما لا يستحق 70 ألف فلسطيني –بينهم آلاف الأطفال– ذات اللفتة الرمزية؟
إن هذا التباين الصارخ لا يعبر عن خلل بروتوكولي، بل عن أزمة أخلاقية تضرب جذور "الإنسانية الأوروبية" التي طالما تشدقت بها المحافل الدولية. إنهم لا يعترفون بألمنا، ولا يمنحون ضحايانا حتى حق "الصمت" تكريماً لهم، وكأن صرخة الفلسطيني تموت في الهواء قبل أن تصل إلى مسامعهم. إن تجاهل مأساة غزة، التي تحولت إلى مقبرة كبرى تحت أنقاض المستشفيات والمدارس، يؤكد أن المعايير العالمية باتت تُقاس بلون البشرة والعرق والانتماء السياسي، وليس بقدسية الروح البشرية.
حين تقف المؤسسات الدولية دقيقة حداد لضحايا معينين وتغض الطرف عن إبادة شعب كامل، فهي ترسل رسالة مفادها أن هناك "ضحايا من الدرجة الأولى" يستحقون الرثاء، و"ضحايا من الدرجة الثانية" ليسوا سوى أرقام عابرة في تقارير إحصائية. هذا النهج الانتقائي هو الذي يقتل الأمل في عدالة دولية، وهو الذي يثبت أن "أمن الحدود" والمصالح السياسية باتت تسبق "أمن الإنسان" وكرامته.
إن الأخلاق هي المعيار الأخير للحكم على الأمم، وقد سقطت هذه الأخلاق في الميدان حين استُبدل الضمير بالأبواق الإعلامية التي تبرر الجريمة وتغلفها بكساء أخلاقي زائف. إننا لا نطالب بأكثر من المساواة في الاعتراف بالألم؛ فمن حق كل مظلوم في هذا العالم أن يُحترم موته، وإلا فإن العالم الذي نعيش فيه لن يفرق قريباً بين موت الجسد وموت الضمير، وسيكون الجميع خاسراً في حربٍ انتزعت منا إنسانيتنا قبل أن تنتزع أرواحنا.
#ناضل_حسنين (هاشتاغ)
Nadel_Hasanain#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟