أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - أوراق اللعب السورية: حاكم بذاكرة الأمس في مواجهة الجغرافيا الرافضة والدستور المستحيل














المزيد.....

أوراق اللعب السورية: حاكم بذاكرة الأمس في مواجهة الجغرافيا الرافضة والدستور المستحيل


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 19:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مروان فلو - ٩/١٢/٢٠٢٥
بعد عامٍ على افتراض بسط أحمد الشرع (الجولاني) سيطرته على دمشق، تتضح صورة حكمٍ يولد منهكاً، يعيش بحسّ الطوارئ، ويصارع جغرافيا لا تعترف بسلطة أيديولوجية فوق تعددها الداخلي. الشرع، الذي ورث مشروعاً مؤسساً على إقصاء سياسي ورؤية جهادية سابقة (١)، حاول تقديم نفسه في العاصمة كقائد إداري، لكن إرثه الفكري لم يسمح له بالتفلّت من منطق “الحاكم الأحادي” الذي يضعه مباشرة في مواجهة كل بنى المجتمع السوري.
1. الحاكم بثقل الماضي
ارتبطت نشأة الشرع بجماعات السلفية الجهادية، من القاعدة في العراق إلى تأسيس “جبهة النصرة” في سوريا. وبعد كل محاولات “التطبيع السياسي” عبر “هيئة تحرير الشام” وواجهتها المدنية “حكومة الإنقاذ”، بقيت بنيته الفكرية ثابتة: سلطة تقوم على الولاء العقائدي لا الشراكة الوطنية. وهذا ما ظهر جلياً خلال عامه الأول في دمشق، إذ أخفق في بناء أي بنية مؤسساتية جامعة أو إدخال شخصيات من خارج دائرته الضيقة (٢).
كان هذا الفشل السياسي، لا العسكري أو الإداري، هو مصدر التصدع الحقيقي في حكمه الافتراضي.

2. جغرافيا الرفض: حين تتكاثف المكونات لتشكل جداراً واحداً
رغم أن الشرع تمكن من دخول دمشق، إلا أن السيطرة على العاصمة لم تمنحه شرعية على باقي الجغرافيا السورية. فالجسد السوري بطبيعته متعدد، لا يقبل النموذج الأحادي، ولا يستجيب لسلطة عقائدية تتجاهل تاريخه وتركيبته.
أ. الجنوب الدرزي: هوية لا تُختزل
في السويداء، تواصلت موجات الرفض الشعبي ضد أي حكم مركزي مستبد، تماماً كما حدث قبل سيطرة الشرع. هذه المنطقة ذات الحساسية الدينية والسياسية ترى في مشروعه تهديداً مباشراً لكيانها الاجتماعي، ما يجعل المقاومة المسلحة خياراً شبه حتمي أمام سلطة تقوم على الإخضاع لا التوافق (٣).
ب. الساحل العلوي: كسور عميقة تكسر فكرة الهيمنة
الساحل السوري، الذي كان يوماً ما خزّان الاستقرار النسبي للنظام السابق، لم يعد قابلاً لتكرار التجربة. الإضرابات التي قادها شخصيات بارزة مثل الشيخ غزال غزال سبقت سقوط دمشق المفترض، وهي مؤشر واضح على أن هذه البيئة لن تقبل بحكم يعتمد خطاباً يعتبرها “خصماً” أو “حاضنة” ينبغي إعادة تشكيلها. أي محاولة إخضاع ستعني حرب استنزاف طويلة لا يملك الشرع أدواتها البشرية أو اللوجستية.
ج. شمال شرق سوريا: فيدرالية في وجه الأحادية
في المناطق الخاضعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" و"مسد"، تتضح معادلة الرفض بأكثر صورها صلابة: مشروع ديمقراطي لامركزي محمي أمريكياً، يمتلك قوة عسكرية مؤسسية، ولا يمكن إدارته بعقلية “الحاكم الواحد”. أي محاولة لفرض السيطرة ستقود إلى صدام مباشر مع واشنطن ومع قوة محلية مدربة ومنظمة (٤).

3. الدستور ومكافحة الإرهاب: العقدان اللذان يكسران الحكم
هنا، تتشابك المعضلتان اللتان تجعل استمرار حكم الشرع في دمشق شبه مستحيل:
أولاً: مكافحة الإرهاب… دون تفكيك الذات
الشرع ما زال مصنفاً على لوائح الإرهاب الدولية. ولكي يظهر كحاكم شرعي، عليه التخلي عن جذوره الفكرية ومقاتليه الأجانب—وهو أمر يعادل عملياً تفكيك البنية القتالية لـ"هيئة تحرير الشام". وهذا تناقض وجودي لا يستطيع تجاوزه (١).
ثانياً: دستور تشاركي لا يتقبله مشروعه
سوريا لا يمكن أن تُحكم من جديد دون دستور يضمن المساواة والاعتراف بكل مكوناتها. دستور يعترف بالحقوق الكوردية والدرزية والعلوية والمسيحية ويضمن اللامركزية أو الفيدرالية. غير أن الشرع لم يبد، خلال عام حكمه، أي استعداد للتخلي عن النموذج العقدي الذي يحكم به، ولم يقترب من فكرة العقد الاجتماعي المدني (٢)(٤).
بهذا، تصبح عملية الانتقال السياسي أمراً محتوماً، لا خياراً.

4. النهاية المحتومة: الحكم العالق بين الداخل والخارج
مصير حكم الشرع تحدده القوى الكبرى قبل القوى المحلية:
الولايات المتحدة لن تقبل بنسخة “مؤدبة” من القاعدة في دمشق. العقوبات والاستهداف المباشر سيكونان النتيجة الطبيعية.
إسرائيل ترى في أي حكم عقائدي متشدد على حدودها تهديداً أحمر لا يُسمح بتجاوزه.
إيران وتركيا لن تسمحا بقيام مشروع ينسف توازن القوى الذي بنته سنوات الحرب.
هكذا، وسط رفض داخلي واسع، وضغط خارجي لا هوادة فيه، يصبح الحكم قصير العمر، ينتهي إما بتفكك داخلي، أو بتدخل خارجي يفرض مرحلة انتقالية قائمة على اللامركزية أو الفيدرالية باعتبارها النموذج الوحيد القادر على حفظ وحدة البلاد.

المراجع
حول نشأة “جبهة النصرة” وعلاقة الشرع بتنظيم القاعدة، ومسار التحول الشكلي نحو نموذج “الهيئة”.
تقييم أداء “حكومة الإنقاذ” وفشلها في بناء تمثيل سياسي واسع في إدلب.
تحليلات الحراك الشعبي في السويداء ورفضه لأي سلطة مركزية أحادية.
الوضع الجيوسياسي في شمال شرق سوريا والدعم الأمريكي لمشروع “قسد/مسد” اللامركزي.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بهچلي السلام ليس طائرًا بجناح واحد الجناح الثاني للطائر سيصن ...
- مظلوم عبدي ورسم معالم المرحلة المقبلة: قراءة سياسية–استراتيج ...
- أوجلان… من الكفاح المسلح إلى “عقد اجتماعي جديد”: قراءة تحليل ...
- إلهام أحمد تدعو إلى سلام شامل في سوريا: نقد للنظام المركزي و ...
- تركيا بين إرث الدولة الصلبة واستحقاق التعددية: نحو عقدٍ اجتم ...
- نحو تركيا اتحادية: بين الدولة المزدوجة وتحوّلات القرن الثاني ...
- تعثر اتفاق قسد ودمشق: تشابك المصالح واستعصاء الحلول في الأسا ...
- الفرهْوار: في الجذور الميدية–الكردية للرمز الزردشتي الأعلى
- لماذا يمثّل الكُرد الامتداد السكاني الأكثر قدماً في شمال الر ...
- العام الذي لم يكتمل
- الجزيرة في وثائق 1919: موقعها بين حدود سوريا التاريخية وسياس ...
- إعادة هندسة الإقليم عبر المقاربة الديمقراطية الكُردية: تحليل ...
- أوجلان… هندسة الوعي الجمعي وصياغة الجيل الكُردستاني الجديد
- زيارة اللجنة البرلمانية التركية إلى جزيرة إمرالي: الدلالات ا ...
- تعليم اللغة الكُردية في باكور (شمال كردستان/تركيا): بين القي ...
- الطائفية السياسية في الساحل السوري – قراءة في صراع السلطة وا ...
- مظلوم عبدي والدستور السوري الجديد: رؤية شاملة لحقوق المكونات
- الدستور السوري الجديد ورؤية الإدارة الذاتية: قراءة في مطالب ...
- تداعيات تصريحات القائد العام لقسد مظلوم عبدي حول مستقبل المف ...
- من الدولة الكمالية إلى الدولة التعددية: تحليل بنيوي لموقع أو ...


المزيد.....




- السودان.. الجنائية الدولية تصدر حكما على القيادي بـ-الجنجاوي ...
- المقاتلات الأميركية تقترب من فنزويلا.. ومادورو يشتكي مازحًا ...
- برلين تعزز حماية الصحفيين من الدعاوى التعسفية العابرة للحدود ...
- وكالة المغرب العربي للأنباء: مقتل 19 شخصا جراء انهيار بنايتي ...
- مقتل 12 شخصا بحريق في مبنى سكني جنوبي الصين
- كندا تطلق خطة بمليار دولار لاستقطاب كبار الباحثين
- تايلند وكمبوديا تجليان نصف مليون مدني بسبب الاشتباكات الحدود ...
- الأيوبي.. قصة دبلوماسي سوري عائد إلى دمشق بعد انشقاقه عن الأ ...
- رمزي صالح يكشف للجزيرة مفاجآت عن مسيرته في النادي الأهلي
- المعارضة الفنزويلية ماتشادو تغيب عن حفل تسلم جائزة نوبل للسل ...


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - أوراق اللعب السورية: حاكم بذاكرة الأمس في مواجهة الجغرافيا الرافضة والدستور المستحيل